مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

تهاجم حماس وتروج معلومات مضللة حسابات إسرائيلية تقود حملة منسقة ضد وقف إطلاق النار

تهاجم حماس وتروج معلومات مضللة حسابات إسرائيلية تقود حملة منسقة ضد وقف إطلاق النار

إبراهيم هلال

 

في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2025، وقع بقطاع غزة -وتحديداً بمنطقة رفح- حادثة انفجار أسفرت عن مقتل جنديين إسرائيليين وإصابة آخرين. عقب الحادثة، اتهمت إسرائيل حماس بخرق وقف إطلاق النار؛ ومن ثم رد سلاح الجو الإسرائيلي بغارات وأحزمة نارية على مناطق بقطاع غزة.

في المقابل، نفت "حماس" مسؤوليتها عن الحادثة كما نفت علمها به، وأكدت استمرارها في الالتزام باتفاق وقف إطلاق، ورغم عودة الطرفين للاتفاق، صدرت تصريحات من الطرفين باتهامات متبادلة بخرق الهدنة.

على هامش هذه الاتهامات، حلل "مجتمع التحقق العربي" حملة منسقة روجت لادعاءات عن خرق وقف إطلاق النار، وحرضت على استمرار الحرب.

 

انتهاك متبادلة

نقلت وكالة "بي بي سي" أن وزارة الخارجية الأمريكية، أبلغت الدول الضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة بوجود "تقارير موثوقة" تفيد بأن حركة حماس قد تنتهك الاتفاق. ونقلت أن الخارجية الأمريكية قالت في بيان إن "الولايات المتحدة تتابع عن كثب التطورات على الأرض"، مضيفة: "حال مضت حماس قدماً في هذا الهجوم، سيتم اتخاذ إجراءات لحماية سكان غزة، والحفاظ على سلامة وقف إطلاق النار". 

وذكرت حماس حينها أن الجيش الإسرائيلي ارتكب منذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار في غزة 47 خرقاً أدى لمقتل 38 فلسطينياً وإصابة 147 آخرين.

وعلى الفضاء الرقمي، فقد ظهرت "rafah" ككلمة رائجة بإسرائيل منذ يوم 18 تشرين الأول/أكتوبر وحتى 21 من الشهر نفسه، إذ حاولت عديد من المنصات والحسابات الإسرائيلية دعم وتأكيد رواية الجيش الإسرائيلي عن خرق "حماس" لاتفاق وقف إطلاق النار، والتحريض على استئناف الحرب.



تضخيم الرواية الإسرائيلية

بلغ عدد المنشورات التي ذكرت "Rafah" منذ 17 تشرين الأول/أكتوبر حتى 23 تشرين الأول/أكتوبر 2025، 404 ألف و500 منشور، حققت إجمالي تفاعل يقدر بـ 2.2 مليون مرة في الفترة الزمنية نفسه، مع وصول إجمالي يقدر بـ 49.4 مليار مرة خلال خمسة أيام.



أعطت أعداد الوصول الكبيرة المرتبطة بـ"rafah"، مؤشراً على وجود تضخيم متعمد، وبينت خريطة الحسابات المتفاعلة أن الولايات المتحدة حلت بالصدارة بنسبة 35% تقريباً من إجمالي عدد المنشورات، تلتها كل من فرنسا والمملكة المتحدة وإسبانيا بنسب متقاربة، ثم إسرائيل في المركز الخامس بنسبة 3.6% من إجمالي المنشورات.



عكست هذه الخريطة شكل النقاشات الدائرة على الحسابات الأمريكية والأوروبية، فبعد أن نشر الحساب الرسمي لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بياناً عن إغلاق معبر رفح بسبب خرق "حماس" لاتفاق وقف إطلاق النار، تفاعلت عدة حسابات أمريكية مع البيان بالانتقاد، ثم علقات حسابات أمريكية أخرى بالدفاع عن إسرائيل وتأييداً لروايتها بشأن خرق "حماس" لاتفاق وقف إطلاق النار.

وأعادت عدة حسابات نشر منشور الحساب الرسمي لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، ما أعطى للرواية الإسرائيلية زخماً رقمياً، إذ عمدت عدة حسابات مؤيدة لإسرائيل إلى تضخيم روايتها على منصات التواصل الاجتماعي لتبرير القصف الذي قام به الجيش الإسرائيلي على غزة.


حسابات تروج الرواية الإسرائيلية

حساب "Open Source Intel @Osint613" من أبرز الحسابات التي تفاعلت، وهو حساب إسرائيلي حديث، حدد موقعه بشمالي إسرائيل ونيويورك، وقد نشر نحو 32 منشوراً  بين 17 و23 تشرين الأول/أكتوبر 2025.


ركز الحساب في جميع منشوراته على الترويج لانهيار اتفاق وقف إطلاق النار نتيجة خرق "حماس" للاتفاق عبر مهاجمة آلية تتبع للجيش الإسرائيلي، وبالتالي حاول الحساب عبر عديد من المنشورات تبرير الغارات الجوية التي شنها سلاح الجو الإسرائيلي على المدنيين بقطاع غزة.

ارتبط الحساب السابق بحساب آخر مؤيد لإسرائيل يدعى "@JewishWarrior13 "، وهو حساب حديث حدد موقعه بالولايات المتحدة، ونشر نحو 24 منشوراً منذ 17 حتى 23 تشرين الأول/أكتوبر، وركزت منشوراته على تأييد الرواية الإسرائيلية.

كما برز حساب إسرائيلي آخر يدعى Vivid.🇮🇱 @VividProwess، ويعود تاريخ نشأته إلى عام 2019، ركز الحساب في منشوراته على الترويج السياسي لإسرائيل، ورواية خرق "حماس" لاتفاق وقف إطلاق النار، ومن ثم، التحريض على العودة للحرب وقصف قطاع غزة وإبادته.

وقد أعاد حساب إسرائيلي يكتب بالإسبانية يدعى "Issac @isaacrrr7" ادعاءات الحساب السابق نفسها، وهو حساب أرجنتيني يهودي يدافع عن إسرائيل والغرب، كما كتب في خانة الوصف على حسابه.



الصياغة الترويجية نفسها لانهيار وقف إطلاق النار نشرت على حساب فرنسي مؤيد لإسرائيل يدعى "SIMON WEINBERG @SlMONWEINBERG"، وتركز منشورات الحساب على دعم البروباغندا الإسرائيلية، والتحريض ضد الفلسطينيين.




أنماط وصياغات متكررة

يوم 19 تشرين الأول/أكتوبر، زاد نشاط الحسابات المؤيدة لإسرائيل، وبلغت الحملة ذروتها، إذ استخدمت حسابات إسرائيلية صياغات متكررة روجت لرواية هجوم "حماس" على الجنود الإسرائيليين في رفح.

من أبرز هذه الحسابات، حساب "The Mossad: Satirical and Awesome @TheMossadILİ" وهو حساب تجاري إسرائيلي، يروج للدعاية الإسرائيلية، ويرتبط الحساب بموقع لمتجر إلكتروني.

كما برز في التفاعلات المعلقة على الحادثة، حساب "Mossad Commentary @MOSSADil" هو حساب إسرائيلي آخر يصف نفسه بأنه حساب مختص في نشر الأخبار، لكن عند مراجعة منشورات الحساب، تبين أنه ينشر بروباغندا إسرائيلية باللغتين العربية والانجليزية. 

أما حساب "Israel War Room" فهو حساب إسرائيلي يركز على دعم الرواية الإسرائيلية، كما هو مكتوب على الموقع الالكتروني الذي وضع الحساب رابطه في بياناته الأساسية.


شارك في هذه الحملة حسابات تعود لصحفيين إسرائيليين، مثل " Hen Mazzi" وهو كاتب يهودي إسرائيلي، يتنقل بين تل أبيب ولندن، ويكتب في الصحف الإنجليزية، كما أنه ناشط إسرائيلي، عمل على الترويج للرواية الإسرائيلية. 

كما روج حساب الصحفي الإسرائيلي " Emanuel (Mannie) Fabian"، للرواية نفسها، وينشر هذا الصحفي باللغة العربية ويعمل في صحيفة "timesofisrael". 

على النهج ذاته سار حساب "Eylon levi" الذي يصف صاحبه نفسه بـ"المتحدث السابق لدولة إسرائيل".

كما شاركت في النشر حسابات إسرائيلية أخرى حديثة، مثل حساب " Raph Israël" الذي يعود تاريخ ظهوره لعام 2024، ودأب صاحب الحساب على التحريض على الفلسطينيين، وبالمثل حساب "Annie Finn"الذي أنشئ عام 2025، وينشر دعاية إسرائيلية.


شاركت حسابات عربية مثل حساب "Abubaker Abed" في إعادة ترويج الرواية الإسرائيلية من دون أي تحقق. بالمثل أعاد حساب "Mosab Hassan Yousef" ترويج الرواية الإسرائيلية، وهو حساب حديث يعود لكاتب من أصول عربية لكنه ينشط ويكتب في موضوعات "محاربة الإرهاب".

كل هذه الحسابات التي نشطت في ترويج الرواية الإسرائيلية تجاهلت نفي حركة "حماس" مسؤوليتها عن أي هجوم برفح أو خرق لاتفاق وقف إطلاق النار، كما تجاهلت الرواية الأخرى التي نشرها مراسل امريكي "Ryan Grim"، والتي تقول إن سبب مقتل الجنديين الإسرائيليين برفح يرجع إلى انفجار قذيفة غير منفجرة بآلية هندسية عسكرية كانت تهدم بيوت الفلسطينيين برفح.


وأوقفت إسرائيل غاراتها الجوية على قطاع غزة بعد تدخل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فيما تستمر هذه الحسابات في شن حملات ضد وقف إطلاق النار في غزة.