Arabi Facts Hubis a nonprofit organization dedicated to research mis/disinformation in the Arabic content on the Internet and provide innovative solutions to detect and identify it.
في مداخلة تلفزيونية، جادل علي تركي، النائب عن كتلة صادقون، الجناح السياسي لحركة عصائب أهل الحق، وعضو لجنة النزاهة، مدافعًا عن إجراءات مجلس النواب المتعلقة بواجبات مراقبة المسؤولين واستجوابهم ومحاسبتهم، وأكّد أنّ مجلس النواب أجرى الكثير من الاستجوابات.
لكن تصريح النائب مضلل ولا يستند إلى أي وقائع، كما يظهر من نتائج مراجعة أجراها فريق صحيح العراق لجلسات البرلمان منذ انعقاده نهاية عام 2022، والتي بلغت 112 جلسة، إذ لم تشهد هذه الجلسات سوى استجواب اثنين من المسؤولين، وكلاهما مرتبطان بشبكة الإعلام العراقي.
وراجع فريقنا محاضر كل الجلسات التي عقدها مجلس النواب، والتي توزعت على 3 سنوات تشريعية بواقع فصلين تشريعيين لكل سنة، ووجد أنّ هذه الجلسات لم تشهد استجواب أي مسؤول رفيع في الحكومة، أو رئيس هيئة، فضلاً عن الوزراء في حكومة محمد شياع السوداني.1
الفصل الأول من السنة الأولى:
عقد مجلس النواب أولى جلساته بعد الانتخابات الدورة الخامسة، في 9 كانون الثاني يناير 2022، وشهد الفصل الأول من السنة التشريعية الأولى 11 جلسة فقط، مع جلسة استثنائية واحدة، وانتهى يوم الأربعاء 8 حزيران يونيو 2022.
ولم يشهد الفصل التشريعي الأول أي جلسة استجواب، وتضمن فقط جلسة استضافة واحدة، وجرت في في الجلسة الثانية تحديدًا حين استضاف وزير المالية في الحكومة السابقة لمناقشة ملف ارتفاع أسعار صرف الدولار.2
الفصل الثاني من السنة الأولى:
بدأ الفصل التشريعي الثاني من السنة التشريعية الأولى في 23 تموز يوليو 2022 وامتد لـ 15 جلسة عقدت آخرها في 3 كانون الأول ديسمبر 2022.
وتضمنت أعمال الجلسة الخامسة في 11 تشرين الأول أكتوبر 2022، فقرة استضافة لوزيري الموارد المائية والزراعة في الحكومة السابقة، لكنها فشلت إثر اعتذار وزير الموارد المائية.3
فيما شهدت الجلسة رقم 10 بتاريخ 10 تشرين الثاني نوفمبر، استضافة وزير الموارد المائية عون ذياب لمناقشة خطط الوزارة بشأن أزمة الجفاف.4
السنة الثانية الفصل الأول:
انطلق الفصل التشريعي الأول من السنة التشريعية الثانية في 14 كانون الثاني يناير 2023، وامتد لـ 31 جلسة عقد آخرها في 11 حزيران يونيو 2023.5
شهدت الجلسة رقم 4 من الفصل التشريعي الأول للسنة الثانية التصويت على إقالة محافظ الديوانية زهير علي شعلان دون جلسة استجواب.6
وشهدت الجلسة رقم 13، في 9 آذار مارس، استجواب مجلس أمناء شبكة الإعلام العراقي ممثلة برئيس المجلس جعفر ونان، وعدد من الأعضاء، في شبهات هدر للأموال ومخالفات مالية وإدارية، دون التصويت على الإقالة أو تجديد الثقة لعد اكتمال النصاب.7
السنة الثانية الفصل الثاني:
انطلق الفصل التشريعي الثاني من السنة التشريعية الثانية في 15 تموز يوليو 2023، وامتد لـ 24 جلسة، إضافة إلى 3 جلسات استثنائية عقد آخرها في 22 تشرين الثاني نوفمبر 2023.8
شهدت الجلسة رقم 7 بتاريخ 3 آب أغسطس 2023، تحديد موعد لاستضافة وزيري الداخلية والمالية كلاً على حدة، للإجابة على سؤال يتعلق بإجراءات دائرة الجنسية والجوازات، وشهدت أيضًا إشارات لطلبات قدمها نواب لاستجواب وزراء التربية والخارجية والنقل في قضايا مختلفة، دون تحديد مواعيد لتنفيذ جلسات الاستجواب.9
فيما شهدت الجلسة رقم 8 المنعقدة في 12 آب أغسطس 2023، استضافة وزير الداخلية للرد على سؤال شفهي بشأن مشروع الجواز الإلكتروني والفيزا الإلكترونية والبوابات الإلكترونية، ومبالغ الجباية التي فرضت على المواطنين للحصول على الجواز الإلكتروني.10
كما شهدت الجلسة ذاتها استضافة وزيرة المالية طيف سامي للإجابة على سؤال حول الإجراءات المتعلقة بملف إعادة البناء ومكافحة الفساد من خلال التحول الرقمي والأتمتة والربط الإلكتروني بين وحدات الإنفاق في المؤسسات الحكومية مع وزارة المالية إستنادًا إلى ملاحظات ديوان الرقابة المالية.11
واستضاف البرلمان أيضًا في الجلسة رقم 14 بتاريخ 12 أيلول سبتمبر 2023، وزير الخارجية فؤاد حسين ووزير الموارد المائية عون ذياب، لمناقشة أزمة شح المياه والجفاف، والإجراءات الحكومية بشأن حصص العراق من المياه من تركيا وإيران، وتضمنت الإجابة على مجموعة من أسئلة النواب من قبل الوزيرين فقط.12
وفي الجلسة رقم 19 بتاريخ 4 تشرين الأول أكتوبر 2023، استضاف البرلمان وزيرة الاتصالات هيام الياسري لتوجيه أسئلة شفهية إثر إصدار الوزارة قرار حظر تطبيق تلغرام في العراق، وتغيير وإعفاء مسؤولين وكوادر في الوزارة.13
السنة الثالثة الفصل الأول:
انطلق الفصل التشريعي الأول من السنة التشريعية الثالثة في 13 كانون الثاني يناير 2024، وامتد لـ 27 جلسة عقد آخرها في 23 حزيران يونيو 2024.14
وتضمن جدول أعمال الجلسة رقم 4 في 30 كانون الثاني يناير، فقرة استجواب رئيس شبكة الإعلام العراقي نبيل جاسم، لكن الأخير لم يحضر وطلب التأجيل إلى الأسبوع التالي، وهو ما وافقت عليه رئاسة البرلمان.15
وفي جلسته السابعة من الفصل التشريعي الأول من السنة التشريعية الثالثة، نفذ البرلمان فقرة استجواب هي الثانية منذ انعقاده في يناير 2022، حين استجوب النائب رائد المالكي رئيس شبكة الإعلام العراقي نبيل جاسم، بشأن السند القانوني لبقاء الأخير في منصبه، وشبهات عن مخالفات مالية وإدارية وتضارب مصالح وتجاوز للصلاحيات وإخلال بواجبات الوظيفة، بحسب نص محضر الجلسة، والتي شهدت التصويت على عدم القناعة بأجوبة رئيس شبكة الإعلام.16
وفي الجلسة رقم 13 من الفصل التشريعي الأول للسنة التشريعية الثالثة، بتاريخ 10 آذار مارس 2024، اتخذ مجلس النواب أول قرار بإعفاء مسؤول من منصبه بناءً على دوره الرقابي، والحديث هنا عن قرار إعفاء رئيس شبكة الإعلام العراقي نبيل جاسم، وهو القرار الوحيد من نوعه حتى لحظة إعداد هذا التقرير.17
السنة الثالثة الفصل الثاني
بدأ الفصل التشريعي الثاني للسنة التشريعية الثالثة للبرلمان الحالي في 20 تموز يوليو 2024، وما زال مستمرًا، إذ عقد البرلمان 4 جلسات من هذا الفصل، لم تشهد أيًا منها إجراءات استجواب بحق مسؤولين تنفيذيين أو مديرين أو رؤساء هيئات، فضلاً عن الوزراء، وكبار المسؤولين في حكومة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني.18
الخلاصة:
ومن هذه المراجعة التي أجراها صحيح العراق، نجد أنّ مجلس النواب لم ينفذ سوى جلستي استجواب بحق مسؤولين على مدار 112 جلسة منذ انعقاده نهاية عام 2022، مع قرار إقالة واحد فقط صدر بناءً على الاستجواب، وجاء بحق رئيس شبكة الإعلام العراقي نبيل جاسم.
ويعزو نواب تعطل الدور الرقابي لهذه الدورة من مجلس النواب إلى ضغوط سياسية تحول دون استجواب المسؤولين، على الرغم من مؤشرات الإخفاق وشبهات الفساد.19
وسبق أن اتهمت حركة امتداد، أحزاب سياسية وكتل برلمانية بـ التأثير على رئاسة مجلس النواب لـ تعطيل استجواب عدد من الوزراء في الحكومة الاتحادية الحالية التي يرأسها محمد شياع السوداني.20
وينظم النظام الداخلي لمجلس النواب في الفصل العاشر منه، إجراءات السؤال والمساءلة والاستجواب في المادة 58، والتي تنص على: يقدم طلب توجيه الاستجواب كتابةً إلى رئيس المجلس موقعًا من طالب الاستجواب وبموافقة 25 عضوًا على الأقل مبينًا فيه بصفة عامة موضوع الاستجواب.21
في تعليق حول أزمة السيولة النقدية التي تواجهها الحكومة، والتي انعكست بشكل مباشر على رواتب الموظفين، حاول إبراهيم الصميدعي مستشار رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، تبرير العجز النقدي بالإشارة إلى أنّ الحكومة لم تلجأ إلى طباعة العملة، أي زيادة الكتلة النقدية، على العكس من الحكومات الأربع الماضية.
وقال الصميدعي في مداخلات تلفزيونية، إنّ حكومة محمد شياع السوداني هي الوحيدة من بين 4 حكومات التي لم تذهب لتغطية العجز النقدي بالطبع القبلها طبعوا لما الله كال بس، ولم تلجأ إلى أسلوب طباعة العملة لتغطية العجز النقدي، وقال أيضًا إنّ الطبع عابر 104 تريليون دينار من قبل حكومة السوداني في سياق تعليقه على ارتفاع حجم الكتلة النقدية في الوقت الراهن، وهي معلومات مضللة بل وتناقض الواقع تمامًا.
في هذا التوضيح يكشف صحيح العراق كيف سجلت الفترة الماضية من حكومة محمد شياع السوداني أعلى ارتفاع للكتلة النقدية، أي أكبر قدر من طباعة العملة مقارنة بالحكومات السابقة التي تحدث عنها الصميدعي، ويوضح كيف قفزت الأوراق النقدية المطبوعة إلى مستويات غير مسبوقة منذ عام 2003، استنادًا إلى بيانات رسمية صادرة عن البنك المركزي العراقي.
فترة نوري المالكي:
سجلت فترة نوري المالكي خلال الولايتين أيار مايو 2006 أيلول سبتمبر 2014 ارتفاع الكتلة النقدية من 10769 تريليون دينار، إلى 40395 تريليون دينار، أي أنّ الكتلة النقدية ارتفعت خلال 8 سنوات و3 أشهر 99 شهرًا، 29.626 تريليون دينار فقط، أي بمعدل 299.25 مليار دينار فقط شهريًا.1
حكومة عادل عبدالمهدي
منح مجلس النواب الثقة لحكومة عادل عبد المهدي في 12 تشرين الثاني نوفمبر 20182، وبلغت الكتلة النقدية حينها 44.561 تريليون دينار عراقي.
وفي 1 ديسمبر كانون الثاني 2019 صوت مجلس النواب على استقالة رئيس مجلس الوزراء عادل عبدالمهدي بعد احتجاجات دامية.3
وسلم عبد المهدي الحكومة في آيار مايو 2020 إلى مصطفى الكاظمي، وبلغت الكتلة النقدية حينها 58628 تريليون دينار، أي أنّ حجم طباعة العملة خلال فترة حكومة عادل عبد المهدي بلغ 14.067 تريليون دينار خلال 19 شهرًا، أي بمعدل 740 مليار دينار شهريًا.4
حكومة مصطفى الكاظمي
ومنح البرلمان العراقي الثقة لحكومة مصطفى الكاظمي في 6 آيار مايو من عام 2020، فيما سلم الأخير السلطة إلى محمد شياع السوداني في 27 تشرين الأول أكتوبر 2022، أي أن حكومة الكاظمي استمرت سنتين وخمسة أشهر 29 شهرًا.5
وخلال هذه المدة ارتفعت الكتلة النقدية من 58.628 تريليون دينار، إلى 82.586 تريليون دينار، أي أنّ حجم طباعة العملة خلال مدة 29 شهرًا تولى خلالها الكاظمي رئاسة الحكومة، بلغ 23.958 تريليون دينار، بمعدل 826 مليار شهريًا.6
حكومة السوداني
وسجلت عمليات طباعة الأوراق النقدية قفزة منذ الشهر الأول في حكومة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، إذ ارتفعت الكتلة النقدية بفارق 1.723 تريليون دينار بين تشرين الأول أكتوبر وتشرين الثاني نوفمبر 2022.7
واستمر الارتفاع بشكل مطرد حتى شهر حزيران يونيو 2023، حين بلغ حجم الكتلة النقدية 99.998 تريليون دينار، قبل أن يسجل انخفاضًا طفيفًا جدًا في الشهرين اللاحقين تموز يوليو، آب أغسطس 2023، بفارق 229 مليار دينار فقط.8
بعدها ارتفعت وتيرة طباعة العملة خلال الأشهر الثلاثة اللاحقة، وبلغ الارتفاع ذروته في تشرين الثاني نوفمبر 2023، حين قفزت الكتلة النقدية إلى 102.601 تريليون دينار.9
فيما شهدت الفترة بين كانون الأول ديسمبر 2023 آذار مارس 2024، توقفًا لعمليات طباعة العملة مع سحب مبالغ من الكتلة النقدية إذ تراجعت الأوراق النقدية العراقية المطروحة للتداول في البنوك وخارجها بشكل تدريجي حتى بلغت 98.333 تريليون دينار.10
ومنذ نيسان أبريل الماضي، استأنف البنك المركزي العراقي عمليات طباعة العملة، ورفع نسق هذه العمليات بشكل سريع خلال الأشهر الثلاثة اللاحقة وصولاً إلى شهر تموز يوليو، إذ عادت الكتلة النقدية لتسجل قفزة من 99.328 تريليون دينار في نيسان إلى 104.385 تريليون دينار في تموز، أي بفارق 5.057 تريليون دينار، وهو آخر ما تظهره بيانات البنك المركزي العراقي الرسمية.11
وبشكل عام، تشير هذه البيانات إلى أنّ حكومة السوداني طبعت حتى الآن 21.799 تريليون دينار، وجرت عمليات طباعة هذا المبلغ خلال 21 شهرًا فقط سنة و9 أشهر، أي بمعدل 1.03 تريليون دينار شهريًا، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ الحكومات العراقية منذ 2003.
وبالمحصلة تكشف هذه البيانات أنّ فترة حكومة محمد شياع السوداني، سجلت حتى الآن، أعلى معدل طباعة للأوراق النقدية، في سياق محاولات سد العجز المالي، على النقيض تمامًا مما زعمه مستشار رئيس الحكومة إبراهيم الصميدعي عن إيقاف طباعة العملة للحفاظ على قيمة الدينار العراقي.
وجدت حكومة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني نفسها في ورطة كبيرة، إثر إسقاط طائرة مسيرة تركية بنيران الدفاعات الجوية العراقية، وتبني الحادثة، الأولى من نوعها منذ عام 2003، من قبل نائب قائد الدفاع الجوي في المنطقة الشمالية، العميد الركن عبد السلام رمضان، قبل أنّ تعلن قيادة العمليات فتح تحقيق في الحادث، في محاولة للملمة القضية وتجنب التوتر مع أنقرة.
ولم تكتف الحكومة بهذا البيان، إذ صدر أمر استقدام إلى بغداد بحق العميد عبد السلام رمضان، والذي سيواجه عقوبات أخفها الإعفاء من المنصب، بحسب ما أكّده قائد رفيع في قيادة الدفاع الجوي لـ صحيح العراق، كما كشف معلومات مفصلة عن قضية العميد.
تسلسل زمني
ونجح الدفاع الجوي العراقي، الخميس الماضي 29 آب أغسطس، لأول مرة منذ سقوط النظام السابق عام 2003، بإسقاط طائرة مسيّرة تركية من نوع أنكا لدى اختراقها أجواء مدينة كركوك أكثر من 400 كيلومتر شمال بغداد، وظهر العميد عبد السلام رمضان مؤكدًا بنبرة فخر إسقاط الطائرة التي اخترقت الأجواء العراقية، وقال إنّ أوامر إسقاط الطائرة صدرت من قائد القوات الجوية العراقية.
وطابق إعلان العميد عبد السلام رمضان، برقية وزارة الدفاع عن الحادثة، والتي حصل عليها صحيح العراق من مصدر رفيع في الوزارة، إذ أشارت إلى أنّ قوات الدفاع الجوي العراقي في قاطع معسكر كيوان شمال مدينة كركوك، رصدت دخول طائرة مسيرة مجهولة إلى الأجواء الشمالية والشرقية للمدينة، وتعاملت معها
بموجب بروتوكول الدفاع الجوي وتم استهدافها للتحذير، وبعدها تم إسقاطها بواسطة منظومة بانستير.
ارتباك رسمي!
ومع انتشار هذه المعلومات بعد ساعات من الحادث، صدر بيان قيادة العمليات بلهجة متحفظة وحذرة جدًا أكّد تشكيل لجنة للتحقيق في أسباب سقوط الطائرة داخل مدينة كركوك، وجاء في نصه: في الساعة 1030 تم ملاحظة سقوط الطائرة داخل المدينة، وتبين أنها طائرة تركية، وتم تشكيل فريق عمل فني من الأدلة الجنائية، والدفاع الجوي، وملاكات الطائرات المسيرة لغرض معرفة أسباب سقوطها، وملابسات الحادث.2
وتجنب البيان ذكر أي تفاصيل حول الاشتباك مع الطائرة التركية التي رفضت الاستجابة لتحذيرات الدفاعات الجوية العراقية، خلافًا لنص البرقية الأمنية لوزارة الدفاع، حيث أشارت إلى حوادث تماس سابقة مع طائرات تركية مسيرة، كانت تنسحب بموجب بروتوكول التحذير.3
صاروخ بانتسير وإصابة مباشرة
وأظهرت مشاهد من مدينة كركوك إطلاق صاروخ أرض جو نحو الطائرة التركية، وأصابها مباشرة ليحولها إلى أجزاء حطام مشتعلة كما أظهرت مقاطع مصورة أخرى، والتي سقط بعضها على منزل داخل مدينة كركوك، بالتحديد في حي تسعين، دون خسائر بشرية.
وأطلق الصاروخ من منظومة بانتسير الروسية، والتي تعتمدها وزارة الدفاع العراقية لمعالجة الأهداف الجوية والبرية والبحرية، وبنسبة نجاح تصل الى 99، إذ تتكون بطاريتها من نظام متكامل يحتوي على عجلات قتالية وقيادة وسيطرة تمكنها من مجابهة جميع أنواع التهديدات سواء كانت طائرات أو صواريخ أو أهداف أرضية، بحسب الوزارة، ويمكنها كشف 40 هدف في آن واحد والاشتباك مع 4 أهداف في الوقت ذاته وبإمكانها إطلاق النار أثناء المسير.4
وتعمل منظومة بانتسير بصواريخ قصيرة المدى لا يتجاوز مداها 15 كيلومترًا، وهي من الحلقات النارية القطرية، على عكس منظومة سي رام التي يتجاوز مداها 400 كيلومتر، وفق الخبير العسكري أحمد الشريفي.
ويقول الشريفي لـ صحيج العراق، أنّ هذه المنظومة تستخدم لحماية الأهداف الحيوية الفوقية مثل محطات الكهرباء والسدود المائية ومراكز السيطرة العسكرية والمقرات السياسية في حال حصول تخطي من الطيران المنخفض، مبينًا أنّ المنظومات القطرية، تعمل بخط ناري قصير المدى بين 515 كم، وهو مدى محدود مقارنة بـسي رام والتي يصل مداها إلى 400 كيلومتر.
ودخلت منظومة بانتسير لأول مرة إلى العراق، لحماية المنطقة الخضراء والسفارة الأميركية بعد عام 2003، قبل أن يتم استبدالها بمنظومة سي رام بحسب الشريفي.
ولا يمكن إطلاق هذا النوع من الصواريخ إلاّ بموافقة عليا تصدر من وزارة الدفاع، كما يؤكّد ضابط رفيع في قيادة القوة الجوية العراقية لـ صحيح العراق، ما يعني أنّ إسقاط الطائرة جرى بعلم القيادة العسكرية العراقية، ولم يكن تصرفًا فرديًا من قيادة المنطقة الشمالية.
لكن الضابط الذي اشترط عدم الكشف عن هويته، قال إنّ القيادة العسكرية في وزارة الدفاع لم تكن تريد تبني إسقاط الطائرة بشكل رسمي، تجنبًا لأي توتر مع تركيا التي أبرمت مؤخرًا اتفاقية أمنية مع الحكومة العراقية، تهدف إلى القضاء على حزب العمال الكردستاني، مبينًا أنّ الظهور التلفزيوني لنائب قائد المنطقة الشمالية العميد عبد السلام رمضان أوقع المؤسسة العسكرية في ورطة كبيرة.
استقدام إلى بغداد
إثر ذلك، استقدمت مديرية الاستخبارات في قيادة الدفاع الجوي العراقي العميد عبد السلام رمضان إلى بغداد للتحقيق، واحتجزته في مقرها داخل مطار بغداد، وفقًا لمعلومات مؤكدة حصل عليها صحيح العراق.
وتشير المعلومات التي وردت على لسان أحد أبرز قيادات الدفاع الجوي العراقي، إلى أنّ جلسة التحقيق الأولية مع العميد استمرت لنحو 6 ساعات، وتركزت حول أسباب الإدلاء بتصريحات علنية عن إسقاط الطائرة، دون تخويل من القيادة العسكرية، أو الرجوع إليها، والذي اعتبر محاولة لإحراج قيادة الدفاع الجوي ووزير الدفاع.
السجن أو الإعفاء!
ويرجح الضابط الرفيع أنّ يواجه العميد عبد السلام عقوبة الإعفاء من منصبه على والنقل إلى موقع آخر على الأقل، ولا يستبعد أنّ تصدر بحقه عقوبة أشد.
ويقول الضابط الرفيع لـ صحيح العراق، إنّ العميد قد يواجه عقوبة الحبس في سجن مركز وزارة الدفاع في مطار بغداد، في حال تنصلت القيادات العليا من أوامر إسقاط الطائرة، مبينًا أنّ الحكومة العراقية تسعى إلى تخفيف التوتر الذي أثارته الحادثة مع الجانب التركي، وخطوة معاقبة العميد عبد السلام رمضان ستأتي في هذا السياق، إلاّ في حال تدخلت جهات سياسية لإغلاق القضية والاكتفاء بإعفائه من منصبه.
ويحمل العميد دفاع جوي الركن عبد السلام حمودي رمضان شهادة الدكتوراه، منذ نهاية عام 2022، إذ نشرت وزارة الدفاع سابقًا مشاهد من جلسة مناقشة أطروحته الموسومة غزوة بدر الكبرى الأسباب والنتائج، وقالت إنّ الأطروحة تناولت أسباب غزوة بدر ولماذا سميت بهذا الاسم وماهي نتائجها، وقد حاز من خلالها الباحث على تقدير جيد عال، مع إشادات كبيرة من قبل المختصين في مجال التاريخ العسكري العربي بالأطروحة التي قدمت في هذه المناقشة وأبرز المحاور التي طرحت فيها، لارتباطها وبشكل كبير في الحياة العسكرية إضافة إلى الدور المهم في تطوير المؤسسة العسكرية والارتقاء بها.5
خلال الساعات القليلة الماضية، شغلت قضية الناقلة اليونانية سونيون التي قصفها الحوثيون جزءًا من فضاء مواقع التواصل الاجتماعي في العراق بالنظر إلى معلومات أشارت إلى أنّ الناقلة كانت تحمل شحنة من نفط البصرة وكانت متجهة إلى موانئ الاحتلال الإسرائيلي، الأمر الذي أثار الكثير من الشكوك والتساؤلات عن إجراءات الحكومة لضمان عدم وصول الوقود العراقي إلى طائرات وآليات جيش الاحتلال في ظل استمرار المجازر في غزة.
صحيح العراق يتابع في هذا التقرير الأولي تفاصيل قضية الناقلة اليونانية ووجهة شحنة النفط العراقية على متنها، وينشر أول تعليق حكومي رسمي عراقي على القضية.
تسلسل زمني
مساء يوم الخميس الماضي 22 آب أغسطس، أعلن المتحدث العسكري باسم أنصار الله الحوثيين يحيى سريع استهداف سفينتَي ، و ، التابعتين لشركات تتعامل مع العدو الإسرائيلي، وانتهكت قرار حظر الدخول إلى موانئ فلسطين المحتلة، على حد قوله.1
وأدى الهجوم إلى تعطيل الناقلة بين اليمن وإريتريا، إذا اشتعلت فيها النيران على مدى أيام، وتكشفت بالتزامن تفاصيل جديدة عن الشحنة التي كانت تنقلها، أبرزها أنّ الناقلة كانت في رحلة بدأت من موانئ العراق، وعلى متنها 150 ألف طن بحري من نفط البصرة.2
نيران الناقلة تشعل صفحات التواصل
إثر ذلك، تداولت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي معلومات أشارت إلى أنّ الناقلة كانت تحمل نفط البصرة، وفي طريقها إلى موانئ إسرائيل قبل أن يفجرها الحوثيون، وقالت بعض هذه الصفحات إنّ معلوماتها تستند إلى تقرير نشرته وكالة رويترز.3
لكن بمراجعة مسار السفينة وتقارير وكالة رويترز، يظهر أنّ هذه المعلومات تنطوي على قدر كبير من التضليل، إذ لم تثبت وجهة الناقلة نحو الموانئ الإسرائيلية، كما أنّ رويترز لم تشر بأي شكل إلى أنّ شحنة نفط البصرة كانت في طريقها إلى إسرائيل.
ومن خلال متابعة مسار السفينة عبر برنامج ، يتضح أنّ السفينة التي تحمل العلم اليوناني ، قد انطلقت من موانئ البصرة بتاريخ 13 آب أغسطس الجاري، متجهة إلى سنغافورة، وكان من المفترض أن تصل بتاريخ 25 من نفس الشهر.4
خط سير مليون برميل من نفط البصرة
وتظهر الخرائط أن السفينة ما زالت راسية بعد إصابتها بعدة مقذوفات على بعد نحو 77 ميلًا بحريًا غربي مدينة الحديدة الساحلية اليمنية، الأربعاء الماضي، مما أدى إلى اندلاع حريق على متنها وتعطل المحركات.5
فيما تقول وزارة الشحن اليونانية، إن السفينة كانت تبحر من العراق إلى أجيوي ثيودوروي في اليونان وعلى متنها طاقم يضم روسيين اثنين و23 فلبينيًا، ومحملة بـ 150 ألف طن من النفط الخام.6
وفي آخر تحديث حول حجم الحمولة، قال لارس جينسن، الرئيس التنفيذي لشركة ، وهي شركة المتخصصة في مجال شحن الحاويات والتجارة البحرية، إنّ السفينة تحمل أكثر من مليون برميل من النفط.7
والاستهداف الحوثي هو ثالث هجوم من نوعه يطال سفن شركة في مياه البحر الأحمر خلال هذا الشهر. وقالت الشركة التي يقع مقرها في أثينا في بيان إنّ الهجوم تسبب في اندلاع حريق على متن السفينة، فيما قالت وكالة عمليات التجارة البحرية في المملكة المتحدة إن الهجوم أدى إلى فقدان طاقة المحرك، وتم إجلاء جميع أفراد طاقمها.
ومع أن السفينة غيرت وجهتها بعد عبور مضيق هرمز بعيدًا عن مسارها المعلن إلى سنغافورة، وتحركت صوب البحر الأحمر، إلاّ أنّ وجهة السفينة لم تثبت بشكل قاطع، ويرجح أن استهدافها يأتي على خلفية تعامل شركة المالكة للسفينة، مع إسرائيل، حيث قال المتحدث باسم الحوثيين بشكل صريح إنّ استهداف السفينة وقع لكونها تابعة لشركة تتعامل مع العدو الإسرائيلي.8
أول تعليق رسمي عراقي
وعلى الرغم من مرور ساعات على تداول المعلومات بشأن شحنة نفط البصرة الضخمة التي تحترق في عرض البحر، والحديث عن وجهتها المحتملة إلى إسرائيل، التزمت الجهات الرسمية العراقية الصمت تمامًا، ولم يصدر عنها أي توضيح أو بيان.
صحيح العراق تحدث إلى مدير الإعلام في شركة تسويق النفط العراقية سومو همام فؤاد وسأله عن وجهة الناقلة، إذ نفى بشكل قاطع أن تكون الشحنة متجهة إلى الموانئ الإسرائيلية.
وأكّد فؤاد، أنّ سومو تتعامل مع شركات عالمية رصينة، وعند الشحن يتم التأكد من الوجهة، مشددًا أنّ العراق يمنع تصدير النفط إلى إسرائيل ويتم تدقيق وجهة السفينة قبل انطلاقها.
وقال فؤاد بلهجة قاطعة، إنّ العراق لا يتعامل سواءً بشكل مباشر أو غير مباشر مع إسرائيل، تعليقًا على المعلومات التي تشير إلى تعامل الشركة المسؤولة عن ناقلة النفط مع سلطات الاحتلال الإسرائيلية، لكنه رفض التعليق على المزيد من الأسئلة المتعلقة بتفاصيل العقود بين العراق والشركة التي تدير ناقلة النفط المستهدفة، أو إمكانية إبرام اتفاق مع الحوثيين لضمان مرور شحنات النفط العراقية في البحر الأحمر.
وبالعودة إلى تقارير رويترز، نجد أنّ الوكالة نشرت 5 تقارير حول حادثة ناقلة النفط منذ وقوع الهجوم حتى لحظة إعداد هذا التقرير، ولم يرد في أي منها أي إشارة إلى أنّ شحنة النفط العراقية كانت متجهة إلى الموانئ الإسرائيلية.9
استعرضت آخر هذه التقارير تطورات الحادثة والمخاطر الهائلة التي قد تنجم عن تسرب حمولة النفط العراقي إلى البحر الأحمر، وحصيلة الهجمات التي ينفذها الحوثيون في البحر الأحمر منذ نوفمبرتشرين الثاني، إذ أغرق الحوثيون سفينتين واستولوا على أخرى، وقتلوا ثلاثة بحارة على الأقل، وقلبوا التجارة العالمية من خلال إجبار أصحاب السفن على تجنب طريق التجارة المختصر الشهير عبر قناة السويس.9
وبحسب البعثة البحرية للاتحاد الأوروبي فإنّ النيران مازالت مشتعلة في السفينة حتى يوم أمس الإثنين، دون علامات واضحة على تسرب نفطي، رغم التحذيرات من مخاطر بيئية جراء رسو السفينة المشتعلة والمحملة بـ 150 ألف طن من النفط الخام في عرض البحر.10
في ظل الجدل الكبير الذي أثاره الظهور الإعلامي للمتهم الأبرز في قضية سرقة القرن نور زهير، تداولت صفحات وحسابات معلومات متضاربة عن المكان الذي عقد فيه اللقاء التلفزيوني، إذ قالت بعضها إنّ المكان هو قصر يملكه نور زهير في مدينة دبي.1
صحيح العراق أجرى تدقيقًا معمقًا للمشاهد واستطاع تحديد موقع عقد اللقاء بدقة في إحدى فلل نخلة دبي، وينشر في هذا التوضيح معلومات مفصلة عن المكان، مع تفاصيل عن القضية.
اختار المتهم نور زهير فيلا فخمة ضمن فندق بمدينة دبي، للظهور التلفزيوني، في محاولة لإظهار الثراء الفاحش، إذ تتميز الفيلا بممر معزول عن الفندق، وتضم منتجعًا وحوض سباحة خاص مع أثاث مصمم يدويًا.2
ويثبت هذا بالبحث العكسي وتدقيق ملامح المكان وتفاصيل الديكور والأثاث، وشكل الحديقة الخارجية والممر الذي يظهر في بداية اللقاء حيث يسير نور زهير مع الإعلامي هشام علي قبل الدخول إلى الفيلا.2
وبالتعمق أكثر يظهر أن اللقاء عقد بالتحديد في فيلا داخل الفندق تتسع لـ 8 أشخاص، بمساحة 950 مترًا، تضم 3 أسرة ملكية، وسرير صغير، وتتميز بأثاث مصنوع يدويًا من تصميم فرانشيسكو مولون، ومنطقة منفصلة للمعيشة وتناول الطعام، مع مطبخ كامل، ومنتجع صحي كامل مع حمام تقليدي، وغرفة مساج ومنطقة استرخاء وغرفة علاج للأزواج، مع مسبح خاص على السطح.
كما تضم الفيلا مرآب مع ممر منفصل عن الفندق الرئيسي، وغرفة خادمة، وغرفة سائق، وحجرة دُش وحوض استحمام، ونظام رقمي تفاعلي داخل الغرفة، إضافة لعشرات المميزات الأخرى.4 4
وتبدأ أسعار الإقامة في هذه الفيلا من أكثر نحو 700 دولار لليلة الواحدة، وتصل إلى 2000 دولار، إذا تتغير الأسعار بشكل يومي.5
ويقع رافلز النخلة دبي على قمة نخلة جميرا، ويحيط بأحد أفضل الشواطئ التي صنعها الإنسان، ويُعد وجهة حصرية، ويضم الفندق فلل رويال مستقلة تتراوح مساحتها بين 1500 2.065 قدم مربع مع سبا خاص ومرآب، وهي التي استأجرها أحدها نور زهير.6
واللقاء الذي أجرته قناة الشرقية هو الظهور الإعلامي الأول لنور زهير، أحد أبرز المتهمين في قضية سرقة مبالغ الأمانات الضريبية التي عرفت بـ سرقة القرن، إذ ظهر بكامل الأناقة وقد خسر وزنًا بشكل ملحوظ. وحاول زهير خلال اللقاء أنّ يقلل من فدح الجرم، باعتبار أنّ المبالغ المنهوبة لم تسرق بقوة السلاح، بل عبر صكوك رسمية مدققة من هيئة النزاهة، كما أنّها تعود إلى شركات نفطية، وطالب في الوقت ذاته بمحاكمة علنية يكشف فيها كل الأسماء المتورطة في السرقة، داعيا القضاء العراقي إلى عدم التأثر بـ حملات مبرمجة تقوم بها بعض وسائل الإعلام لمحاولة التأثير على جزء من الرأي العام في العراق.7
كيف تمت سرقة القرن؟
وتكشفت واقعة سرقة القرن، لأول مرة في تشرين الأول أكتوبر 2022، عندما أشار تدقيق داخلي أجرته وزارة المالية، إلى أن الهيئة العامة للضرائب دائرة الإيرادات الداخلية العراقية دفعت بشكل احتيالي حوالي 3.7 تريليونات دينار عراقي نحو 2.5 مليار دولار، لخمس شركات. وسددت تلك المدفوعات بواسطة 247 شيكًا، تم صرفها خلال الفترة من 9 أيلول سبتمبر 2021 و11 أغسطس 2022، من فرع في مصرف الرافدين الذي تديره الدولة، والموجود داخل الهيئة العامة للضرائب.
وضم الحساب مليارات الدولارات من ودائع الشركات التي كان من المفترض إعادتها إليها بمجرد خصم الضرائب، وكانت الشركات قد قدمت بيانات مالية محدثة.
واكتشف السرقة بعد تلقي شكاوى من شركة نفط لم تتمكن من استعادة ودائعها الضريبية، وفقا لمسؤول بارز مطلع على التحقيق.8
وكان القضاء العراقي قد أجل محاكمة نور زهير إلى يوم 27 آب أغسطس الجاري، بعد تعذر حضور المتهم إلى الجلسة، التي كانت مقررة يوم 14 آب أغسطس من نفس الشهر.9
ومن المقرر أن يستكمل القضاء إجراءاته في ملف سرقة القرن، وبحسب قاضي محكمة تحقيق الكرخ القاضي الأول ضياء جعفر، فإنّ قضية سرقة القرن لا تتعلق بالمتهم نور زهير فقط، بل بأطراف كثيرة وقيادات داخل الحكومة السابقة سهلت وخططت للاستيلاء على هذه الأموال، إذ أشار إلى أنّ التحقيقات مستمرة بالقضية، وصدرت أوامر قبض جديدة بحق شخصيتين حكوميتين إحداهما وجه لها الاتهام بشكل واضح. وقال: نحن قريبون جدًا من اتخاذ الإجراءات القانونية بحقه بعد استكمال الأدلة، مبينًا أنّ الشخص الآخر صدرت بحقه مذكرة قبض يرتبط بجهة حكومية مهمة في الحكومة السابقة واتخذت بحقه الإجراءات القانونية وحاليًا عليه متابعة دولية لاسترداده من إحدى الدول.10
وكان رئيس هيئة النزاهة القاضي حيدر حنون، قد ظهر في مطلع الشهر الجاري، في مؤتمر لهيئة النزاهة، إلى جانب أكداس من الأموال وكشف تفاصيل جديدة عن ملف سرقة القرن واسترداد المتهمين في قضية الأمانات الضريبية واستعادة المزيد من المبالغ المالية. وقال حنون: تم استرداد المتهم قاسم محمد من إقليم كردستان بعد أن كان هاربًا في تركيا وهو يشغل منصب المدير المفوض لشركة الحوت الأحدب، مبينًا أنّ المبالغ المسجلة على المتهم تبلغ 988 مليار دينار وهي ليست أرقاماً نهائية. كما أشار إلى اعتقال متهم آخر وهو محمد فلاح الجنابي المدير المفوض لشركة القانت، وهو متهم بسرقة تريليون و85 مليار دينار عبر 79 صكًا مزورًا، إلى جانب المتهم الثالث بسرقة الأمانات الضريبية وهو موقوف في الإمارات وسوف يتم استرداده قريبًا، بحسب حنون.
كما أعلن رئيس هيئة النزاهة، اعتقال عبد المهدي توفيق المتهم بسرقة أكثر من تريليوني دينار، وهو المدير المفوض أيضًا لشركة الحوت الأحدب، لافتًا إلى أنّ المتهم الرابع بسرقة الأمانات الضريبة فهو علاء خلف مران، وهو يقيم في لبنان أو تركيا وكان منسبًا في مكتب رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، وبجعبته 890 مليار دينار.
عمليات الاعتقال طالت أيضًا، وفق حنون، شخصين من مزدوجي الجنسية، في عملية نفذتها السلطات الكويتية، وتبلغ الأموال التي بذمتهما 124 مليون دولار، مؤكدًا اتخاذ إجراءات لاسترداد المتهمين، كما أكّد أنّ المبلغ النهائي لسرقة الأمانات الضريبة يفوق ما هو معلن.11
قبل نحو 5 سنوات، تعهد محافظ البصرة أسعد العيداني بإكمال منظومة الإنارة في مجمع القصور الرئاسية في البصرة، وفتح أبوابه أمام العوائل قريبًا، باعتباره منطقة ترفيهية تضم مبان فارهة ومساحات وحدائق واسعة، لكن العيداني فشل في تحقيق ذلك دون أي توضيح أمام أسئلة البصريين عن الأسباب.
ويمثل مجمع القصور الرئاسية منطقة محظورة، ليس على أهالي البصرة فقط، بل القوات الأمنية أيضًا، إذ تتحصن فصائل مسلحة منضوية ضمن هيئة الحشد الشعبي منذ عام 2014، وتخفي هناك متهمين باغتيالات وجرائم طالت ناشطين ومحتجين وإعلاميين.
في هذا التقرير يكشف صحيح العراق خريطة انتشار الفصائل المسلحة داخل القصور الرئاسية وجانبًا من أنشطتها، ويحدد الجهة المسؤولة عن القرار هناك، كما يؤشر أسباب فشل الحكومة المحلية في تحويل المجمع إلى منتجعات ترفيهية.
بصريون يذكرون العيداني
عاد ملف مجمع القصور الرئاسية إلى الواجهة، بعد أن نشرت صفحة باسم البصرة1 منشورًا للعيداني يعود إلى 30 آب أغسطس 2019، يقول فيه: سيكتمل قريبًا إصلاح منظومة الإنارة، والحدائق وتفتح القصور الرئاسية أمام العوائل البصرية2، واتهمت المحافظ بالكذب وعدم الوفاء بتعهده بعد مرور 5 سنوات.
نظرة على مجمع القصور
تقع القصور الرئاسية في منطقة البراضعية، وتطل على شط العرب الذي يحدها من جهة الشرق، فيما يقع شمالها نهر الخورة، ومن الغرب نهر الأميلح ومنطقة مناوي لجم، ومن الجنوب نهر السراجي. ويضم المجمع مستشفى كبير، وقصرين تاريخيين قديمين، أحدهما قصر أغا جعفر، والآخر قصر عبد الوهاب الخضيري، وقد شيدا عام 1902، كما يضمّ قصر الدار المبحر، وخمسة قصور فرعية أخرى، إضافة إلى مبانٍ ومجمعات.3
وتحولت هذه القصور إلى عنوان تجاذب أمني وسياسي في كثير من الأوقات في البصرة، خصوصًا خلال حكومتي عادل عبد المهدي 2018 ـ 2020 ومصطفى الكاظمي 2020 ـ 2022، بعد اتهامات بإيواء منفذي عمليات اغتيال طالت ناشطين ومتظاهرين وإعلاميين، من بينهم الصحافيان أحمد عبد الصمد، وصفاء غالي، والناشطة رهام يعقوب.
ولا تستطيع القوات الأمنية الجيش والشرطة دخول مجمع القصور الرئاسية، إلاّ بتصريح من الفصائل المسلحة ومنها كتائب حزب الله، وعصائب أهل الحق، وكتائب ثأر الله. وشهد الموقع عام 2023، مناوشات بين قوة أمنية وحرس القصور، بعد محاولة تنفيذ أمر اعتقال بحق أحد المتهمين بجرائم الاغتيال.4
السلاح بدل الزهور منذ 2014
بين أعوام 2012 2014 استضاف مجمع القصور الرئاسية مهرجان الزهور، أحد أنشطة الحكومة المحلية، قبل أنّ يتوقف النشاط منذ عام 2015 حين شغلت المجمع الفصائل المسلحة، ثم اضطرت الحكومة إلى نقل المهرجان عام 2022 إلى المدينة الرياضية، بعد توقف دام 7 سنوات.5
اتفاق الأخوة في الحشد!
قبل ذلك، قال العيداني عام 2019 إنّ الحشد الشعبي رحب بفكرة فتح القصور الرئاسية، وسيتكفل بحماية الأسر التي سترتاد القصور، وأشار إلى إمكانية فتح القصور ليلًا لاستقبال الأسر، ولها أن تتمتع بكورنيش القصور، دون أي أثر لهذا الاتفاق على أرض الواقع.7
في حزيران يونيو من عام 2021، أعلن محافظ البصرة أسعد العيداني، مجددًا، قرب افتتاح القصور الرئاسية لتكون متنفسًا للعوائل بعد توفير 5 مواقع اخرى لإنشاء مساحات خضراء. وقال العيداني إنّه اتفق مع الأخوة بالحشد على أنّ العوائل البصرية تفتقر إلى المساحات الخضراء والتي تلاشت في الفترة الأخيرة، والقصور يجب أن تفتح والقرار اتخذ بالتنسيق مع هيئة الحشد بأن تكون متنسفًا للعوائل البصرية.8
موافقة أبو فدك والفياض
وتعليقًا على تصريح العيداني آنذاك، أعلنت هيئة الحشد الشعبي أنّ فتح القصور الحكومية في المحافظة أمام العوائل للتنزه والترفيه، سيقتصر في البداية على جزء منها، كونها ليست مؤهلة بالكامل في الوقت الحاضر لاستقبالهم. وقالت إنّ فتحها أمام المواطنين لن يشكل أية خطورة أمنية، مبينة أنّ قرار فتحها جاء بتوجيه من رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض ورئيس هيئة أركان الحشد عبد العزيز المحمداوي أبو فدك، وبرعاية من محافظ البصرة اسعد العيداني، لكنها لم تسمح في حقيقة الأمر بالوصول إلى أي جزء من المجمع، باستثناء متحف التاريخ الطبيعي عند مدخل المجمع.9
المنطقة الأكثر سخونة
وشهد مجمع القصور الرئاسية منذ شغلته الفصائل عام 2014، أحداثاً أمنية عدة، فضلاً عن احتجاجات في محيطه ومحاولة لاقتحامه، إلاّ أنّ ما حدث في آيار مايو 2021، كان الأخطر، حين اندلعت اشتباكات بين قوة أمنية عراقية وفصيل مسلح، وذلك بعد مداهمة أمنية لمنزل أحد أفراد الفصيل، المتهم بتنفيذ عمليات اغتيال ناشطين.10
وخلال الأشهر آب وأيلول وتشرين الأول 8، 9، 10 من نفس العام، شهد محيط مجمع القصور مواجهات مسلحة عنيفة، بين فصيلين، بالتزامن مع المواجهات المسلحة في بغداد خلال أزمة تشكيل الحكومة.11
خريطة القصور
يضم المجمع 5 قصور، الأول هو مقر متحف التاريخ الطبيعي ويمكن الوصول إليه، فيما تشغل حركة كتائب حزب الله وبعض الجماعات المرتبطة بفصائل أخرى اثنين من القصور، كما يكشف مسؤول محلي لـ صحيح العراق.
ويقول المسؤول، إنّ القصر الرابع بات مقر مستشفى للعلاج الطبيعي يعرف بمستشفى جعفر الطيار، وتديره هيئة الحشد، والخامس ما يزال مبنى غير مشغول يحتاج إلى إعادة ترميم، مبينًا أنّ المجمع يعتبر المقر الإداري لهيئة الحشد الشعبي ويضم شخصيات بارزة، بعضهم مطلوبون للقضاء أو لجهات أخرى، وفتح القصور يعني فقدانهم الملاذ الآمن.
مع ذلك، لا يضم المجمع مخابئ للأسلحة، بحسب المسؤول البصري المحلي، إذ تتخذ الفصائل من مناطق الدير والشافي الزراعية، شمالي البصرة مخازن لحفظ الأسلحة ومواقع للتدريب.
المفاتيح عند كتائب حـ ـزب الله
ومنذ عام 2018، يخضع مجمع القصور الرئاسية لسلطة حركة كتائب حـ ـزب الله، إذ بسطت نفوذها هناك وعززت من تحصيناتها إثر الاحتجاجات الشعبية وحرق مقرات الفصائل، إلى جانب منظمة بدر وعصـ ـائب أهل الحق.
وعلم صحيح العراق من مقاتل سابق في الكتائب، أنّ الحركة هي صاحبة الكلمة العليا داخل مجمع القصور الرئاسية، باعتبارها تهمين على المواقع القيادية ضمن هيئة الحشد الشعبي.
ولا يستبعد المقاتل السابق وجود مطلوبين ومتهمين داخل المجمع، لكنه يؤكّد في ذات الوقت حرص الفصائل على إبقاء الأنشطة غير القانونية عند مستويات محدودة جدًا، بالنظر إلى وجود مؤسسات أمنية قريبة، منها خلية القصور الاستخبارية ولواء العقرب ومؤسسات أخرى.
كما يؤكّد، أنّ هيئة الحشد الشعبي تتخذ من المكان مقرًا إداريًا وليس عسكريًا، ومن الممكن أن تغادر في حال وفرت الحكومة المحلية مقرات بديلة.
ويتفق المسؤول المحلي مع هذا الرأي، إذ يقول لـ صحيح العراق، إنّ الفصائل اشترطت توفير مقرات بديلة لمغادرة القصور الرئاسية، لكن ذلك لم يتحقق ما عرقل مشروع تحويلها إلى مكان ترفيهي.
العيداني لن يتحرك الآن
وفي آذار مارس الماضي، خوّل رئيس مجلس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، خلال اجتماع للّجنة العليا للإعمار والاستثمار، محافظ البصرة أسعد العيداني، التفاوض من أجل استثمار القصور الرئاسية في البصرة، وعرض نتائج التفاوض على اللجنة العليا للاستثمار والإعمار، دون أنّ يصدر عن العيداني أي توجيه بناءً على القرار الأخير.12
ويستمر صمت العيداني بما يتعلق بالمجمع الرئاسي، حتى بعد موجة السخرية الكبيرة التي أثارها استذكار تعهداته القديمة مؤخرًا، خشية أن تؤدي أي خطوة نحو القصور، في ظل التوتر القائم في المنطقة، إلى صدام مع الفصائل المسلحة، كما يفسر مسؤول في مكتب المحافظ، لكنه يؤكّد في ذات الوقت أنّ المشروع ما يزال قائمًا وقابلاً للتنفيذ.
ويقول المسؤول في مكتب العيداني لـ صحيح العراق، إنّ الحكومة تدرس في الوقت الراهن إمكانية توفير مقر بديل لهيئة الحشد الشعبي خارج مركز المدينة، لكن توفير المقر يحتاج إلى تخصيص مالي، أي لابد من انتظار إقرار موازنة المشاريع.
ومع كلّ هذا لا يبدو أنّ البصريين سيشاهدون كورنيش القصور الرئاسية قريبًا، إذ لا يملك مكتب العيداني تصورًا واضحًا عن موقع المقرات البديلة، أو أي تقديرات زمنية لإخلاء القصور الرئاسية من الفصائل المسلحة تمهيدًا لاستثمارها.