إعداد: شريف مراد
اعتمد التقرير على تحليل عينة منشورات قوامها 20 ألف منشور من أصل 103 آلاف منشور، ورصد شبكة الحسابات المروجة للوسم، وتحديد الأنماط السلوكية الآلية لبعض الحسابات النشطة على الوسم.
أبرز نتائج التقرير:
- حقق وسم "#الإمارات_مع_السودان" انتشاراً واسعاً بلغ ذروته مرتين رئيسيتين؛ الأولى بين 9 و11 نيسان/أبريل 2025، والثانية بين 3 و5 أيار/مايو 2025. ووصل حجم انتشارها إلى عشرات الملايين من المشاهدات، مع تفاعل ضخم تمثل في نحو 55 ألف رد، وأكثر من 36 ألف إعادة نشر ونحو ستة آلاف اقتباس، فيما تذيل المحتوى الأصيل قائمة التفاعل.
- أظهرت التحليلات أن معظم التفاعلات جاءت من حسابات تتركز في الإمارات (13,300 حساب)، تليها السودان بعدد 9,251 حساباً.
- أوضح تحليل الشبكات أن حسابات إماراتية بارزة قادت الحملة، وتميزت بكونها شكلت نقاطاً مركزية، في حين لعبت حسابات أخرى دوراً محورياً في الربط بين المجموعات المختلفة، ما يشير إلى وجود استراتيجية متعمدة لبث رسائل سياسية محددة وربط مجموعات متباينة من الجمهور معاً.
- أظهرت عمليات الفحص المتقدمة مؤشرات قوية على وجود نشاط آلي ومنسق، تجلى ذلك في أنماط زمنية منسقة للمنشورات، واستخدام متكرر للمحتوى والصور، مع الاعتماد المكثف على إعادة النشر بشكل آلي من قبل مجموعات كبيرة من الحسابات.
- على مستوى المحتوى، ركّزت الحملة على الدعاية للإمارات، مع محاولات واضحة لإلصاق اتهامات "الإرهاب" بحكومة بورتسودان، التي تمثل مركز السلطة الحالي في السودان.
تصعيد ميداني وتضخيم رقمي
في السادس من أيار/مايو 2025، شهدت مدينة بورتسودان ضربات جوية باستخدام طائرات مسيرة، نُسبت إلى قوات الدعم السريع السودانية، الأمر الذي أحدث صدمة واسعة على الساحة السودانية، وأثار موجة قوية من التفاعل على منصات التواصل الاجتماعي.
بالتزامن مع هذه الهجمات، شهد وسم "#الإمارات_مع_السودان" تسجيل زيادة مفاجئة في عدد إعادة المنشورات بنحو ثلاثة أضعاف خلال أربع ساعات فقط بعد وقوع الضربات، مقارنة بقبل وقع الغارات الجوية.
في اليوم نفسه، وبموازاة تصاعد التوترات على الأرض، أعلن المجلس العسكري السوداني قطع علاقاته مع دولة الإمارات العربية المتحدة، ما أسفر عن ظهور نسخ جديدة من الوسم الأصلي؛ أبرزها "# السودان_في_قلب_الإمارات".
وفي التاسع من أيار/مايو 2025، جاء تقرير منظمة العفو الدولية ليثير ضجة جديدة، إذ كشف عن عبور طائرات مسيرة صينية متقدمة عبر الإمارات قبل وصولها إلى السودان، ما وضع الإمارات في قلب الاتهامات المتعلقة بانتهاك حظر الأسلحة على السودان.
رافق هذا التقرير انطلاق منسق لحملة مؤيدة للإمارات، تمثلت في نشر أعداد كبيرة من التصميمات والمعلومات المصممة التي تدافع عن الإمارات في مواجهة هذه الاتهامات.
في منتصف أيار/مايو 2025، تصاعدت المواجهة إلى المستوى السياسي الدولي مع صدور قرارات من مجلس الشيوخ الأمريكي تهدف إلى حظر مبيعات الأسلحة إلى الإمارات، على خلفية اتهامات بتورطها في الصراع السوداني.
وبمجرد تصعيد الصراع العسكري في السودان، وما رافقه من تقارير دولية تتهم الإمارات بتسليح قوات الدعم السريع، أعيد التدوين على وسم "#الإمارات_مع_السودان". وبحسب بيانات "Meltwater"، فإنّ الحملة لم تنشأ تدريجياً كما هو متوقع في أي نقاش عفوي، بل ظهرت فجأة.
شهر من النشاط المُكثّف
ما بين منتصف شباط/فبراير والثامن من نيسان/أبريل 2025، ظل التفاعل على وسم "#الإمارات_مع_السودان" في حالة استقرار رقمي؛ إذ لم تُسجّل أي حركة تُذكر سواء من حيث عدد المنشورات أو عدد الجمهور الذي وصلته المنشورات. وفي التاسع من نيسان/أبريل، قفز مؤشر الوصول إلى أكثر من 12 مليون حساب خلال ساعات قليلة. في اليوم التالي مباشرة، بلغ هذا الرقم ذروته بتجاوز وصله 79 مليوناً.
وبين العاشر من نيسان/أبريل والعاشر من أيار/مايو 2025، حافظ الوسم على نشاط يومي مرتفع، تراوح بين عدة آلاف إلى أكثر من 10 آلاف منشور في اليوم. وخلال هذا الشهر تحديداً، كانت هناك ذروتان: الأولى تزامنت مع الهجمات بالطائرات المسيّرة على بورتسودان، والثانية مع نشر تقرير منظمة العفو الدولية الذي يتهم الإمارات بإعادة تصدير طائرات صينية مُسيّرة إلى قوات الدعم السريع في انتهاك مباشر لحظر السلاح.
في هذه الفترات، سجل الوسم حالات قفز مفاجئ في الانتشار، وصلت في الخامس من أيار/مايو 2025 إلى 85 مليون مشاهدة محتملة، قبل أن تبدأ الحملة بالانحدار بشكل تدريجي بعد العاشر من أيار/مايو 2025.
أنماط النشر: من يكتب ماذا؟
عند التعمق في توزيع أنواع المنشورات عبر وسم "#الإمارات_مع_السودان"، تظهر ملامح استراتيجية لا تهدف لبناء خطاب تفاعلي بقدر ما تهدف إلى ضخ محتوى مُعد مسبقاً وإعادة تدويره بأكبر قدر ممكن من الكثافة.
من بين أكثر من 117,000 تفاعل على الوسم، شكّلت الردود نحو 53.5 في المئة من المحتوى؛ وهي نسبة مرتفعة تعكس محاولة الحملة التغلغل في محادثات قائمة أو الرد على المنتقدين بأسلوب هجومي. أما إعادة النشر فشكّلت نحو 31 في المئة، في حين لم تتجاوز نسبة المنشورات الأصلية 4.6 في المئة فقط.
عند تتبع التحولات في محتوى الحملة من حيث النبرة (السلبية مقابل الإيجابية)، يتبيّن أن الحملة بدأت بدفقة من المنشورات الإيجابية، تحديداً بين 9 و11 نيسان/أبريل 2025، إذ بلغت المنشورات ذات الطابع الإيجابي أكثر من 1,800 منشور في اليوم. لكن هذا النمط لم يستمر طويلاً. ففي غضون أيام، بدأت الردود السلبية بالتزايد، خصوصاً بعد أن انتشرت صور ومقاطع فيديو توثق استهداف المدنيين بطائرات مسيّرة في بورتسودان.
بعد ذلك، وعند بلوغ الحملة ذروتها الثانية في بداية أيار/مايو، ظهرت محاولات أخرى لنشر السردية الإيجابية؛ فبين 3 و5 أيار/مايو، شهدت المنشورات الإيجابية ارتفاعاً جديداً، تجاوز 1,800 منشور في يوم واحد. غير أن هذه السردية الإيجابية ما لبث أن خفتت مرة أخرى بعد أسبوع واحد، لتسود نبرة النقد والتنديد من جديد، خاصة مع تزايد حجم السخرية من الرسائل المكررة للحسابات المدافعة عن الإمارات.
وتكشف تحليلات "مدى الوصول" و"حجم المنشورات" و"نوع المنشورات" عن ملامح حملة دعائية مصممة بعناية، بدأت بشكل فجائي، وبلغت ذروتها في توقيتات مرتبطة مباشرة بتطورات سياسية وعسكرية، واستخدمت أدوات تضخيم (الردود وإعادة النشر)، بدلاً من الخطاب التفاعلي الحقيقي. لكنها رغم ذلك، فشلت في السيطرة على السردية الرقمية العامة، بل تحولت لاحقاً إلى محور للسخرية والنقد.
مركز الحملة
كشفت بيانات التفاعل على وسم "#الإمارات_مع_السودان" أن دولة الإمارات كانت مركز التفاعل على الوسم؛ فمن بين أكثر من 100 ألف تفاعل في العينة الموسعة، جاء ما يزيد عن 13 ألف تفاعل من داخل الإمارات؛ وهي النسبة الأعلى لأي دولة على الإطلاق. وتحديداً، برزت أبوظبي كأكثر المدن نشاطاً على الوسم بواقع أكثر من أربعة آلاف منشور.
على الجانب الآخر، بدا السودان ساحة رقمية مشتعلة، حيث سُجل أكثر من تسعة آلاف تفاعل من داخله، خاصة من العاصمة الخرطوم ومدينتي أم درمان ومدني. غير أن تفكيك هذا النشاط يُظهر أن الغالبية العظمى من المنشورات السودانية جاءت بصيغة ردود، ما ينسجم مع نتائج تحليل نوعية المحتوى، التي بيّنت أن الردود شكلت ما يقارب نصف إجمالي التفاعل في الحملة.
أما مدينة بورتسودان، مقر الحكومة السودانية الجديدة التي تخوض صراعاً مع قوات الدعم السريع، فقد جاءت مشاركتها الرقمية ضئيلة (190 منشوراً فقط).
الصراع على هوية الوسم
عند تتبّع مصادر الزخم الذي دفع إلى إعادة التدوين على وسم #الإمارات_مع_السودان"، يقودنا التحليل إلى قائمة قصيرة من المنشورات التي تصدّرت المشهد. المنشور الأكثر انتشاراً، الذي وصف الإمارات بأنها "آلة قتل"، حصد أكثر من ألفي إعادة نشر خلال ساعات قليلة، واضعاً نغمة هجومية حادة خيمت على باقي المحتوى في الثالث من أيار/مايو. كما برز الخطاب السوداني الغاضب بوضوح في التعليقات، من بينها عبارات؛ مثل: "تم تدمير السودان بنجاح… وين القانون الدولي؟"
هذه المنشورات الانتقادية دفعت حسابات إماراتية على ضخ رسائل مضادّة، جاءت على شكل تصميمات عالية الدقة، والترويج لشعارات عن "الإنسانية" و"سيادة القانون"، وصور لمساعدات تحطّ في المطارات السودانية.
وجاءت حسابات @munabusamra و@alraisisaeed و@hamadalkaabi80 في قائمة الأعلى مشاركة، مستخدمة لغة قانونية ودبلوماسية لتفنيد الاتهامات عن الإمارات، أو إلصاق صفة "الإرهاب" على الحكومة السودانية.
ومع أنّ المعسكرين استخدما الوسم نفسه، فإنّ كليهما أرفقه بوسوم أخرى، فالتعليقات المؤيدة أرفقت وسم "#الإمارات_مع_السودان" بوسم ثانٍ يهاجم جماعة الإخوان المسلمين، في محاولة واضحة لربط حكومة بورتسودان بحركات الإسلام السياسي. في المقابل، روّج الناشطون السودانيون وخصوم الإمارات وسوماً معاكسة؛ مثل "#الامارات_تقتل_السودانيين" و"#السودان_يحاكم_الامارات_دولياً"، مرفقة بالوسم الأصلي، مفرغين إياه من مقصده.
التعمق في التعريفات الذاتية للحسابات الأكثر نشاطاً يكشف عن تأييدها للقيادة السياسية في الإمارات؛ فقد جاء في النبذة الشخصية للحسابات كلمات؛ مثل: "محمد_بن_زايد"، و"مشاريع_الخمسين"، و"اللهم_احفظ_الإمارات".
فيما تشير الكلمات المستخدمة في النبذة الشخصية للحسابات الناقدة على الوسم؛ مثل: "العصيان_المدني_الشامل" و"السودان_ينتصر" و"UAE Kills Sudanes"، إلى النشطاء السودانيين الذين ينتقدون التدخل الخارجي في الحرب السودانية.
وعلى مستوى البناء الخطابي للوسم، ظلّ وسم "#الامارات_مع_السودان" هو العمود الفقري الذي تدور حوله جميع الرسائل، لكن ما لبث أن تحوّل إلى ساحة صراع رمزي. إلى جانبه ظهرت وسوم إيجابية تصف الإمارات بـ"رسول السلام"، مقابل وسوم اتهامية تربطها بجرائم الحرب. النتيجة كانت ساحة خطابيّة منقسمة إلى نصفين: جهة تمتدح الدور الإماراتي بوصفه يقدم دعماً "إنسانياً" و"قانونياً"، وجهة أخرى ترى فيه تدخلاً "استعمارياً مقنّعاً بثوب العمل الخيري".
أبرز أوجه الانقسام على وسم "#الإمارات_مع_السودان"؛ يتمثل في نشر تقارير رويترز عن ذخائر بلغارية شُحنت عبر أبوظبي إلى دارفور، وتقارير لجنة العقوبات الأممية. استخدم منتقدو الإمارات التقارير لإثبات تواطؤها. وفي كل مرة يُطرح فيها تقرير أممي أو تحقيق صحفي، كانت الحسابات الموالية تردّ بوابل من المنشورات التي تشكّك في مصادر الأخبار أو تصفها بـ "للوبي الغربي".
ويشير تحليلنا للمحتوى إلى أن مئات الصور والفيديوهات نفسها أعيد نشرها عشرات المرات بواسطة مجموعة من الحسابات عالية النشاط؛ وهو سلوك يتماشى مع أساليب الإغراق (URL flooding) الرامية إلى السيطرة على خوارزميات المنصة، وحرمان المتابع العادي من فرصة رؤية محتوى بديل.
محصلة ذلك كله أنّ وسم "#الإمارات_مع_السودان" لم يحتفظ طويلاً بهويته كمبادرة دعم، بل تحوّل إلى أرض معركة خطابيّة مفتوحة. وبالرغم من الإمكانيات التقنية والبشرية التي سخّرها الطرف المروّج، فإنّ الارتداد الشعبي السوداني والإقليمي، المدعوم بمنصات حقوقية وإعلامية دولية، نجح في إفراغ رسائل الدفاع عن الإمارات من مضمونها، وتحويلها إلى مثار جدل وسخرية.
شبكة مركزية نشطة في المواجهة
بتحليل التفاعل على وسم "#الإمارات_مع_السودان"، تكشف البيانات عن شبكة معقدة من الحسابات التي بدت للوهلة الأولى، متنوعة وغير مترابطة. غير أن تفكيك هذه الشبكة وتحليلها عبر أدوات رصد الحسابات الآلية، أظهر نمطاً متكرراً من النشاط الرقمي غير الاعتيادي.
عبر تحليل عينة من ألفي منشور من إجمالي 100 ألف منشور، استُخدمت ثلاثة معايير تقنية لرصد الحسابات الآلية: أولاً، الأسماء التي تنتهي بأرقام عشوائية (وهي علامة معروفة في الحسابات الآلية المُنشأة تلقائياً). ثانياً، تكرار النشر في فترات زمنية ضيقة لا تتناسب مع الاستخدام البشري العادي. وثالثاً، نمط التفاعل المفرط؛ مثل إعادة النشر لعشرات المرات خلال الساعة الواحدة.
من خلال هذه المعايير، تم تحديد حسابات بارزة تكرر تفاعلها على الوسم موضع التحقيق، من بينها حسابات؛ مثل: @alafryqy1098 و@abusuhail4444 و@fahd418504. هذه الحسابات لم تكن فقط نشطة بشكل يفوق المعدلات الطبيعية، بل كانت أيضاً متشابهة من حيث البنية التقنية والموضوعات التي تتناولها التي تتمثل في الترويج مستمر لوسم الحملة، ومديح لدور الإمارات في السودان، وهجوم مركز على حكومة بورتسودان.
كما أظهرت الحسابات موضع التحليل نمطاً متطابقاً في إعادة نشر المحتوى نفسه، خلال دقائق، مع فواصل زمنية لا تتجاوز الثواني أحياناً، وهو ما لا يمكن نسبه إلى استخدام بشري طبيعي، حتى في حالات النشطاء المتفرغين.
أسهمت هذه الحسابات، بوصفها "عُقداً رقمية" عالية التردد (high-frequency nodes)، في تضخيم الرسائل وتكرارها ضمن الفضاء الرقمي العام، بما يوحي بأنها صادرة عن جمهور واسع ومتعدد الهويات. غير أن التحليل يُظهر أن عدد الحسابات المؤثرة كان محدوداً، وتتشارك في خصائص تقنية وموضوعاتية تُشير إلى وجود مصدر واحد أو غرفة تحكم مركزية تقف خلف التفاعل على الوسم.
المفارقة في هذا السياق أن معظم هذه الحسابات، بالرغم من ارتفاع وتيرة تفاعلها، لا تتلقى تفاعلاً عضوياً عالياً من جمهور حقيقي، ما يرجح فرضية أن هدفها الأساس لم يكن النقاش المفتوح، بل "احتلال المجال العام الرقمي"، وتوجيه الانتباه نحو سردية مصممة مسبقاً.
حين انتقلنا من تتبّع الأرقام إلى رسم الخريطة الشبكية للحملة، بدا المشهد أقرب إلى لوحة كونية تتقاطع فيها النجوم على شكل "مجرة"، لها مركز واحد واضح. في القلب تماماً ظهر حساب @forsan_uae " فرسان الإمارات"؛ فكل تفاعل على الحملة يمتدّ إليه أو يخرج منه. لم يكن هذا الحساب الأعلى صوتاً فحسب، بل الأعلى استقبالاً للتفاعلات، إذ صبت آلاف إعادة النشر في اتجاهه، ما جعله "المحطة" التي تمرّ عليها الرسائل قبل أن تنتشر في الفضاء الرقمي.
إلى يمين هذا المركز تشكّلت "كتلة" خضراء، يقودها حساب @mofauae التابع لوزارة الخارجية الإماراتية، تتفرّع منه خيوط أقصر إلى شبكة مكوّنة من صفحات المؤسسات الرسمية ووكالات الأنباء. هذا الجناح بدا -وفق قياسات "التجمّع" (modularity)- معزولاً إلى حدّ كبير؛ إذ يخاطب نفسه أكثر مما يخاطب الآخرين، مُكرِّراً البيانات الرسمية ومقتطفات المؤتمرات الصحافية.
لم تكن رسالة الوسم لتخرج من هذه الدوائر الرسمية لولا عقد وسيطة تربطها ببقية المجرة الإلكترونية. هنا برز دور حسابات؛ مثل: @munabusamra و@alketbig1 و@mhmoodnoor. هذه الأسماء لم تتصدر قائمة "الأكثر نشراً"، لكنها سجلت أعلى قيم "التوسّط" (betweenness).عمليًّا، تشبه هذه الحسابات الجسور التي تصل بين ضفتي نهر؛ تنقل الخطاب الرسمي إلى دوائر شعبية أكثر تنوعاً، وتمتدّ في الاتجاه المعاكس لالتقاط ما يقال هناك ثم إعادة صياغته بلغة تقبلها المنصّات الرسمية. بإزاحة أي جسر من هذه الجسور، تنفصل المجموعات عن بعضها بعضاً، كما تُظهِر محاكاة الحذف في Gephi.
في الجهة المقابلة، نشأت كتلة زرقاء يقودها ناشطون سودانيون وعرب معارضون. هنا تلعب حسابات؛ مثل: @samykamaleldeen و@ahmad_dadoosh دور "نقاط مقاومة" تُعيد توجيه الوسم ضد أهدافه الأصلية. واللافت أنّ هذه الكتلة المعارضة لا تتصل بالمركز الإماراتي إلا عبر تلك العقد الوسيطة ذاتها، ما يعني أنّ المعركة تُخاض -حرفيًّا- على جسور محدودة العدد يمكن رصدها وتعطيلها.
في النهاية، تكشف بنية الشبكة المتفاعلة على وسم #الإمارات_مع_السودان" عن ثلاث طبقات واضحة: مركز إماراتي يحرك التفاعل على الوسم، وجسور إماراتية رسمية وشبه رسمية تنقل السردية وتروج لها، ودوائر سودانية معارضة تلتقط ما يصلها لانتقاده أو السخرية منه.