من يقف وراء حملة “قطر تطرد حماس”؟
شهدت مواقع التواصل الاجتماعيّ نشاطًا مكثّفًا لعدد من الوسوم المرتبطة بالجدل بشأن تطوّرات العلاقة بين حماس وقطر. جاء ذلك بعد تقارير إعلاميّة وصفتها الدوحة لاحقًا بأنّها “غير دقيقة”، إذ زعم في هذه التقارير أنّ قطر طلبت من قادة الحركة مغادرة البلاد، إلى جانب قرارها بالانسحاب من مفاوضات وقف إطلاق النار في غزّة.
نشرت على الوسوم آلاف المنشورات الّتي تنوّع مضمونها بين السخرية والانتقادات الموجّهة لحماس وقطر. كما استغلّت حسابات من عدّة دول عربيّة هذه التقارير لإطلاق حملة منسّقة تروّج لخطاب تحريضيّ، يتخلّله معلومات مضلّلة.
من أبرز هذه الوسوم: #قطر_خانت_المقاومة و #شكرًا_قطر و #خدامين_الدولار، و#قطر_تطرّد_حماس.
خلال الفترة بين 8 و17 نوفمبر 2024، نشر على الوسوم الأربعة أكثر من 16 ألف تدوينة، شوهدت نحو مليوني و924 ألف مرّة، مع تقدير نطاق رؤية إضافيّ محتمل يتجاوز 13 مليون مرّة.
نتج عن التدوينات على هذه الوسوم أكثر من 55 ألف حالة تفاعل (إعجاب، إعادة مشاركة “ريتويت”، ردود وتعليقات)، بحسب أداة Meltwater المتخصّصة في تحليل محتوى مواقع التواصل الاجتماعيّ.
احتوت الوسوم موضع التحليل على حسابات مؤثّرة من عدّة دول عربيّة؛ مثل: مصر واليمن والسعوديّة، بعضها ينشط في حملات إلكترونيّة منسّقة.
في مساحاتها التعريفيّة، تضع الحسابات أعلام مصر والسعوديّة و”جنوب اليمن”، وتكتب عبارات قوميّة يمكن ملاحظتها عادة في هذه النوعيّة من الحسابات.
وبلغ إجماليّ الحسابات المشاركة على الوسوم 7129 حسابًا، واحتلّت الحسابات التالية الأكثر تفاعلًا مع الوسوم:
@SecuEg, @bntmy4540, @AlasylKma, @Abosamrah30, @yehia5yehia, @EslamNa22536322, @bassemelmassry, @nafea_2020, @tahoun71, @amlkhalil11, @SAPRAC_SA, @mirsadeye, @malakpodcast, @NaseerSourani, @JessyYusry, @01124427696ahma, @SufianSamarrai, @AhmedE68776, @MzbwtA, @SomiAsla, @ksa_2411, @Moraqeb2020,
في وسم #قطر_تطرد_حماس، الذي احتوى وحده على ما لا يقل عن 6500 ألف تدوينة، نشر حساب سفيان السامرائي SufianSamarrai@ 28 تدوينة، على نحو جعله أحد أكثر الحسابات المتفاعلة مع الهاشتاج.
ينشط حساب سفيان، الذي يعرف نفسه كرئيس تحرير موقع “بغداد بوست” المحظور على “إكس”، بشكل لافت على الوسوم المهاجمة لقطر وإيران ووكلائها، مع نشر منشورات إيجابية عن السعودية. ويظهر محتوى حسابه أن لديه أكثر من 200 ألف متابع.
في منشوراته بشأن ما أثير عن خروج حماس من قطر، استخدم سفيان تقنيات الذكاء الاصطناعي في إنتاج صور للمساعدة على الترويج لتدويناته، وهي ممارسة باتت شائعة بين مؤثري الحملات الإلكترونية.
نشطت حسابات مصرية على الوسوم #قطر_خانت_المقاومة و#شكرا_قطر و#خدامين_الدولار، التي تخطى عدد منشوراتها تسعة آلاف تدوينة. وتصدر هذه المنشورات حساب باسم بخيت ‘المايسترو’ (bassemelmassry@)، أحد أبرز مُطلقي الأنشطة غير الأصيلة المدافعة عن سياسات الحكومة المصرية ومواقفها، والمهاجمة لمنتقديها.
يتابع حساب باسم الرئيسيّ أكثر من 93 ألف مستخدم، بينما يمتلك عددًا آخر من الحسابات الّتي تحمل اسمه، ويستخدمها بالتبادل في حال تعطيل منصّة إكس لأحدها، أو إغلاق بعضها مؤقّتًا قبل معاودة الظهور. ومع ذلك، يظلّ نشطًا طوال الوقت.
عبر محتوى الوسوم عن اتجاهات متنوعة تزامنت مع الجدل بشأن “الطرد” المحتمل لحركة “حماس”. شملت المنشورات سخرية من قطر، وتشفياً في حماس، وتحريضاً ضد منتقدي الحكومات.
استندت المنشورات ذات النبرة الساخرة إلى النبأ الذي قدمه مذيع قناة الجزيرة الفلسطيني جمال ريان، يقول فيه نقلاً عن مسؤول تحدث إلى وكالة أنباء “رويترز”، إن قطر أبلغت الولايات المتحدة وإسرائيل وحركة حماس بتعليق جهودها للوساطة في مفاوضات وقف إطلاق النار، وأن الدوحة “خلصت إلى أن مكتب حماس السياسي لم يعد يؤدي الغرض منه”.
وأعادت حسابات يمنية وسعودية ومصرية سبق أن نشطت في حملات إلكترونية نشر المقطع، مصحوباً بتعليقات ساخرة من قطر والمذيع جمال ريان.
تعليقات حسابات متعددة عبر “إكس” على الخبر الذي نقله الإعلامي جمال ريان
وكررت حسابات سعودية، مثل حساب ماجد (SAPRAC_SA@)، نشر معلومات مُضللة بشأن ثروة مزعومة لقادة حماس، كانت إسرائيل قد روجت لها سابقًا عبر بوسترات منسوبة إلى مجلة “فوربس” المالية العالمية.
وكتب ماجد عبر وسم #قطر_تطرد_حماس، قائلاً إن “قطر تجمد أموال خالد مشعل وخليل الحية وعائلة إسماعيل هنية”. ونشر صورة غلاف منسوبة إلى مجلة “فوربس”، زاعماً أن هنية رئيس المكتب السياسي السابق لحماس، الذي قٌتل في طهران في 31 يوليو/تموز الماضي، كان يمتلك أربعة مليارات دولار.
وكانت وكالة “رويترز” قد نقلت عن متحدث باسم “فوربس” نفيه نشر المجلة صورة الغلاف المتداولة، مؤكداً أن “الصورة ليست غلافاً حقيقياً لفوربس، ولم يتم نشرها على أي من منصاتنا قط”.
حمل الغلاف المضلل تاريخ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، في حين أن الغلاف الأصلي لعدد “فوربس” في ذلك الوقت كان يظهر صورة الرئيس التنفيذي لشركة “ميتا”، مارك زوكربيرغ."
صورة الغلاف الأصلي والمفبرك لمجلة “فوربس” وفق “رويترز”
عادت العلاقات الدبلوماسيّة بين مصر وقطر في يناير 2021، عقب “قمّة العلا” في السعوديّة، الّتي أنهت خلافًا خليجيّا مصريًّا مع الدوحة بدأ منتصف 2017.
ولعبت القاهرة والدوحة دورًا بارزًا في المفاوضات المتعثّرة من أجل وقف إطلاق النار في قطاع غزّة.
ورغم ذلك، لا تزال المناوشات بين البلدين مستمرّة بشكل غير مباشر عبر الفضاء الافتراضيّ ومنصّات مرتبطة بهما، أبرزها مجموعة “الدولجيّة” للدعاية السياسيّة، الّتي يديرها “باسم المايسترو”.
أتاح نبأ طرد حماس فرصة للحسابات المصريّة لترويج منشورات ساخرة من قطر، واستغلاله داخليًّا لمهاجمة منتقدي الحكومة، وأفراد ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين، بالإضافة إلى لاعب النادي الأهليّ ومنتخب مصر السابق محمّد أبو تريكة، المعروف بتأييده للرئيس الراحل محمّد مرسي.
تباهى باسم المايسترو عبر حسابه بظهور وسم #خدامين_الدولار، الذي جمع وحده 8,646 تدوينة، ضمن قائمة أكثر الموضوعات تداولاً على مستوى مصر في منصة إكس.
واستخدم باسم رموز وعبارات تحريضيّة، داعيًا متابعيه للقيام بعمليّات تصيّد عبر الوسم.
نشر باسم 445 تدوينة، معظمها في 10 نوفمبر، من إجماليّ 637 تدوينة أصليّة صدرت مباشرة من حسابات على هذا الوسم، ما يعكس وجود جهد منسّق ومكثّف.
نماذج من تدوينات “المايسترو” عبر “إكس” التي تنطوي على التحريض وخطاب الكراهية
تفاعل العديد من متابعي باسم مع منشوراته، بإعادة المشاركة أو عبر بثّ وتكرار نشر عبارات السخرية والتحريض، كما نلاحظ في الصور أدناه للمنشورات الصادرة من حسابات “مدنيّة” و”بنت مصر” و”أبو سمرة” و”حفيد أحمس”.
مجموعة منشورات عبر “إكس” تفاعلاً مع تدوينات “المايسترو”
احتوت الوسوم موضع التحليل على أكثر من 9600 تدوينة صادرة من حسابات غير معروف مكانها؛ وهو عدد مقارب لمجمل التدوينات ذات النبرة السلبيّة (10600 تدوينة)، بما يساوي 67.5 في المئة من إجماليّ التدوينات، وفقًا لتحليل المشاعر في Meltwater.
مع وجود 1400 تدوينة على الأقلّ كانت تحمل نبرة إيجابيّة، قد يبدو أنّ وسم #شكرًا_قطر يسهم في بعضها؛ وهو الوسم الّذي أطلقته حسابات مصريّة بغرض التهكّم على نبأ طرد حماس، واحتوى على أكثر 545 تدوينة.
عكست الرموز التعبيريّة (الإيموجيّ) المستخدمة سلبيّة المحتوى، إذ تضمّنت رموزًا تعبّر عن السخرية والكراهية، مثل رموز الكلاب والخرفان، الّتي غالبًا ما تستخدمها الحسابات المصريّة في توجيه الشتائم أو مهاجمة المعارضين.
شكّلت التدوينات المنشورة على شكل إعادة تغريد (46.6 في المئة) والردود (38.5 في المئة) النسبة الأكبر من محتوى الوسوم، وهي نتيجة منطقيّة، خصوصًا مع ملاحظة أنّ نسبة كبيرة من تفاعلات حسابات باسم المايسترو وكتلته الافتراضيّة جاءت على هيئة ردود.
تحليل الخطاب وطبيعة المشاركات على الوسوم وفق تحليل أداة Meltwater
تحليل الخطاب وطبيعة المشاركات على الوسوم وفق تحليل أداة Meltwater
رغم أنّ خطاب الكراهية والمعلومات المضلّلة يخالفان سياسة منصّة “إكس”، إلّا أنّ المنشورات المروّجة في إطار الحملة موضوع التحليل ظلّت متاحة على المنصّة حتّى وقت نشر التقرير.