وقع صدام افتراضي بين حسابات جزائرية ومغربية، على خلفية ترويج معلومات مضللة، حول هوية جندي في صفوف الجيش الإسرائيلي، أعلنت كتائب “القسام” مقتله خلال كمين في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة.
وألقت الحرب في غزة بظلالها على التوترات السياسية بين المغرب والجزائر، ولجأت حسابات من البلدين إلى التصيد، وإطلاق حملات افتراضية عدائية.
كانت البداية بترويج حسابات مغربية صورة مضللة، تدعى أن الجندي الإسرائيلي المقتول من أصول جزائرية؛ مما دفع حسابات جزائرية إلى تنسيق حملة تهاجم المغرب، وتتهمها بالعمالة لإسرائيل، وتأتي هذه الحملة استمراراً لحالة التلاسن الإلكتروني بين هذه الحسابات.
في مطلع يونيو/ حزيران، نشرت كتائب “القسام” تفاصيل ما قالت إنه كمين نصبه مقاتلوها لقوة إسرائيلية، داخل نفقٍ في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، في 25 مايو/ الماضي، وأشارت إلى أنها أوقعت أفراد القوة ما بين أسير وقتيل وجريح.
واحتوى الفيديو صورة منسوبة لجثة أحد أفراد القوة الإسرائيلية المستهدفة، مصحوبة بتعليق يقول: “أنتم تعرفون هويته جيداً”، وبينما كان أنصار حركة “حماس” يحتفلون بإعلان تفاصيل الكمين، انتشرت صورة الجندي بسياقات مختلفة على شبكات التواصل الاجتماعي.
إحدى هذه السياقات زعمت أن الجندي الإسرائيلي القتيل – الذي لا يحمل ملامح غربية – من أصول جزائرية، في حين روجت حسابات أخرى إلى أنه من أصول مغربية.
في هذه الأثناء، ضخمت حسابات جزائرية وسم #المغرب_عميلة_اسرائيل، الذي حصد 1671 تدوينة، ولدت 4450 ألف حالة تفاعل منذ عودته للظهور في 29 مايو/ أيار الماضي، وفقا لإحصاءات Meltwater الرائدة في تحليل محتوى الشبكات الاجتماعية.
فترة نشاط وسم #المغرب_عميلة_اسرائيل – Meltwater
ورغم استئناف البلدان العلاقات الدبلوماسية بموجب اتفاق في ديسمبر/ كانون الأول 2020، عبر وساطة أميركية، قررت الجزائر قطع علاقاتها مع المغرب في أغسطس/ آب 2021، معلنة أنها تعرضت لـ”أعمال عدائية” من المملكة، لتشتعل بعدها حملات الهجوم الإلكترونية من الطرفين.
شارك في حملة التغريد عبر وسم #المغرب_عميلة_إسرائيل حسابات تضع علم الجزائر، وأخرى لأشخاص بعضهم يعملون في وسائل إعلام جزائرية، وأسهمت الحسابات في زيادة رواج “الهاشتاغ” مستندة إلى عدد متابعيها الكبير.
وبلغ إجمالي عدد الحسابات المشاركة في “الهاشتاغ” 1306، وبرز العديد منها في قائمة الأكثر تأثيراً في نشاط الوسم:
@AmineMellit, @mhimedbentayeb, @nasim_hbb, @halim12345684, @Nadji786, @fared212, @505sadda, @ReineDeSabaa8, @XiaMo62877551, @HUJzjRGdYsbwYG6, @DrZakaria31, @NsOuDjMst_27dz, @NsOuDjMst_27dz, @Rou7_Sabe7a, @brune_samia, @Shi97218920, @mariasonar6, @1Tlemceni, @shakmanalgeria.
ظهر الوسم للمرة الأولى في 4 أبريل/ نيسان الماضي، في تدوينة للإعلامي الجزائري أمين مليط AmineMellit@، عندما كان يعلق على خطاب المندوب الجزائري في مجلس الأمن الدولي بشأن الوضع في غزة، في تدوينته، هاجم مليط المغرب، واتهمها بالعمالة لإسرائيل.
عمل مليط في وسائل إعلام جزائرية، منها صحيفتي البلاد والشروق، ومنصة “نوميديا”، وينشط على وسم حملة اتهام المغرب بالعمالة لإسرائيل، واحتوت بعض تدويناته معلومات غير موثوقة؛ مثل زعمه أن المغرب أرسلت آلاف الجنود إلى غزة للقتال إلى جانب إسرائيل.
عاود وسم #المغرب_عميلة_إسرائيل الظهور، بعد أن نشرت حسابات مغربية صورة الجندي الإسرائيلي، الذي قٌتل في كمين جباليا، زاعمة أن الجندي من أصول جزائرية.
من بين هؤلاء؛ المؤثر الاجتماعي بدر مفتاحي، صانع برنامج “بودكاست بلا زواق”، الذي حصدت تدوينته المزعومة مئات التفاعلات، وشاهد محتواها أكثر من 537 ألف شخص، بحسب إحصاءات منصة “إكس”، ويستخدم مفتاحي صورة ولي العهد المغربي الأمير الحسن بن محمد السادس، صورة تعريفية لحسابه.
لاحقاً، تبيّن أن صورة الهوية المزعومة للجندي الإسرائيلي مركبة؛ إذ خضعت بطاقة هوية جزائرية لتعديلات باستخدام برامج تعديلات الصور؛ لجعل ملامح صاحبها تتشابه مع ملامح الجندي الإسرائيلي، وهو ما أكدته مواقع وصفحات عدة متخصصة في تدقيق المعلومات؛ مثل إيكاد.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ إذ استخدمت حسابات جزائرية الحيلة نفسها، ونشرت صورة متلاعب فيها، زاعمة أن الجندي الإسرائيلي مواطن مغربي، وهو ما أظهرت مبادرة “مسبار” عدم صحته أيضاً.
وتدعم مؤشرات عديدة، احتمالية وجود حملة منسقة لتضخيم الوسوم وزيادة تداولها؛ منها صدور أكثر من 1490 تدوينة من إجمالي التدوينات على الوسم، من حسابات غير معروف مكانها.
إلى جانب ارتفاع معدل إعادة نشر التدوينات (ريتويت/ريبوست) والردود، اللتين شكلتا معاً أكثر من 90% من إجمالي التفاعلات، شكلت التدوينات الأصلية (96 تدوينة فقط) في المقابل، نسبة 4.4% فقط، بحسب إحصاءات Meltwater.
أُنشئت حسابات غير معروف موقعها الجغرافي حديثاً؛ بين عامي 2022 و2024، ولا تحظى بمتابعة عدد كبير من الأشخاص، وتعرف نفسها بأنها “مؤثر اجتماعي”، وتضع أعلام الجزائر، كما أنها تنشط بشكل مركز في الحملات الدعائية للحكومة الجزائرية، ومهاجمة المغرب.
إلى جانب الحشد باتجاه الترويج أن المغرب تساند إسرائيل في حربها على غزة، استخدمت عدة حسابات وسم الحملة في نشر دعاية للفريق أول السعيد شنقريحة رئيس أركان الجيش الجزائري، كما نشرت خريطة قديمة مزعومة للأراضي الجزائرية إبان فترة الحكم العثماني، تُظهر امتداد السيطرة الجزائرية على مساحات شاسعة من المغرب حتى المحيط الأطلنطي، ونُشرت الخريطة على الوسم مقرونة بوسم آخر بعنوان #استرجاع_الأراضي.
تعد الحملة الحالية، أحد مظاهر ثنائية العداء التاريخي بين الجزائر والمغرب، وهي واحدة من حملات إلكترونية متواصلة، يجري خلالها تبادل الشتائم والسباب والقيام بتصيد الشخصيات البارزة في البلدين.
على سبيل المثال، سبق أن شاركت حسابات الحملة المعادية للمغرب، في ترويج وسوم جزائرية تنطوي على انتقادات للمغرب، ونشر دعاية إيجابية عن الجزائر، لا تألو جهدا في المقابل، لاقتناص أية فرصة لمهاجمة الجزائر.
وعادة ما تنشط الحسابات المغربية والجزائرية على هذه الوسوم الثابتة: #المغرب_أضحوكة_العالم، #الجزائر_أضحوكة_العالم، #المغرب_مملكة_الذل، #المغرب_مملكة_العز، #الجزائر_قلعة_شامخة، #نخب_التلوين.