ظهرت مجموعة من الوسوم على وسائل التواصل الاجتماعي بالتزامن مع نشاط جماعة الحوثي في اليمن (المدعومة من إيران)، التي بدأت بإطلاق صواريخ ومسيّرات تجاه إسرائيل ومهاجمة سفن إسرائيلية في البحر الأحمر إثر الحرب التي تشنّ على قطاع غزّة.
في 10 أكتوبر/ تشرين الأول، هدد زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، بإطلاق صواريخ ومسيّرات إذا تدخلت الولايات المتحدة في الحرب في غزة. لاحقًا، تبنت الجماعة مسؤولية العديد من الهجمات على إسرائيل. وفي 19 نوفمبر/ تشرين الثاني، استولت الجماعة على سفينة “غلاكسي ليدر”، التي يعتبر أحد ملاكها، رجل الأعمال الإسرائيلي ابراهام رامي أونغار.
حظيت أنشطة الحوثيين بالزخم تزامناً مع اشتداد الهجوم الإسرائيلي على غزة، ودشنت أنصار الجماعة هاشتاجات دعائية، منها #الحوثي_سيد_العرب. الذي حصد في الفترة من 12 إلى 4 ديسمبر/ كانون الأول، 312 ألف تدوينة، تمت مشاهدتها 35.5 مليون مرة، مع نطاق رؤية محتمل إضافي من جانب 22 مليونًا و514 ألف حساب. وبلغ إجمالي التفاعلات على الوسم مليون و121 ألف حالة تفاعل.
الأكثر نشاطاً وتأثيراً
من بين 60 ألف حساب مشارك في موجة التدوين عبر هاشتاج #الحوثي_سيد_العرب، أسهمت الحسابات ضخمة العدد من المتابعين في تضخيم وزيادة انتشار الوسم. من بين هذه الحسابات، هناك الكاتب اليمني أنيس منصور، الذي يتابعه 603 آلاف حساب. وعادة ما يعبر عن آراء مناهضة للإمارات والسعودية وينشط بشكل لافت في الحملات الإلكترونية، خاصة تلك الممتد نطاق تأثيرها في اليمن ومنطقة الخليج. أدت مشاركة أنيس منصور في الوسم إلى توليد 370 تدوينة على الهاشتاج من حسابات أخرى.
ذات الأمر حساب المحلل السياسي اليمني حميد رزق (429 ألف متابع – 300 تدوينة)، وحاتم الفقيه (حوالي 152 ألف متابع – 23,5 ألف تدوينة نشرها آخرون ردًا على منشوراه). عبّر الاثنان عن إعجابهم الشديد بشخصية عبدالملك الحوثي، فالأول تساءل “بحق السماء أي بشر أنت”، والثاني قال إنه “أرى فيك النبي، أرى عليًا. لا أحد في العالم يمتلك شجاعة وحنكة وقدرة السيد عبدالملك الحوثي”.
تعبئة عبر تلغرام وتويتر
شهدت قنوات تليغرام المرتبطة بجماعة الحوثي نشاطاً متزايداً، وحصلت على المزيد من المشتركين فيها منذ بدء الحرب على غزة. تُستخدم القنوات كمنصة للدعاية والحشد، وتحتوى تصريحات قادة الحوثيين ولقطات مصورة من أنشطة الجماعة.
على سبيل المثال، كان لدى قناة “الإعلام الحربي اليمني” 22,504 مشتركين مطلع أكتوبر/ تشرين الأول، ومع التطورات الجارية بات لديها 54,595 مشتركًا حتى 1 ديسمبر/ كانون الأول، بحسب Telemetr.
تهتم القناة بنشر الدعاية العسكرية والمواد المصورة للعمليات الحوثية، وتهيئة مجتمع المشتركين فيها بالتطورات والخطابات المزمعة لقادة الجماعة. وكان من بينها لقطات مصورة للحظة الاستيلاء على السفينة غلاكسي ليدر.
وعلى الرغم من أن قناة “الإعلام الشعبي اليمني” لم تشهد قفزة مماثلة إبان هذه الفترة في عدد المشتركين (23 ألف مشترك على الأقل)، إلا أنها لعبت دوراً بارزاً في الحشد والحملات الإلكترونية الحوثية، وتلك المهاجمة لبعض الأنظمة العربية. لوحظ أيضاً انتشار العديد من التدوينات المتسقة في المحتوى ما بين القناة وحسابات موالية للحوثيين في منصة إكس، بالتزامن مع وصول الهاشتاج إلى إحدى فترات ذروته في 14 نوفمبر/ تشرين الأول. وقفز الوسم إلى الترند مرتين أخريين يومي 19 و20 من نفس الشهر.
تكرر نشر تدوينات متطابقة النصوص والمحتوى على منصة إكس، إذ كانت هناك تعبئة مماثلة للتدوين على الوسم من جانب حسابات تحظى بمتابعة الآلاف على الأقل وعشرات الآلاف على أقصى تقدير.
كان في صدارة الحسابات، حاتم الفقيه الذي كتب: “هاشتاق 👈 #الحوثي_سيد_العرب يتصدر تراند عالمي لليوم الثالث على التوالي. والله إنه أقل واجب أن نقف إلى جانب هذا الشامخ الأشم”. وكرر نفس الرسالة من بعده حساب mat_904@، الذي يعرف نفسه بأنه مؤثر اجتماعي ويضع علم السعودية في حسابه.
وأيضًا المؤثر حسنين العلوشي HasneA11@، الذي يضع صورة إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وكتب: “نأمل المشاركة تحت هذا الهاشتاق من كل بلاد أنت فقط إنشر تحت هاشتاق”.
حسابات إيرانية ولبنانية وعراقية
تُظهر طبيعة التفاعلات على الوسم وجود محاولات للتلاعب بسياسات منصة إكس، مُترجمة في نشاط غير أصيل، لاسيما مع صدور 217 ألف تدوينة من حسابات غير معروف مكانها. كما أشارت التحليلات إلى أن 61.9% من إجمالي التدوينات كانت عبارة عن تدوينات مُعاد مشاركتها (ريتويت/ ريبوست)، أي 193 ألف تدوينة من إجمالي 312 ألف تدوينة على الهاشتاج. بينما كانت نسبة التغريدات الأصيلة 8.1% فقط.
لوحظت علامة الريتويت حسابات عراقية على سبيل المثال، وهي ممارسة شائعة لدى المجموعات المرتبطة إيرانية، وتشير إلى أن نشاط هذا الحساب مركز حول ما قد نسميه “ماكينة ريتويت” من أجل تضخيم الوسوم.
إلى جانب الحسابات اليمنية، برزت حسابات مؤيدة للمجموعات الإقليمية الموالية لإيران. بعضها يضع شعارات وأعلام إيران ولبنان والعراق، وصور شخصيات، مثل صورتي قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني، ونائب قائد الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، اللذان قتُلا في ضربة أمريكية في بغداد مطلع عام 2020. عرفت بعض الحسابات، كما حساب الأحداث الإيرانية الناطق بالعربية من طهران ويدير قناة بنفس الاسم على تلغرام، بأنها “مؤثر اجتماعي”.
ترتيب الدول التي صدر منها أكبر عدد من التدوينات كان بالشكل التالي: اليمن، المملكة العربية السعودية، العراق، الولايات المتحدة، مصر، لبنان، سلطنة عُمان، إيران، بينما كانت أقلها فلسطين، حسبما تُظهر بيانات Meltwater.
هاشتاج مضاد
مع القفزة الثانية لوسم #الحوثي_سيد_العرب في 20 نوفمبر/ تشرين الثاني، نشط الوسم المضاد #الحوثي_حليف_الصهاينة، للتشكيك في الأنشطة العسكرية الحوثية في البحر الأحمر ووصف ما تفعله بأنه “مسرحية هزيلة” تخدم إسرائيل، حسب محتوى الوسم.
جمع الوسم المضاد 61 ألف و861 تدوينة حتى 4 ديسمبر/ كانون الأول، شُوهدت 15 مليون و861 ألف مرة، مع احتمال بأن تحظى بـ12 مليون و204 آلاف مشاهدة إضافية.
شارك أكثر من 25 ألف حساب في موجة التدوين على الوسم المضاد. ولعب 30 حسابًا على الأقل دورًا في زيادة انتشار ورواج الهاشتاج، كما يتضح من محتوى بعض الحسابات المشاركة أنها من مؤيدي الرئيس السابق علي عبدالله صالح، منهم عبدالله الحميقاني عضو مشاورات الرياض بين الحكومة والحوثيين. فضلا عن مسؤولين في الحكومة اليمنية المستقرة في عدن حاليًا، بعد طردها من صنعاء من الحوثيين، مثل مستشاري وزير الإعلام اليمني، أحمد المسيبلي، وفهد طالب الشرفي.
انتشرت أيضاً تدوينات لحسابات سعودية، بعضها يضع وسم #أتباع_بن_سلمان المنسق الذي كان رائجًا في الآونة الأخيرة على هامش الجدل تجاه موسم الرياض والتطورات في غزة. وتداخلت الحسابات مع ما يكتبه قيادات الحوثيين، عن طريق التعليق مصحوبًا بوسم #الحوثي_حليف_الصهاينة.