مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

“حادث مدينتي” في مصر…حسابات وهمية تنشط للدفاع عن الضابط المُتهم بدهس أسرة من 5 أفراد

“حادث مدينتي” في مصر…حسابات وهمية تنشط للدفاع عن الضابط المُتهم بدهس أسرة من 5 أفراد

كشف مجتمع التحقيق العربيّ، عبر تحليل لشبكات التواصل الاجتماعيّ، عن مجموعة من الحسابات الوهميّة، التي تدافع عن الضابط المصري، الذي وثّق تسجيل فيديو دهسه لأسرة مصرية بسيارته عند مدخل مجمّع “مدينتي” السكنيّ.

أشعلت حادثة دهس أسرة مصرية مكونة من 5 أفراد – الأم والأب وثلاث أبناء – في كومباوند “مدينتي” شمال شرقي العاصمة القاهرة، غضباً واسعاً في أوساط المصريين، بعدما قام المتهم وهو ضابط طبيب في سلاح الخدمات الطبية بالقوات المسلحة المصرية باستخدام سيارته في دهس الأم، وهي دكتورة صيدلانية بعد إصابتها بنزيف، وإصابة زوجها وأبنائها الثلاثة.

أثارت بشاعة حادثة القتل في “مدينتي” الرأي العام في مصر خاصة وأن مرتكب الواقعة هو نقيب دكتور في القوات المسلحة ما أثار بعداً سياسياً للقضية. طالب مصريون على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة بتحقيقات شفافة لا يتدخل بها نفوذ القوات المسلحة، خاصة مع وجود حوادث مشابهة قبل ذلك، انتهت بمصير مجهول للجناة لأنهم فقط ينتمون للمؤسسة العسكرية

عمد أمن المجمّع إلى التواصل مع المقيمين فيه، لحذف كافة المنشورات التي تتعلق بالحادثة، ومضت 24 ساعة من التعتيم الأمني، قبل أن يُنشر أول فيديو يوثق حادثة الدهس، ليكون الدليل الوحيد على “الجريمة”. سارعت بعدها الصفحة الرسميّة للمتحدث العسكري للقوات المسلحة على فيسبوك، للإعلان تحرير محضر “جنايات عسكريّة” في قسم شرطة التجمّع، واتهم الضابط بـ”القتل العمد والشروع فيه”، وتم حبسه احتياطياً على ذمة التحقيق، ليحال إلى المحكمة العسكرية للجنايات لاحقاً.

امتد النقاش عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة وتصاعدت رسالة إعلامية من كتائب الدفاع الإلكتروني عن النظام المصري مفادها أن الشرطة العسكرية تدخلت سريعا للقبض علي المتهم، وأنه لا يوجد أحد في مصر الآن فوق القانون،وأن مؤسسات الدولة لا تحابي لأي جهة. فهل كان هذا التفاعل حقيقي؟

 

تركز النقاش حول القضية على تويتر عبر وسم #حادث_مدينتي، ما يسهل عملية جمع وتحليل تلك التغريدات، باستخدام أداة Netlytic والتي تتيح للباحثين سحب البيانات عبر تويتر، قمنا بسحب عينة تقدر ب ١٠ الاف تفاعل حدث على الوسم خلال الأيام الماضية. أظهرت الشبكة وجود ٤٠٢٨ حساب حدث بينهم ٦٩٢٤ تفاعل كما تظهر الصورة التالية.

تفاعلت الحسابات على ٣ مستويات، الأول، هو قلب الشبكة ويمثل الحسابات الحاصلة على تفاعلات عالية وتشير مراجعة تلك الحسابات إلى تصدر حسابات حصلت على تفاعل حقيقي، يرتكز بشكل رئيسي على مهاجمة النظام السياسي. 

المستوى الثاني هو حسابات متشابكة معاً، بصورة مركزة لكنها بعيدة عن قلب الشبكة، أما المستوى الثالث فيحوي حسابات متفرقة في الدائرة الخارجية للشبكة تفاعلها قليل وغير متداخل مع باقي عناصر الشبكة.

أظهر تحليلنا لشبكة الحسابات المركزة البعيدة عن قلب الشبكة وجود نحو 188 حساب أنشئت معظمها حديثا، وتدار لتضخيم الرسالة الإعلامية المتسقة مع النظام، التي تشير إلى عدم وجود أحد فوق القانون، وأن الدولة لا تحابي أحدا.

شبكة الكتائب الإلكترونية الحديثة

أظهرت الشبكة وجود حسابات متقاربة للغاية تقوم بالتفاعل المشترك بينها دون التداخل مع النقاش الموجود في بقية الشبكة. يرجح هذا النمط وجود سلوك مشترك لتلك الشبكة، ما يرجح إدارتهم من قبل المجموعة ذاتها أو الأشخاص أنفسهم. من أجل فحص الشبكة بصورة مستقلة يجب فصل تلك الشبكة عن بقية المتفاعلين ثم تحليلها.

يشير التحليل إلى وجود حملة موجهة داعمة للرواية الإعلامية للدولة التي تختصر بـ”عدم وجود أحد فوق القانون”، تتبنى هذه الحملة شبكة حسابات أنشئت في تواريخ سابقة، ما يعني استخدامها في نشاطات أخرى، وإمكانيّة استدعائها وقت النقاشات المحتدمة على “تويتر”.

تشير شبكة الكتائب الإلكترونية الحديثة إلى شكل الشبكة التي تشكلت حديثاً من الحسابات المروجة لرواية إعلام الدولة. تتكون الشبكة من حسابات “تويتر” على هيئة دوائر، ويعكس حجم الدائرة مقدار التفاعل الذي حصلت عليه فيزيد حجم الدائرة في حالة الحصول على تفاعل أعلى. تشير الخطوط بين الدوائر إلى العلاقة التي تجمعها، تعليق أو إعادة تغريد. لا يظهر في الشبكة وجود دائرة مركزية أو حساب مركزي يتم التفاعل معه وإعادة التغريد منه. بل على العكس حصلت معظم الحسابات على أحجام متقاربة أي أن التفاعل بينها متجانس من حيث التغريد وإعادة التغريد. يدفعنا ذلك إلى التشكيك في الشبكة ومراجعة تواريخ إنشائها وطبيعة تفاعلها.

تواريخ إنشاء متقاربة

تحتوي الشبكة على 188 حساباً حدث بينها 2107 تفاعلات. تمثل تلك الشبكة نسبة نحو 5 في المئة فقط من إجمالي الحسابات المتفاعلة في العينة وهم 4028 حساباً، كما قامت تلك الحسابات فقط بإنتاج نحو 30 في المئة من إجمالي تفاعلات الشبكة البالغة 6924.

يشير تاريخ انشاء الحسابات إلى أن 117 من الـ188 حساباً أنشئ يومي 26 و27 نيسان/ أبريل بفارق توقيت متقارب بين حساب وآخر.

   

 

يظهر فحص تلك الحسابات حصولها على بعض الصفات المتشابهة، حيث تقوم بكتابة تغريدة عن يقينها في عدالة النظام المصري وعدم وجود أحد فوق القانون. ثم تقوم بإعادة التغريد من نفس أعضاء الشبكة الذين قاموا بكتابة تغريدات مشابهة.

علي سبيل المثال الحساب التالي sodohe1700 يدعى ابتسام عامر، قام بكتابة تغريدتين عن الحادثة،حصلت إحدى التغريدات على ٧ إعادة تغريد، في حال مراجعة تلك الحسابات سنجد أنهم جميعا جزء من الشبكة وقاموا بإعادة تغريد من ابتسام وكتبوا كذلك تغريدة من حسابهم متعلقة بالأمر.

 

قامت مجموعة من الحسابات داخل الشبكة بإعادة تغريد لما كتبته (ابتسام عامر) كما نرى في الصورة التالية:

 

تكرر السيناريو ذاته مع بقية حسابات الشبكة على سبيل المثال حساب د/محمود عطية elsultan30 والذي قام بسرقة صورة طبيب أسنان آخر يدعى د/حاتم البيطار ووضعها صورة شخصية.قام محمود بـ26 إعادة تغريد لحسابات أخرى داخل الشبكة وكتب تغريدتين تضمنتا الرسائل الإعلامية ذاتها.

 

تشير مجموعة الصور التالية إلى معدل مشاركة كل حساب من اللجان الالكترونية في إعادة التغريد أو التغريد على الوسم. تشير الأرقام إلى قيام بعض الحسابات بتفاعلات وهمية تصل إلى ٦٠ تفاعل بين تغريد وإعادة تغريد لنفس الرسائل الإعلامية.

   

 

يشير التحليل السابق إلى وجود حملة موجهة داعمة للرواية الإعلامية للدولة التي تختصر بـ”عدم وجود أحد فوق القانون”، تتبنى هذه الحملة شبكة حسابات أنشئت في تواريخ سابقة، ما يعني استخدامها في نشاطات أخرى، وإمكانيّة استدعائها وقت النقاشات المحتدمة على “تويتر”.