تزامناً مع زيارة وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، إلى العراق مطلع آذار/ مارس، قبيل حلول الذكرى العشرين لغزو العراق، نشطت تكتلات إلكترونية مرتبطة بالتيار الصدري، الذي يقوده رجل الدين الشيعي البارز مقتدى الصدر، لاستغلال الزيارة في إطلاق حملة افتراضية بدأت في7 آذار لمهاجمة الحكومة المدعومة من أحزاب الإطار التنسيقي.
في تحليلنا، ننظر عن قرب في وسم #عمالتكم_من_بريمر_لرومانسكي، الذي جمع أكثر من 56 ألف تغريدة، منها 4899 تغريدة أصيلة، و51114 تغريدة في صورة “ريتويت”، إضافة إلى 46907 حالات إعجاب (لايك)، وذلك في غضون الفترة من 1 إلى 28 آذار.
رسم توضيحي لمشهد التفاعلات في هاشتاغ #عمالتكم_من_بريمر_لرومانسكي – أداة InVID
يكشف الرسم التوضيحي السابق، كيف ارتفع مؤشر الريتويت (المنحنى الأزرق) بشكل بارز وتصاعدي عن مؤشر التغريدات الأصيلة ذات اللون البرتقالي. تعكس هذه القفزة شبه العمودية المفاجئة لمنحنى الريتويت، نشاطاً غير عفوي أو أصيل، حدث في توقيت زمني محدد، ثم ما لبث أن سقط عمودياً أيضاً.
اعتمدت الحملة على 1179 حساباً، منها حسابات وهمية وأخرى مملوكة لأشخاص حقيقيين وتحمل علامة التوثيق المدفوعة.
من بين هذه الحسابات، 20 حساباً كانت الأكثر نشاطاً وتغريداً، أقلها نشر 19 تغريدة وأقصاها بثّ ما لا يقل عن 47 تغريدة.
الحسابات الأكثر تغريداً في هاشتاغ #عمالتكم_من_بريمر_لرومانسكي مع عدد التغريدات الصادرة عنها – أداة InVID
تضع الحسابات مكان الصورة التعريفية صوراً لزعيم التيار الصدري ووالده محمد صادق الصدر والمرجع الشيعي العراقي علي السيستاني. تشغل الحسابات الوهمية هامشاً كبيراً من أنشطة التكتلات الإلكترونية المرتبطة بالتيار الصدري. وخلال هذه الحملة، ساهمت حسابات وهمية كثيرة في إذكاء زخم التفاعلات عبر الهاشتاغ.
أنشئت حسابات كثيرة في صيف عام 2022، وتحديداً خلال حزيران/ يونيو وتموز/ يوليو وآب/ أغسطس، الفترة التي وصل فيها الخلاف السياسي بين التيار والفصائل العراقية المدعومة من إيران، إلى الذروة.
حملت بعض الحسابات الاسم نفسه لا يميزها سوى رقم تسلسلي في نهاية الاسم أو الهاندل. على سبيل المثال، لاحظنا وجود 10 حسابات على الأقل مكرّرة أسماؤها على نسق حساب العشق الأبدي (alshqalabdy7@) نفسه، الذي بث 27 تغريدة في هاشتاغ #عمالتكم_من_بريمر_لرومانسكي. كان الاختلاف الوحيد بين الحسابات رقماً تسلسلياً فقط.
كان حساب AlywmAlmw@ في صدارة الحسابات النشطة برصيد 47 تغريدة. الحساب المُنشأ في تموز، يتابعه أكثر من 4200 حساب، 95.2 في المئة منهم غير معروفة هويتهم الجنسية، سواء ذكور أم إناث، حسب تقييم أداة Follower Wonk.
قد يعتبر ارتفاع هذه النسبة مؤشراً يرجح أن يكون الحساب وهمياً. إلى جانب تركز تفاعلات الحساب على القيام بالريتويت فقط من دون القيام بتعليقات أو التغريد بعبارات تشير الى أن شخصاً حقيقياً يملكه.
شاركت حسابات بارزة لأنصار التيار الصدري تحمل علامة التوثيق الزرقاء المدفوعة عن طريق خدمة “تويتر الأزرق” أو “تويتر بلو”.
يشار إلى أن “تويتر” يمنح الحسابات حاملة العلامات الزرقاء المدفوعة، فرصاً أكبر للظهور والانتشار والحصول على تفاعلات أكثر مقارنة بالحسابات العادية. وهو ما يمكن ملاحظته في التفاعلات مع تغريدات الحسابات العراقية المشاركة في الحملة.
اعتمدت الحملة على جهد منسّق عابر من قنوات تطبيق “تلغرام” إلى موقع “تويتر”، مُحققة معدلات تفاعل مرتفعة مقارنة بالأوقات الطبيعية للتغريد. بدأت 3 قنوات على الأقل، يديرها أنصار التيار الصدري وتضم آلاف المشتركين، في الترويج للهاشتاه الذي حصد 60 ألف تغريدة حسب إحصاءات “تويتر” الظاهرة في لقطة الشاشة بالأسفل.
في منشور “تلغرام” الظاهر في الصورة، يحاول ناشره حشد مشتركي القناة أن للمشاركة في حركة التغريد باستخدام الوسم الرائج، قائلا: “نريده للصبح ربع مليون بيكم”، أي يصل إلى هذا الرقم بحلول وقت الصباح.
كانت هناك تغريدات مركزة حول مهاجمة أحزاب الإطار التنسيقي والحديث عن بيعها “الوطن للمحتل الأميركي”، بالاستناد إلى صور بعضها قديم، إضافة إلى استدعاء علاقة الإطار بإيران أيضاً.كما لوُحظ وجود تغريدات نصية مكررة لدى حسابات عدة مشاركة في الحملة، وسط ارتفاع لافت للتفاعلات والريتويت.
استعانت الحملة بمعلومات مضللة لدعم خطابها وزيادة رواج الهاشتاغ، إذ كان لافتاً نشر لقطات مصورة مصحوبة بروايات غير حقيقية مقتطعة من سياقها. تم تناقل صورة تجمع رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، ووزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، مع مزاعم تقول إن الفياض كان في استقبال أوستن في زيارته الأخيرة إلى العراق.
ما حدث هو أنه رغم صحة الصورة، إلا أنها قديمة وتعود إلى تشرين الأول/ أكتوبر 2014. آنذاك، كان الفياض في منصب مستشار الأمن القومي، أما أوستن فكان وقتها رئيساً للمنطقة الوسطى الأميركية. آنذاك، نشرت السفارة الأميركية صورة الفياض وأوستن ضمن منشور في حساباتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قائلة إن أوستن “مع رئيس الوزراء حيدر العبادي ومستشار الأمن القومي الدكتور فالح الفياض”. وضع “فيسبوك” تنويهاً مرفقاً مع أكثر هذه اللقطات رواجاً، يقول إنها تفتقد إلى السياق، في حين لم يفعل “تويتر” أو “تيك توك” الشيء نفسه.