مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

“بلطجية باسم القانون”: الإخوان في مصر يخطفون هاشتاغ ينتقد المحامين

“بلطجية باسم القانون”: الإخوان في مصر يخطفون هاشتاغ ينتقد المحامين

“بلطجية باسم القانون”: الإخوان في مصر يخطفون هاشتاغ ينتقد المحامين

من خلال مؤشرات سلوكها، اتضح أن الحسابات المزيفة على “تويتر” تعود الى أشخاص أو تقع ضمن شبكات تدعم خطاب الإخوان المنتقد للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وحكومته.

النطاق مصر
تاريخ الظهور (بداية انطلاق) انطلاق: كانون الأول/ديسمبر 2022 
تصنيف سياسي


رفضت نقابات مهنية في مصر ، قراراً حكومياً يلزم أصحاب المهن الحرة بتسجيل بياناتهم على منظومة الفاتورة الإلكترونية المرتبطة بمصلحة الضرائب. وتزامناً مع إثارة نقابة المحامين الجدل حول المنظومة عبر تنظيم وقفات احتجاجية ضدها، ظهر هاشتاغ يتهم المحامين بـ”البلطجة باسم القانون”، قبل أن يحاول موالون لجماعة الإخوان المسلمين “ركوب” الوسم الذي تصدر الترند لأيام ممتدة. 

اعتمد القائمون على إطلاق الهاشتاغ، على شبكة من حسابات آلية وأخرى وهمية عبر “تويتر”، لمهاجمة المحامين والوصول برسالتهم إلى قائمة الموضوعات الأكثر تداولا على مستوى مصر في مطلع كانون الأول/ ديسمبر. لاحقاً، ومن خلال مؤشرات سلوكها، اتضح أن الحسابات المزيفة على “تويتر” تعود الى أشخاص أو تقع ضمن شبكات تدعم خطاب الإخوان المنتقد للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وحكومته.

ماذا حدث؟


بدأت مصر تطبيق منظومة الفاتورة الإلكترونية منذ ثلاث سنوات، وانتهت المرحلة الثامنة والأخيرة منها بتسجيل بيانات ممولي الضرائب قبل منتصف كانون الأول 2022.  تقول الحكومة إن هدف المنظومة حوكمة التعاملات، سواء بيع سلعة أو تقديم خدمة، من خلال تحويل الفواتير والإيصالات الورقية إلى صورة رقمية، مع ضمان تقدير دقيق للضرائب المفروضة على الممولين. بينما يرفض المحامون التسجيل في المنظومة، لأن المحاماة مهنة حرة لا يتعلّق نشاطها بتداول السلع أو الإتجار فيها، ولأن أعمالها قانونية وذهنية.

نالت احتجاجات المحامين مزيداً من الاهتمام، مع تنظيمهم وقفات أمام مقار النقابة في القاهرة والمحافظات، ووصفها معلقون ووسائل إعلام بـ”الفئوية الحاشدة” و”النادرة” في عهد الرئيس الحالي، على رغم وجود احتجاجات عمالية محدودة بعيدة من الضوء.

تُرجم هذا الاهتمام بتعليقات مقرونة بصور للوقفة الاحتجاجية أمام مقر  النقابة الرئيس في القاهرة. في المقابل، ظهر وسم #بلطجه_باسم_القانون مصحوباً بتغريدات ذات ردود فعل سلبية ضد المحامين. حصد الوسم 1333 تغريدة و1504 ريتويت و1780 حالة إعجاب أو لايك. 


متصيّدون وحسابات وهميّة


ساهمت مئات الحسابات الآلية والزائفة في تنشيط الهاشتاغ إلى حد كبير، بعضها أنشئ في الأعوام الأخيرة، وبعضها الآخر خلال العامين الماضين، وأخرى أُنشئت في اليوم نفسه، وكان نطاق الفاصل الزمني بين ميلادها دقائق معدودة فقط، أقربها دقيقتان، وهو ما رصدناه في حالات كثيرة.

على سبيل المثال، كان الفارق الزمني بين إنشاء حسابي symmd11257229@  و alhyahrfyq255@ دقيقتين، فالأول أنشىء في 13 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي في الساعة 10:17، والثاني في اليوم نفسه في الساعة 10:19، و4 دقائق بين حسابي usershrouk@ وusermaii@، ظهر الأول في الساعة 7:24 من مساء 17 تموز/ يوليو 2022، والثاني في الساعة 7:29 مساءً. 

نشطت تلك الحسابات في هاشتاغ #بلطجة_باسم_القانون، وشاركت في عدد من الوسوم التي ظهرت في قائمة الموضوعات الأكثر تداولاً خلال الأشهر الماضية، مثل: #مش_هنزل_11نوفمبر، الذي ظهر رداً على نشاط قوي ومنسّق للحسابات القريبة من جماعة الإخوان للدعوة إلى التظاهر في ذلك اليوم، بالتزامن مع انعقاد قمة المناخ في مصر.

كما استُخدم الحسابان الأخيران ضمن شبكة واسعة من الحسابات الزائفة في مهاجمة منتقدي الحكومة، منهم الفنان خالد أبو النجا. وفي أيلول /سبتمبر، دُشِّن هاشتاغ #ابوالنجا_يدعم_الشذوذ، وكانت هناك مساهمة منسّقة للحسابين فيه. 


وكان حسابا Alysabe59440669@ وbrhymls64796971@ المنشآن خلال فارق زمني يبلغ 18 دقيقة فقط في 19 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، من بين الحسابات التي نشرت قرابة 200 تغريدة عبر هاشتاغ #بلطجة_باسم_القانون، وهو معدل مرتفع للغاية مقارنة بمعدل حسابات يملكها أشخاص طبيعيون.

وإلى جانب مشاركة eldarddery@ بكثافة عبر الهاشتاغ، شارك سابقاً في نشاطات منسّقة للتصيد ومهاجمة المنظمات الحقوقية الدولية والناشطين.

في كانون الأول من عام 2021، ظهر الحساب مع حسابات أخرى لمهاجمة منظمتي “هيومان رايتس ووتش” والعفو الدولية، بسبب تغريدهما عن أوضاع ناشطين ومحامين ومدوّنين سجناء، منهم محمد الباقر ومحمد “أكسجين” وعلاء عبد الفتاح. 

اتّهم الحساب الذي يضع صورة “زكريا الدريري”، وهي شخصية كوميدية ظهرت في الفيلم المصري المشهور “الناظر”، المنظمتين بـ”التضليل” و”تغيير الحقائق”، بعد مطالبتهما بإطلاق سراح هؤلاء السجناء.

 


كما سبق وكان “الدريري” يتصيد وسائل الإعلام والصحافيين والمحامين، وعلّق في إحدى المرات على محادثة بين الصحافي البارز أيمن الصياد والحقوقي نجاد البرعي، عضو لجنة الحوار الوطني، واتهم الأخير بأنه “رايح جاي مع أي مصلحة”، وهي جملة كتبها تعليقاً على تغريدات مختلفة للبرعي.


ولاحظنا أن حساب بسنت البسبوسة albsbwsh@ كان أحد الحسابات المؤثرة في حملة التغريد عبر الهاشتاغ المناهض للمحامين، وأشارت إليه حسابات مشاركة عبر التعليقات و”المنشن”.

رسم توضيحي لأبرز الحسابات المؤثرة في هاشتاغ #بلطجة_باسم_القانون – أداة Gephi


ولتنشيط الهاشتاغ، طلب الحساب الدعم من باسم المصري، أحد أبرز مهندسي الحملات الإلكترونية الداعمة للرئيس المصري والمهاجِمة لمنتقديه في السنوات الأخيرة. وعلى رغم حصول التغريدة على تفاعل كبير، إلا أنه كان لافتا أن “المصري” لم يبد إعجابه أو يضغط “لايك” على التغريدة، وفق ما يبدو من التفاعلات.

بسنت وباسم ليسا صديقين على “تويتر” أيضًا، لكنها تتابعه، كما شاركت في بعض الهاشتاغات التي يطلقها. عادة، لا ينشط باسم، الذي أوردنا قصته بشكل تفصيلي في تحليلات سابقة لنا، بكثافة على الهاشتاغ الذي أصبح لاحقاً ترند في مصر، فقط كمن يطلق الصافرة. 

السبب في عدم تفاعل باسم مع بسنت مجهول، على رغم أنه يتفاعل مع حسابات “الدولجية” ومؤيدي الرئيس عبدالفتاح السيسي. كما أنه ليس واضحاً ما إذا كان هناك تنسيق خفي بينهما.

 

تتابع بسنت شبكة حسابات مشاركة في عمليات التصيد، مثل حساب “رباب مصطفى”، الذي أنشئ في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ويضع صورة أرشيفية من الإنترنت، وهو هاجم، مع حسابات أخرى، الصحافية المصرية بسمة مصطفى، الموجودة حالياً في ألمانيا، بعد كتابتها عن تجربة الحمل والسجن المريرة في مصر.


يتابع بسنت عبر “تويتر” أكثر من 8 آلاف شخص مقابل 160 تغريدة فقط في الحساب المنشأ في كانون الأول 2021، وهو أمر غير شائع في العادة.

لاحظنا أن غالبية التغريدات تتضمن هاشتاغ مهاجمة المحامين، مع تغريدات ذات محتوى خفيف. وبعد التدقيق، وجدنا ثلاث تغريدات في حساب بسنت، الأولى والثانية عبارة عن ريتويت لتغريدتين تتضمنان محتوى جنسي، نشرهما حسابان يتركز نشاطهما على نوع كهذا من المحتوى. فيما كانت التغريدة الثالثة “ريتويت” لتغريدة نشرها حساب الصندوق السيادي السعودي.


أثار ذلك مزيداً من الشكوك حول هدف الحساب قبل انغماسه في دعم حملات مؤيدة لسياسات الحكومة.

يشير رصيدنا إلى أن آخر ما نشره الحساب من تغريدات ذات محتوى جنسي كان في منتصف تشرين الثاني الماضي، وفقاً لحركة التفاعلات مع الحساب آنذاك. 

وعند النقر لمطالعة تلك التغريدات، وجدنا أنها محذوفة، وهو ما يؤشر الى أن الحساب كان نشطاً بقوة في نشر المحتوى الجنسي ويحظى بتفاعل لافت قبل أقل من شهر على مشاركته الفاعلة في الهاشتاغ المهاجم للمحامين.


ويمكننا القول إنه حساب مزيف، اهتمامه الأول كان المحتوى الجنسي، واتجه لاحقاً نحو السياسة من دون معرفة وجهته التالية بعد. 



موجة ثانية من الهاشتاغات


ظل الهاشتاغ موجوداً في قائمة الترند المحلي لمدة أيام، وحقق فترتي ذروة ونشاطاً لافتاً. ووفق الرسم التوضيحي المنشور في مطلع التحليل، حدث ذلك بين يومي 11  إلى 14 كانون الأول.

يظهر محتوى الحسابات الأرشيفي، أن فترة الذروة الثانية كانت لمصلحة جماعة الإخوان المسلمين، تزامناً مع حسابات مزيفة اعتادت انتقاد النظام المصري والمشاركة بفاعلية في حملات إلكترونية وهاشتاغات تنتقد السيسي.

ظهر بعض هذه الهاشتاغات بشكل يومي في قائمة الترند خلال الأشهر الماضية، منها: “#عزل_السيسي، #ارحل_يا_سيسي، #احشد_ليوم_١١_نوفمبر #انزل١١_١١_حرر_بلدك، #ارحل_عدو_الله، #بعد_الماتش،  #عبدالله_الشريف_احشد_للثوره”.  

ونافست هذه الحسابات الحسابات الأولى المؤيدة للرئيس المصري وسياسات حكومته، من حيث صدارة التأثير عبر هاشتاغ #بلطجة_باسم_القانون. 

 



وكانت ضمن الحسابات الأكثر تأثيراً وتفاعلاً عبر الهاشتاغ: “KHra3a@، وmsr3y1@، ThawretShaaab@، xxxxxxxxhussain@”.


إضافة الى هاشتاغ #بلطجة_باسم_القانون، احتوت بعض تغريدات الحسابات المؤيدة للإخوان على هاشتاغات أخرى، مثل #فريق_مجاهدون، وهو تكتل افتراضي لتنشيط الهاشتاغات ذات التوجهات الإسلامية. سبق أن تطرقنا الى نشاطه في تحليلات سابقة، منها تحليل حملة “بدنا نعيش” في قطاع غزة.


محتوى متكرر وخطابات مختلفة


كان استخدام المحتوى المكرّر في تنشيط الهاشتاغ، سائداً لدى المجموعة الأولى من الحسابات، قبل أن تحاول حسابات المجموعة الثانية ركوبه واستغلال ظهوره في قائمة الترند.


تكرّر المحتوى، بما في ذلك الأخطاء الإملائية، مع ما يحمل من عبارات تحمل في طياتها تنمّراً على المحامين، مثل: “محتالون، فاسدون، نصابون، بلطجية”، وتهكّماً على صور المشاركين في الوقفات الاحتجاجية. 

وفيما اختلف خطاب تغريدات المجموعة الأولى بتركيزه على توجيه الشتائم إلى المحامين خلال استخدام الهاشتاغ، كان تركيز حسابات المجموعة الثانية منصباً على إلقاء الضوء على الأزمات التي تمر بها مصر، وربط ذلك بالسيسي. مع الدعوة إلى الاحتجاج أو توجيه اللوم.

 
خلاصة:


اعتمدت المجموعة الأولى على حسابات وهمية ومزيّفة في ترويج الهاشتاغ وتضخيمه.

كانت حسابات المجموعتين جزءاً من حملات إلكترونية مؤيدة ومعارضة للسيسي.

حسابات ذات محتوى جنسي غيرت نشاطها إلى السياسة، مثل “بسنت البسبوسة”.

بعض الحسابات شاركت في التصيد ومهاجمة وسائل إعلام وصحافيين وناشطين ومجموعات حقوقية.

الأدوات المستخدمة:

InVID Verification Plugin

Twitter Search

Tweetdeck

Whotwi

Gephi

Twitter

Hoaxy