وجهت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر، مطلع شهر تشرين الثاني/نوفمبر انتقادات لاذعة إلى قطر، بسبب ملفها في حقوق الإنسان على خلفية التقارير حول سوء أوضاع العمال الأجانب خلال التحضير لبطولة كأس العالم، بالإضافة الى تشدد الدوحة في ملف المثلية الجنسية، والحديث عن اعتقالات سياسية تكررت في الإمارة.
تصريحات فيزر، المسؤولة عن قطاع الرياضة في ألمانيا أيضاً، أثارت تعليقات مغردين عرب، فيما كان هاشتاج #انا_عربي_وادعم_قطر ساحة تجمع لمؤيدي قوى إسلامية مقربة من الدوحة.
العديد من ردود الفعل بدت تلقائية، بينما كانت هناك تغريدات من حسابات عربية مشاركة في العديد من الحملات على مستوى المنطقة العربية، مثل الحشد لتظاهرات تشرين ثاني/ نوفمبر في مصر، ودعم الوحدة في اليمن واستقلالية إقليم حضرموت.
سيطرت إعادة مشاركة التغريدات (الريتويت) على حركة التفاعلات عبر الهاشتاغ بنسبة تقدر بنحو 70% على الأقل من إجمالي أكثر من 54 ألف تغريدة، وهو ما قد يكون مؤشراً على نشاط غير أصيل.
في Arabi Facts Hub، حاولنا تحليل طبيعة تفاعلات الهاشتاغ ومعرفة أبرز المشاركين الذين عطّل تويتر نشاط بعض حساباتهم تزامناً مع عملنا على التحليل.
الأكيد أنه، وعلى الرغم من أن بعض التغريدات المنشورة على الهاشتاغ كانت تلقائية من أشخاص حقيقيين، إلا أن ذلك لم يمنع وجود نشاط منسق آخر ارتبطت نسبة كبيرة منه بتيار الإصلاح. كما كانت هناك حسابات مصرية تغرد على الهاشتاغ القطري من نفس الحسابات توجه انتقادات للرئيس المصري.
في مقابلة تليفزيونية قبيل زيارتها إلى قطر، انتقدت وزيرة الداخلية الألمانية تنظيم الدوحة مونديال 2022، قائلة إن منح شرف استضافة البطولة ينبغي أن يرتبط بالالتزام بمعايير، منها حقوق الإنسان، وأنه “سيكون من الأفضل عدم منح حق استضافة البطولات لمثل هذه الدول”.
مع الرد الرسمي باستدعاء قطر للسفير الألماني وتسليمه مذكرة احتجاج، كانت هناك حملة #انا_عربي_وادعم_قطر أطلقها المصور القطري عبدالعزيز بن عمر في 28 تشرين الأول/أكتوبر، داعيًا المغردين العرب للمشاركة في التغريد عبر وسم الحملة.
عبدالعزيز، الذي يتابعه أكثر من 100 ألف حساب، يتركز اهتمامه على التغريد عن الأحداث الرياضية، لكن هذا لم يمنعه من التعليق والمشاركة في حملات إلكترونية سابقة، لا سيما إبان الأزمة الخليجية وانقلاب 2016 الفاشل في تركيا.
خلال الفترة من 28 أكتوبر إلى 3 نوفمبر، ولّدت الحركة على الهاشتاج 15125 تغريدة و39944 ريتويت و159631 حالة إعجاب أو لايك. شارك في الحملة 2039 حسابًا على الأقل، منها 2008 حسابات تجمعها علاقات ارتباط على تويتر.
لقطة شاشة لمنحنى التفاعلات على هاشتاج #انا_عربي_وادعم_قطر – SNA InVID
كانت أغلب التغريدات صادرة من حسابات تقول إنها تعيش في “قطر، مصر، الأردن، السعودية، سلطنة عُمان، الكويت”، حسب ما أظهرته أداة Get Trend Today. وظهر الهاشتاغ في قائمة أكثر الموضوعات تداولا في بعض هذه الدول.
لقطة شاشة لأبرز الدول التي نشط فيها هاشتاج #انا_عربي_وادعم_قطر – Get Trend Today
وعلى الرغم من أنه لم يتم الإشارة إلى اليمن في الخريطة السابقة، إلا أن تحليل آخر من أداة SNA – InVID يظهر أن عددًا من أكثر الحسابات نشاطًا على الهاشتاغ، كانت من اليمن.
لقطة شاشة لأكثر الحسابات نشاط على #انا_عربي_وادعم_قطر – SNA InVID
عند تدقيق النظر في محتوى الحسابات اليمنية، كان لافتا نشرها وتفاعلها مع تغريدات تميل إلى تيار الإصلاح – المرتبط بفكر جماعة الإخوان المسلمين – الذي كان ظهور قادته معتادًا على قناة “الجزيرة” ولهم آراء ودية تجاه قطر بعكس موقفهم من الإمارات، التي تدعم المجلس الانتقالي في جنوب اليمن على حساب التيار.
شاركت هذه الحسابات في حملات مختلفة، لا سيما في جنوب اليمن، آخرها كان Arabi Facts Hub قد قام بتحليلها على هامش التحركات العسكرية للمجلس الانتقالي الجنوبي (في أغسطس – سبتمبر 2022) وانتشار بعض قواته في المحافظات الجنوبية ومطالبته بخروج القوات الحكومية وتيار الإصلاح منها.
على سبيل المثال، كان حساب ABo_AMAN_2011@ أكثر الحسابات نشاطًا على الهاشتاج بإجمالي عدد تغريدات بلغ 61 تغريدة. منذ إنشاء الحساب في سبتمبر 2019، نشر 130 ألف تغريدة، وهو معدل مرتفع للغاية عن المعدلات الطبيعية.
في التغريدة الماضية، كان الحساب يرد تعليقًا على تغريدة أخرى نشرها عبدالوهاب التويتي، أحد أبرز مفكري تيار الإصلاح، عندما كان يعبر عن رفضه قرار مجلس الدفاع الوطني في المجلس الرئاسي اليمني – المستقر في جنوب اليمن حاليًا – تصنيف الحوثي – التي تسيطر على محافظات اليمن الشمالية إضافة للعاصمة صنعاء منذ 2015 – جماعة إرهابية.
وأضاف الحسابان وسم #انا_عربي_وادعم_قطر إلى جانب وسم #اليمن_يحتاج_الى_مخلصين، الذي روجه مؤيدو الإصلاح منذ أغسطس الماضي.
يبدو أن صاحب حساب ABo_AMAN_2011@ ينحدر من مدينة تعز (جنوب شرقي اليمن) حسب ما يظهر هاندل حسابه (Sadiq_Taiz@) الذي أوقفه تويتر في العام الماضي، ربما نتيجة لنشاطه الإلكتروني الكثيف.
ولديه حساب آخر باسم أبو أمان الصادق AbouAmanAlSadeq@، حيث يتابعه أكثر من 3 آلاف شخص. بث الحساب الأخير أكثر من 13 ألف تغريدة منذ إنشائه في أكتوبر 2020، وهو معدل تغريد مرتفع أيضًا.
عند مطالعتنا الحساب الثاني لأبو أمان، لاحظنا أنه استخدمه أيضًا في التغريد عبر الوسم القطري، وإن كان ليس بنفس الوتيرة في حسابه الأول. كما لاحظنا إعادته نشر تغريدات كتبها حساب الكاتب اليمني النشط على مواقع التواصل الاجتماعي، أنيس منصور، الذي اعتاد إطلاق حملات مناهضة للوجود الإماراتي في اليمن، ويحسبه أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي على تيار الإصلاح. وله تغريدات إيجابية أيضًا عن قطر. كما تحدثت تقارير عن حيازته جيش إلكتروني من الحسابات الوهمية يستخدمها في حملاته.
كان منصور من الداعين لتدشين وسم خاص باليمن لدعم قطر، فيما كان أبو أمان أيضًا أكثر النشطين على #انا_يمني_ادعم_قطر، الذي حصد وحده أكثر من ألفي تغريدة.
* كنا تطرقنا من قبل إلى دور ونشاط أنيس منصور إبان التحركات العسكرية الأخيرة للمجلس الانتقالي.
في دعوته للمشاركة بالهاشتاج اليمني، طالب أبو أمان “الجيش الإلكتروني اليمني في داخل الوطن وخارجه المشاركة بفاعلية مع هاشتاج”.
كانت هناك حسابات مصرية مشاركة بالتغريد عبر الهاشتاج القطري أيضًا، بعض هذه الحسابات كانت منغمسة في حملات إلكترونية أخرى، مثل حملة الحشد للتظاهر في مصر خلال شهر نوفمبر تزامنا مع قمة المناخ.
من بين الحسابات المصرية المشاركة، كان حساب “فاطمة أبو زيد”، الذي اعتاد نشر تغريدات تضمنت هاشتاغات كان مألوفًا رؤيتها في قائمة الموضوعات الأكثر تداولا في مصر، وخطابها مناهض للرئيس المصري.
ومثلها حسابات أخرى كانت تغرد من مصر، بعضها كانت لها تفاعلات تنتقد الرئيس المصري.
حسابات رخيصة وتسويق رخيص
على هامش حملة التغريد، كانت هناك الحسابات المعروفة بـ”حسابات الترويج الرخيص”، أي تلك الحسابات التي تستخدم في أغراض مختلفة، مثل رواج المنتجات التجارية و”رفع الهاشتاج ترند” وزيادة عدد المتابعين وبيع الحسابات.
في تايم لاين تويتر لدول الخليج، عادة ما تظهر هذه الحسابات بين الوسوم الرائجة، أيًا كان مضمونها أو القضية التي تتحدث عنها. ليس لهذه الهاشتاغات ارتباط فكري أو سياسي محدد، فتارة تساهم في رواج هاشتاغات متناقضة الخطاب، على حسب من يدفع لقاء الحصول على خدماتها بالاستعانة بأعداد من الحسابات غير الحقيقية.
يحدث أيضًا أن تظهر هذه الحسابات تقود حسابات تحمل أسماء شخصيات عامة ومشاهير، وتبث تغريدات باعتبارها تابعة تتحدث بلسان هؤلاء الأشخاص، ما أدى إلى حدوث أزمات عديدة نتيجة اعتقاد الجمهور أنها حسابات حقيقية بالفعل. وتتغير أسماء هذه الحسابات على حسب الظرف أو الشخصية الرائجة في فترة زمنية محددة.
في بعض الأحيان، يلجأ مالكو هذه الحسابات إلى نشر تغريدات مثيرة للجدل أو معاكسة للآراء السائدة بغرض جذب المزيد من المتابعين إليها، قبل عرضها للبيع على الشركات أو المؤسسات الراغبة في الظهور لأول مرة في تويتر بحسابات يتابعها الكثير من الأشخاص لتحظى بالثقة من الجمهور. وهو تقليد شائع، خاصة في مصر.
أما بالنسبة لنشاط هذه الحسابات على الهاشتاج القطري، فليس مؤكدًا تمامًا إن كان استخدامها يعد جزءًا من حملة التغريد، إلا أن الأمثلة أدناه تُظهر أنها ساهمت بدرجة ما في وصول الهاشتاج إلى عدد أكبر من مستخدمي تويتر، حيث حصلت بعض هذه التغريدات على المئات من الريتويت، منها ما تخطى الـ300 والـ600 ريتويت.
يظهر منحنى حركة التفاعلات المنشور في بداية التحليل أن الهاشتاغ بلغ فترة ذروته في يومي 30 و31 أكتوبر، وهي نفس الفترة التي أشارت فيها حسابات لوسائل إعلام قطرية كبيرة إلى الوسم، باعتباره نوع من التضامن مع قطر.
يتابع هذه الحسابات ملايين الأشخاص على نحو من شأنه زيادة انتشار الهاشتاغ ورواجه في أكثر من بلد.
انغمس في الحملة حسابات العديد من المشاهير والمؤثرين على السوشيال ميديا، من دول ومناطق عربية مختلفة، مثل الأردن والجزائر وسلطنة عُمان ومصر، وقطاع غزة. يحظى هؤلاء أيضًا بعدد كبير من المتابعين يتراوح عددهم ما بين عشرات إلى مئات الآلاف على الأقل.
* أثناء عملنا على التحليل علّق تويتر عمل بعض الحسابات بشكل مؤقت، منها حساب ge6arr@ نتيجة “نشاط غير عادي” يتعلق بمحتوى المنشور في هذا الحساب.
نشر الحساب عشرات التغريدات، ويزداد نشاطه بكثافة عن طريق الريتويت. ومنذ تأسيسه في 1 نوفمبر إلى يوم 3 نوفمبر، نشر قرابة 200 تغريدة، جميعها يدور حول كل يتعلق بدولة قطر.
خلاصة:
– رغم أن بعض التغريدات المنشورة على الهاشتاج كانت تلقائية من أشخاص حقيقيين، إلا أن ذلك لم يمنع وجود نشاط منسق آخر ساهم في انتشار الهاشتاج.
– نسبة كبيرة من أبرز الحسابات النشطة على الهاشتاج ترتبط بتيار الإصلاح في اليمن، وشاركت في حملات إلكترونية سابقة. أحد الحسابات نشر وحده 62 تغريدة.
– أوقف تويتر عمل بعض الحسابات نتيجة “نشاط عادي” بسبب طبيعة ما تنشره.
– كانت هناك حسابات مصرية تغرد على الهاشتاج القطري. خلال ذلك، كانت هذه الحسابات توجه انتقادات للرئيس المصري وتعتبر جزءًا من حملة الحشد للتظاهر ضده خلال شهر نوفمبر.
– حسابات ذات أعداد ضئيلة جدًا من المتابعين كانت جزءً من حملة التغريد. في المقابل، شاركت حسابات مشاهير ووسائل إعلام يتابعها الملايين في تضخيم الوسيم.
– سيطرت حالة “الريتويت” على حركة التفاعلات عبر الهاشتاج، ولدى نسبة كبيرة من الحسابات المشاركة علاقات ارتباط قوية عبر الشبكات الاجتماعية.
الأدوات المستخدمة:
InVID Verification Plugin
Twitter Search
Tweetdeck
Get Day Trend
Gephi
Social Searcher
Netlytic
Twitonomy