في ظل استئناف الضربات الجوية الروسية على إدلب، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي أنشطة إلكترونية منسّقة بين معارضي الثورة السورية ومؤيديها، أشعلها خبر اغتيال الأمين العام ل”حزب” الله حسن نصر الله.
على مدار شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2024، كثفت روسيا ضرباتها الجوية في ريف إدلب، مستهدفة ما تصفه بأهداف عسكرية لفصائل المعارضة. في المقابل، أفادت منظمات، من بينها المرصد السوري لحقوق الإنسان، بوقوع ضحايا جراء غارات طالت أهدافاً مدنية.
تُعد إدلب والمناطق المتاخمة لها آخر ملاذ للفارين من الحرب الأهلية في سوريا، حيث يقدَّر عددهم بأكثر من خمسة ملايين شخص، وفقاً لإحصائيات الأمم المتحدة.
يرى مراقبون أن كثافة الغارات جاءت بعد أنباء عن استعداد جبهة النصرة لشن هجوم على مناطق سيطرة الحكومة، استغلالاً للاضطرابات في لبنان والأراضي المحتلة، في حين، يعتقد محللون آخرون أن روسيا أرادت بهجماتها القول إنها لا تزال لاعباً مؤثراً في الأزمة السورية.
حسب تقديرات، تسيطر “هيئة تحرير الشام” أو (جبهة النصرة سابقاً) وفصائل أخرى مرتبطة بها على نصف مساحة محافظة إدلب، التي تشملها اتفاقيات تهدئة موقعة بين تركيا وروسيا.
منذ نهايات أيلول/ سبتمبر وعلى مدار الشهر الحالي، ظهرت وسوم عدة؛ بعضها يدعو إلى #ملاحقة_عملاء_إدلب، أو يتفاخر باستخدام الحكومة السورية للبراميل المتفجرة خلال سنوات الحرب؛ مثل وسم #براميل_الأسد_علاج_الخونة، الذي كان في قائمة أكثر الموضوعات تداولاً على مستوى لبنان بعد يومين من مقتل الأمين العام ل”حزب الله” حسن نصرالله في 27 أيلول/ سبتمبر 2024.
واحتوى الوسم الأول على 318 تدوينة، شوهدت نحو 75 ألف مرة، فيما جمع الوسم الثاني 287 تدوينة، وحظي بمجموع مشاهدات لا يقل عن 53 ألف مشاهدة، بحسب إحصاءات Meltwater المتخصصة في تحليل محتوى الإنترنت والشبكات الاجتماعية.
حجم التفاعلات على وسمي #ملاحقة_عملاء_إدلب و #براميل_الأسد_علاج_الخونة – Meltwater
تحريض من حسابات سورية ولبنانية وعراقية
شاركت مئات الحسابات؛ بعضها سورية ولبنانية وعراقية، في تنشيط وسمي #ملاحقة_عملاء_إدلب و#براميل_الأسد_علاج_الخونة.
كانت الحسابات تضع في مساحاتها التعريفية العلمين السوري والعراقي، وصوراً للمرشد الإيراني علي خامنئي وحسن نصرالله، وقائد “فيلق القدس” السابق قاسم سليماني. إضافة إلى شعارات فصائل عراقية مدعومة من إيران؛ مثل: “الحشد الشعبي” و”كتائب حزب الله” العراقي.
تُعرّف بعض الحسابات نفسها بأنها “مؤثر اجتماعي”، وبعضها يحمل علامات التوثيق الزرقاء. وسبق أن شاركت في حملات إلكترونية معبرة عن مصالح “الحشد الشعبي” و”كتائب حزب الله” في العراق، و”حزب الله” اللبناني، وإيران.
انطلق وسم #براميل_الأسد_علاج_الخونة عبر منشور من حساب “فريق فاطميون الإلكتروني” (@hakc93). وبعد دقيقة، دعا حساب @hudaa_2004 إلى المشاركة في الوسم عبر منشور ساخر قال فيه: “هؤلاء أطفال سوريا الذين قتلهم حزب الله وبشار الأسد.. هاشتاغ انطلق الآن، شاركوا بالتغريد #براميل_الأسد_علاج_الخونة”، مرفقًا بصورة منسوبة إلى مقاتلين من فصائل المعارضة السورية المسلحة.
يُعرّف حساب “فريق فاطميون الإلكتروني” نفسه بأنه “مجموعة من الشباب الحسينيين تأخذ على عاتقها الدفاع عن العقيدة ورموزها من الأولين والآخرين إلكترونياً”.
وأشار الحساب في مساحته التعريفية إلى مهامه السيبرانية؛ وهي “استرجاع، حماية، تعطيل، حذف”، أي القيام بتعطيل الحسابات المعارضة أو حذفها. وينشط هذا الحساب في حملات تأثير، للتعبير عن مصالح القوى المرتبطة بإيران.
جاء انطلاق وسم #براميل_الأسد_علاج_الخونة بالتزامن مع انتشار منشورات لمؤيدي الثورة السورية، تتسم بالشماتة بموت نصرالله؛ بسبب قتال “حزب الله” إلى جانب القوات الحكومية السورية التي قمعت الثورة السورية.
استندت الحسابات المشاركة في الوسم إلى مقاطع مصورة تدعو إلى إعادة استخدام البراميل المتفجرة في إدلب، وهو السلاح الذي استخدمه النظام السوري، وأسفر عن سقوط ضحايا مدنيين على مدار سنوات الحرب.
أحد هذه المقاطع كان قديماً ويظهر فيه الناشط السوري الراحل عبد الباسط الساروت، عندما كان يغني في مقطع فيديو رفقة مجموعة من مقاتلي جيش سوريا الحر: “يا خميني بكرا تشوف جيش الثورة ألوف ألوف، صرنا نحكي ع المكشوف جايينك يا كربلاء”.
كما وصفت منشورات أخرى الرئيس السوري بأنه “خال المؤمنين”، و”صاحب كتاب البرميل لتأديب الحمير”.
في إطار وسم #ملاحقة_عملاء_إدلب، روّجت الحسابات المشاركة مزاعم حول تورط مواطنين من محافظة إدلب في اغتيال نصرالله، بزعم أنهم سرّبوا والتقطوا صوراً لمكان وجوده. واعتمدت هذه المزاعم على مقاطع فيديو تُظهر اعتقال أشخاص في الأيام التي تلت حادثة الاغتيال، إلى جانب الاحتفاء بالضربات الروسية الأخيرة على إدلب.
وأعلن الجيش اللبناني إلقاء القبض على سوريين بتهمة التخابر لصالح إسرائيل، بتصوير مواقع ونقاط وتوثيق آثار الاعتداءات، لكن لم يأت بيان الجيش على ذكر تورطهما في الإبلاغ عن مكان نصرالله، أو أنهما من محافظة إدلب.
في حين استخدمت حسابات تضع العلم السوري كلمات من شأنها الحض على الكراهية والتحريض، بوصف سكان محافظة إدلب بأنهم “صهاينة” و”فئران” و”عملاء”.
شماتة حسابات سورية
خلال الفترة نفسها، نشطت حسابات سورية رداً على الحملة الجوية الروسية الأخيرة على إدلب، وتضمنت منشوراتها انتقادات لدور “حزب الله” في سوريا. كما انخرطت هذه الحسابات في وسوم أخرى تحتفي بمقتل نصرالله.
وبمشاركة 230 حساباً، برز وسم #بشار_وبوتين_مجرما_حرب، الذي احتوى على أكثر من ألف تدوينة، تمت مشاهدتها قرابة 64 ألف مرة، وفقاً لـ Meltwater.
فترات نشاط وسم #بشار_وبوتين_مجرما_حرب- Meltwater
واستدعت عشرات الحسابات مقاطع فيديو قديمة من سنوات الحرب السورية، قصدت بها الإشارة إلى انتهاكات النظام السوري وحلفائه؛ من ضمنهم “حزب الله”.
كما انتشرت لقطات حديثة للضربات الروسية، مصحوبة بتعليقات تعبّر عن دهشتها من قصف مخيمات النازحين في إدلب.
نشط على وسم #بشار_وبوتين_مجرما_حرب حساب “شاضومة” @shadoumeh الذي أسهم في تضخيم الوسم والترويج له عبر المشاركة والتعليق.
كما شارك الحساب نفسه في التضخيم والترويج لوسوم أخرى؛ منها #انا_شمتان، #حزب_الله_الارهابي، #اجاك_الدور_دكتور، #محور_الشر_الايراني، التي احتفت بخبر اغتيال حسن نصرالله.
وعادة ما ينشط حساب “شاضومة” في حملات إلكترونية منتقدة لحكومة بشار الأسد، ومؤيدة للثورة، لكنها تتخذ نسق التضخيم والحشد. وتُعرّف بعض الحسابات الحسابات المتفاعلة على الوسوم نفسها بأنها تعيش في مناطق المعارضة أو خارج سوريا.