في خضم الانتخابات البرلمانية الأردنية، راج على حسابات على منصات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يُظهر المرشح الفائز في الدائرة الثانية في عمّان عن حزب “جبهة العمل الإسلامي”، وسام الربيحات، وهو يبعثر بعض محتويات محل تجاري، بينما لا تُظهر اللقطات ما حدث قبل الواقعة وبعدها.
نُشر هذا الفيديو في 2 أيلول/ سبتمبر 2024، مصحوباً بوسم #مرشح_الاخوان_البلطجي على منصة “إكس”، ليقفز إلى قائمة الموضوعات الأكثر تداولاً في الأردن. تضمن الوسم تعليقات سلبية عن الربيحات، وأخرى تهاجم “جبهة العمل الإسلامي”.
واحتوى الوسم على 1556 تدوينة، شُوهدت نحو 500 ألف مرة، مع توقع وصول نطاق الرؤية المحتمل إلى مليون و50 ألف مشاهدة إضافية. وأسفرت التدوينات عن 5333 تفاعلاً، شملت إعجابات وردوداً وتعليقات وإعادة مشاركة، وفقاً لإحصاءات أداة Meltwater، الرائدة في تحليل محتوى الشبكات الاجتماعية.
وكان الربيحات جزءاً من الفوز المفاجئ لحزب “جبهة العمل الإسلامي” التابع لجماعة “الإخوان المسلمين”، الذي حل في صدارة الأحزاب العشرة الفائزة في الدائرة العامة، بإجمالي عدد أصوات 464 ألف ناخب من إجمالي مليون و600 ألف صوت.
من يؤثّر في الوسم؟
شاركت حسابات معتادة على دعم المواقف الرسمية للحكومة في الترويج لوسم #مرشح_الاخوان_البلطجي. يضع بعض من هذه الحسابات الأعلام الأردنية وصوراً مأخوذة من شبكة الإنترنت أو للملك عبدالله الثاني، في مساحاتها التعريفية في منصة “إكس”.
كان بين هؤلاء من يعرّفون أنفسهم بأنهم “مؤثرون اجتماعيون أو محامون أو شخصيات إعلامية”، فيما خلت حسابات أخرى من التفاصيل. وتحظى غالبية الحسابات المشاركة في الحملة بمتابعة عشرات الآلاف، ويحمل بعضها علامة التوثيق الزرقاء المدفوعة.
المدقق في طبيعة محتوى حسابات الحملة يمكنه تسجيل الكثير من الملاحظات؛ فهي تتولى نشر تدوينات إيجابية عن ملك الأردن، والحكومة وأجهزة الأمن والمخابرات، بينما تهاجم بشراسة حركة “حماس” وقادتها، و”جبهة العمل الإسلامي”.
وبعد مقتل ثلاثة إسرائيليين برصاص سائق الشاحنة الأردني ماهر الجازي، قرب جسر الملك حسين (جسر اللنبي) في الضفة الغربية المحتلة، وجهت حسابات مشاركة في الحملة انتقادات لاذعة لحركة “حماس”، ولمن عبّروا عن ترحيبهم بالحادثة، ووصفتهم بـ”قطيع منفلت وأغبياء سذج”، واعتبرت الحسابات الهجوم محاولة لـ”تقليص دور الأردن السياسي والدبلوماسي والإنساني”.
وسبق أن نشطت الحسابات على وسوم دعائية عدة للحكومة الأردنية؛ منها: “#الاردن_اليوم_اقوى، #الاردن_عون_فلسطين، #ما_الك_الا_الصندوق”.
وتدعم حسابات الحملة حزب “الميثاق الوطني”، الذي حل في المرتبة الثانية لانتخابات الدائرة العامة، بعد “جبهة العمل الإسلامي”، وبعدما حصل على نحو 93 ألف صوت.
في 26 آب/ أغسطس، ظهرت الحسابات المشاركة في الحملة بين 192 حساباً ناشطاً عبر الوسم الدعائي #حزب_الميثاق_8، الذي اجتذب أكثر من ألفي تدوينة.
ويشير الرقم 8 إلى “القائمة الوطنية” التي خاضت الانتخابات باسم الحزب، الذي يُنظر إليه على أنه قريب من الحكومة.
وتأسس حزب “الميثاق الوطني” في عام 2022، وتقوده شخصيات سياسية، كانت سابقاً مسؤولين بارزين في الحكومة أو ضباطاً سابقين.
فيديو قديم وحسابات وهميّة ومحتوى متكرّر
روجت حسابات الحملة مقطعاً قديماً منخفض الجودة، التقطته كاميرا مراقبة، مرفقاً بعبارة ثابتة تقول إن الفيديو الذي التُقط هو لمرشح حزب “جبهة العمل الإسلامي” وسام الربيحات، وهو يعتدي مع آخرين على أحد المحال التجارية، وتعاطوا معه على أنه ملتقط حديثاً.
وأدلى مواطنون من حي الطفايلة، أكبر أحياء العاصمة عمّان، حيث يعيش الربيحات، بشهادتهم بأن الفيديو صحيح، لكنه يعود إلى خلاف عشائري وقع قبل ست سنوات، وأن الخلاف حُلّ حينها، ولا علاقة له بالأنشطة الانتخابية.
وصاحبت نشر الفيديو عبارات تعبّر عن القلق من التصويت لصالح ممثل “جبهة العمل الإسلامي”، واصفة إياه بـ”البلطجي”.
ولا تتفاعل كل حسابات الحملة البالغ عددها 822، طوال الوقت مع القضايا العامة في الأردن، لكنها تستتر بين الحين والآخر وراء نشر الأقوال المقتبسة، والصور، والعبارات الرومانسية، والمحتوى الخفيف؛ وهي ممارسة باتت شائعة للحسابات الوهمية المستخدمة في تنشيط الحملات الإلكترونية في أنحاء المنطقة العربية. والهدف منها التمويه على الأنشطة الحقيقية للحسابات، وتصدير انطباع وهمي عن تنوع محتوى هذه الحسابات، وصبغها بصبغة بشرية.
وفقاً لإحصاءات Meltwater، صدرت 275 تدوينة من الأردن عبر وسم #مرشح_الاخوان_البلطجي، في حين أتت 972 تدوينة من أماكن غير معروفة؛ لعدم إدراج الموقع الجغرافي في البيانات التعريفية للحسابات الناشرة لها؛ ما يُعد -هو الآخر- مؤشراً إلى وجود نشاط منسق بدعم من حسابات وهمية.
كما لاحظنا أن هذه الحسابات تشكل شبكة في ما بينها، فهي تتابع بعضها بعضاً، وتتبادل الردود، وتنشر محتويات متشابهة.