أثار استقبال رئيس الوزراء المصري، الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الحكومة الموقتة بشرق ليبيا -المكلفة من مجلس النواب الليبي- أسامة حماد، انتقادات من جانب حكومة الوحدة الوطنية القائمة في طرابلس.
وفي حين تجاهلت القاهرة الرد على هذه الانتقادات، نظمت مجموعات إلكترونية داعمة للنظام المصري حملة لمهاجمة حكومة الوحدة الوطنية.
وعاد النشاط على وسم #الشعب_المصري_يدعم_وحده_ليبيا؛ ليتصدر قائمة الموضوعات الأكثر تداولاً على مستوى مصر، مسجلاً 1059 تدوينة.
واحتوى الوسم على 1867 تدوينة، شُوهدت نحو 361 ألف مرة، بحسب إحصاءات أداة Meltwater الرائدة في تحليل محتوى مواقع التواصل الاجتماعي.
توقيتات نشاط وسم #الشعب_المصري_يدعم_وحده_ليبيا – Meltwater
بلغ إجمالي عدد الحسابات المشاركة في الوسم 655 حساباً، وصدرت 943 تدوينة من حسابات غير معروف موقعها الجغرافي. وتقود مؤشرات إلى أن بعض هذه الحسابات وهمية؛ منها: قلة عدد متابعي هذه الحسابات، وعدم تفاعلها مباشرة مع المنشورات، واقتصارها على مشاركة تدوينات حسابات أخرى، وانخراطها في الدعاية للحكومة.
أدى تفاعل الحسابات شبه الوهمية مع هذا الوسم إلى أن تشكل إعادة نشر التدوينات نسبة 46.3 في المئة من إجمالي المشاركات (865 تدوينة) في حين بلغت نسبة الردود والتعليقات 41.1 في المئة (768 تدوينة) أما نسبة المنشورات الأصلية فلم تتجاوز 6 في المئة، وذلك وفقاً لإحصاءات Meltwater. نسبة إعادة النشر المرتفعة مقارنة بانخفاض عدد التدوينات الأصيلة تشير إلى احتمال أن يكون التفاعل مع الوسم منسقاً.
طبيعة التدوينات المنشورة على وسم #الشعب_المصري_يدعم_وحده_ليبيا – Meltwater
عودة التوترات
في 11 آب/ أغسطس، انتقدت وزارة الخارجية في حكومة الوحدة الليبية استقبال مصر من وصفته بـ “الأجسام الموازية”، في إشارة إلى رئيس الحكومة الموقتة، قائلة إن الزيارة: “ليس لها أثر واقعي، إلا أنها خروج عن وحدة الموقف الدولي الرافض لعودة البلاد إلى حالة الانقسام والاحتراب”.
وأضاف بيان الخارجية أن الزيارة “تتنافى بوضوح مع الدور المصري والعربي والإقليمي المنتظر في دعم وحدة ليبيا واستقرارها وتحصينها من محاولات التشويش”.
وبعد الزيارة بأيام، صوت مجلس النواب القائم في شرق البلاد – الذي يصفه خصومه في الغرب بأنه غير شرعي- في جلسة 13 آب/ أغسطس 2024، على إنهاء ولاية حكومة عبد الحميد الدبيبة، واعتبار أسامة حماد ممثلاً لـ “الحكومة الشرعية”، ووصف الدبيبة القرار بأنه “رأي سياسي”.
وكانت حكومة الدبيبة الانتقالية قد اختيرت من قبل أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي- بدعم من الأمم المتحدة- بهدف تمهيد الطريق لتنظيم انتخابات عامة في 24 كانون الأول/ ديسمبر 2021، إلا أن توالي الخلافات السياسية حال دون ذلك.
وحركت زيارة حماد مصر وانتقادات الخارجية الليبية لهذه الزيارة مياه التوترات الراكدة منذ فترة بين طرابلس والقاهرة، التي دعمت اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر قائد قوات شرق ليبيا، في حربه التي شنها في عام 2019 ضد حكومة الوحدة.
كما تخيم من جديد التوترات على الأجواء الليبية، مع تقدم حفتر إلى المثلث الحدودي بين ليبيا وتونس والجزائر، الأمر الذي أدى إلى رفع حالة التأهب في طرابلس.
الأكثر تأثيراً
عقب صدور بيان الخارجية الليبية، دفعت مجموعات معروفة بدعمها للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وحكومته، بوسم #الشعب_المصري_يدعم_وحده_ليبيا، إلى ساحات النقاش عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وشنت من خلاله هجوماً على حكومة الوحدة.
لعبت هذه المجموعات دوراً في رواج الوسم وانتشاره، مُستفيدة من شبكة حسابات تشاركها الاهتمامات السياسية، وتتخذ بعض حسابات هذه المجموعات من صور السيسي صوراً لها، وتضع علم مصر وشعارات قومية ووطنية في مساحاتها التعريفية.
ونشط على الوسم حساب “المايسترو” أو باسم بخيت؛ الذي سبق أن أطلق غالبية الحملات الإلكترونية غير التلقائية المؤيدة للنظام المصري.
نشر المايسترو أول تدوينة على “إكس” في الساعة 10:31 مساءً بتوقيت مصر؛ مما أطلق سيلاً من التدوينات الموجهة على الوسم وشارك المايسترو في الحملة بـ 196 تدوينة، بينما أعاد حسابه الآخر على “إكس” نشر 13 تدوينة من حسابه الأول.
وافتتح “المايسترو” منشوراته قائلاً: “عايز أقول حاجة للإخوة في ليبيا. حكومة الدبيبة بالنسبة لمصر هي حكومة منتهية الولاية وأي قرارات منها هي بالنسبة لينا حبر علي ورق. وأهم بلد يهمها وحدة ليبيا هي مصر”.
وأضاف: “سرت والجفرة خط أحمر”، في إشارة إلى تصريحات أدلى بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منتصف عام 2020، خلال النزاع العسكري بين قوات خليفة حفتر وحكومة الوفاق الوطني الليبية السابقة، المعترف بها دولياً. وتزامنت تصريحات السيسي مع تقهقر قوات حفتر أمام تقدم قوات الوفاق المدعومة تركياً.
وسبق أن تفاعلت غالبية الحسابات المشاركة في موجة التدوين على وسم #الشعب_المصري_يدعم_وحده_ليبيا، مع وسوم تحمل خطاباً دعائياً للرئيس المصري وسياساته، وتهاجم خصوم النظام، وتحرض على اللاجئين؛ مثل:
#مصر_مع_السيسي_قد_التحدي، #٣٠يونيو_نهاية_الحشاشين، #الجيش_المصرى_قادر_وجاهز، #محدش_يجرب_مصر، #مصر_ايديها_طايل، #ترحيل_اللاجئين_مطلب_شعبي_أمن_قومي، #لا_للتقنين_لا_للتوطين #ترحيل_اللاجئين_واجب_وطني #ترحيل_اللاجئين_مطلب_شعبى #مصر_للمصريين.
عبور للمنصات… صفحات ومجموعات على “فيسبوك”
امتد النشاط على وسم #الشعب_المصري_يدعم_وحده_ليبيا إلى “فيسبوك”، وجرى تداوله عبر صفحات ومجموعات تحظى بمئات الآلاف من المشتركين.
حملت الصفحات والمجموعات الدعائية غير الرسمية أسماءً تشير إلى ارتباطها بالنظام؛ مثل: “رئاسة الجمهورية إعلام الرئيس عبد الفتاح السيسي، المخابرات العامة المصرية، أمن قومي، عشاق الجيش المصري، صوت مصر، إعلامكم البديل، إنجازات الرئيس”.
وتدير بعض الصفحات مجموعات مرتبطة بها؛ مثل: صفحة “عشاق الجيش المصري”، التي تدير سبع مجموعات مغلقة، ودأبت الصفحة التي يتابعها 209 آلاف شخص، على نشر محتوى دعائي للنظام المصري، وناقد للمعارضين له.
وجاء ضمن قائمة مديري مجموعة “أمن قومي” الصحافي دندراوي الهواري، رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة وموقع “اليوم السابع” -المعروف بتأييده للنظام- والمؤثر الاجتماعي محمد نور صاحب صفحة “الوعي نور” المؤيدة للنظام.
وتكرر في هذه المجموعات وصف حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة بأنها “غير شرعية”؛ إذ جاء في أحد المنشورات المتكررة: “حكومة الدبيبة منتهية وغير شرعية، ومصر لا تتعامل إلا مع الحكومات الشرعية فقط. مصر موجودة في ليبيا شاء من شاء وأبى من أبى، وستساهم بشكل فعلي في إعادة الإعمار. وهناك خط أحمر اسمه سرت والجفرة…واللي مش عاجبه يخبط رأسه في الحيط”.