مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

“ما خلقن لذلك”… مرشّحات الرئاسة الجزائريّة يتعرّضن لحملة تمييز إلكترونيّة

“ما خلقن لذلك”… مرشّحات الرئاسة الجزائريّة يتعرّضن لحملة تمييز إلكترونيّة

ما بين إعلانها خوض الانتخابات وانسحابها من السباق، تعرضت حنون لتعليقات سلبية استهدفت النيل من سمعتها، واللعب على وتر التمييز على أساس الجندر؛ في محاولة لتشويهها. وبدرجة أقل تعرضت عسول ونغزة، للخطاب نفسه المناهض لترشحهن، لأسباب جندرية بحتة.

 

ما إن أعلنت ثلاث نساء جزائريات نيّتهن الترشح للانتخابات الرئاسية المقرر انعقادها في 7 أيلول/ سبتمبر، حتى انطلقت حملة على منصات التواصل الاجتماعي، تنشر محتوى يتّسم بالتمييز ضدهن على أساس الجندر.

أعلنت كلّ من رئيسة حزب العمال الجزائري لويزة حنون، ورئيسة حزب الاتحاد من أجل التغيير والترقي زبيدة عسول ورئيسة الكنفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية سعيدة نعزة، تباعاً، عزمهن خوض الانتخابات الرئاسية الجزائرية، في مواجهة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون. 

وفي 13 تموز/ يوليو، أعلنت حنون سحب ترشحها نظراً إلى “الظروف السياسية العامة التي تتميز بغلق المجالين السياسي والإعلامي”. في حين، قال منتقدوها إنها لم تستطع جمع العدد الكافي من التوقيعات الشعبية للترشح، المحدّد بـ 50 ألف توقيع.

وما بين إعلانها خوض الانتخابات وانسحابها من السباق، تعرضت حنون لتعليقات سلبية استهدفت النيل من سمعتها، واللعب على وتر التمييز على أساس الجندر؛ في محاولة لتشويهها. وبدرجة أقل تعرضت عسول ونغزة، للخطاب نفسه المناهض لترشحهن، لأسباب جندرية بحتة.

ساهمت مجموعات على فيسبوك، يضم بعضها مئات الآلاف من الأشخاص، في رواج الدعاية الذكورية المناهضة للمرشحات الثلاث.

وفي الفترة بين 24 أيار/ مايو و24 تموز/ يوليو، استهدف 1226 منشوراً المرشحة لويزة حنون، تلتها نغزة بـ 839 منشوراً، وفي المرتبة الثالثة جاءت عسول بـ 218 منشوراً، وفق إحصاءات أداة Crowd Tangle المتخصصة بتحليل المحتوى على فيسبوك.

من بين المجموعات التي احتوت منشورات ضد المرشحات، بخاصة حنون وعسول؛ “منحة البطالة (781 ألف عضو)، أساتذة اللغة العربية للتعليم المتوسط (504 آلاف)، مجموعة خاصة بالمتقاعدين الجزائرين (252 ألفاً)، بكالوريا 2025 (217 ألفاً)، راك في عنابة (212 ألفاً)، أخبار خنشلة (157 ألفاً)، دروس دعم وتقوية (118 ألفاً) أجنحة صقور الدولة الجزائرية (81 ألفاً)”.

وانخرط بعض مديري المجموعات في نشر دعاية سلبية ضد المرشحات الثلاث، وحاولوا فرض سلطتهم على منشورات المجموعة، موجهين الخطاب نحو النيل من المرشحات، مع مهاجمة من يعبر عن دعمه لإحداهن؛ إذ هاجم واحد من مديري مجموعة “أساتذة اللغة العربية للتعليم المتوسط”، مواطنة جزائرية أبدت دعمها للمرشحة زبيدة عسول، واصفاً إياها بـ “التافهة”.

خطاب كراهية ومعلومات مضلّلة

ولم يقتصر الأمر على مجموعات فيسبوك، إذ طاولت الدعاية ضد المرشحات منصة “إكس” هي الأخرى؛ فخلال الشهرين الأخيرين، دارت أكثر من 1600 تدوينة عبر الموقع حول المرشحات الثلاث. وساد الخطاب السلبي 38 في المئة من إجمالي التدوينات، فيما أبدى ناشرو 15.5 في المئة فقط من التدوينات آراءً إيجابية بشأن المرشحات، وفق أداة Meltwater الرائدة في تحليل محتوى وسائل التواصل الاجتماعي. 

طبيعة الانطباعات والعواطف في التدوينات – Meltwater

وتظهر الكلمات المرتبطة بالمنشورات التي تناولت المرشحات الثلاث، أن منتقدي مرشحات الرئاسة في الجزائر استخدموا كلمات مشحونة بالكراهية، وتعكس التمييز ضدهن على أساس الجندر. وحاول ناشرو هذا المحتوى حصر النساء في قوالب نمطية تقليدية. ووصل الخطاب التمييزي حد سب المرشحات وتشبيههن بالحيوانات.

سحابة كلمات بأكثر الكلمات تداولاً عن لويزة حنون عبر موقع إكس – Meltwater

وشكّك مروجو هذا الخطاب في القدرات السياسية للمرشحات، من دون نشر حجج واقعية على الأحكام التي أطلقوها، فضلاً عن زعم بعضهم أن انسحاب لويزة حنون يرجع إلى “عدم قدرتها على جمع التوقيعات”، في حين رحب بعض الأعضاء بانسحابها، وتهكم آخرون على انسحابها بالقول: “المهم راهي سلمت المشعل لخالتي زوبيدة (عسول)”.

ودعا مهاجمو المرشحات إلى إخلاء الساحة للمرشحين الرجال، بخاصة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، بالقول: “هذي امرأة وشعب مايتقبلهاش رئيسة للجزائر، لاحبذا أن تسابق الرجال امرأة وما خلقت لذلك، اترك السياسة لأهل الشهامة، روحي خلي الرجال تع معركة مثل الرئيس تبون”. في حين ردد البعض “تحيا تبون”، في ثنايا التعليقات السلبية ضد المرشحات.

واستند أصحاب الدعوات إلى فتاوى دينية ترفض تولّي النساء الحكم، وتشكّك في قدرتهن على القيادة. ونشر البعض معلومات مُضلّلة عن ديانة المرشحات؛ فعلى خلاف الحقيقة، زعمت منشورات أن المرشحة زبيدة عسول “مسيحية”، في محاولة لنشر خطاب طائفي مناهض لترشح المسيحيين. 

وحاول آخرون نشر خطاب ترهيبي من التصويت لامرأة بدعوى أنه “راك رايح تتحاسب عليه”، وأنه “لا يجوز في شرعنا أن نولي المرأة على الرجال”. وتعمد البعض طمس صورة عسول المصاحبة للمنشورات لأسباب دينية.

ودارت مزاعم عن محاربة المرشحات لـ”الحجاب والإسلام”، ودعمهن المثلية، في محاولة لتنفير الرأي العام الذي يسوده مزاج معادٍ لأصحاب الميول الجنسية المثلية، من المرشحات. وروجت منشورات لنظرية مؤامرة؛ مفادها أن المرشحات يرتبطن بلوبيات خارجية ودول أجنبية، أو على صلة بأجهزة حكومية.

وعقدت منشورات أخرى مقارنات منحازة بين زبيدة عسول والرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، زاعمة أن عسول “منكرة للحجاب”، في حين أن الرئيس تبون “نعرفه ويعرفنا”. 

عند مراجعة نمط الخطاب الذي تنشره المجموعات بشأن النساء، لاحظنا أنها اعتادت مهاجمتهن وقولبة أدوارهن، ونشر معلومات غير صحيحة بشأنهن؛ فراجت على إحدى المجموعات صور متلاعب بها تسخر من النساء، وتروج أن “مكانهن المطبخ”؛ دفعاً نحو إخراجهن من المجال العام.