أطلقت حسابات يمنية حملة تدوين عن المجموعات السلفية في اليمن، وسط اتهامات لدول مجاورة باستقدام أصحاب الفكر السلفي، لتنفيذ “أجندة” سياسية تهدف إلى السيطرة على محافظات جنوبية، واستغلال ثرواتها، واحتواء الانتقادات الموجهة لها.
نشطت حملة التدوين المنسقة هذه، على وسوم جرى تضخيمها، في إطار الحرب الافتراضية المستمرة بين القوى اليمنية الجنوبية المؤيدة لدول التحالف من جهة، والمناهضة لها من جهة أخرى.
تفاعلت مع هذه الوسوم حسابات، تدلل عدة مؤشرات على أن نشاطها منسق وغير أصيل.
منذ سنوات، تشهد الساحة اليمنية معارك افتراضية، بعضها ينتقد النفوذ الإماراتي والسعودي في اليمن، والبعض الآخر يهاجم “جماعة الحوثي” المدعومة من إيران وحزب “الإصلاح”، ويؤدي دوراً ملموساً في ماكينة الدعاية لدور أبوظبي والرياض.
شكلت الحملة المثارة مؤخراً عن دور السعودية والإمارات في دعم الخطاب السلفي المؤيد لهما في الجنوب، آخر حلقات هذه المعارك الإلكترونية؛ ففي الفترة ما بين 10 و20 مايو/أيار 2024، احتوى وسم #سلفية_المخابرات على نحو 22 ألف تدوينة على موقع “أكس” أو (تويتر سابقاً)، شُوهدت أكثر من 5 ملايين مرة، مع رؤية محتملة من جانب 9 ملايين آخرين، بحسب أداة Melt Water الرائدة في مجال تحليل محتوى الإنترنت والشبكات الاجتماعية.
أوقات نشاط هاشتاغ #سلفية_المخابرات – Meltwater
وبلغ عدد الحسابات المشاركة في موجة التدوين عبر هاشتاغ #سلفية_المخابرات 7448 حساباُ، ونشط على الوسم عشرات من الحسابات المؤثرة ،التي يصل عدد متابعيها إلى عشرات الآلاف، وتراوح عدد تدويناتها على الوسم بين تدوينة إلى 33 تدوينة.
ومن بين الحسابات الأكثر نشاطاً وتأثيراً:
@ @Adelalhasani, SSSSRR101, @anesmansory, @M_N_Albukhaiti, @Yamene11, @ibnalmaharh, @Balqee1s, @SRMd126, @salemboket, @A_A_Nabhane, @Aden_newss, @Yamene11, @mtahir2, @Alraadie_mahriu, @a1r2s3z4, @MohammadBalhaf, @bdelhmdalmhryy, @Ro_gopa.
حسابات مؤثرة في وسم #سلفية_المخابرات وعدد تدويناتها – Meltwater
وقف وراء إطلاق الحملة عادل الحسني، الذي يعرف نفسه بأنه قيادي سابق ب”المقاومة الجنوبية” ورئيس “منتدى السلام” لوقف الحرب في اليمن، بينما يقول بعض المؤيدين “للمجلس الانتقالي الجنوبي” إن آرائه مؤيدة لحزب “الإصلاح” و”جماعة الحوثي”.
والحسني من أبرز الناشطين اليمنيين في مجال إطلاق حملات التأثير عبر الشبكات الاجتماعية، التي يسميها “حملات توعوية”، وعادة ما ينشر آراء سلبية عن التحالف في اليمن، ولديه 357 ألف متابع لحسابه المنشأ منذ ديسمبر/كانون الأول 2018 على منصة “أكس”، بجانب 72 ألف متابع على صفحته على “فيسبوك”، التي تدار من تركيا وسلطنة عُمان، بحسب بيانات الشفافية التي يوفرها الموقع.
حمل وسم #سلفية_المخابرات مؤشرات على التلاعب في نشاطه على نحو يجعله غير أصيل، سواء من حيث حجم التفاعلات وطبيعتها، أو معدلات النشر عليه.
في يوم 11 مايو/أيار وحده، شهد الوسم قفزة مفاجئة بعد ساعات من ظهوره، مدفوعاً بـ 9544 تدوينة مرتبطة به، ويشكل هذا العدد القياسي من التدوينات في وقت قصير، علامة على نشاط مشكوك في طبيعته.
بالنسبة لطبيعة التفاعل، حازت التدوينات المعاد نشرها (ريتويت/ريبوست) نسبة 55.5% من إجمالي التدوينات المنشورة على الوسم، بما يساوي 12 ألف تدوينة، فيما صدرت 15200 تدوينة من حسابات غير معروف موقعها الجغرافي، ما يعد مؤشراً على وجود نشاط إلكتروني غير أصيل لترويج الوسم، بينما اقتصرت التدوينات الأصلية الصادرة مباشرة من الحسابات على نسبة 5% فقط، أي ألف تدوينة فقط من إجمالي منشورات الوسم.
طبيعة التفاعلات على وسم #سلفية_المخابرات – Meltwater
ينضم إلى المؤشرات السابقة، ظهور حسابات حوثية بين الحسابات القائمة بـ”الريتويت”، تظهر تفاعلات بعضها أنها وهمية، ويتضح أن البعض الآخر يقع ضمن شبكة من الحسابات المعنية بتضخيم النقاشات على منصة “أكس”.
قامت هذه النوعية من الحسابات بإعادة نشر تدوينات الحسني، واللافت أن بعضاً من هذه الحسابات يداوم على نشر محتوى مؤيد لجماعة الحوثيين، ولا يحظى بعدد كبير من المتابعين، فضلاً عن عدم وجود صور تعريفية لها، بينما يضع عدد منها صور عبدالملك الحوثي زعيم الحوثيين، وأُنشئ عدد من هذه الحسابات في 2023، في حين دُشن أحدثها في الشهر الحالي؛ مثل: sdlnymy718985@ و @BAlmflhy36732.
بعض هذه الحسابات:
@AlbdwyMhmd92103, @SAlrdhfany32372, @llly283755, @zaeid_ali18664, @ahmdly062654556, @fahad_almathani, @fahad_almathani, @ArfWny, @NTNC4C, @SAlhsyn36973, @AlmhyryWly66517, @sdlnymy718985, @frhan134120.
في دعوته للحملة، وجّه الحسني اتهامات إلى الإمارات والسعودية بنشر السلفية في اليمن، لا سيما الجنوب، والاستعانة بشخصيات سلفية في تنفيذ اغتيالات، وإثارة النزاعات لتعزيز نفوذهما وتدخلاتهما في اليمن.
ذكر الحسني أن شخصيات سلفية – مدعومة من الإمارات – باتت في مراكز قيادية في جنوب اليمن؛ مثل هاني بن بريك نائب رئيس “المجلس الانتقالي الجنوبي”، وعبد الرحمن المحرمي (أبو زرعة) عضو “مجلس القيادة الرئاسي”، كما زعم وجود مساع سعودية لنشر السلفية في محافظة المهرة شرقي اليمن، لبسط نفوذها على المحافظة.
وكرّر الكاتب الصحافي اليمني أنيس منصور، أحد أبرز مُطلقي الحملات الإلكترونية في اليمن، ما روجه الحسني من نظرية مؤامرة غير مدعومة بأدلة.
كما لعبت حسابات منصات يمنية، مثل: “الجنوب اليمني، منصة أبناء عدن”، دوراً في ترويج الهاشتاغ.
ورغم عدم توفر دليل قاطع على وجود علاقة مع الحسني ومنصور، تنشر المنصتان محتوى مشابهاً بدرجة كبيرة لما ينشره هذان الشخصان.
وتدار الصفحتان من الأردن وسلطنة عُمان وتركيا، بحسب خاصية الشفافية التي يتيحها “فيسبوك”.
وكان لافتاً نشاط حسابات المنصتين بالتزامن مع ظهور الوسوم والحملات المناهضة للسعودية والإمارات، وكان آخر نشاط لهما على هاشتاغ #سقطري_ترفض_الفوضى، الذي احتوى انتقادات للنفوذ الإماراتي في الأرخبيل اليمني الواقع في المحيط الهندي.