مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

أنشطة إلكترونية مشبوهة لـ”تأييد ومعارضة” الموقف المصري إزاء اجتياح رفح

أنشطة إلكترونية مشبوهة لـ”تأييد ومعارضة” الموقف المصري إزاء اجتياح رفح

لاحظ مجتمع التحقق العربي صعود عدة وسوم إلى قائمة الأكثر تداولًا على منصة إكس (تويتر سابقًا)، بالتزامن مع التحركات الإسرائيلية في رفح؛ منها: #مصر_كابوس_اسرائيل، الذي يؤيد الموقف المصري في مواجهة الانتقادات التي أخذت في الظهور على أكس.

 

أدانت القاهرة التصعيد الإسرائيلي في معبر رفح، ونفت تل أبيب مخالفتها معاهدة السلام. في الوقت نفسه، رددت برامج تلفزيونية مصرية ما قالته إسرائيل بأن نشاطها في “المنطقة د” ليس خرقًا للمعاهدة.

 تمتد هذه المنطقة من شرق رفح حتى إيلات، ويوجد فيها قوة إسرائيلية مؤلفة من أربع كتائب مشاة ومركباتهم، بموجب اتفاقية كامب ديفيد 1979. 

في هذه الأثناء، ظهرت حملة دعائية منسقة للحكومة المصرية بعد سيطرة الجيش الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، للمرة الأولى منذ انسحابه من غزة في 2005. 

لاحظ مجتمع التحقق العربي صعود عدة وسوم إلى قائمة الأكثر تداولًا على منصة إكس (تويتر سابقًا)، بالتزامن مع التحركات الإسرائيلية في رفح؛ منها: #مصر_كابوس_اسرائيل، الذي يؤيد الموقف المصري في مواجهة الانتقادات التي أخذت في الظهور على أكس.

تضمن الوسم 12 ألف تدوينة على الأقل، شٌوهدت 967 ألف مرة حتى التاسع من الشهر الحالي، ونتج عنها 40 ألف حالة تفاعل، حسب إحصاءات أداة Meltwater، المتخصصة في تحليل محتوى وسائل التواصل الاجتماعي.

 وصل التفاعل على الهاشتاج إلى ذروته في مساء 7 أبريل/ نيسان، مدفوعًا بـ6837 تدوينة نُشرت في هذا اليوم وحده.

الأكثر تدوينًا وتأثيرًا 

شارك في موجة التدوين عبر الوسم 1689 حسابًا؛ منها حسابات سبق وأن كشف مجتمع التحقق العربي عن مشاركتها في إطلاق حملات إلكترونية في مصر.

نالت تدوينات هذه الحسابات قدرًا أكبر من التفاعل على الوسم. تضع بعضاً من هذه الحسابات صورًا للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وشعارات فرعونية، وأعلام مصر. ويتابعها عشرات الآلاف من المتابعين.

جاء في صدارة هذه الحسابات، حساب “باسم المصري المايسترو (باسم بخيت)”، المعروف بنشاطه الكبير في الحشد والتضخيم الدعائي لسياسات الرئيس وحكومته. نشر باسم 412 تدوينة على الأقل على وسم #مصر_كابوس_إسرائيل.

سبق أن أظهرنا دور صاحب الحساب في تحقيقات سابقة، من حيث تعبئته جملة حسابات يقودها لتلعب دورًا في حملات التصيد، ومهاجمة المعارضين لمواقف الحكومة وسياستها. يطلق باسم على مجموعته “دولجية تويتر”، وله جروب مغلق على فيسبوك يحمل اسم “دولجية مصر”، كان قد أنشأه قبل عدة أسابيع. 

بعد ساعات من إطلاق الهاشتاج، كتب باسم في حسابه على إكس، تهنئة لأنصاره بصعود “الهاشتاجات الرسمية”. اعتاد باسم القيام بذلك أثناء إطلاق الحملات، لدفع المزيد من الحسابات المرتبطة به للانخراط في هذه الأنشطة، ففي أغلب الأوقات هو أول من يطلق الحملة، ليتم الحشد على الوسم.

مصطلح “دولجية” يعود إلى سنوات بعيدة، ويقصد به مؤيدو الحكومة، الذين يهاجمون خصومها وناقديها. يلي حساب “باسم المايسترو” في معدل التدوين على الوسم، حساب @_SOLA_a6، برصيد 121 تدوينة، كان أغلبها إعادة نشر لتدوينات الهاشتاج. 

كان مجتمع التحقق العربي قد أوضح من قبل أن الحساب مملوك لمواطنة سورية، اسمها سولا عضوم، تعيش في محافظة حمص. وسبق أن انخرطت سولا بشكل لافت في حملات باسم على مدار السنوات الأخيرة، وكان اسم المستخدم لحسابها السابق _SOLA_3@.

وحضر رئيس التحرير التنفيذي لموقع وصحيفة اليوم السابع -المقربة من النظام- دندراوي الهواري Dandrawy_hawary@، في موجة التدوين عبر الوسم عن طريق إعادة نشر سبعة تدوينات على الأقل. ويتابع الهواري 131 ألفاً على إكس.

علامات على نشاط منسق 

شكّلت الردود على التدوينات الواردة في وسم #مصر_كابوس_إسرائيل 51.1%، أي 6200 ألف تدوينة، من إجمالي عدد التدوينات، فيما شكلت إعادة مشاركة (ريتويت/ريبوست) 37.2%، أي 4200 تدوينة على الأقل. بينما مثّلت التدوينات الأصلية على الهاشتاج نسبة 4.3% فقط، بما يساوي 529 تدوينة. 

تشكّل إعادة النشر والردود النسبة الأكبر من التدوينات، وهذا مؤشر على وجود نشاط منسق يسيطر على الهاشتاج. 

يؤكد ذلك ما لاحظناه عندما حللنا الردود المنشورة على الوسم، التي تبدو وكأنها “Spam”؛ أي تدوينات عشوائية، هدفها التضخيم، وزيادة انتشار الهاشتاج بطريقة منظمة غير تلقائية.

في اللقطات أدناه، يكتب “باسم المايسترو” تدوينة، فيقوم حساب من دائرته بالرد بعدد من الهاشتاجات، بينها الهاشتاج موضع التحليل. وقتها، يعاود باسم الرد مرة أخرى بالوسوم نفسها، في سلسلة مستمرة. 

أطلق باسم الحملة في الساعة 04:17 من مساء 7 أبريل/نيسان، بعدما طالبه حساب آخر يحمل اسم توت غنخ آمون بأن “انزل بالهاشتاج”، أي قم بإطلاق وسم، فرد باسم بوسم #مصر_كابوس_إسرائيل، لتعلق على التدوينة حسابات أخرى مستخدمة الهاشتاج نفسه. فيما وصف البعض الهاشتاج بأنه “الهاشتاج الرسمي” الذي يعبر عن موقف “دولجية تويتر”، وأرفقه بصورة السيسي

عندما دققنا في توقيتات النشر، لاحظنا أن أوقاتا بعينها قد شهدت كثافة تدوين؛ مثل: الساعة الثالثة والخامسة والعاشرة من مساء 7 أبريل/نيسان، وكذلك العاشرة من مساء 8 أبريل/ نيسان. يشير تماثل توقيتات النشر أو الضخ المتزامن في ساعات محددة على مدار اليوم إلى إمكانية وجود نشاط منظم غير تلقائي.

معلومات غير صحيحة.. ماذا يقول محتوى الوسم؟

بعد قرابة أسبوع من وجود الجيش الإسرائيلي في محور فلادليفيا وسيطرته على معبر رفح، أفادت قناة القاهرة الإخبارية – التي تديرها الدولة – السبت 11 مايو/أيار، أن مصر رفضت التنسيق مع إسرائيل بشأن دخول المساعدات الإنسانية من المعبر، اعتراضًا على التصعيد الإسرائيلي “غير المقبول”، حسبما نقلت القناة عن مصدر رفيع المستوى.

مع بدء انتشار القوات الإسرائيلية في المنطقة الاثنين الماضي، زعمت حسابات الحملة المصرية أنها انسحبت من محور فلادليفيا، ومعبر رفح، بعد أن التقطت صورًا ومقاطع فيديو. 

وهي معلومات غير صحيحة روجتها هذه الحسابات، إذ إن القوات الإسرائيلية لا تزال موجودة في المحور، وتوسع تدريجيًا نطاق عملياتها في المنطقة.

روّج قائد الحملة “باسم المايسترو” لهذه المعلومات، وكرّرت حسابات على إكس وصفحات عبر فيسبوك نشر ذلك بالصيغة نفسها، مع تكرار استخدام وسم #مصر_كابوس_إسرائيل. وكانت أحد التدوينات منشورة في حساب على فيسبوك – اسمه محمد طه سليمان – موقعة باسم “المايسترو”؛ ما يؤكد أن التنسيق بين هذه الحسابات عابر للمنصات الاجتماعية. 

في تدويناته، عادة ما يستخدم باسم صور فنانين مصريين خلال الحملات الإلكترونية. وفي تدوينة له تقول: ‏”هي مش عاركة في خمارة! 48 ساعة وإسرائيل هتاخد بعضها، وترجع من حيث أتت بعيداً عن معبر رفح الفلسطيني”، أرفق باسم صورة الفنان كريم عبد العزيز. 

انتشر محتوى هذه التغريدة بين منصتي فيسبوك ومنصة إكس، بالصيغة والصورة نفسها.

حسابات إسلامية وصور مُنتجة بالذكاء الاصطناعي

في المقابل، نشطت حسابات، بعضها يعبر عن موقف جماعة الإخوان المسلمين، لتهاجم الموقف المصري من التحركات الإسرائيلية في رفح.واستخدمت هذه الحسابات السخرية، ولقطات من أفلام مصرية، لتنشر تدوينات متكررة المحتوى. 

تزامنًا مع العمليات الإسرائيلية في رفح، راجت صور مُنتجة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، يظهر في إحداها السيسي، وعلى جبهته العلم الإسرائيلي، وهو ينظر ساخرًا تجاه أطفال فلسطينيين، مع تعليق يقول “السيسي يشارك عامدًا متعمدًا في حصار أهل غزة”. 

كان لافتًا أن أغلب هذه الصور منشورة على حسابات عراقية، يعبر محتواها عن قربها من القوى الموالية لإيران في العراق؛ مثل حسابات @alsafa229, @hasna313_2, @_reyhaneh_0.

وعندما تأملنا طبيعة التفاعلات مع تدوينة حساب _reyhaneh_0@، التي احتوت الصورة، لاحظنا أن بعض الحسابات المتفاعلة اتخذت من صور قيادات القوى الموالية لإيران، صورًا تعريفية لها؛ مثل صورة الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، وقائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني، ونائب رئيس الحشد الشعبي العراقي أبي مهدي المهندس. إلى جانب انتشار أعلام إيران والعراق وسوريا ولبنان واليمن على الحسابات، واستخدام وصف “محور المقاومة” في المساحة التعريفية (Bio) للحسابات. 

من بين الحسابات التي أعادت نشر تدوينة _reyhaneh_0@ تلك، حسابات تسمي نفسها “فريق دعم المقاومة، المقاوم المجهول البديل، حرة للدعم، أيقونة المقاومة، ريتويت”. وعادة ما تشير كلمة “دعم” التي تستخدمها حسابات من هذه النوعية إلى أنها جزء من شبكات تُستخدم في تضخيم الهاشتاجات والحملات الإلكترونية. 

وعندما يضع بعضها علامة الريتويت، فهذا يعني أنها مخصصة للقيام بإعادة نشر محتوى الحسابات خلال الحملات الإلكترونية، بالإضافة إلى كونه مؤشرًا؛ لأنها حسابات وهمية لا يملكها أشخاص حقيقيون.

عندما حاولنا تجربة البحث العكسي عن صورة الرئيس المصري الرائجة، وجدنا واحدة من أقدم نسخها منشورة في حساب الإعلامية الإيرانية DShhla@، في مارس/آذار الماضي.