مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

حسابات وهميّة تروّج لهجمات ميليشيات عراقيّة على إسرائيل

حسابات وهميّة تروّج لهجمات ميليشيات عراقيّة على إسرائيل

حسابات وهميّة تروّج لهجمات ميليشيات عراقيّة على إسرائيل

حملت الوسوم المنتشرة على موقع “أكس” خطاباً ترويجياً للمجموعات الموالية لإيران موجّهاً إلى الجمهور في العالم العربي، إضافة الى الدعاية لدور طهران في المنطقة، في جهدٍ موازٍ للحملات الإلكترونية الإسرائيلية، ضمن سياق التنافس على تضخيم روايات كل طرف. 


تزامناً مع تصاعد وتيرة الأنشطة العسكرية لميليشيات عراقية على هامش الحرب الدائرة في قطاع غزة، في الآونة الأخيرة، نشطت وسوم منسّقة أنشأتها حسابات بعضها وهمي.

 حملت الوسوم المنتشرة على موقع “أكس” (تويتر سابقًا) خطاباً ترويجياً للمجموعات الموالية لإيران موجّهاً إلى الجمهور في العالم العربي، إضافة الى الدعاية لدور طهران في المنطقة، في جهدٍ موازٍ للحملات الإلكترونية الإسرائيلية، ضمن سياق التنافس على تضخيم روايات كل طرف. 

خلال الموجة المنسّقة، استدعى القائمون عليها شبكة تضم مئات الحسابات الوهمية؛ للمساهمة في زيادة انتشار الحملة وتضخيمها، وإلى جانب حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن، برز اسم ميليشيات مثل المقاومة الإسلامية في العراق، خلال الحرب في غزة. 

في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، أعلنت المقاومة الإسلامية في العراق، التي تنضوي تحتها كتائب حزب الله وحركة النجباء -للمرة الأولى- مشاركتها في مهاجمة أهداف إسرائيلية، بدأتها بمدينة إيلات المُطلة على خليج العقبة.

زادت الميليشيات العراقية ضرباتها خلال آذار/ مارس الماضي، لتصل إلى 14 ضربة مزعومة على الأقل – بحسب بيانات المقاومة الإسلامية في العراق عبر قناة على تلغرام – ومعها زادت الحملات الدعائية للقوى المرتبطة بإيران.

في وقت مبكر من صباح 24 آذار، نشرت قناة تلغرام مشاهد قالت إنها لـ”استهدف المقاومة الإسلامية في العراق مقر وزارة دفاع الكيان الصهيوني في تل أبيب بأراضينا المحتلة”.


آنذاك، بداية من 24 إلى 26 آذار، عاود وسم #انه_زمن_المقاومة الظهور على “إكس” (تويتر سابقًا). في هذه الفترة وحدها، كانت هناك نحو 26700 ألف تدوينة، شُوهدت نحو 262 ألف مرة، وكانت في نطاق رؤية إضافي يقدّر بـ 864 ألف مشاهدة محتملة. 

كما ولّدت المنشورات أكثر من 28 ألف حالة تفاعل، حسب أداة Meltwater الرائدة في تحليل محتوى الشبكات الاجتماعية. 

نشاط وسم #انه_زمن_المقاومة وتوقيت عودته للظهور في منصة إكس – Meltwater


الأكثر تأثيراً

شارك في موجة التدوين على هاشتاغ #انه_زمن_المقاومة، 1640 حساباً، تعكس أنشطتها ارتباطاً بالقوى الشيعية العراقية المقربة من إيران على اختلاف ألوانها، وتؤدي دوراً في ماكينة الدعاية لها، وتضخيم وجودها الافتراضي.

برصيد 36 تدوينة على الأقل، كان abo_mahde313@ الأكثر تدويناً وحصولاً على التفاعل، رفقة حسابي: fadk_alamir93@- sin98ll@. وحشد الحساب لتضخيم الوسم، وفي سبيل ذلك، شارك الإشعارات (Tag) مع حسابات أخرى، عراقية ولبنانية ويمنية، في تدويناتها لدعوتها الى التغريد.

يضع الحساب أعلام إيران والعراق ولبنان وسوريا واليمن. وهو غزير التدوين؛ إذ لديه 21200 تدوينة على الأقل، بثّهم منذ إنشائه في تموز/ يوليو 2022. 

اعتاد الحساب ترويج بيانات “الإعلام الحربي للمقاومة الإسلامية في العراق”، وما تنشره قناة العهد، التابعة لعصائب الحق الممولة من إيران. يقود العصائب قيس الخزعلي الذي تنتشر صوره في مواضع مختلفة على موقع القناة. وهناك موقع يحمل الاسم نفسه، قريب من حزب الله في لبنان.



ما الذي تضمّنته الحملة؟

احتوى وسم #انه_زمن_المقاومة نقاطاً عدة، في مقدمها الحديث عن الهجمات الصاروخية لتكتل المقاومة الإسلامية في العراق على قواعد ومنشآت إسرائيلية. 

وإلى جانب التمجيد والدعاية للقوى المؤلفة للتكتل، تكرر نشر صور قيس الخزعلي وأكرم الكعبي، الأمين العام لحركة النجباء، وهاشم فنيان رحيم السراجي (أبو آلاء الولائي)، الأمين العام لحركة سيد الشهداء (المعروفة أيضاً بلواء أبو الفضل العباس، وكتائب كربلاء)، وكلهم يخضعون لعقوبات أميركية.

وتضمّن الوسم تدوينات مكررة، نشرتها حسابات وهمية، بحسب تقييمنا لها بناء على مظهرها وطبيعة نشاطها ومحتواها.

تستخدم الحسابات صوراً تعريفية مأخوذة من شبكة الإنترنت أو تضع شعارات الميليشيات العراقية. ونشرت على هذه الحسابات عدداً كبيراً من التدوينات، بما لا يتناسب مع عمرها الافتراضي القصير على “إكس”، فيما لا تُتابع أو يتابعها عدد كبير.

يعود تاريخ إنشاء الحسابات إلى السنوات الأخيرة، وأحدثها مُنشأ في كانون الثاني/ يناير 2024. وبعضها كان في وضع خامل لمدة أشهر وسنوات، قبل أن ينخرط في الحملة الحالية؛ وهي حيلة معتادة في إدارة جيوش الحسابات الوهمية وتشغيلها من جانب مُنسقي الحملات الإلكترونية في المنطقة العربية. 

أحياناً، يُفسر ذلك بالرغبة في تجنّب اكتشاف “إكس” نشاطها وإغلاقها أو تفادي جذب الأنظار إليها حتى لا تصبح مألوفة ومشكوكاً في أمرها، بخاصة بعد مشاركتها في حملة كبيرة. ويحدث أن تتم إزالة بعض محتواها، وإبقائها خاملة لحين استدعائها حملة جديدة للاستفادة من قدم تاريخ إنشائها لإعطائها لمحة من الموثوقية والمصداقية. 

في حين اكتفت حسابات وهمية أخرى بـ”الريتويت/الريبوست” (إعادة النشر)، وبعضها وضع كلمة “دعم” وعلامة الريتويت التي عادة ما توضع في الحسابات التي تكون جزءاً من شبكة ريتويت؛ مثل: 

@alyaman500sadfy36293, @hmyd29640, @MhmdFadl15058, @mnjjj222, @qysqys294737, @o7x_j, @kazem_asma43098.



هذه المؤشرات تعززها إحصاءات Meltwater، التي تقول إن نسبة 80.1 في المئة من إجمالي المنشورات الموجودة على الوسم، عبارة عن تدوينات في صورة “ريتويت/ريبوست”، بما يوازي 21400 تدوينة؛ وهو مؤشر آخر إلى وجود نشاط منسق هدفه تضخيم الوسم والرسائل المُراد التعبير عنها من خلاله. 

يشار إلى أن منصة “إكس” تعتبر أي تدوينة مُعاد نشرها تدوينة جديدة؛ كونه تم “الريتويت” لها في حساب آخر. فيما كان عدد التدوينات الأصيلة المنشورة على الهاشتاغ 4600 تدوينة فقط (17.4 في المئة). والتدوينات الأصلية ليست بالضرورة صادرة من حسابات يملكها أشخاص حقيقيون، لكن القصد هو صدور تدوينات بشكل مباشر من حسابات معينة بدلاً من أن تكون في صورة “ريتويت”.

إلى جانب المؤشرات السابقة، لاحظنا صدور 22900 من إجمالي الـ 26700 تدوينة على الهاشتاغ من حسابات غير معروف مكانها؛ وهي إشارة أخرى تؤكد وجوداً كبيراً للحسابات الوهمية على الهاشتاغ. 

وكان العراق في صدارة النطاقات الجغرافية المعروفة التي خرجت منها تدوينات بـ 3400 تدوينة على الأقل، فيما كانت إيران في مرتبة متأخرة برصيد 17 تدوينة، منها تدوينات من حساب منسوب الى وكالة أنباء تسنيم التابعة للحرس الثوري الإيراني، التي استخدمت الهاشتاغ أيضاً.


طبيعة المحتوى والنطاقات الجغرافية المعروفة لحسابات وسم #انه_زمن_المقاومة – Meltwater


حملات إقليميّة 


كان وسم #انه_زمن_المقاومة قد ظهر للمرة الأولى في 27 كانون الأول/ ديسمبر 2018، بعد الكشف عن زيارة سرية للرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، للقوات الأميركية في قاعدة عين الأسد الجوية الواقعة في صحراء الأنبار غرب العراق.

آنذاك، كانت طليعة الحسابات المشاركة في إطلاق الوسم منخرطة في حملات إقليمية عابرة للحدود، لا سيما في مناطق نفوذ إيران واهتمامها.

على سبيل المثال، شاركت الحسابات في حملات دعائية لكتائب حزب الله والحشد الشعبي، وأخرى لتصيّد مجتمع المثليين في العراق. وكانت هذه الحسابات جزءاً من أنشطة إلكترونية منسّقة تهاجم السعودية والبحرين. 

من أبرز الوسوم التي قادت الحملات: “#الكتايب_فخر_العراق، #كلا_لعلم_المثليين_بالعراق، #ثبات_على_الولايه، #السعودية_قذارة_الشرق_الاوسط، #ال_خليفة_يعدمون_البحرين”.