في منتصف شباط/ فبراير، ظهر الضابط في سلاح الجو السعودي سالم القحطاني، في مقطع فيديو أعلن خلاله انشقاقه واعتراضه على سياسات الحكومة، قائلاً إن “البلد يعيش في تغيّر سريع، وكل يوم نسمع عن مشاريع ضخمة ونوعية… ومرت السنين والسنين ولا شفنا شيء على أرض الواقع”.
القحطاني، الذي خدم في القوات الجوية 6 سنوات توزّعت ما بين خميس مشيط والرياض، انتقد “حماية صاحب السلطة تحت غطاء من الأحاديث” الدينية الانتقائية، وتحدث عن تردي أحوال العسكريين والمتقاعدين، بينما “مئات الملايين تحترق على حفلات لا تقدّم قيمة حقيقية”، حسب قوله.
مع تناقل الفيديو، أصبح اسم القحطاني رائجاً عبر منصة “إكس” (تويتر سابقاً) بأكثر من 6 آلاف تدوينة حصدت أكثر من 21.5 ألف حالة تفاعل، وشاهدها 6 ملايين متابع، مع نطاق رؤية محتمل لنحو 13 مليون مرة.
كما عاود وسم #خونة_الأوطان نشاطه، مدفوعاً بـ 8 آلاف تدوينة، ولّدت 25,800 حالة تفاعل وشُوهدت مليون و900 ألف مرة على الأقل، وباتت في نطاق رؤية محتمل قوامه 20 مليون مرة، بحسب Meltwater الرائدة في تحليل محتوى الشبكات الاجتماعية.
مشهد النشاط على وسمي #خونة_الأوطان و#سالم_القحطاني – Meltwater
تحت وسم #خونة_الأوطان وحده، بلغت نسبة إعادة مشاركة التدوينات 71 في المئة، فيما صدرت أكثر من 4 آلاف تدوينة – من أصل 8 آلاف – من حسابات غير معروف موقعها الجغرافي، وهو ما يحمل مؤشرات إلى وجود نشاط غير تلقائي.
طبيعة التفاعلات أبرز الدول التي صدرت منها تدوينات على وسم #خونة_الأوطان – Meltwater
الأكثر تأثيراً
ظهر وسم #خونة_الأوطان للمرة الأولى على حسابات مصرية وخليجية في عام 2013، لكن الصبغة السعودية تسيطر عليه في السنوات الأخيرة، وينشط الوسم بين حين وآخر وفقاً لطبيعة الحملة ضد ناقدين خارج المملكة.
شارك 5852 حساباً على الأقل عبر الهاشتاغ خلال الحملة ضد سالم القحطاني، في حين كان هناك عدد من الحسابات البارزة المعروفة بانخراطها في الحملات الدعائية للمملكة وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إضافة الى تشويه المعارضين، وذلك عبر نشاطات غير أصيلة تتلاعب بسياسات النشر عبر “إكس” وتصل أحياناً إلى إغلاق أو اختراق أو الاستيلاء على الحسابات.
تحظى الحسابات الأكثر تأثيراً في الحملة، بمتابعة عشرات الآلاف من المتابعين على الأقل، وبعضها يزيد عن المليون متابع، مثل حساب الداعية عائض القرني، و”الردع السعودي، كولومبوس، توماس، ترنب، زهرانكو”.
روّجت الحسابات لروايات عدة حول سالم القحطاني، تركزت في غالبيتها حول وصفه بأنه “مريض نفسي”، و”عاق بأمه”، بعد اختفائه ومغادرته المملكة إلى كندا.
في ترويجها هذه الرواية، استندت الحسابات إلى تدوينة نشرها حساب اسمه علي القحطاني @aliyaco17041563، في 16 كانون الثاني/ يناير الماضي، يقول فيها:”#سالم_القحطاني مفقود قرب الرياض منذ عدة أسابيع، تناشد والدته المريضة أهل الخير في البحث عنه”.
زعمت التدوينة أنه يعاني من حالة نفسية، بينما شككت حسابات معارضة في توقيت نشر التدوينة السابق على ظهور فيديو انشقاق القحطاني، ووصفت المعارضة ما كتبه علي القحطاني بأنه تدوينة “استباقية” لخشية السلطات من انشقاقه، حسبما تقول المعارضة.
لا يوضح حساب علي القحطاني ما هي صلته بسالم بالتحديد، وهو يضم ما يزيد عن 530 تدوينة منذ إنشائه في تشرين الأول/ أكتوبر 2022. تتضمن التدوينات عبارات مقتبسة وأدعية وآيات قرآنية.
محتوى متكرر وخطاب كراهية
ضمّت التدوينات حول سالم القحطاني محتوى متكرراً تم تداوله بين الكثير من الحسابات المشاركة في الحملة، أبرزها اللقطة المأخوذة لتدوينة علي القحطاني، التي تم تداولها على نطاق واسع، ومقاطع فيديو أُنتجت بعناية لمهاجمة سالم القحطاني، مع وصفه بـ”المضطرب نفسياً، و”المدمن”، و”الخارج”، و”سوابق”.
يظُهر محتوى بعض الحسابات أنها تعيد نشر تدوينات تشير إلى الجيش السلماني الإلكتروني، وحسابات Out of Context ذات النسخ المختلفة التي ظهرت في الأشهر الأخيرة على “إكس”، وعادة ما تتصيّد التعليقات السلبية لأصحاب الجنسيات العربية عن السعودية، وهو ما يثير تفاعلات سعودية غاضبة.
كما احتفت حسابات بإغلاق حساب سالم القحطاني بشكل مؤقت. وليس واضحاً سبب تعطل الحساب، رفبما كانت وراء ذلك حملة “بلاغات”، بحسب ما قد تشير إليه نبرة تدوينة حساب الرويتعي وهاني صنيتان، الذي يعرف نفسه بأنه “وطنجي معاصر”، ويتشارك نوعية المحتوى المنشور نفسه في الحسابات المشاركة في حملات البروباغندا السعودية.
كما هاجمت الحملة منتقدي الحكومة الموجودين خارج المملكة، مع استخدام كلمات وعبارات مسيئة، بعضها يشبههم بالحيوانات، مثل: “الحشرات، الكلاب، البقر تشابه علينا، مزبلة التاريخ، أدوات مارقة، مرتزقة، خونة، مرضى”.
إلى جانب احتفاء حسابات مشاركة في الحملة وتناقلها منشورات ومقاطع فيديو ظهر خلالها مؤثرون اجتماعيون وإعلاميون في محطات تلفزيونية رسمية، أدلوا بآرائهم تجاه إعلان سالم القحطاني انشقاقه، ومنهم المؤثرة المعروفة باسم شهد، ومذيع قناة الإخبارية رافع العمري.