مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

حملة سعودية منسقة على “الدول المجاورة” دفاعاً عن موسم الرياض” على رغم قصف غزة”

حملة سعودية منسقة على “الدول المجاورة” دفاعاً عن موسم الرياض” على رغم قصف غزة”

اعتذار الممثل محمد سلام عن المشاركة في “موسم الرياض” أثار غضباً سعودياً ترجم بحملة إلكترونية منسقة، حملت بعض منشوراتها هجوماً على سلام والمصريين، إلى جانب خطاب قومي للرد على دعوات إلغاء موسم الرياض.

 

اعتذر الممثل المصري محمد سلام قبل 5 أيام من انطلاق “موسم الرياض 2023” المقام في الرياض، عن المشاركة في العرض المسرحي “زواج اصطناعيّ”.  جاء الاعتذار عبر فيديو مصوّر عبر فيه سلام عن حزنه بسبب الظروف المأساوية التي يعيشها سكان قطاع غزة جراء القصف الإسرائيلي الممتد منذ هجوم حركة حماس في 7 أكتوبر/ تشرين الأول.

اعتذار محمد سلام أثار غضباً سعودياً جاء مُترجمًا في صورة حملة إلكترونية منسقة، وظهرت عدة وسوم تحتوي عشرات الآلاف من التدوينات، التي يحمل بعضها هجومًا على سلاّم والمصريين، معتمدة على خطاب قومي شوفيني للردّ على دعوات إلغاء موسم الرياض.

بعد وقت قصير من نشر الفيديو، شهد موقع إكس عودة ظهور الوسم القومي #السعودية_خط_احمر – الذي عادة ما يتم تحريكه في وقت القضايا أو الأزمات السياسية والدبلوماسية ذات الصلة بالمملكة.

في الفترة الممتدة من مساء يوم 24 إلى 30 أكتوبر/ تشرين الأول، كان هناك 174 ألفا و382 تدوينة على الهاشتاغ، حسب إحصاءات Meltwater لتحليل محتوى شبكة الإنترنت. في وقت بلغ الوسم ذروته في يوم 26 وحده بإجمالي يزيد عن 84 ألف تدوينة.

كشفت الحملة السعودية الإلكترونية المُنسقة التي تعتمد على خطاب قومي للرد على الدعوات إلغاء موسم الرياض، عن الدور البارز لما يسمى “الجيش السلماني الإلكتروني”، المعروف بدوره في إطلاق الحملات المنسقة والدخول في معارك افتراضية للدفاع عن الموقف الرسمي للسعودية.  استخدمت في الحملة شبكات حسابات وهمية متعددة للمساهمة في تضخيم وزيادة رواج الوسم.

كشف التحليل أيضاً عن وجود شبكة حسابات تحمل أسماء تركية، تشترك في نفس المحتوى المنشور، لا يتابعها أحد، وتفاعلاتها تقتصر على الريتويت، تضمن ذلك استخدام مفردات تندرج تحت خطاب الكراهية في مهاجمة المصريين.

الوسوم الأكثر تأثيراً 

شارك في الكتابة على الهاشتاغ 69 ألفا و516 حسابًا، لكن حسابات يتابعها مئات الآلاف والملاييين ساهمت إلى حد كبير في زيادة حجم زخم ورواج الهاشتاغ.

من بين الحسابات المؤثرة في الهاشتاغ: 

@Dr_alqarnee, @mh_awadi, @AhlamMostghanmi, @ghadaoueiss, @M_nasseraly, @nasser_duwailah, @Eastern_RT, @mes___20, @hneenxo, @Alshaikh2, @AbtTrend, @anesmansory.

إلى جانب حسابات مؤيدة لاستمرار تنظيم موسم الرياض باعتباره حدثاً اقتصادياً، كما استخدمت حسابات أخرى الهاشتاغ نفسه، علماً أن بعضها لا يؤيّد وجهة النظر السعودية، مثل حسابات الإعلامي المصري محمد ناصر، والصحفي اليمني أنيس منصور. 

في حسابه عبر موقع إكس، كتب الداعية عائض القرني، الذي يتابعه 20 مليون حساب، تدوينة عامة تحتوي الوسم، في حين اكتفت بعض الحسابات الضخمة بإعادة مشاركة المحتوى، مثل الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي، التي أعادت نشر تدوينة تهاجم “المتصهينين العرب”، كانت كتبتها السعودية علياء أبو تايه الحويطي من مؤسسة “رابطة المعارضين المستقلين العرب”.  

رصدنا مؤشرات على مشاركة حسابات على علاقة بما يسمى بـ”الجيش السلماني الإلكتروني” في حملة التدوين على الهاشتاغ، وهو عبارة عن “قوَة إلكترونية وطنية تطوعية… اتخذوا تويتر منصّة لهم بهدف الدفاع عن الدين والقيادة والوطن”. أسسها شخص اسمه عزيز القحطاني في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2015، حسبما يقول موقع إلكتروني للمجموعة.

كان حساب “إدارة الترند والجيش السلماني” يعيد نشر تدوينات منشورة للحسابات المشاركة في وسم #السعودية_خط_أحمر، مصحوبة بوسم #الجيش_السلماني_الإلكتروني، كما يظهر في الصورة أدناه.

ارتبط “الجيش السلماني” بالعديد من الحملات الإلكترونية المنسقة على مدار السنوات الماضية، مع القيام بعمليات اختراق أو غلق حسابات منتقدي السعودية. بعض الحسابات المشاركة في الحملة كانت تضع وسم #الجيش_السلماني، مثل حساب بنت الوطن (Loj_2022@)، الذي كان يضع صورًا تعريفية للملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

من بين الحسابات المرتبطة بـ”الجيش السلماني” والنشطة على الوسم، حساب عبدالله بن بندر abinbandr2@، الذي وردت تدويناته ضمن الأكثر تأثيرًا وتفاعلا، برصيد 21 تدوينة نشرها في الوسم. ومثله نشط حساب عبدالله الشمري – 011_alshammari@ برصيد 68 تدوينة. وحساب عزيز المطيري zgTzJgZVTuowiaC@ بـ 244 تدوينة. ولاحظنا حسابًا آخر يحمل نفس اسم الحساب الثاني، ولكن معكوسًا، أي “المطيري عزيز – lqSdaPaE7dq3fuN@”، ونشر وحده 988 تدوينة، كما لاحظنا تغريدين للمطيري، إحداهما كانت تهاجم “الكلاب التي تنبح”، وأخرى تتحدث عن علاقة “الدم الواحد” بين مصر والسعودية. 

في يوليو/ تموز، ظهر عبدالله بن بندر والمطيري والشمري في سلسلة تغريدات تهنئة لسعود القحطاني، المستشار السابق في الديوان الملكي السعودي، على مولوده الجديد. ظهر القحطاني في يونيو/ حزيران، بعد اختفائه عن الأنظار منذ واقعة مقتل الصحفي جمال خاشقجي في عام 2018، وقبل إعفائه من منصبه على هامش مزاعم تورطه في مقتل خاشقجي، كانت هناك العديد من التقارير حول دوره في أنشطة البروباغندا والحملات الإلكترونية.

 ألف تغريدة من حسابات مجهولة المكان  

خلال فترة النشاط الأخير لوسم #السعودية_خط_أحمر، تم نشر حوالي 123 ألف تدوينة (122756) صادرة من حسابات لا تحدد مكانها الجغرافي. وطالعها 13 مليونًا و600 ألف حساب، وكانت في نطاق رؤية محتمل لـ 20 مليونًا و668 ألفا آخرين.

يبلغ قوام هذه الحسابات 46,697 حسابًا على الأقل وفقا لـ Meltwater،، وهو عدد هائل، لكنه ربما يعطي تفسيرًا لسبب صعود الهاشتاغ إلى صدارة الترند، ويثير العديد من التساؤلات حولها. كما  لاحظنا وجود حسابات تُظهر مؤشرات نشاطها أنها وهمية، ومع تدقيقنا في الأمر، وجدنا أكثر من شبكة وهمية منخرطة في موجة التدوين على الهاشتاغ.

إحدى هذه الشبكات، كانت حساباتها مُنشأة في شهري سبتمبر/ أيلول وأكتوبر/ تشرين الأول 2023، إلى جانب أخرى ظهرت في عام 2021 و2022.

لم تحظ حسابات الشبكة بعدد كبير من المتابعين، وبعضها لا يتابعها أحد تمامًا. ومحتواها عبارة عن ريتويت/ ريبوست لمحتوى حسابات سعودية دعائية لولي العهد السعودي، وفي نفس الوقت تروج لمنتجات تجارية، وهي إحدى الممارسات الرائجة في فضاء منصة إكس في المملكة، حيث تستخدم العديد من الجهات جيوش من الحسابات الوهمية للأغراض السياسية والتجارية. وحتى مطلع 2023، كان لدى السعودية 15.5 مليون مستخدم للمنصة.

حملت بعض حسابات الشبكة علامة التوثيق الزرقاء المدفوعة، بينما لا يتابعها سوى 36 شخصًا فقط، كما وسمت منصة إكس بعض حسابات الشبكة بأنها تقوم بنشاط غير طبيعي.

الشبكة الثانية، فكانت عبارة عن حسابات وهمية تحمل أسماءً تركية، جميعها منُشأ في أغسطس/ آب 2023. تبث الشبكة محتوى متماثل تمامًا، ولا تتابع أو يتابعها أحد. وفي الهاندل أو اسم المستخدم يتم تكرار اسم الحساب مضافًا إليه أرقام غير متناسقة، وتضم صورًا كارتونية أو أرشيفية من الإنترنت. 

المفارقة هنا أن الحسابات الوهمية التركية كانت تضخ تدوينات في صورة ريتويت، في توقيت زمني واحد (في الساعة 8:32 من صباح 28 أكتوبر)، قبل أن تتوقف لبعض الوقت ليبدأ بعدها نشاط الشبكة السعودية في الساعة 8:35 صباح نفس اليوم.

“مهرجان الجاز”

لم يوجه غالبية محتوى الحملة نقداً مباشراً إلى الفنان محمد سلام، سوى عدد قليل من التدوينات، إذ تركز المحتوى على الدفاع عن تنظيم موسم الرياض، وانتُقدت “الدول المجاورة” التي “تحسد المملكة”… واحتوت بعض التغريدات تعبيرات لخطاب الكراهية، مثل “صعاليك، كلاب، كلاب تنبح”. 

جاء في أحد المنشورات: “في شارع الهرم .. وضع صهاينة العرب الذي يهاجمون السعودية باستمرار ويدعون الشرف نهارًا ويطالبون بايقاف فعاليات موسم الرياض تضامنا مع الأحداث في فلسطين وهم منذ عقود يمارسون الرذيلة والعُهر الأخلاقي والسياسي ليلاً داخل اوطانهم المحتله اساسًا”.

اعتبرت تدوينات أخرى أن تعليق موسم الرياض لن يحل القضية الفلسطينية “بالمواقف الرمزية”. وذكرت تدوينة أخرى المصريين بما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسي: “لولا تدخل الأشقاء العرب بعشرات المليارات من الدولارات – في 2023 و2014 – لم تكن لتقم لمصر قائمة”.    

نشطت أيضاً حسابات سعودية على وسم #مهرجان_القاهرة_الدولي_للجاز للسخرية من موقف الفنان محمد سلام، بسبب قرار إدارة المهرجان بعدم إلغاء الفعالية، ومقارنة ذلك بدعوته إلى تأجيل موسم الرياض. كما وانتشرت صور وتعليقات ساخرة على الوسم الذي جمع أكثر من 3500 تدوينة بمشاركة 252 حسابًا. صدر أكثر من ألفي تدوينة من حسابات غير معروف مكانها، و1283 أخرى من السعودية.