مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
أعادت مشاهد انهيار نظام البعث في سوريا إلى أذهان العراقيين أجواء سقوط النظام السابق عام 2003، إذ يبدو السيناريو مكررًا تمامًا، خاصة بما الأحداث المفصلية التي قادت إلى سقوط النظامين والمدة الزمنية الفاصلة بينها، حيث انهيار نظام بشار الأسد بعد 13 عامًا من اندلاع الثورة السورية في مارس 2011، وهي نفس الفترة الزمنية تقريبًا التي استغرقها سقوط نظام صدام حسين بعد فرض العقوبات الدولية عليه في 1990 وحتى الغزو الأمريكي في 2003.
كما أنّ الظروف التي أحاطت بمشهد سقوط نظامي حزب البعث في العراق وسوريا تبدو أيضًا متشابهة مع بعض الاختلافات الأساسية، كما يظهر من هذه المقارنة الموجزة التي أعدها صحيح العراق:
نظام صدام حسين 1990 2003 1
استمر نظام صدام حسين لمدة 13 عامًا بعد فرض العقوبات الاقتصادية الدولية عقب غزو العراق للكويت في أغسطس 1990. العقوبات كانت بموجب قرارات مجلس الأمن الدولي، وأبرزها القرار 661 الذي فرض حظرًا شاملاً على التجارة الدولية مع العراق.
بدأت العقوبات في 1990 وانتهت رسميًا بسقوط نظام صدام حسين في أبريل 2003، مع الغزو الأميركي للعراق.
وألحقت العقوبات ضررًا شديدًا بالاقتصاد العراقي، مما أدى إلى نقص في السلع الأساسية، انهيار البنية التحتية، وزيادة معاناة السكان. رغم ذلك، تمكن النظام من البقاء والسيطرة على البلاد بالحديد والنار والدعاية في مرحلة دامية خلفت مئات آلاف الضحايا والمهجرين.
في 1996، تم توقيع برنامج النفط مقابل الغذاء الذي سمح للعراق ببيع النفط مقابل الغذاء والأدوية. ساعد هذا البرنامج النظام في الاستمرار لفترة أطول.
وانتهى النظام في نيسان أبريل 2003 بعد الغزو الأميركي الذي أزاح صدام حسين عن السلطة، بعد 13 عامًا شهدت قمعًا دمويًا للمعارضين، وسيطرة كاملة على موارد الدولة، مع استخدام العقوبات كذريعة للدعاية ضد القوى الدولية.
نظام بشار الأسد 2011 20242
في مارسآذار 2011، اندلعت الاحتجاجات المطالبة بالإصلاحات في مدينة درعا جنوبي البلاد، متأثرة بانتفاضات مشابهة في دول المنطقة، بما عرف حينها بالربيع العربي.
ومع انتشار الاحتجاجات، نشر النظام قواته في العديد من المدن، واعتمد على الجيش والأجهزة الأمنية لقمع التظاهرات، ثم بدأ النظام باستخدام الأسلحة الثقيلة مثل المدفعية والدبابات لقصف المناطق المعارضة.
كما اتُهم النظام باستخدام الأسلحة الكيميائية في عدة مناسبات، أبرزها الهجوم على الغوطة الشرقية الذي أسفر عن مئات القتلى في عام 2013، وأدى ذلك إلى تدخل دولي محدود لإزالة المخزون الكيميائي.
بعد 2015، شهد سوريا تدخلاً روسيًل عسكريًا لدعم النظام، مما ساعده على استعادة أراضٍ كبيرة كانت تسيطر عليها المعارضة المسلحة.
بالتزامن اشتدت العقوبات على سوريا بشكل كبير منذ عام 2011 مع اندلاع الأزمة السورية. وفي أبريل 2011، فرضت الولايات المتحدة عقوبات استهدفت كبار المسؤولين السوريين، شملت الرئيس بشار الأسد ومسؤولين أمنيين، مع تجميد الأصول وحظر التعاملات التجارية الأمريكية مع الحكومة السورية.
بحلول مايو وأغسطس، توسعت العقوبات لتشمل قطاعات مثل النفط وشركات مرتبطة برجال أعمال بارزين كرامي مخلوف، مع تجميد أصول شركات حكومية كالمصرف التجاري السوري.
وبلغت العقوبات ذروتها في عام 2020 حين دخل حيز التنفيذ قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا الأميركي، مستهدفًا أي دعم اقتصادي أو عسكري للحكومة السورية، بما في ذلك في قطاع إعادة الإعمار والنفط. هذا القانون وسّع دائرة العقوبات لتشمل أي جهات خارجية تتعاون مع الحكومة السورية.
هذه العقوبات أثرت بشكل كبير على الاقتصاد السوري، خاصة في قطاعي الطاقة والاستيراد، لكن هناك جدل حول تأثيرها على الشعب من حيث زيادة الأزمات المعيشية الناجمة عن سياسة الحصار التي مارسها النظام على السوريين، كما في الغوطة وحمص، مما تسبب في أزمات إنسانية واسعة.
تداولت حسابات وصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر رجلاً يخرج من حفرة في الأرض وعلى يده عنكبوت عملاق، وقالت إنّ المشاهد توثق إخراج أحد سجناء معتقل صيدنايا السوري.
الحقائق
الفيديو مفبرك، إذ أنشئ المقطع بواسطة أحد تطبيقات الذكاء الاصطناعي، بالتزامن مع إعلان تحرير معتقلين من سجن صيدنايا في ريف دمشق.
بالبحث عن أصل الفيديو، تبين أنه نشر عبر حساب يدعى . ، على منصة تيك توك قبل أيام، إذ يقوم صاحب الحساب بإنشاء مقاطع عبر أدوات الذكاء الاصطناعي، وسبق أن شارك عبر حسابه سلسلة من المشاهد التي تظهر رجلاً مع عنكبوت ضخم.1
ويأتي تداول الفيديو المفبرك بالتزامن مع فتح سجن صيدنايا، المعتقل الأبرز لنظام الأسد، بعد سيطرة فصائل المعارضة المسلحة على دمشق وسقوط النظام، إذ أطلق سراح العشرات من السجناء كما أظهرت مشاهد وصور، مع حديث عن وجود آخرين داخل مطامير سرية ضمن السجن ذاته.2
وأعلنت فرق الدفاع المدني السوري المعروفة باسم الخوذ البيضاء، اليوم الاثنين، عن وجود 5 فرق مختصة من الدفاع تعمل منذ ساعات في البحث عن احتمال وجود أبواب أو أقبية سرية في سجن صيدنايا رغم تضارب المعلومات، بعد فتح مواقع داخل السجن منها المطبخ، الفرن، دون العثور على شيء حتى اللحظة.3
وسجن صيدنايا هو أحد أكثر السجون العسكرية تحصينًا في عهد نظام حافظ الأسد ومن بعده نجله بشار الأسد، وأطلق عليه لقب السجن الأحمر، جراء أعمال القتل والتعذيب الدموية التي تقع داخله.4
تداولت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطعًا مصورًا يظهر تجمع حشود قرب رافع يتدلى منها شخص، وقالت إنّ المشاهد توثق إعدام عمار الأسد، بالتزامن مع انهيار النظام في دمشق.
الحقائق
الفيديو مضلل، إذ أنّ فيديو ليس لعضو مجلس الشعب السوري عمار الأسد، بل لشاب يدعى عمار الأسعد، وأعدم في درعا يوم أمس، عن جريمة قتل شخص آخر يدعى الحاج علي بمساعدة زوجته.
من خلال البحث عن مصدر الفيديو، يتضح أنه نشر أمس يوم 7 كانون الأول ديسمبر بعنوان إعدام عمار الأسعد. 1
وبالبحث أكثر نجد مقاطع توثق الحادثة من زوايا أخرى، مع تفاصيل من بينها أنّ الحادثة وقعت في الساحة العامة في بلدة خربة غزالة في ريف درعا الشرقي، بعد إدانة الشاب بتنفيذ جريمة قتل الشاب محمد زياد الحاج علي، بالاشتراك مع زوجة الأخير، بعد إلقاء القبض عليهما عقب السيطرة على سجن مدينة إزرع في ريف درعا الأوسط.2
وكانت قضت محكمة الجنايات في محافظة درعا، بتاريخ 14 تشرين الثاني الماضي، بإعدام المتهمين في الجريمة التي تعود تفاصيلها إلى ليلة 11 آب أغسطس 2024، حيث قتل الحاج علي داخل منزله، ثم تم نقل الجثة ورميها في مكان على أطراف البلدة. ووفقًا لتحقيقات فرع الأمن الجنائي بدرعا، فقد كانت هناك محاولات سابقة لقتل الشاب، وكانت الجريمة مدبرة بعناية كبيرة، حيث اعترفت زوجة محمد بقتله بالتعاون مع عمار الأسعد الذي كان يعمل سابقًا في محل بيع اللحوم ملحمة الذي يملكه الضحية قبل أن يطرده قبل أشهر بسبب خلاف، إذ تسلل الأسعد بالتعاون مع زوجة الضحية إلى المنزل، وأطلق النار على رأس محمد من مسافة قريبة، وتعاون الاثنان على نقل الجثة بعيدًا عن المنطقة لإخفاء الجريمة.3
أما عمار بديع الأسد، عهو عضو سابق بمجلس الشعب السوري، ومن خلال البحث نجد له تصريحات إعلامية بصفته رئيس لجنة العلاقات الخارجية في المجلس.4
وبديع الأسد هو ابن عم رئيس النظام السوري السابق بشار الأسد، وعمار هو ابن بديع ونائب في مجلس الشعب السوري منذ 2012، ولم يعلن عن إعدامه أو اعتقاله حتى الآن.5
وأعلنت المعارضة السورية، اليوم الأحد، إسقاط نظام بشار الأسد. وورد في بيان المعارضة على شاشة التلفزيون الرسمي: تم بحمد الله تحرير مدينة دمشق وإسقاط الطاغية بشار الأسد، وأعلنت أيضًا إطلاق سراح جميع المعتقلين، بينما فر رئيس النظام السوري بشار الأسد على متن طائرة إلى جهة مجهولة.6
نشرت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي مقطعاً مصورًا يظهر احتفالات في مجلس النواب، وقالت إنّ هذه المشاهد توثق لحظة تصويت البرلمان على قانون العفو العام مع نص: تم العفو العام بمناسبة رأس السنة.
الحقائق
الفيديو مضلل، إذ أنّ المقطع ليس من جلسة تصويت البرلمان على قانون العفو العام، بل يعود إلى جلسة التصويت قانون العطل الرسمية، والذي تضمن اعتبار عيد الغدير عطلة رسمية بعد جدل استغرق أشهرًا، في حين لم يقر مجلس النواب تعديل قانون العفو العام حتى الآن.
ومن خلال البحث عن مصدر الفيديو، يتضح أنّ المقطع يعود إلى جلسة رقم 26 من الفصل التشريعي الأول للسنة التشريعية الثالثة، والتي عقدت في 22 آذار مارس 2024، ويوثق لحظة التصويت على قانون العطل الرسمية، واعتبار عيد الغدير عطلة رسمية.1
أما جلسة مجلس النواب التي عقدت يوم الإثنين 2 كانون الأول الجاري، بحضور 193، والتي تضمنت عرض 3 قوانين جدلية؛ تعديل قانون الأحوال الشخصية المدعوم من الكتل الشيعية، وتعديل قانون العفو العام المدعوم من الكتل السنية، وإعادة العقارات إلى أصحابها المدعوم من الكتل الكردية، فلم تشهد إقرار أي منها.2
وشهدت الجلسة التصويت على مواد مقترح قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959، بناءً على طلب مواطني المكون الشيعي في مجلس النواب بما يتيح للعراقيين المسلمين من أتباع المذهب الشيعي تطبيق أحكام المذهب الجعفري الشيعي عليهم، وعدم موافقة المكون السني في مجلس النواب بعدم سريان هذا التعديل على العراقيين المسلمين من أتباع المذهب السني، بحسب بيان البرلمان.
كما صوت المجلس على مواد مشروع قانون إعادة العقارات الى أصحابها المشمولة ببعض قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل المقدم من اللجنة القانونية، لصدور العديد من قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل باستملاك الأراضي العائدة للمواطنين ولأجل إعادة الحقوق الى أصحابها وإزالة الآثار الناجمة عنها، وفق نص البيان.
وفي الجلسة أيضًا، صوت المجلس على مواد مشروع قانون التعديل الثاني لقانون العفو العام رقم 27 لسنة 2016 المقدم من اللجان القانونية، والأمن والدفاع، وحقوق الإنسان، والذي يهدف إلى عدم إتاحة الفرصة لمرتكبي الجرائم الإرهابية والجرائم المنظمة لخطف الأشخاص لما تمثله من سلوك إجرامي خطير وما خلفته من آثار سلبية على المجني عليهم أو ذويهم وخطورتها على المجتمع وإعادة دمج ممن يشمل بقانون العفو بالمجتمع بعد إعادة تأهيله بدوائر الإصلاح ومنحهم الفرصة للعيش الكريم.
وعلى الرغم من تصويت البرلمان على كافة مواد القوانين الثلاثة بما فيهم مشروع تعديل قانون العفو العام، إلا أنه لم يتم إقرارها بشكل نهائي، حيث يتطلب ذلك التصويت بالمجمل على كل قانون، وهذا لم يحصل، إذ تم رفع الجلسة، وتأجل حسم القوانين المذكورة بعد فوضى نتيجة اعتراضات وجدل شهدتها الجلسة.
تداولت حسابات وصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لاشتباكات ليلية عنيفة، مع تعليق: اشتباكات عنيفة جداً بين الفصائل السورية المسلحة والجيش العربي السوري.
الحقائق
الفيديو مضلل، إذ أنّ الفيديو قديم جدًا وسبق أنّ نشر بالتزامن مع أحداث عنف سابقة في العراق واليمن والجزائر ولبنان وسوريا.
ويظهر بالبحث العكسي، أنّ الفيديو نشر عبر يوتيوب في 30 آيار مايو 2020 ونسب إلى نزاع عشائري في العراق، تحت عنوان: عركة الكرامشة بيت جويبر وبيت كعيد، بعدها نشر في 29 حزيران يونيو من العام ذاته ونسب إلى اشتباكات عنيفة في وادي عبيدة بمأرب.1
كما أعيد نشر لقطات منه في 13 تشرين الثاني نوفمبر 2020، ونسب إلى معارك جيش التحرير الشعبي الصحراوي الجزائري ضد قواعد العدو بقطاعات المحبس وحوزة و أوسرد الفرسية.2
في عام 2021، تداول عبر وسائل التواصل الاجتماعي ونسب إلى معارك في محافظة عكار شمالي لبنان، وكذلك الى قرى ومراكز مديرية الجوبة في محافظة مأرب اليمنية.3
كما نسب الفيديو في عام 2022 إلى أحداث عنف وقعت في منطقة بانجغور في بلوشستان، وهي منطقة تقع جنوب غرب باكستان وتتمتع بتاريخ طويل من الصراع حول الهوية السياسية والإقليمية.4
وتزامن تداول الفيديو المضلل هذه المرة مع المعارك العنيفة بين القوات السورية الحكومية وجماعات هيئة تحرير الشام بالقرب من مدينة حماة السورية.5
في حلقة يوم أمس من برنامج في متناول اليد، قدم الإعلامي حسام الحاج الدقيقة ٣٥، تعريفًا مقتضبًا غير واف عن مصطلح الديماغوجيا ، في سياق جدل مع الضيف حول ثنائية المقاومة والدولة، إذ عرف الحاج الديماغوجيا بأنها وضع العاطفة محل العقل، حيث يحظر الدستور تشكيل أي ميليشيات مسلحة خارج سلطة القانون، في حين تنشط الفصائل المسلحة أو ما تعرف بـ المقاومة بحجة الدفاع عن البلد أو المذهب.
وفي هذا التوضيح يقدم صحيح العراق شرحًا موجزًا عن المصطلح، ومدى تطابق سمات السياسيين
ومدى دقة ربطه بالعقل والعاطفة، واختلاف معناه عن الشعبوية، وأمثلة عن استخداماته على مر التاريخ، سمات السياسيين والزعماء الذين ينطبق عليهم المصطلح،
أصل الديماغوجيا أو الديماجوجية1
هي كلمة يونانية قديمة مكونة من مقطعين ديما من ديموس وتعني الشعب، وغوجيا وتعني القيادة؛ وبذلك تعرف بأنها1 أسلوب أو استراتيجية سياسية يستخدمها القادة للتأثير على الجماهير من خلال استغلال العواطف، المخاوف، والتحيزات بدلاً من تقديم حجج عقلانية أو سياسات فعالة. وتعتمد على إثارة الغرائز والانفعالات الجماعية بدلاً من التوجه إلى العقل أو تقديم حلول موضوعية.
الخصائص الأساسية للديماغوجيا:
إثارة العواطف: التركيز على الغضب، الخوف، أو الأمل لدى الناس، دون تقديم أدلة حقيقية أو خطط مدروسة.
تبسيط القضايا: تقديم حلول سطحية لمشاكل معقدة، مثل لوم طرف واحد على كل الأزمات.
تشويه الحقائق: استخدام الأكاذيب أو المبالغات لتشويه صورة الخصوم أو لتعزيز موقف سياسي.
إثارة الانقسام: تعزيز فكرة نحن ضدهم لخلق شعور بالخطر وتوحيد الجماهير ضد عدو مشترك.
اللعب على الضحية: تصوير المجموعة كضحية لمؤامرة أو ظلم خارجي لإثارة تعاطف الجمهور.
وبنص التعريف السائد اليوم هي مجموعة من الأساليب والخطابات والمناورات والحيل السياسية التي يلجأ إليها السياسيون لإغراء الشعب أو الجماهير بوعود كاذبة أو خداعة وذلك ظاهريًا من أجل مصلحة الشعب، وعلميًا من أجل الوصول للحكم.
ومن أمثلتها؛ قادة سياسيون يستغلون التوترات العرقية أو الاقتصادية لتعزيز أجنداتهم، أو خطابات تستخدم التخويف من المهاجرين أو الأقليات لتحقيق مكاسب سياسية، فيما تعد الديماغوجيا من أكبر التحديات للديمقراطيات، لأنها تميل إلى تقويض النقاش الموضوعي وتشجع على اتخاذ قرارات قائمة على العاطفة بدلاً من التفكير العقلاني.
بداية الصياغة:2
نشأة مصطلح الديماغوجيا تعود إلى اليونان القديمة، حيث كان يُستخدم للإشارة إلى قائد الشعب ēō، وكان يحمل في البداية دلالة إيجابية. استُخدم المصطلح لوصف القادة الذين يعملون لصالح العامة من خلال التحدث باسمهم وتمثيل مصالحهم.
لكن مع تطور الديمقراطية الأثينية، في القرن الخامس قبل الميلاد، اكتسب المصطلح دلالات سلبية بسبب تصرفات قادة معينين مثل كليون، والذين استغلوا العواطف الشعبية لأغراض شخصية، وغالبًا عبر التحريض أو تقديم وعود مفرطة دون سياسات واقعية.
بالمقابل، تناول الأدباء والمؤرخين مثل ثوسيديدس وأريستوفانيس هذه الشخصيات في أعمالهم، حيث ربطوا الديماغوجيا بالفساد السياسي والتحريض الشعبي.
سمات الديماغوجيين: 3
يعرف الساسة الديماغوجيون بسمات محددة تجعلهم قادرين على التأثير في الجماهير بطرق عاطفية، وهذه السمات تركز على أساليب الإقناع والتلاعب، وفيما يلي أهمها:
1. خطاب تحريضي عاطفي:
يعتمد الديماغوجيون على إثارة مشاعر الخوف، الغضب، أو الأمل لدى الجماهير، وعادة ما يكون خطابهم مليئًا بالمبالغات والوعود الكبيرة دون تقديم خطط واقعية، كما يحرصون على استخدام لغة شعبوية قريبة من عامة الناس، مما يمنحهم صلة مباشرة بالجماهير.
2. خلق عدو مشترك:
يعمل الديماغوجي على توحيد الجماهير من خلال اختلاق عدو مشترك، سواء كان مجموعة داخلية نخب سياسية، عرقية أو خارجية دول أجنبية، وهذا الأسلوب يعزز الانقسام ويجعل الجماهير أكثر استعدادًا لقبول أفكار القائد.
3. استغلال التوترات الطبقية أو الاجتماعية:
يميل الديماغوجيون إلى التلاعب الفوارق الاجتماعية أو الاقتصادية لتعزيز شعبيتهم، ويُظهرون أنفسهم كمدافعين عن الشعب ضد النخب أو الأقوياء.
4. تشويه الحقيقة والتلاعب بالمعلومات:
يتعمد هذا النوع من السياسيين نشر الأكاذيب أو تحريف الحقائق لتحقيق أهدافهم، ويحاولون تصدير أنفسهم كجهات موثوقة أكثر من المؤسسات أو المصادر التقليدية للمعلومات.
5. تقديم حلول بسيطة لمشكلات معقدة:
يختزل هذا النوع من الشخصيات السياسية القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية إلى مقترحات وحلول سهلة التنفيذ، لكنها غالبًا غير واقعية، ويُظهرون أنفسهم كأنهم يمتلكون كل الإجابات.
6. الاستناد إلى الكاريزما:
غالبًا ما يتمتع الديماغوجيون بحضور شخصي قوي وكاريزما تمكنهم من جذب الجماهير، إذ يستغلون شخصيتهم للتواصل المباشر مع الناس، متجاوزين المؤسسات أو الوسطاء التقليديين.
ترامب ونتنياهو مثلاً
من أمثال الديماغوجيين على مر التاريخ كليون الأثيني ، أدولف هتلر ، بينيتو موسوليني ، هيوي لونج ، الأب كوغلين، وجوزيف مكارثي ، وجميعهم قاموا ببناء جماهير من خلال إثارة عواطف العامة. فيما يعتبر عدد من الكتاب دونالد ترامب ونتنياهو وبوتين، من الديماغوجيين المعاصرين، بالنظر إلى أسلوبهم في الحملات الانتخابية والسياسية.4
بعض زعماء الفصائل والسياسيين أيضًا! 5
سمات الديماغوجية تنطبق جزئيًا على بعض قادة الفصائل المسلحة في العراق، خاصة في أساليبهم الخطابية وسلوكهم السياسي، ويلاحظ أنّهم يستخدمون التكتيكات التالية لتعزيز نفوذهم:
1. استغلال الخطاب العاطفي:
يعتمدون على إثارة مشاعر الغضب والخوف، خاصة من الأعداء الداخليين أو الخارجيين، مثل الولايات المتحدة أو الجماعات المعارضة، وتقديم أنفسهم كمدافعين عن القيم الدينية أو الطائفية، مما يعزز قاعدتهم الشعبية.
2. تبسيط القضايا المعقدة:
يقدمون حلولًا سطحية لمشكلات معقدة مثل الفقر والفساد عبر التركيز على رمزية المقاومة أو مواجهة الظلم، بينما يتجاهلون التحليل الواقعي.
3. خلق أعداء مشتركين:
يوحدون الجماهير من خلال تصوير قوى أجنبية أو جماعات معارضة على أنها تهديد وجودي للمجتمع أو الدين، مما يضمن دعمًا قويًا من القاعدة الشعبية.
4. استغلال النفوذ السياسي والأمني:
بالرغم من دمج قوات الحشد الشعبي في الدولة العراقية قانونيًا، إلا أن معظم القيادات تعمل بشكل مستقل خارج الإطار الرسمي، مما يسمح لهم بممارسة نفوذهم دون الخضوع للمساءلة المباشرة.
5. الحفاظ على الكاريزما الشخصية:
بعض زعماء الفصائل والجماعات المسلحة تظهر كشخصيات كاريزمية قادرة على جذب الجماهير من خلال خطاب تعبوي وشعبي.
الفرق بين الشعبوية والديماغوجية6
ويسلط كتاب الشعبوية، الديماغوجية، والخطاب في منظور تاريخي، الذي قام بتحريره جوزيبي بلاشي وروب غودمان، في أحد فصوله العلاقة بين الشعبوية والديماغوجية؛ حيث يستعرض التشابهات الفكرية بينهما وكذلك الفروق الأساسية.
ويشير المحرران إلى أن الديماغوجية والشعبوية تشتركان في استخدام خطاب التلاعب والتجييش العاطفي لتحفيز الجماهير، إلاّ أنّ الشعبوية تملك بُعدًا أيديولوجيًا أعمق وتستند إلى روايات تتعلق بالهوية الشعبية والعدالة الاجتماعية التي تفتقر إليها الديماغوجية.
كما أن مفهوم الشعبوية يتضمن أحيانًا نقدًا للمؤسسات والأطر النظامية، بينما يظل التركيز في الديماغوجية على إرضاء الجماهير فقط دون تحدي هياكل السلطة القائمة.