مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
nan
أعادت مشاهد انهيار نظام البعث في سوريا إلى أذهان العراقيين أجواء سقوط النظام السابق عام 2003، إذ يبدو السيناريو مكررًا تمامًا، خاصة بما الأحداث المفصلية التي قادت إلى سقوط النظامين والمدة الزمنية الفاصلة بينها، حيث انهيار نظام بشار الأسد بعد 13 عامًا من اندلاع الثورة السورية في مارس 2011، وهي نفس الفترة الزمنية تقريبًا التي استغرقها سقوط نظام صدام حسين بعد فرض العقوبات الدولية عليه في 1990 وحتى الغزو الأمريكي في 2003.
كما أنّ الظروف التي أحاطت بمشهد سقوط نظامي حزب البعث في العراق وسوريا تبدو أيضًا متشابهة مع بعض الاختلافات الأساسية، كما يظهر من هذه المقارنة الموجزة التي أعدها "صحيح العراق":
نظام صدام حسين (1990 - 2003) [1]
استمر نظام صدام حسين لمدة 13 عامًا بعد فرض العقوبات الاقتصادية الدولية عقب غزو العراق للكويت في أغسطس 1990. العقوبات كانت بموجب قرارات مجلس الأمن الدولي، وأبرزها القرار 661 الذي فرض حظرًا شاملاً على التجارة الدولية مع العراق.
بدأت العقوبات في 1990 وانتهت رسميًا بسقوط نظام صدام حسين في أبريل 2003، مع الغزو الأميركي للعراق.
وألحقت العقوبات ضررًا شديدًا بالاقتصاد العراقي، مما أدى إلى نقص في السلع الأساسية، انهيار البنية التحتية، وزيادة معاناة السكان. رغم ذلك، تمكن النظام من البقاء والسيطرة على البلاد بالحديد والنار والدعاية في مرحلة دامية خلفت مئات آلاف الضحايا والمهجرين.
في 1996، تم توقيع برنامج النفط مقابل الغذاء الذي سمح للعراق ببيع النفط مقابل الغذاء والأدوية. ساعد هذا البرنامج النظام في الاستمرار لفترة أطول.
وانتهى النظام في نيسان أبريل 2003 بعد الغزو الأميركي الذي أزاح صدام حسين عن السلطة، بعد 13 عامًا شهدت قمعًا دمويًا للمعارضين، وسيطرة كاملة على موارد الدولة، مع استخدام العقوبات كذريعة للدعاية ضد القوى الدولية.
نظام بشار الأسد (2011 - 2024)[2]
في مارس/آذار 2011، اندلعت الاحتجاجات المطالبة بالإصلاحات في مدينة درعا جنوبي البلاد، متأثرة بانتفاضات مشابهة في دول المنطقة، بما عرف حينها بالربيع العربي.
ومع انتشار الاحتجاجات، نشر النظام قواته في العديد من المدن، واعتمد على الجيش والأجهزة الأمنية لقمع التظاهرات، ثم بدأ النظام باستخدام الأسلحة الثقيلة مثل المدفعية والدبابات لقصف المناطق المعارضة.
كما اتُهم النظام باستخدام الأسلحة الكيميائية في عدة مناسبات، أبرزها الهجوم على الغوطة الشرقية الذي أسفر عن مئات القتلى في عام 2013، وأدى ذلك إلى تدخل دولي محدود لإزالة المخزون الكيميائي.
بعد 2015، شهد سوريا تدخلاً روسيًل عسكريًا لدعم النظام، مما ساعده على استعادة أراضٍ كبيرة كانت تسيطر عليها المعارضة المسلحة.
بالتزامن اشتدت العقوبات على سوريا بشكل كبير منذ عام 2011 مع اندلاع الأزمة السورية. وفي أبريل 2011، فرضت الولايات المتحدة عقوبات استهدفت كبار المسؤولين السوريين، شملت الرئيس بشار الأسد ومسؤولين أمنيين، مع تجميد الأصول وحظر التعاملات التجارية الأمريكية مع الحكومة السورية.
بحلول مايو وأغسطس، توسعت العقوبات لتشمل قطاعات مثل النفط وشركات مرتبطة برجال أعمال بارزين كرامي مخلوف، مع تجميد أصول شركات حكومية كالمصرف التجاري السوري.
وبلغت العقوبات ذروتها في عام 2020 حين دخل حيز التنفيذ قانون "قيصر لحماية المدنيين في سوريا" الأميركي، مستهدفًا أي دعم اقتصادي أو عسكري للحكومة السورية، بما في ذلك في قطاع إعادة الإعمار والنفط. هذا القانون وسّع دائرة العقوبات لتشمل أي جهات خارجية تتعاون مع الحكومة السورية.
هذه العقوبات أثرت بشكل كبير على الاقتصاد السوري، خاصة في قطاعي الطاقة والاستيراد، لكن هناك جدل حول تأثيرها على الشعب من حيث زيادة الأزمات المعيشية الناجمة عن سياسة الحصار التي مارسها النظام على السوريين، كما في الغوطة وحمص، مما تسبب في أزمات إنسانية واسعة.