يشاع خطأ أن التضليل القائم على النوع الاجتماعي يقتصر على النساء؛ بهدف التقليل منهن أو تنميط أدوارهن في المجتمع، لصالح سرديات ذكورية، إلا أن التضليل القائم على النوع الاجتماعي يستهدف الجنسين من دون تمييز، ولطالما وقع الرجال أيضاً ضحية له.
يعرف منتدى حوكمة الإنترنت "التضليل القائم على النوع الاجتماعي" بأنه نوع من التضليل الذي يمس الأشخاص بناءً على نوعهم الاجتماعي، ويسخر السرديات الجندرية النمطية؛ لتحقيق أهداف سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية".
وكثيراً ما يتقاطع التضليل القائم على النوع الاجتماعي مع العنف القائم على النوع الاجتماعي المستند إلى التكنولوجيا؛ وهو العنف الذي يحدث عبر الوسائط الرقمية والتكنولوجية، ويستهدف الأفراد بناءً على نوعهم الاجتماعي. يشمل هذا النوع من العنف استخدام التكنولوجيا لارتكاب أفعال تتضمن إيذاءً أو تشهيراً؛ ما يتسبب في إلحاق الضرر بالأفراد استناداً إلى نوعهم الاجتماعي.
ومن أمثلة أشكال التضليل المقترن بالعنف القائم على النوع الاجتماعي:
مثال على ذلك، تقرير مجتمع التحقق العربي بعنوان "حملة تشويه ضد "فتاة العريش" تقودها حسابات مصريّة"، الذي حلل حملة منسقة استهدفت تشويه سمعة فتاة مصرية توفيت مطلع هذا العام، لإضعاف التعاطف معها.
نموذج على ذلك، ما جاء في تقرير منصة صدق اليمنية بعنوان "صورة مفبركة للقاضية صباح العلواني أثناء عودتها من السفر". يكشف التقرير كيف تعرضت قاضية يمنية للاتهام بأنها أجرت عمليات تجميل على حساب الدولة، مستغلةً منصبها، وذلك باستخدام صور مفبركة. وقد روّج المتصدون لهذه الحملة لصور نمطية عن النساء، قائلين إن اهتماماتهن تقتصر على التجميل.
وتناول تقرير منصة "هي تتحقق" بعنوان "المعلومات المضللة تؤجج خطاب الكراهية تجاه اللاعبة الجزائرية إيمان خليف" الحملة التي استهدفت الملاكمة الأوليمبية الجزائرية، إيمان خليف، عبر ترويج معلومات مضللة حول جنسها البيولوجي، وادعاءات حول عبورها جنسياً.
ومثال على ذلك، ما جاء في تقرير مجتمع التحقق العربي "ما خلقن لذلك".. مرشّحات الرئاسة الجزائريّة يتعرّضن لحملة تمييز إلكترونيّة، الذي يتناول الحملة التمييزية الإلكترونية التي تعرضت لها المرشحات للانتخابات الرئاسية الجزائرية لعام 2024. يشير التقرير إلى أن هذه الحملة استهدفت تشويه سمعة المرشحات وتمييزهن بسبب كونهن نساء، حيث رُوج لاعتقاد أن المناصب ليست لهن وأن الرجال هم الأجدر بها، بغض النظر عن قدرات هؤلاء السيدات أو مدى أهليتهن لتولي المناصب وبرامجهن الانتخابية.
منهجية كشف التضليل القائم على النوع الاجتماعي
تنصح مؤسسة منصة "هي تتحقق" المتخصصة في التحقق من المعلومات، رويدا العربي، بتحليل محتوى الرسالة للتأكد مما إذا كانت تستهدف النساء بشكل خاص. ينبغي فحص ما إذا كانت الرسالة موجهة ضد شخصيات نسوية مثلاً أو تتناول قضية ترتبط بشكل مباشر بالنوع الاجتماعي، مثل الحقوق الجندرية.
بعد ذلك -والكلام على لسان العربي- يجب على مدقق المعلومات أن يتعمق في فهم الأسباب الضمنية وهدف الرسالة، والذي قد يتمحور حول التقليل من شأن المرأة أو قولبة أدوارها. يتعين أيضاً التحقيق في هوية الجهة التي تقف وراء نشر تلك المعلومات، والبحث في ما إذا كان هناك نمط لتكرار نشر محتوى موجه ضد النساء أو لتشويه سمعتهن من قبل تلك الجهة.
ما هي المهارات التي يجب توفرها لكشف الحملات القائمة على النوع الاجتماعي؟
أولاً، إتقان مهارات التدقيق العامة، وتعلم كيفية تتبع الحملات المنسقة ذات النشاط غير الأصيل، واستخدام الأدوات الرقمية للتحقق من المحتوى الرائج المكتوب، والصور، والفيديو وكذلك المحتوى المولد بالذكاء الاصطناعي والتزييف العميق.
ويمكن الاطلاع على مقال مجتمع التحقق العربي التعليمي الذي يوضح كيفية تحليل محتوى الحملات المنسقة من هنا: منهجية وأدوات الكشف عن الحملات الإلكترونية غير الأصيلة.
ثانياً، معرفة مفهوم خطاب الكراهية المقترن بالمعلومات المضللة، وكيفية الكشف عنه، والتحقق منه، وأبرز الأدوات التي تستخدم في تحليله.
ثالثاً، الاستعانة بقواعد البيانات مفتوحة المصدر المتعلقة بالنساء والأقليات الجندرية، للكشف عن أوضاعهن في التمثيل السياسي، والأوضاع الاقتصادية، وفهم سياسات منصات التواصل الاجتماعي في التعامل مع المعلومات المضللة القائمة على النوع الاجتماعي، والقوانين والمواثيق الدولية والمحلية التي تتصدى للعنف القائم على النوع الاجتماعي بأشكاله.
مصادر البيانات للاستعانة بها في إعداد تقارير ذات صلة بالنوع الاجتماعي:
1- البحوث الأكاديمية:
2- قواعد البيانات المتخصصة:
نصائح لكتابة تقارير حول تدقيق حملات التضليل القائمة على النوع الاجتماعي:
تقول مؤسسة منصة "هي تتحقق" إن أهم نصيحة لإعداد تقارير عن التضليل المعلوماتي على أساس الجندر هو معرفة السياق الثقافي والاجتماعي قبل التحقق من أي معلومة، لأنه يساعد على تحديد الأسباب المحتملة للتضليل وسبب انتشاره في دولة دون أخرى، مع توضيح هذا السياق للقارئ.
تتمثل في استخدام التعبيرات التي تفضل الفئات أن تسمى بها؛ مثل: عابرين أو عابرات جنسياً وليس متحولين، تزويج الطفلات أو القاصرات بدلاً من زواج، لأنها تعكس الإجبار في الانتهاك، اغتصاب المحارم بدلاً من زنا التي تحمل إدانة للأطراف الأضعف. وتجنب لوم الضحية أو إدانة الأطراف الأضعف، أو ذكر معلومات قد تسبب لهن وصمًا مجتمعيًا أو تقلل من التعاطف مع الناجيين والناجيات؛ مثل: ملابس النساء في حالات التحرش أو الاغتصاب.
ولتحقيق هذا يمكن تجهيل أسمائهن، وتغيير أصواتهن وإخفاء صورهن إن كنّ مشاركات في بودكاست أو فيديو، وكذلك الوضع في الاعتبار تجنب أي معلومات تشير إلى هويتهن، أو تجنب ذكر معلومات قد تعرضهن لعنف أو استهداف أو توقعهن تحت طائلة القانون.
ووفق دليل Dart Center، يجب احترام حق الناجيات أو الضحايا في رفض التوثيق أو التصوير والتسجيل وتجنب محاولات الضغط عليهن أو إقناعهن ومراعاة تأثير استرجاع الحوادث عليهن. كما يجب تجنب أي أسئلة تحتوي في باطنها لوماً للناجيات، أو رسائل أنهن لم يتصرفن كما ينبغي، أو تسببن بذلك لأنفسهن مثل: لماذا نشرت منشوراً مثيراً للجدل؟ لماذا لم تظهري علانية وتدافعي عن نفسك؟
احرص على تمثيل النساء والأقليات الجندرية وانقل عنهن بشكل مباشر، إضافةً إلى عرض تجاربهن، وتأثير التضليل فيهن. كذلك التوازن في تمثيل النساء كخبيرات وليس فقط كضحايا تعرضن للتضليل.
من المهم التركيز على عواقب التضليل الإلكتروني أو خطاب الكراهية والتحريض على الأفراد في العالم الواقعي. يجب دراسة ما إذا كانت هذه الأفعال قد أدت إلى استهداف أفراد ينتمون لجندر معين أو إلى العنف، سواء كان ذلك على مستوى المجتمع أو من قبل جهات محددة، وكذلك ما إذا كان هذا التضليل قد أثر في السياسات.
اطلع على المواثيق والقوانين والاتفاقيات الدولية والدساتير، خاصة المواد المتعلقة بالنساء والأقليات الجندرية، لتستطيع توصيف مدى قانونية ومشروعية أفعال معينة.
يجب تحليل سياسات منصات التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بخطاب الكراهية والتضليل أو التحريض القائم على النوع الاجتماعي، وتقييم مدى استجابتها والتزامها بتلك السياسات والثغرات والتحديات.
ينشر هذا المقال بالتعاون مع شبكة الصحفيين الدولين Ijnet