مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

«حماس في المظاهرات» و«خنازير في ساحة البراق» و«تسليم الأسد».. أبرز الادعاءات المتداولة هذا الأسبوع

«حماس في المظاهرات» و«خنازير في ساحة البراق» و«تسليم الأسد».. أبرز الادعاءات المتداولة هذا الأسبوع

 

يأتي هذا المقال ضمن نشرة أسبوعية متّصلة بتدقيق "المعلومات"، وهو مشروع بحثي متخصّص يعتمد على البرمجيات لدعم منصّات التحقّق الإخباري العربية، وذلك عبر بضع آليات، منها استحداث قاعدة بيانات تجمع محتوى منصّات التحقّق إلكترونياً بمعايير تقنية موحّدة، ما يتيح أدوات بحث وتحليل واسعة النطاق.

تتصدى نشراتنا المختلفة لاضطراب المعلومات، والتحديات التي يفرضها علينا في الوصول إلى الحقيقة، ما يضمن تقديم أخبار دقيقة وموثوق بها للجمهور.

من اعترافٍ مثير نُسب إلى أحد الأسرى الإسرائيلين في غزة، إلى مقطعٍ قديم أُعيد تداوله على أنه يوثّق "إعدام المتهمين بقتل الجعفراوي"، مروراً بادعاءات عن بيع الخصية في سوريا، ومشاهد بالذكاء الاصطناعي لخنازير في ساحة البراق داخل المسجد الأقصى، وصولاً إلى مزاعم سياسية ودينية في العراق وصورٍ مضللة عن دعمٍ عسكري في عدن.. تتنقّل هذا الأسبوع موجة التضليل بين الحرب والدين والخيال، لتعيد طرح السؤال الدائم: كيف نصطاد الحقيقة وسط هذا الضجيج الرقمي؟

 

هل اعترف أحد الأسرى بأن حماس دبّرت المظاهرات في غزة؟

مع بدء الحديث عن صفقة تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل، اجتاحت مواقع التواصل منشورات تزعم أن أحد الأسرى الإسرائيليين كشف بأن «المظاهرات التي خرجت ضد حماس في غزة كانت من تدبير الحركة نفسها، لنقل الأسرى وسط الحشود بعيداً عن أعين الجيش الإسرائيلي».

منصة صحيح مصر تتبّعت مصدر القصة، وراجعت ما بثّته وسائل الإعلام العبرية والدولية، إلى جانب مقاطع الفيديو والصور المرافقة للادعاء، ليتبيّن أن المشاهد المتداولة تعود إلى مظاهرات قديمة في مارس الماضي، وأن الصورة المستخدمة التقطتها وكالة الأنباء الفرنسية في بيت لاهيا شمال القطاع. كما لم يُرصد أي تصريح مشابه في تسجيلات الإفراج عن الأسرى التي نشرتها وزارة الدفاع الإسرائيلية، ما يشير إلى أن الرواية بلا سند واقعي. وحده المحلل العسكري الأردني نضال أبو زيد تحدث عن هذا الاحتمال في برنامج تلفزيوني، مقدّماً تحليلاً شخصياً دون أدلة أو توثيق.

أما منصة تيقن فبدأت من زاوية أخرى، إذ راجعت التغطيات الإعلامية العبرية ولم تجد أي إشارة إلى رواية مشابهة على لسان الأسرى، كما أكّد فريق الترجمة العبري لديها أن الادعاء لم يُنشر في أي وسيلة إعلام موثوقة. وبعد التتبع، وجدت المنصة أيضاً أن أصل القصة يعود فعلاً إلى مقابلة «أبو زيد» على قناة رؤيا الأردنية، حيث طرح تحليله الشخصي حول أن بعض المظاهرات السابقة كانت مفتعلة. بذلك خلصت تيقّن إلى أن القصة ليست شهادة من أسير كما يُروَّج، بل تحليل تلفزيوني أُعيد تدويره على شكل «خبر مسرّب».



هل يوثّق الفيديو المنتشر إعدام المتهمين بقتل الصحفي الجعفراوي؟

بعد ساعات من الاشتباكات الدامية في حي الصبرة بمدينة غزة، والتي قُتل خلالها الصحفي الفلسطيني صالح الجعفراوي أثناء تغطيته للأحداث، انتشر على فيسبوك مقطع فيديو صادم يظهر مجموعة ملثّمة تُعدم ثلاثة أشخاص رمياً بالرصاص. وادّعى ناشر الفيديو أن العملية نُفّذت ضد «أفراد من عائلة دغمش المتسببة في مقتل الجعفراوي»، وحصد المقطع مئات المشاركات وآلاف المشاهدات في وقت قصير.

لكن منصة متصدقش أوضحت أن الفيديو قديم، ولا علاقة له بالاشتباكات الأخيرة. فالمقطع نفسه جرى تداوله في 21 أيلول/سبتمبر 2025 على أنه يوثّق إعدام ثلاثة أشخاص في غزة بتهمة «التخابر مع الاحتلال»، وقد نُشر حينها على نطاق واسع قبل أن تؤكد مصادر فلسطينية أن الحادثة وقعت قرب مستشفى الشفاء غرب المدينة.

أما واقعة مقتل الجعفراوي، فتعود إلى 12 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، خلال اشتباكات عنيفة بين وحدة «سهم» الأمنية وكتائب القسّام من جهة، ومجموعات مسلّحة من عائلة دغمش من جهة أخرى، بحسب تغطية بي بي سي والجزيرة. وأكدت التقارير أن الصحفي قُتل أثناء التغطية الميدانية، فيما نقل بلومبرغ الشرق أن العائلة نفت مسؤوليتها عن الحادث واعتبرته «فعلاً فردياً لا يمثلها».

بذلك يتضح أن الفيديو المنتشر لا يوثّق إعدام المتهمين بقتل الجعفراوي، بل مشهد أقدم أُعيد تداوله في سياقٍ خاطئ بعد تصاعد الغضب الشعبي إثر مقتله.



هل تنتشر ظاهرة بيع الخصية في سوريا مقابل 98 ألف دولار؟

عاد ادعاء غريب إلى الواجهة على مواقع التواصل الاجتماعي، يزعم أن «ظاهرة بيع الخصية» انتشرت في سوريا مع ارتفاع سعر الدولار، وأن الشبان العاطلين عن العمل يقبلون على بيعها في مراكز خاصة في دمشق وحلب بمبالغ تصل إلى 98 ألف دولار.

لكنّ منصتي فارق وترو بلاتفورم أكدّتا أن الادعاء مضلل ولا يستند إلى أي مصدر موثوق.

فمنصة فارق أوضحت أن القصة قديمة، وتكررت منذ عامي 2020 و2022، حيث ظهرت آنذاك تقارير إعلامية تتحدث عن استفسارات فردية من شبان حول بيع الأعضاء بسبب الضائقة الاقتصادية، لكن لا وجود لعمليات بيع حقيقية أو مراكز متخصصة. ونقلت المنصة عن أطباء سوريين تأكيدهم أن «زرع الخصية علمياً غير ممكن»، وأن الحديث عنها «لا يتعدى كونه شائعات على مواقع التواصل».

أما منصة ترو بلاتفورم، فراجعت الادعاء ذاته بعد تداوله مجدداً هذا الشهر، لتخلص إلى أنه ملفّق بالكامل، مؤكدة أن الادعاء «يعاد تدويره منذ 2020» دون أي دليل طبي أو قانوني، وأن فكرة «زراعة الخصية» نفسها غير متوفرة في أي بلد بالعالم.

 

هل وافقت روسيا على تسليم بشار الأسد للقضاء السوري؟

أثار منشور متداول على فيسبوك جدلاً واسعاً بعدما نَسب إلى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني تصريحاً يزعم أن روسيا وافقت على تسليم الرئيس السابق بشار الأسد و12 من رموز نظامه المطلوبين للعدالة، وأنهم سيمثلون أمام القضاء السوري «نهاية الأسبوع المقبل».

لكن منصة ترو بلاتفورم نفت صحة هذه القصة بالكامل، مؤكدة أن الادعاء مفبرك ولا يستند إلى أي مصدر رسمي أو إعلامي موثوق. بعد التتبع، تبيّن أن مصدر المنشور صفحة على فيسبوك دأبت على نشر أخبار وتصريحات مختلقة بشكل متكرر. كما لم يرد أي ذكر لتصريحات مشابهة في وسائل الإعلام الروسية أو السورية الرسمية، ما يؤكد أن الرواية لا أساس لها من الصحة.

 

هل يُظهر الفيديو فعلاً خنازير في ساحة البراق داخل المسجد الأقصى؟

أثار مقطع فيديو تفاعلاً واسعاً على منصات التواصل بعدما زعم ناشروه أنه يُظهر خنازير تتجول في ساحة البراق داخل المسجد الأقصى، في مشهد صادم استُخدم لإثارة الغضب الديني والسياسي.

لكن مرصد تحقق دقّق المقطع وكشف أنه مصنوع بتقنيات الذكاء الاصطناعي، وليس تصويراً حقيقياً. إذ تبيّن أن الفيديو نُشر في الأصل بتاريخ 14 تشرين الأول/ أكتوبر 2025 على منصة تيك توك، عبر حساب معروف بإنتاج محتوى مولّد بالذكاء الاصطناعي لأغراض ساخرة أو فنية.

كما أكدت الصحفية المقدسية نسرين سالم أن المشهد المتداول مستحيل الحدوث، نظراً إلى الإجراءات الأمنية المشددة في ساحة البراق وطبيعة المكان المقدسة التي تمنع دخول أي حيوانات.

 

ما حقيقة الادعاءات الحكومية والدينية التي شغلت العراقيين هذا الأسبوع؟

ومن العراق، برز هذا الأسبوع ادعاءان أثارا تفاعلاً واسعاً، أحدهما يتعلق بإنجاز رقمي حكومي مشكوك فيه، والآخر بيان مزيف نُسب إلى المرجعية الدينية العليا.

الادعاء الأول، يخص وزيرة الاتصالات العراقية هيام الياسري التي نشرت في 10 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري منشوراً على صفحتها الرسمية قالت فيه إن العراق "سجّل إنجازاً عالمياً جديداً بمضاعفة نسبة مستخدمي الإنترنت إلى 82.9% من السكان بنهاية 2024، بعدما كانت 44.3% عام 2019، بحسب بيانات الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU)". واعتبرت الوزيرة أن الزيادة البالغة 38.6% تُحسب لرؤية وزارتها ومشروعاتها الرقمية.

لكن منصة الفاحص دقّقت البيانات وخلصت إلى أن الادعاء مضلل. فبحسب الاتحاد الدولي للاتصالات نفسه، بلغت نسبة مستخدمي الإنترنت في العراق نحو 78.7% عند تسلّم الوزيرة منصبها في أكتوبر 2022، ما يعني أن الزيادة الحقيقية منذ ذلك الحين لا تتجاوز 4.2% فقط حتى نهاية 2024. وبالتالي، فإن القفزة الرقمية التي تحدثت عنها الوزيرة حدثت قبل تولّيها المنصب، ولا يمكن نسبها للحكومة الحالية.

أما الادعاء الثاني، تحققت منه منصة صحيح العراق، بعد أن نشر محمد جميل المياحي، محافظ واسط السابق، صورةً تتضمن استفتاءً نُسب إلى المرجع الديني الأعلى علي السيستاني، ادّعى فيه أن المرجعية "تحثّ المواطنين على المشاركة في الانتخابات المقبلة".

تحقّقت المنصة من صحة المنشور ليتبيّن أنه مضلل، إذ نفى مكتب السيستاني رسمياً صدور أي بيان أو توجيه بخصوص الانتخابات البرلمانية المقبلة، مؤكداً أن ما يُتداول على وسائل التواصل الاجتماعي لا أساس له من الصحة. كما لم يُصدر المكتب أي مواقف جديدة منذ بيانٍ سابق في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر شكر فيه المعزّين بوفاة عقيلة المرجع.

 

هل أرسلت الإمارات شحنة أسلحة جديدة إلى عدن؟

تداولت صفحات إخبارية وحسابات على منصة "إكس" صوراً لأسلحة حديثة قالت إنها وصلت إلى مدينة عدن كدعم من دولة الإمارات للمجلس الانتقالي الجنوبي، بعد العروض العسكرية الأخيرة في محافظتي أبين وشبوة.

كشف تدقيق منصة مسند أن الصور المتداولة لا علاقة لها باليمن، بل تُظهر عتاداً عسكرياً اقتنته موريتانيا لتعزيز ترسانة جيشها الوطني، وقد التُقطت في حزيران/ يونيو 2024 خلال زيارة تفقدية أجراها الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني للاطلاع على النماذج الجديدة من الأسلحة.

ولم يصدر أي تصريح رسمي أو تقارير إعلامية موثوقة تشير إلى تقديم الإمارات دعماً عسكرياً جديداً للانتقالي الجنوبي في الوقت الراهن.

ويأتي تداول هذه الإشاعة بالتزامن مع العروض العسكرية التي نظمها الانتقالي احتفاءً بالذكرى الـ62 لثورة 14 أكتوبر، ما يرجّح أن الهدف من تداولها تعزيز صورة القوة العسكرية للمجلس في سياق تنافسي داخلي.