على مدار الأسبوع المنقضي، راجت العديد من الادعاءات المضلّلة في الكثير من الدول العربية، لا سيّما في مصر والعراق وسوريا والسودان واليمن وفلسطين. وانطلاقاً من بيان للخارجية المصرية يشير إلى طفرة في مجال حماية حقوق الإنسان في البلاد، مروراً بمزاعم اعتراف الصين بإقليم الساحل السوري كدولة مستقلة، وادعاءات بتوصيل أنبوب نفطي من حضرموت إلى مآرب، فضلاً عن ترويج مقطع مولَّد بالذكاء الاصطناعي على أنه من غزّة، انتهاءً بادعاء مضلل عن انهيار السواتر الحدودية بين العراق وسوريا، عملت منصّات التحقّق العربية على التصدّي للادعاءات الزائفة والمفبركة وقامت بتفنيدها وإظهار حقيقتها.

إسرائيل لا تملك حقل ليفياثيان للغاز الطبيعي؟
علّق الكاتب الصحافي المصري أسامة الدليل، في لقاء تلفزيوني، على توقيع مصر اتفاقاً جديداً لتوسيع صادرات الغاز الطبيعي، مدعياً أن إسرائيل لا تملك حقل ليفياثيان، أحد أكبر حقول الغاز الطبيعي المكتشفة في البحر الأبيض المتوسط، والذي يقع قبالة السواحل الإسرائيلية، وأن حصّة شركة NewMed Energy الإسرائيلية (ديليك سابقاً) في الحقل لا تتجاوز 19%، وأن مالكة الحقل هي شركة أمريكية.
تحقّقت منصّة "صحيح مصر" من ادعاءات الدليل وأثبتت أنها مضلّلة، مبيّنةً أن الحقل تمتلكه ثلاث شركات؛ شركتان إسرائيليتان وهما NewMed Energy وRatio Energies وتمتلكان أكثر من 60% من حقل الغاز ليفياثيان، فيما تملك شركة Chevron Mediterranean Ltd الأمريكية نحو 39% من الحقل.
هل شهدت مصر طفرةً في مجال حماية حقوق الإنسان؟
في ذكرى اليوم العالمي لحقوق الإنسان، نشرت الخارجية المصرية بياناً جاء فيه أن مصر شهدت في السنوات الأخيرة طفرةً في مجال تعزيز وحماية حقوق الإنسان، كما شهدت في 2025 خطوات مضيئة على مستوى الإصلاحات التشريعية والمؤسسية، كان أبرزها إصدار قانون الإجراءات الجنائية الجديد.
لكن منصّة "متصدقش" أوضحت أن البيان احتوى على خطأين، الأول خاص بحقوق الإنسان حيث أثبتت التقارير الأممية والحقوقية الدولية والمحلية، استمرار الانتهاكات في الحريات فضلاً عن السجن والإخفاء القسري في حق منتقدين للسلطة. والخطأ الثاني خاص بقانون الإجراءات الجنائية الجديد، حيث وجّهت له منظمات حقوقية وأحزاب مصرية ومقرّرون في الأمم المتحدة انتقادات لما يتضمنه من تهديد ضمانات المحاكمة العادلة، واعتبار بعض مواده تحتوي على شبهات مخالفة دستورية، كما وجُّهت إليه انتقادات أممية بسبب مواد الحبس الاحتياطي.
هل شنَّ التحالف الدولي غارات على محيط مدينة؟
من مصر إلى سوريا حيث تداولت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي مقطعاً مصوراً لتفجير، مرفقاً بادعاء أن طيران التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية شنَّ غارات جوية على محيط مدينة تدمر في ريف حمص، بعد هجوم استهدف رتلاً عسكرياً للقوات الأمريكية والأمن السوري في المنطقة.
منصّة "رادار" السورية، تحقّقت من الادعاء وبينت أنه مضلّل، وأن ما حدث هو انفجار مصفاة نفط بدائية (حراقة)، وليس لقصف الطيران.
تجدر الإشارة إلى أن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) كانت قد أعلنت قبل أيام مقتل جنديين أمريكيين ومترجم مدني أمريكي وإصابة 3 آخرين بجروح إثر هجوم في تدمر وسط سوريا، أسفر أيضاً عن مقتل عنصرين من الأمن السوري.
هل اعترفت الصين بإقليم الساحل ونصّبت رامي مخلوف قائداً له؟
في سوريا أيضاً، تداول البعض ادعاءً حول وثيقة مزعومة تعترف فيها الصين بإقليم الساحل تحت اسم "دولة أوغاريت"، وبرامي مخلوف، ابن خال بشار الأسد، قائداً له، لتكون بذلك أول دولة في العالم تعترف بحقوق العلويين، وفق الادعاء. غير أن منصّة "فارق" السورية تحقّقت من الادعاء وأثبتت أنه "كاذب" حيث أن الوثيقة المتداولة في هذا الشأن ساخرة ومزيفة.
هل استقوى قائد قسد بإسرائيل ضد دمشق؟
ادعاء آخر راج في سوريا هذا الأسبوع لكنه تمثّل في تصريح منسوب لقائد قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، مظلوم عبدي، يقول فيه خلال مقابلة مع صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية: "إذا هاجمت تركيا قسد، فإن إسرائيل وعدتنا بقصف دمشق لإيقاف أي هجوم".
منصّة "ترو بلاتفورم" السورية، تتبّعت التصريح وتبيّن لها أن عبدي لم يصرّح لصحيفة إسرائيلية، كما أنه لم يصرّح التصريح المزعوم لأي وسيلة إعلام، ما يعني أن الادعاء مفبرك ولا أساس له من الصحة.

هل أصدر الشرع عملية رقمية سورية؟
انتشرت على نطاق واسع صورة رئيس الفترة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع، وهو يحمل عملة رقمية مع ادعاء بأنه أطلق "عملة سورية رقمية" والتي حملت اسم "أمانة" كـ"نظام مالي هجين ينافس الليرة التركية والدولار".
منصّة "تيقن" الفلسطينية تحقّقت من صحة الصورة وأثبتت عبر التحقّق البصري أنها مولَّدة عبر الذكاء الاصطناعي، كما لم يتم العثور على أي أخبار موثوقة حول إصدار هكذا عملة، كما نفى مصرف سوريا المركزي في بيان صحة المعلومة المتداولة.
هل جرى توصيل أنبوب نفطي من حضر موت إلى مآرب؟
في اليمن، تداولت صفحات على منصّات التواصل الاجتماعي صورةً لأنبوب بلاستيكي طويل مع الادعاء بأنه أنبوب نفطي يمتد من آبار الخشعة في مديرية سيئون في حضرموت إلى محافظة مأرب.
لكن أثبتت منصّة "مسند" اليمنية أن الصورة ليست من اليمن، وأنها متداولة منذ عام 2010، وتوثّق خط أنابيب إمدادات الغاز من تركمانستان إلى إيران.
ويتزامن تداول هذه الصورة مع سيطرة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي على محافظتيّ حضرموت والمهرة (شرقي اليمن) خلال الأيام الماضية، وتصاعد الصراع بين الحكومة المعترف بها دولياً و"المجلس الانتقالي" الساعي إلى انفصال جنوب اليمن إلى حدود ما قبل 1990.
هل ألغت السعودية بصمة الترحيل عن اليمنيين؟
في اليمن أيضاً، تداول البعض خبراً مفاده أن السعودية ألغت بصمة الترحيل عن اليمنيين وسمحت بدخول كل من سبق ترحيله. دقّقت منصّة "صدق" اليمنية في هذا الادعاء ووجدت أنه "شائعة غير صحيحة"، حيث تواصلت مع موظف في سفارة اليمن بالرياض، والذي أكد لها عدم صحة الخبر المتداول، وعدم وجود أي مستجدات رسمية في هذا الخصوص.
واستند الادعاء المضلّل إلى توجيه صادر عام 2014 شمل اليمنيين المرحلين فقط خلال حملة تصحيح أوضاع العمالة المخالفة في عام 2013 للمخالفات الإدارية، فيما بقيت الحالات الجنائية والأمنية مستثناة ويستمر منع دخولها وفق الأنظمة المعمول بها.

فبركة مشاهد للمعاناة جرّاء غرق الخيام في غزّة
وفي سياق التفاعل والتعاطف الواسعين مع أهل غزّة في ظل المعاناة المرتبطة بغرق الكثير من الخيام بسبب الأمطار الغزيرة، تداول كثيرون مقطع فيديو قيل إنه يوثِّق معاناة الأطفال في غزة داخل الخيام في ظل المنخفض الجوي والظروف الصعبة.
وعلى الرغم من قسوة المشاهد الحقيقية لغرق الخيام في غزّة، وجدت منصتا "تحقّق" و"تيقن" أن هذا المقطع بالتحديد مُولَّد بالذكاء الاصطناعي. ويتسبب تداول مثل هذا النوع من المقاطع غير الحقيقية دون تحقّق مهني في تشويه الواقع وخلط الحقائق، كما يُضعف الجهود الحقوقية والإنسانية التي تعتمد على التوثيق الدقيق لمعاناة المدنيين الفلسطينيين في غزة.
تجدر الإشارة إلى أن الدفاع المدني في غزّة أعلن إخلاء عشرات الخيام في رفح بعد غرقها بالكامل، محذِّراً من كارثة إنسانية في ظل غياب مساكن بديلة حيث تعيش أكثر من 250 ألف أسرة في مخيمات نزوح تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة، فيما تجاوزت نسبة الخيام غير الصالحة للإقامة 93%.
هل انهارت السواتر الحدودية العراقية مع سوريا بفعل الأمطار؟
في العراق، تداولت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو يُزعم أنه يُظهر "انهيار السواتر الحدودية الجديدة التي قام العراق ببنائها على الحدود مع سوريا بفعل الأمطار الغزيرة".
تقصّت منصّة "الفاحص" العراقية صحة الادعاء، ووجدت أن المقطع يعود لانهيار جزئي في جدار الفصل العنصري الإسرائيلي، جنوبي مدينة الخليل، وسط الضفة الغربية المحتلة في فلسطين، ولا علاقة له بالجدار الحدودي بين سوريا والعراق.
هل كان الدين الداخلي للعراق 70 تريليوناً لدى تولّي السوداني الحكومة؟
ادعاء آخر متصل بالشأن العراقي جاء على لسان السياسي المقرَّب من رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، إبراهيم الصميدعي، الذي قال إن "الدين الداخلي، عندما استلم السوداني الحكومة، كان 70 تريليوناً والآن 110 أعتقد".
تحقّقت منصّة "صحيح العراق" من التصريح، وخلصت إلى أنه "غير دقيق" لم يصل حجم الدين الداخلي للبلاد إلى 70 تريليون دينار حتى نهاية 2022، وما يزال أقل من 110 تريليون دينار بفارق كبير، وفقاً للبيانات الصادرة عن وزارة المالية والبنك المركزي العراقي.
ويأتي التصريح غير الدقيق في سياق تبرير تضخم الإنفاق الحكومي على نحو غير مسبوق خلال فترة الحكومة الحالية بالاعتماد على الدين الداخلي، عبر إصدار سندات خزينة، بالإضافة إلى الاقتراض من المصارف الحكومية، والتمويل النقدي، والدعم المؤقت من البنك المركزي عبر شراء السندات أو تسهيل الائتمان، وهو ما ينذر بأزمة مالية خانقة خلال المرحلة المقبلة.
هل استبعدت الإدارة الأمريكية الدعم السريع من قائمة الإرهاب؟
إلى السودان حيث تداولت مواقع التواصل تصريحاً منسوباً لمن وصفته بـ"مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب"، جاء فيه أن الإدارة الأمريكية قرّرت استبعاد قوات الدعم السريع من "قائمة الإرهاب"، استناداً إلى تقارير تقول إن انتهاكات الفاشر ارتكبها عناصر من خلايا إسلامية مدفوعة من الجيش السوداني.
تحقّقت منصّة "بيم ريبورتس" السودانية من الادعاء ووجدت أنه مفبرك؛ إذ لم يرِد في حسابي البيت الأبيض والحساب الرسمي لكبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشؤون العربية والإفريقية مسعد بوليس، على "إكس". كما لم يُسفر البحث بالكلمات المفتاحية عن أيّ نتائج تدعم صحة هذا الادعاء.