يأتي هذا المقال ضمن نشرة أسبوعية متّصلة بتدقيق المعلومات، ينشرها رصيف22، بالتعاون مع "مجتمع التحقّق العربي"، وهو مشروع بحثي متخصّص يعتمد على البرمجيات لدعم منصّات التحقّق الإخباري العربية، وذلك عبر بضع آليات، منها استحداث قاعدة بيانات تجمع محتوى منصّات التحقّق إلكترونياً بمعايير تقنية موحّدة، ما يتيح أدوات بحث وتحليل واسعة النطاق.

تتصدى نشراتنا المختلفة لاضطراب المعلومات، والتحديات التي يفرضها علينا في الوصول إلى الحقيقة، ما يضمن تقديم أخبار دقيقة وموثوق بها للجمهور.

أسبوع حافل بالأحداث المتنوعة وبالادعاءات المضللة التي رافقته. ففي مصر، وتعقيباً على حادث وفاة سباح مصري في عمر الـ12 عاماً في أثناء بطولة رياضية، قال المتحدث باسم وزارة الصحة في البلاد إن سيارة الإسعاف التي كانت في موقع الحادث كانت "مجهزة تماماً". وفي سوريا التي كانت تحتفي بالذكرى الأولى لإسقاط نظام الأسد، تعدّدت الادعاءات المضلّلة بما في ذلك مطالبة السفارة الروسية في دمشق رعاياها بمغادرة سوريا، فضلاً عن مقاطعة إقليم كردستان لـ"قسد".

لم يكن الحال مختلفاً في العراق حيث نُسب تصريحاً مفبركاً لوزيرة المالية، وصرّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتصريح مضلّل حول استهداف حقل كورمور، انتهاءً بخبر عن تجميد أموال الحوثيين وحزب الله في العراق. ولم تقف منصّات التحقّق من المعلومات العربية مكتوفة الأيدي أمام هذا السيل من المعلومات المضلّلة بل قامت بتفنيدها وكشف مدى صحتها وجوانب الزيف والتضليل فيها.

هل كانت سيارة الإسعاف مجهزة في واقعة غرق سباح مصري؟

قال المتحدث باسم وزارة الصحة المصرية، حسام عبد الغفار، على وفاة سباح نادي الزهور، يوسف محمد (12 عاماً) - الذي توفي في الحمام الأولمبي في استاد القاهرة خلال بطولة الجمهورية للسباحة - إن "سيارة الإسعاف كانت حاضرة في مكان واقعة غرق يوسف ومجهَّزة بالكامل، بما في ذلك جهاز الصدمات... وتم استخدام جهاز الصدمات بالفعل فور خروج يوسف من المياه في محاولة لإنقاذه".

فنّدت منصة "صحيح مصر" الادعاء، ووجدت أنه مضلّل، وقد اعتمدت في تفنيدها على رواية شهود العيان في الواقعة، وكذلك على شهادة المدرب الخاص للسباح، وتصريحات والديّ الضحية والتقرير الطبي الصادر عن مستشفى دار الفؤاد التي نُقل إليها فور الحادث.

الجولان خط الدفاع الحيوي لحماية مواطني إسرائيل؟

وزعم مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة، داني دانون، في منشور عبر "إكس"، أن "الأمم المتحدة تطالب بانسحاب إسرائيل من مرتفعات الجولان، خط الدفاع الحيوي لحماية مواطنينا".

تحقّقت منصة "متصدقش" من ادعاء مندوب إسرائيل، وخلصت إلى أنه مضلل، بما في ذلك مزاعمه حول حماية إسرائيل المدنيين في الجولان السوري المحتل والتي تفضح زيفها ممارسات القوات الإسرائيلية منذ عام 1967 وحتى الآن. كما أشارت المنصة إلى محاولة تعمّد تغيير تركيبة التركيبة السكانية للجولان عبر بناء المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية بموجب القانون الدولي.

هل علّق الشرع على أحداث الساحل السوري؟

في سوريا أيضاً، تداولت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو نشره حساب منسوب لوزير الداخلية السوري، أنس خطاب، يظهر فيه رئيس الفترة الانتقالية في البلاد أحمد الشرع، وهو يتحدّث عن مظاهرات الساحل السوري الأخيرة.

منصة "رادار" تحققت من ذلك المقطع، وخلُصت إلى أن الحساب الذي نشر المقطع غير رسمي، كما أن المقطع نفسه مفبرك بواسطة الذكاء الاصطناعي.

وشهدت مناطق الساحل السوري أحداث عنف طائفية استهدفت بالأساس أحياء علوية في مدينة حمص، إثر العثور على زوجين قتيلين واتهام عشيرتهما علويين بالمسؤولية عن الحادث، ما دفع وزارة الداخلية إلى فرض حظر تجوال، إلى حين كشف السلطات عن أن الجريمة جنائية وليست طائفية.

هل قاطع إقليم كردستان "قسد" واعتبرها خارج المكوّن الكردي؟

ما تزال الادعاءات المضللة تتصل بالشأن السوري حيث روّجت منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي أن مجلس أمن إقليم كردستان في العراق "أعلن القطيعة التامة مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) واعتبرها خارج المكوّن الكردي، وأنها تمارس أعمالاً منافية للقيم والأخلاق، وأنها مصنّفة كجماعة إرهابية".

دقّقت منصة "فارق" في الادعاء ورجّحت أن ذلك الادعاء مفبرك لعدم وجود أي إشارة لتلك التفاصيل على الحسابات الرسمية لمجلس أمن إقليم كردستان، وكذلك وسائل الإعلام الكردية الموثوقة.

الجدير بالذكر أن الادعاء تزامن مع اقتراب موعد دمج قوات قسد في الجيش السوري، بموجب اتفاق 10 آذار/ مارس 2025 برعاية أمريكية.

هل طلبت روسيا من رعاياها مغادرة سوريا؟

في غضون ذلك، تداولت صفحات على السوشال ميديا ادعاءً مفاده مطالبة السفارة الروسية في سوريا رعاياها بمن فيهم العاملين في السفارة في دمشق مغادرة العاصمة السورية دون تقديم أسباب هذا الطلب.

تعقبت منصة "ترو بلاتفورم" هذا الادعاء وراجعت الحسابات الرسمية للسفارة الروسية في دمشق وكذا الخارجية الروسية، وتبيّن لها أن الادعاء مفبرك وغير صحيح.

يذكر أن آخر مرة طلبت فيها روسيا من رعاياها مغادرة سوريا كانت قبل يومين من إسقاط نظام بشار الأسد.

هل نجا مقاتلو حماس محتجزين في أنفاق رفح؟

من سوريا إلى فلسطين حيث مقطع فيديو متداول يُصور "نجاة مجموعة من مقاتلي حركة حماس المحتجزين في أنفاق رفح ووصولهم إلى مناطق تقع خارج نطاق سيطرة الاحتلال" الإسرائيلي.

منصة "تحقق" الفلسطينية، أثبتت أن المقطع قديم ويعود إلى عام 2023 عندما قامت حماس بتسليم الدفعة الخامسة من الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة ضمن شروط التهدئة الإنسانية وتبادل أسرى فلسطينيين من سجون إسرائيل.

يذكر أن الجيش الإسرائيلي نشر بياناً، في 30 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025، يفيد بأن قواته في منطقة رفح قامت باستهداف أربعة أشخاص خرجوا من نفق تحت أرضي في المنطقة، بمساندة سلاح الجو الإسرائيلي.

الأموال العراقية تُهرب إلى إيران بأوامر زعيمين سياسيين؟

وفي العراق، نُسب إلى وزيرة المالية العراقية، طيف سامي، قولها إن "الأموال المهرَّبة تتجه إلى إيران بأوامر من قيس الخزعلى (قيقو) وهادي العامري".

لكن منصة "الفاحص" أثبتت أن التصريح مختلق وغير صحيح، حيث راجعت المصادر الرسمية ووكالة الأنباء الرسمية، ولم تعثر على أي تصريح منسوب لطيف سامي حول علاقة زعيم ميليشيا "عصائب أهل الحق"، الخزعلي، وزعيم ائتلاف الفتح المنضوي ضمن الإطار التنسيقي، هادي العامري، بتهريب الأموال من العراق.

هناك ضحايا لاستهداف حقل كورمور العراقي؟

في العراق أيضاً حيث علّق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال كلمته للصحافيين في البيت الأبيض، على سؤال حول الهجوم الذي استهدف حقل كورمور للغاز الطبيعي في السليمانية شمالي العراق، زاعماً أن "هناك أشخاصاً قتلوا في الهجوم".

غير أن منصة "صحيح العراق"، أكدت أن التصريح خاطئ وغير صحيح، حيث لم يسفر الهجوم عن سقوط أي قتلى أو جرحى، فيما وقعت خسائر مادية أدّت إلى توقف عمليات ضخ الغاز بشكل مؤقت.

وشهد يوم 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025، تعرّض حقل كورمور للغاز في قضاء جمجمال في محافظة السليمانية، لهجوم بطائرة مسيّرة استهدفت خزانات الغاز، ويعد هذا الحقل الأكبر في كردستان، وتديره شركة "دانة غاز" الإماراتية، ويبلغ طوله 33 كيلومتراً، وعرضه أربعة كيلومترات، وسبق أن تعرّض الحقل لعدة هجمات.

هل جمد العراق أموال الحوثيين وحزب الله اللبناني؟

وفي آخر الادعاءات المتصلة بالعراق، استعرضت منصة "صدق" اليمنية، تفاصيل الخطأ الذي وقعت فيه جريدة الوقائع العراقية الرسمية والتي نشرت في تشرين الثاني/ نوفمبر 2025 قائمة بالكيانات التي طالها قرار تجميد الأموال والأصول من قبل البنك المركزي العراقي٬ وتضمّنت القائمة جماعة الحوثي وحزب الله اللبناني إلى جانب كيانات وجماعات أخرى.

المنصة استشهدت بتوضيح لجنة تجميد أموال الإرهابيين في البنك المركزي العراقي المنشور في 4 كانون الأول/ ديسمبر 2025، والذي نفى ورود اسم الحوثي وحزب الله في تلك القائمة، معتبرةً أنه تم نشر القائمة قبل تنقيحها، وتسببت الواقعة في فتح تحقيق عاجل لمحاسبة المقصرين في ما ورد من خطأ.

هل دمّر الجيش السوداني إمداداً للدعم السريع كان قادماً من ليبيا؟

في السودان، ومع استمرار الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، تتواصل الادعاءات المضللة حيث نُشرت صورة تُظهر مركبات عسكرية محترقة في منطقة صحراوية، مع الزعم بأنها توثِّق تدمير سلاح الجو التابع للجيش السوداني قافلة إمدادات قادمة من ليبيا إلى "الدعم السريع".

تتبّعت منصة "بيم ريبورتس" الصورة، وبينّت أنها قديمة وكان أقدم تداول لها في 15 تموز/ يوليو 2025، كما تبيّن للمنصّة أنه لاعلاقة لها بالسودان وإنما المركبات المحترقة تعود إلى ليبيا.

مدرعات ودبابات سعودية قادمة إلى مأرب؟

من السودان إلى اليمن، حيث تداولت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي صورة لعربات عسكرية مدرعة ومركبات تحمل دبابات صورة تدعي أنها حديثة المعارضة تلتقط لحظة أرتال ديناميكية سعودية في طريقها إلى محافظة مأرب. منصة "مسند" اليمنية أثبتت أن الصورة قديمة ولا علاقة لها بالوقت الحالي وترجع إلى 9 تشرين الثاني/ نوفمبر 2021.

ويأتي هذا الادعاء متزامناً مع التطورات الأخيرة في المحافظات الشرقية في اليمن، حيث شهدت المنطقة تحركات عسكرية للقوات التابعة للمجلس الانتقالي، مع مزاعم بأن السعودية تدعم الجيش الوطني في مأرب.

حمار داخل قاعة برلمان؟

ختاماً، وفي واقعة بدت طريفة، تداولت حسابات على السوشال ميديا مقطع فيديو مرفقاً بادعاء أن حماراً مجهولاً دخل بشكل مفاجئ مجلس الشيوخ الباكستاني، وأثار حالة من الفوضى.

حلّلت منصة "تيقن" الفلسطينية المقطع بصرياً ورصدت العديد من التشوّهات التي تشير بشكل قاطع إلى أنه مولَّد بواسطة الذكاء الاصطناعي، كما أكدت أداة متخصّصة في تحليل الصور نفس النتيجة. وعثرت المنصة على مصدر الفيديو الأصلي على تيك توك الذي ذكر بدوره أن المقطع مولَّد بالفعل وغير حقيقي.