مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

بين المجاعة والجدل والبيانات المفبركة: التضليل يتمدّد من غزة إلى السويداء

بين المجاعة والجدل والبيانات المفبركة: التضليل يتمدّد من غزة إلى السويداء

 

 تصدر هذه النشرة بالتعاون بين مجتمع التحقق العربي (AFH) و منصة رصيف22

 

يأتي هذا المقال ضمن نشرة أسبوعية متّصلة بتدقيق "المعلومات"، ينشرها رصيف22، بالتعاون مع "مجتمع التحقّق العربي"، وهو مشروع بحثي متخصّص يعتمد على البرمجيات لدعم منصّات التحقّق الإخباري العربية، وذلك عبر بضع آليات، منها استحداث قاعدة بيانات تجمع محتوى منصّات التحقّق إلكترونياً بمعايير تقنية موحّدة، ما يتيح أدوات بحث وتحليل واسعة النطاق.

 

تتصدى نشراتنا المختلفة لاضطراب المعلومات، والتحديات التي يفرضها علينا في الوصول إلى الحقيقة، ما يضمن تقديم أخبار دقيقة وموثوق بها للجمهور.

 

من الادعاء بأن غزة تتلقى مساعدات تكفي لثلاثة أشهر، إلى فيديو مفبرك نُسب لإمام الحرم المكي يبرّر المجاعة، مروراً بمقاطع قديمة يُعاد تدويرها لنفي شحّ الغذاء، تعددت المعلومات المضللة حول الواقع الإنساني في القطاع. وفي سوريا، تكررت مزاعم تأسيس إدارة ذاتية في السويداء، وتهجير المسيحيين، وممارسات طائفية في مطار دمشق. بينما في العراق، انتشر منشور منسوب زوراً إلى مقتدى الصدر بشأن خور عبدالله، في حين شهدت الساحة اليمنية إشاعة عن تغييرات وشيكة في هرم السلطة.

ادعاءات تراوحت بين التزوير والفبركة، رصدتها منصات تحقق عربية، ووثّقت ما فيها من تضليل وسوء استخدام للسياق.

 

من يضلل بشأن مساعدات غزة؟

تحققت منصتا "متصدقش"  و"صحيح مصر" من ادعائين متداولين يروّجان لمزاعم غير دقيقة حول دخول المساعدات إلى غزة، ويتهمان الأمم المتحدة بعرقلة وصولها.

الادعاء الأول نشرته قناة "العربية"، وزعم فيه أن برنامج الغذاء العالمي أعلن عن مساعدات في طريقها إلى غزة تكفي السكان لمدة ثلاثة أشهر، لكن "متصدقش" أوضحت أن البيان  عُرض بشكل مضلل، إذ أشار البرنامج إلى وجود كميات كافية داخل غزة فعلاً، في حين ما زالت المساعدات الجديدة عالقة في مناطق الانتظار قرب معبري كرم أبو سالم وزيكيم، بسبب تعثّر التصاريح من الجانب الإسرائيلي.


أما الادعاء الثاني، فصدر عن صفحة "إسرائيل تتكلم العربية"، وادعت أن الأمم المتحدة تعيق دخول المساعدات، في حين تسهّلها إسرائيل عبر مؤسسة "غزة الإنسانية". وقد كشفت "صحيح مصر" أن السبب الحقيقي هو القيود الإسرائيلية، مثل منع التصاريح وإغلاق المعابر، إضافة إلى تحديد نقاط توزيع غير آمنة. 

واستناداً إلى تقارير حقوقية، سقط مئات الضحايا برصاص الجيش الإسرائيلي أثناء انتظارهم للمساعدات قرب مواقع المؤسسة، التي ترفض الأمم المتحدة التعاون معها، لـ"عدم التزامها بمعايير الحياد والاستقلال".

 

"الجوع في غزة فرصة لتهذيب الجسد"

تداولت حسابات على مواقع التواصل مقطع فيديو منسوباً لإمام الحرم المكي عبد الرحمن السديس، يُظهره وهو يصف "الجوع في غزة" بأنه "فرصة ذهبية لتهذيب الجسد"، لكن منصة "تيقّن" الفلسطينية أكدت أن الفيديو مولّد باستخدام الذكاء الاصطناعي، ولم يُنشر عبر أي مصدر رسمي موثوق.

كما كشف التحليل البصري عن عدم تطابق حركة الشفاه مع الصوت، ووجود تشوهات رقمية تدل على تلاعب بالمقطع. وتبين أن خطبة السديس بتاريخ  4 تموز/ يوليو 2025، لم تتطرق إلى غزة أو الجوع، بل تناولت قضايا الحج والانحرافات الفكرية، وخُتمت بالدعاء لفلسطين وسائر المنكوبين.

 

مشاهد قديمة لا تُنكر المجاعة

رصدت منصة "الكاشف" الفلسطينية مقطعين يُستخدمان لنفي وجود المجاعة في غزة،  وتصوير الواقع  وكأن المساعدات متوفرة.

المقطع الأول يعود إلى شباط/فبراير 2025، قبل إغلاق المعابر في 2 آذار/ مارس، ويُعاد تداوله الآن خارج سياقه. أما المقطع الثاني، فصوّره صاحب متجر، ثم أعلن في  21 تموز/ يوليو عن إغلاقه بسبب نفاد البضائع وارتفاع الأسعار. ويعود تاريخ نشر الفيديو الأصلي  إلى 11 آذار/مارس 2025. 

"الكاشف" أوضحت أن الحسابات التي نشرت المقاطع مثل "Gazawood" و"GAZAWOOD1"، تعتمد السخرية والانتقاء البصري لنفي وجود مجاعة في قطاع غزة، متجاهلة أثر الحصار الإسرائيلي ونقص الغذاء الحاد.

 

حروب السردية في سوريا

من غزة إلى السويداء، تتواصل حملات التضليل على جبهات متعددة. عمل "مجتمع التحقق العربي" بالتعاون مع "رصيف 22"  خلال الأسبوع الماضي على تقريرين يرصدان كيف تتحوّل ساحات التواصل إلى امتداد لصراعات الداخل السوري. الأول -بعنوان "#قسد_عدو_البلد"- كشف حملة رقمية منسقة تقودها حسابات موالية للنظام السوري ضد "قسد"، تروّج لخطاب تخوين وتحريض، مستندة إلى شبكات تضخيم آلية تستهدف إعادة تشكيل الرأي العام. أما الثاني -"بين الخيانة ومحاربة الإرهاب"- فحلّل موجتين متوازيتين من التفاعل الرقمي حول اشتباكات السويداء، عبر وسوم متضادة أبرزها "#الهجري_الخائن" و"#السويداء_تحارب_الإرهاب"، أظهر تحليلها تصاعد خطاب الكراهية الطائفي وتدخل حسابات من خارج سوريا غذّت الانقسام وصعّدت التوتر.

 

لا إدارة ذاتية في السويداء

 


تحققت منصة "فارق" من بيان متداول يزعم إعلان "أبناء السويداء" تأسيس إدارة ذاتية لإقليم جبل العرب جنوبي سوريا.



 
 
 

تحققت منصة "فارق" من بيان متداول يزعم إعلان "أبناء السويداء" تأسيس إدارة ذاتية لإقليم جبل العرب جنوبي سوريا. وبعد مراجعة المصادر الرسمية والمحلية، أكدت المنصة أن البيان مفبرك، ولا يحمل توقيعاً لأي جهة معروفة، ولم ينُشر عبر المجلس العسكري في السويداء، الذي ورد اسمه في البيان الملفق.

الادعاء يأتي في سياق توترات محلية، ويُعيد تكرار نمط بيانات مشابهة انتشرت في أيلول/سبتمبر 2024. وتُستغل هذه المزاعم لإشعال خطاب الكراهية والتجييش ضد أبناء السويداء، ضمن موجة تضليل ممنهجة

 

لا تهجير للمسيحيين من السويداء

تحققت منصة "ترو بلاتفورم" من منشورات ادّعت أن الهلال الأحمر السوري بدأ بإجلاء العائلات المسيحية من السويداء.  وبعد مراجعة الحسابات الرسمية وتصريحات رجال دين، أكدت المنصة أن الادعاء ملفق ولا يستند إلى أي مصادر موثوقة.

وأوضحت المنصة أن الصور المتداولة لرجل دين مسيحي مع وفد أمني أُخرجت من سياقها، إذ شارك في الإشراف على إخراج عائلات بدوية لأسباب إنسانية. ونفى رجال دين من مطرانية بصرى حوران والروم الكاثوليك صحة المزاعم، مؤكدين أن  بعض المغادرين فعلوا ذلك بسبب المرض، أو الحاجة للعلاج، وليس بسبب التهجير.

 

هل تُصادر الهواتف في مطار دمشق؟

تحققت منصة "رادار" من ادعاء يزعم أن سلطات مطار دمشق تصادر هواتف المسافرين من أبناء الطائفتين الدرزية والعلوية، وتعتقل من يُعثر في هاتفه على مقاطع "تُضر بالدولة".

المنصة تواصلت مع العقيد عمر عبد الباقي، مدير أمن الطيران المدني السوري، الذي نفى صحة الادعاء، وأكد أن الأمن يطبّق القوانين على الجميع دون تمييز، ولم تُسجّل أي حالات استهداف على أساس طائفي داخل المطارات.

 

العراق: هل صرّح مقتدى الصدر بشأن خور عبدالله؟

في ظل الجدل المتصاعد حول قرار المحكمة الاتحادية بإلغاء اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبدالله، الموقعة مع الكويت عام 2014، تداولت صفحات على فيسبوك منشوراً زعم أن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر صرّح باستعداده "لكل الاحتمالات للدفاع عن السيادة العراقية"، محذراً مما وصفه بـ"الأطماع الخبيثة".

لكن منصة "الفاحص" أكدت أن التصريح مزيف، ولم يصدر عن "الصدر" أو أي من الجهات المقربة منه، مثل صالح محمد العراقي أو "سرايا السلام" أو المكتب الرسمي، كما خلت وكالة الأنباء العراقية من أي تصريح مشابه.

 



اليمن: لا تغييرات مرتقبة في مجلس القيادة

 


تحققت منصة "صدق" من شائعة تزعم وجود تغييرات مرتقبة في مجلس القيادة الرئاسي اليمني، ورئاسة البرلمان والحكومة. 



 
 
 

تحققت منصة "صِدق" من شائعة تزعم وجود تغييرات مرتقبة في مجلس القيادة الرئاسي اليمني، ورئاسة البرلمان والحكومة. 

 

المنصة اليمنية تواصلت مع مسؤول في رئاسة الجمهورية، الذي نفى الادعاء وأكد أن التشكيلة الحالية ستستمر حتى انتهاء المرحلة الانتقالية، وفق الإعلان الدستوري الذي صدر عام 2022. وتكررت هذه الشائعة سابقاً، حين تم تداول اسم اللواء محمود الصبيحي كبديل لرئاسة المجلس، من دون أي تأكيد رسمي.