Arabi Facts Hubis a nonprofit organization dedicated to research mis/disinformation in the Arabic content on the Internet and provide innovative solutions to detect and identify it.
nan
على الرغم من مرور 5 أشهر على قرار رئاسة الجمهورية بسحب مرسومها الخاص بالكاردينال البطريرك لويس روفائيل ساكو، بطريرك بابل على الكلدان في العراق والعالم، لا تزال ردود الأفعال متواصلة، والمطالبة بإصلاح الوضع بين ساكو ورئيس الجمهورية عبداللطيف رشيد مستمرة، وفي خضم تلك المطالبات تصدر العديد من التصريحات غير الدقيقة حول منصب ومكانة الكاردينال ساكو، وأهمية هذا المنصب، وهل هو الوحيد في المنطقة الذي يحمل تلك الرتبة الدينية العليا في الكنيسة الكاثوليكية، لذا يحاول "صحيح العراق" في هذا التقرير تسليط الضوء على بداية الأزمة وأهمية المنصب بالنسبة للمسيحيين في العراق والعالم.
بداية الأزمة
في عددها رقم 4727 الصادر بتاريخ 3 تموز يوليو 2023، نشرت جريدة الوقائع العراقية الرسمية، نص مرسوم جمهوري يحمل الرقم 31 لسنة 2023، والذي بموجبه تم سحب المرسوم الجمهوري رقم 147 لسنة 2013.[1]
وينص المرسوم الجمهوري (في عهد الرئيس الراحل جلال طالباني) رقم (147) على تعيين البطريرك لويس روفائيل ساكو، بطريرك بابل على الكلدان في العراق والعالم، ومتوليًا على أوقافها.[2]
وبعد سحب المرسوم لا صلاحية للبطريرك لإدارة ممتلكات الكنيسة.
والنتيجة أن كل الوكالات الممنوحة للأساقفة الكلدان في العراق ولرئيس الرهبان ورئيسات الرهبانيات النسائية انتهى مفعولها، أما الأساقفة المقيمون خارج العراق، وكالاتهم نافذة المفعول.[3]
أثار هذا الأمر غضب الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم، وفي أول ردة فعل على المرسوم الجمهوري الجديد، قالت البطريركية الكلدانية إن "هذا القرار غير مسبوق في تاريخ العراق، فمنذ الخلافة العباسية كان البطريرك يُمنح براءةً رسمية، واستمر الأمر في العهد العثماني، إذ كان البطريرك يُمنح فرمانًا ولنا نسخة منه تسمى "الطغراء"، وهكذا في الزمن الملكي والجمهوري"، مطالبًا رئيس الجمهورية، أن "يعيد الأمور إلى نصابها الطبيعي قبل أن تتأزم وتَفرز تداعيات لا تُحمَد عقباها".[4]
توضيح من رئاسة الجمهورية
ورداً على ردود الأفعال التي تولدت بعد المرسوم الجمهوري الجديد، أصدرت رئاسة الجمهورية في 7 تموز يوليو 2023، توضيحًا بررت فيه تجريد الكاردينال ساكو من الولاية على الأوقاف المسيحية، بأنه جاء لتصحيح وضع دستوري إذ صدر المرسوم رقم (147) لسنة 2013 دون سند دستوري أو قانوني، فضلًا عن مطالبة رؤساء كنائس وطوائف أخرى بإصدار مراسيم جمهورية مماثلة ودون سند دستوري، فيما أكدت ان سحب المرسوم السابق ليس من شأنه المساس بالوضع الديني أو القانوني.[5]
من الذي يقف خلف سحب المرسوم الجمهوري؟
وتتهم الكنيسة الكلدانية، رئيس حركة بابليون ريان الكلداني الذي يقود فصيلًا مسلحًا، شكله عام 2014 للدفاع عن المناطق المسيحية خلال سيطرة داعش على عدد من المدن، حيث تقول الكنيسة إن "من المعيب أن يُصدّق رئيس الجمهورية، حامي الدستور وكرامة العراقيين أكاذيب ريان (الكلداني) ويسحب المرسوم الجمهوري عن الرئيس الأعلى للكنيسة الكلدانية في العالم، وكاردينال في الكنيسة الكاثوليكية، بدل أن يستشير الدائرة القانونية في ديوان الرئاسة". وتتهم الكنيسة، ريان الكلداني، بييع بعض الكنائس وأملاكها بملايين وهدم قبور الكهنة والراهبات.[6]
ساكو يغادر بغداد ويجدد اتهام ريان
وفي 21 تموز يوليو 2023، وصل البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو، برفقة معاونه إلى مطار أربيل الدولي، معلنًا مغادرة بغداد. وقال للصحفيين: "إني حزين أن أترك بغداد مدينة السلام، لكن بغداد لا تحترم الرموز الدينية إذ يهين رئيس جمهوريتها بضغط من ميليشيا بابليون رئيس الكنيسة الكلدانية الأعلى في العراق والعالم بسحب المرسوم الجمهوري منه ويهجره، ويرعب المكون المسيحي، بينما حكومة إقليم كردستان تستقبله بحفاوة بالغة لأنها تحترم المرجعيات الدينية وتقيّم دورها الديني والوطني".[7]
بماذا رد ريان الكلداني؟
من جانبه نفى الأمين العام لحركة بابليون ريان الكلداني، أن يكون السبب في صدور قرار سحب المرسوم الجمهوري من "ساكو"، عازيًا الأمر لـ"تعديل وضع دستوري خاطئ لم يصدر منا، بل من رئاسة الجمهورية"، وقائلًا إنه مستعد للمثول أمام القضاء للرد على اتهامات ساكو للحركة: "إذا كان البطريرك مار لويس ساكو، يُطالب بدولةِ قانون ومؤسسات، ويُريد فرض هيبة الدولةِ، ويتمّنى نجاح الحكومة، فلماذا يلجأ كلِّ مرّة إلى الإعلام من أجل تسقيط نواب كتلة بابليون، واتهامهم بقضايا باطلةٍ لا صحّة لها؟ ولماذا لا يُشجعِ المُشتكين في مجلسه للجوء إلى القضاء العراقي النزيه الذي أنصفه في قضيّة سابقة؟ وإذا أساءَ أيٌّ من قياديي الحركة أو نوابها أو أعضائها إليه، فلماذا لا يتوجّه هو إلى المحاكم العراقية لتقديم شكوى بهذا الخصوص". وكشف الكلداني عن محاولته زيارة الكاردينال في مقره أو في أي كنيسة يختارها، وبوساطة من مسيحيين ومسلمين، إلا أن الكاردينال يرفض جميع المبادرات".[8]
الاتحادية ترد دعوى ساكو
وردت المحكمة الاتحادية العليا، في 16 تشرين الثاني نوفمبر الماضي، دعوى الكاردينال ساكو، لعدم وجود ما يخلّ بصحة إجراءات إصدار المرسوم الجمهوري رقم 31 لسنة 2023 الصادر من المدعى عليه رئيس الجمهورية، بحسب نص قرار المحكمة.[9]
الكنيسة تلغي احتفالات الميلاد احتجاجاً على "المرسوم" و"الحمدانية" و"غزة"
وفي آخر تطورات الأحداث حول الموضوع، أعلنت البطريركية الكلدانية إلغاء جميع فعاليات الاحتفال بعيد الميلاد المجيد لهذا العام، قائلةً إن الإلغاء احتجاجًا على سحب المرسوم الجمهوري من الكاردينال لويس روفائيل ساكو، واحترامًا لضحايا قاعة أعراس الحمدانية في 26 أيلول سبتمبر 2023، وبسبب استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة.[10]
ماهو منصب الكاردينال؟
الكرادلة ذوو الرداء الأحمر، هم أكبر رجال الدين على مستوى الكنيسة الكاثوليكية، بعد البابا نفسه، ويشمل دورهم انتخاب البابا، رئيس الكنيسة، الذي يتم اختياره من بينهم في اجتماع سري، يعرف باسم المجمع المغلق. وبموجب قاعدة الكنيسة، لا يسمح لمن تزيد أعمارهم عن 80 عامًا، التصويت في المجمع المغلق.[11]
ساكو ثالث كاردينال عراقي
في أيار مايو 2018، قرر بابا الكنيسة الكاثوليكية البابا فرنسيس، ترقية البطريرك لويس روفائيل الأول ساكو، بطريرك الكلدان، إلى مرتبة كاردينال، وهي أرفع رتبة كنسية بعد البابوية.
وبحسب بيان للكنيسة الكلدانية، أعلن البابا فرنسيس في صلاة التبشير الملائكي عن ترقية 14 كاردينال جديد، وجاء اسم البطريرك لويس روفائيل ساكو في المرتبة الأولى، من بينهم 11 ناخبًا للبابا، و3 متقاعدين.[12]
ولم يكن البطريرك لويس روفائيل ساكو، بطريرك الكلدان، العراقي الوحيد الذي وصل لهذه المرتبة، بل يعتبر ثالث عراقي يصل لهذه الرتبة، حيث سبقه عمانوئيل الثالث دلي، على رتبة الكاردينال عام 2007 وحتى وفاته عام 2014، أما أول عراقي وصل إلى هذه المرتبة، فهو أغناطيوس جبرائيل الأول تبوني، عام 1937 وحتى وفاته عام 1968.[13]
هل لويس ساكو الكاردينال الوحيد في المنطقة؟
ذكر الباحث في التجديد الديني، رحيم أبو رغيف، خلال برنامج "لعبة الكراسي" الذي يعرض على قناة الشرقية أنه "لا يوجد كاردينال في المنطقة.. العراق الوحيد الذي فيه كاردينال مسيحي وهو لويس ساكو، وتعرض للظلم من قبل رئاسة الجمهورية".
ولكن هذا التصريح غير دقيق، فبحسب موقع الفاتيكان، يوجد حاليًا 240 كاردينالًا وموزعين على قارات العالم كالتالي: 111 في أوروبا، و27 في أمريكا الشمالية، و9 في أمريكا الوسطى، و28 في أمريكا الجنوبية، و29 في أفريقيا، و33 في آسيا، و3 في أوقيانوسيا والتي تشمل أستراليا وميلانيزيا وميكرونيسيا وبولنيزيا، حيث يظهر أن هناك كاردينالات آخرين في المنطقة العربية، فبالإضافة إلى ساكو من العراق، هناك أيضا آخر من لبنان، وثالث من مدينة القدس، وفي المغرب والسودان وجنوب السودان.[14]
ماذا تعرف عن الكاردينال العراقي؟
وُلِد البطريرك ساكو في مدينة زاخو- صطبلاني بتاريخ 4 تموز يوليو 1948. أكمل دراسته الابتدائية في الموصل، حيث دخل معهد مار يوحنا الحبيب في الموصل عام 1963، ورُسِم كاهنًا في أبرشية الموصل الكلدانية بتأريخ 1 أيار 1974، وحصل على شهادة الدكتوراه في علم آباء الكنيسة في روما عام 1983، وشهادة الماجستير في الفقه الإسلامي سنة 1984، كما حصل لاحقًا على شهادة الدكتوراه في تاريخ العراق القديم من جامعة السوربورن في باريس سنة 1986، وخدم في كنيسة أم المعونة في الموصل مدة 11 عامًا، وعُيّن مديراً للمعهد الكهنوتي البطريركي في بغداد للفترة من 1997- 2001، وكان استاذاً في كلية بابل الحبرية، ورُسِم أسقفًا لأبرشية كركوك الكلدانية في 14 تشرين الثاني نوفمبر 2003. وهو مستشار المجلس البابوي للحوار بين الأديان.
وفي 28 حزيران يونيو 2018، تم ترقيته إلى كاردينال.[15]