Arabi Facts Hubis a nonprofit organization dedicated to research mis/disinformation in the Arabic content on the Internet and provide innovative solutions to detect and identify it.
الزرادشتية في العراق
يقدم فريق "صحيح العراق" سلسلة من المنشورات حول المعتقدات والطقوس لدى الأقليات الدينية في العراق، للحد من انتشار المعلومات المضللة والمزيفة حولها، ومنها الزرادشتية.
تعد الزرادشتية واحدة من أقدم الديانات في العالم التي ما تزال طقوسها تمارس حتى اليوم في مناطق عديدة، ومنها بعض مناطق كردستان العراق وما حولها.
ما هي الزرادشتية؟
يعدُّ بعض الباحثين الديانة الزرادشتية أقدم الديانات التوحيدية التي لا زالت تُمارس في العالم، وعلى الرغم من أنّ تصنيفها ضمن “الديانات التوحيدية” إلا أن ذلك يعد غريباً بعض الشيء لأغلبنا، إلا أنّ هذه هي الحقيقة.
يعتقد أتباع الزرادشتية أنّ هناك إلهاً واحداً في الكون هو “أهورامزدا”، وهو إله النور، إلهٌ قدير فوق إدراك ومعرفة البشر. وهو خالق كل شيء ومصدر الخير والنور والمحبّة في هذا الكون.
لكن هناك نقيض لهذا الإله القدير أيضاً، وهو “قوةٌ مطلقةٌ للشر”، تعدُّ مصدر جميع الشرور في العالم والكذب والموت يدعى “أهريمان” وهو بمثابة الشيطان.
لكنّ هذه الديانة أيضاً تسمّى الزرادشتية، على اسم شخص، وليس على اسم الإله نفسه مثلاً، فلماذا؟
رغم أنّ اسم الديانة على اسم زرادشت، إلا أنه ليس إلهاً، ولا يرفعه المنتسبون للزرادشتية إلى مرتبة الإله. يعرّفونه فقط بأنّه رمزٌ نبويٌّ، لكن لا يعرف أن الكثير عن زرادشت خارج النصوص الزرادشتية القديمة، والتي يُعتقد أن بداياتها كتبها زرادشت نفسه.
وقد أصبحت الديانة الرسمية لممالك الفرس المتعاقبة، الإخمينيين والبارثيين والساسانيين، وحتّى دخول الإسلام ودخول الإيرانيين فيه.
نهضة الديانة الزرادشتية بدأت قبل 3759 سنة في جبال زاكروس بكردستان داخل الأراضي الإيرانية، حسب رجل الدين الزرادشتي إسروان قادرؤك، ويضيف أنها "بدأت في قرية قرب مدينة أورمية".
طقوس
وعن تفاصيل طقوسهم، يقول رجل الدين الزرادشتي إسروان قادرؤك "لدينا 5 صلوات في اليوم، ولكنها تختلف عن صلاة المسلمين، وقبلتنا النار والنور والشمس، ولكننا لا نعبد النار كما يظن البعض، وإنما هو تقديس، ولدينا صيام 4 أيام كل شهر نمتنع خلالها عن أكل اللحوم فقط، ومجموع أيام الصيام 48 يوما في السنة".
ويضيف أنه لا يوجد إحصاء دقيق حول أعداد أتباع الزرادشتية، لكنه يقدرهم بنحو 300 ألف، مشيرا إلى أن بعض الأكراد اعتنقوا الزرادشتية في السنوات الأخيرة، منوها إلى أنهم لا يعتبرون أنفسهم بديلا لأي ديانة أخرى، "لأنهم يعترفون بكل الأديان، ويحترمونها، ولديهم علاقة قوية مع الجميع، ويريدون التعايش السلمي، لأن رسالة الزرادشتية ضد العنف".
الدستور العراقي لا يعترف بها
عضو المجلس الأعلى للزرادشتية في كردستان إبراهيم زراري يتحدث عن تحديات قانونية ودستورية واجتماعية تواجههم؛ فلا يزال الدستور العراقي لا يعترف بالزرادشتية، رغم أن الدليل العراقي لعام 1936 يذكر الزرادشتية باسم المجوسية كأقلية دينية.
ويضيف أن إقليم كردستان أصدر قانونا رقم 5 عام 2015، وفيه اعتراف بجميع الأديان، وإتاحة الحرية لممارسة الشعائر والطقوس، وهذا شجّع الزرادشتية على حرية الظهور، مضيفا أن القانون بحاجة إلى تفاصيل أكثر.
معلومات مضللة عن الزرادشتية
ويعرب عن معاناة أتباع الديانة الزرادشتية بسبب نظرة المجتمع لهم، ويعزو ذلك إلى "المعلومات المغلوطة التي تشوه دينهم، مثل تعدد الآلهة وعبادة النار وغير ذلك".
وحول بعض تفاصيل ديانتهم، يقول زراري إنه في الزرادشتية لا يجوز زواج الأقارب حتى الدرجة الخامسة، لأن ذلك يورث نقص العقل والجسد، ولا تجد زوجين يلتقيان في الجد الثالث أو الرابع، والزرادشتية ليست دينا تبشيريا، ولها 3 أفكار رئيسية: الفكر الصالح، والكلام الصالح، والعمل الصالح، ويجب الحفاظ على عناصر الطبيعة الأربعة: الماء والهواء والتراب والنار، وهي مقدسة لأنها عناصر الطبيعة وتصب في مصلحة الإنسان نفسه.
آثار ومعالم الديانة
إن من أهم آثار أماكن ممارسة الطقوس الزرادشتية هي "طاق كسرى" في المدائن (جنوبي بغداد)، ودخمة قزقابان في السليمانية، وكهف جارستين في دهوك، وكان طاق كسرى مركز حكم الساسانيين الذين اعتنقوا الديانة الزرادشتية.
و يرى الزرادشتيون أن بغداد كانت موجودة منذ عام 2000 ق.م، وكان اسمها "بوغا" نسبة إلى أحد الآلهة، وكانت في بغداد أكبر جامعة عام 200 ق.م، وكانت تحوي كل المخطوطات والكتب والمقالات الزرادشتية، قبل أن تصبح عربية في عهد عبد الملك بن مروان، وكانت المدينة تضم العديد من "الهورمزكا"، وهي أماكن شبيهة بالمعابد، وآخرها هُدم في شارع الرشيد نهاية الخمسينيات.