Asia Anweris a project coordinator and researcher in the field of digital rights with INSM for Digital Rights Foundation in Iraq.
«نساء العراق هنّ الأكثر تعرُّضًا للعنف الرقميّ»، كانت هذه الخلاصة هي ما توصلت إليه دراسة أعدّها المكتب الإقليميّ التابع لـ«هيئة الأمم المتحدة للمرأة في الدول العربيّة» في مايو/أيار 2020 عبر الإنترنت في تسع دول هي: المغرب، وليبيا، وتونس، والأردن، وفلسطين، ولبنان، والعراق، واليمن. وأظهرت هذه الدراسة أنَّ نساء العراق هنّ الأعلى في معدلات التعرُّض للعنف الرقميّ؛ حيث بلغت نسبتهنّ 70.4%. ويُعتبر التضليل المعلوماتيّ وخطاب الكراهية المرتبط بهذه الظاهرة وجهين من أبرز أشكال العنف الرقميّ التي تسيّج واقع النساء في العراق. وتثبت ذلك دراسةٌ أعدّتها مؤسسة «انسم» للحقوق الرقميّة في يناير/ كانون الثاني لعام 2023، كانت قد وجّهت عيّنتها إلى النساء القياديات واللواتي يَعملنَ في وظائف تفرض عليهنّ الكثير من الاختلاط؛ إذ أثبتت الدراسةُ أنَّ ما نسبته 69.2% من العيّنة التي شاركت في الإجابة على الاستبانة الخاصة بالدراسة أجبنَ بالإيجاب على تعرضهن للعنف الرقميّ.
لقد كان العراق موطنًا لـ 31.95 مليون مستخدم لوسائل التواصل الاجتماعيّ في يناير/كانون الثاني 2024؛ أي ما يعادل 69.4٪ من إجمالي السكان، مما يعني أنّ شريحةً كبيرةً في العراق تستخدم وسائل التواصل الاجتماعيّ. والحال أنّه رقمٌ آخذٌ في التزايد؛ حيث يشير تحليل «Kepios» إلى أنّ عدد مستخدمي الإنترنت في العراق زاد بمقدار 801 ألف (+2.3 في المئة) بين يناير/كانون الثاني 2023 ويناير/كانون الثاني 2024، وهذه الزيادة تفرض بشكلٍ منطقيّ توسّع ظاهرة العنف الرقميّ بسبب تنوّع الفئات التي تستعمل هذه الوسائل واختلاف طرق تعاملها.
أمَّا فيما يتعلق بواقع التضليل المعلوماتيّ في العراق، فمن خلال الرصد المستمر للأخبار يتّضح أن عددًا من الصفحات تعتاش على تزييف الأخبار وتضليلها لحصد أكبر عدد ممكن من التفاعل من جهة، ومن جهة أخرى إسكات الأصوات التي تنادي بالحقوق والحريات في العراق. حيث تتّسع ظاهرة التضليل في السياق العراقيّ من خلال تجنيد جيوش إلكترونيّة من جهات متنوّعة؛ أبرزها جهات موالية لأحزاب ترتبط قياداتها بالجمهوريّة الإيرانيّة. لقد كانتِ المرأةُ العراقيّة، وخصوصًا مَن يعملن كصحفيات أو ناشطات أو مدافعات عن حقوق الإنسان، مادة دسمة للتسقيط والتضليل. حيث خسرت الكثير من النساء العراقيات حياتهن على إثر هذا التضليل. وقد تعمّقت ظاهر التضليل تزامنًا مع الاحتجاجات الشعبيّة في العراق في عام 2019؛ إذ تعرضت العديد من الناشطات إلى هجمات إلكترونيّة وتنظيم حملات تشويه ضدهنّ، كان أبرزها حملة التضليل التي برزت ضد الناشطة ريهام يعقوب التي توسعت بطريقة أدت إلى مقتلها في أغسطس/آب عام 2020 بعد موجة تحريضيّة شرسة شُنَّت ضدها بالبداية من وكالة «مهر» الإيرانيّة التي اتهمت الناشطة بلقائها بالقنصل الأمريكيّ من خلال نشر صورة لها معه وترّأسها مظاهرات البصرة مباشرة بعد لقائها معه؛ في تهمة لها بزعزعة الوضع الأمنيّ وتبعيّتها إلى الأجندات الخارجية المتحكمة بها. إذ تداولت الصفحات والجيوش الإلكترونيّة الخبر على نحو واسع، وشُنَّت حملة شرسة من التسقيط والتهديد ضدها، وتعرضت للتهديد أيضًا عبر هاتفها الشخصيّ من خلال رسالة وصلتها من رقم مجهول بالنسبة لها، في يوم 29/10/2019 أي بعد مرور شهر على التقرير التحريضي ضدّها. وعلى الرغم من أن الصورة قديمة، وتعود إلى احتفال سابق بمناسبة عيد المرأة العالميّ، وكانت قد نشرتها ريهام على صفحتها الشخصية مسبقًا، وليس لها علاقة بالأحداث الأخيرة؛ إلا أنّ قوى التضليل والتهديد كانت أشرس من المدافعين عنها، بحيث تمّ اغتيالها وإسكات صوتها.
على مدى السنوات السابقة، كانت التقارير العالمية وتصريحات وزارة الاتصالات العراقية تشير إلى أنّ «العراق إحدى أكثر الدول التي تتابع المواقع والمحتوى الإباحيّ في العالم». حيث برزت جهود وزيرة الاتصالات الأخيرة على التركيز في تصريحاتها -منذ تسلّمها منصبها- على تكرار هذه المعلومة، والعمل على إخراج العراق من قائمة الدول الأكثر مشاهدة للمواقع الإباحيّة. وعلى الرغم من أن جهود الوزارة يجب أن تركز على حلّ المشاكل التي تحيط بواقع الاتصالات أكثر من التركيز على حجب المواقع؛ إلا أنّ الأمر لم يتوقف على ذلك، بل باتت الأخبار المزيفة التي تتهم النساء الناشطات منهن خصوصًا بممارسة أعمال لاأخلاقيّة إباحيّة بهدف الوصول إلى الشهرة والمال أحد أبرز أشكال التزييف التي تلاقي رواجًا واسعًا، لأنّ هذا النوع من المحتوى من أكثر المحتويات متابعة.
لقد شكّل هذا النوع من التضليل ممرًا إلى معاناة جديدة عانت منها الكثير من النساء في العراق. نذكر منها حادثة تداول مقطع فيديو للناشطة في صفوف المظاهرات ماري محمد من دقيقتين على مواقع التواصل الاجتماعيّ في العراق بعنوان «فضيحة عبد الله الخربيط وماري محمد الدليمي»، حيث ظهرت فيه شابة تتحدث عن تفاصيل «علاقة جنسيّة» بين الطرفين، إلى جانب عرض رسائل عبر الواتساب على أنها كانت بينهما. وقالت ماري محمد في منشور عبر حسابها على «فيسبوك» إنّ المقطع مفبرك، مستنكرةً تداول الفيديو. إلّا أنّه رغم إنكارها، كان السواد الأعظم من المتفاعلين مع الخبر يشكّكون في مصداقيتها، ويميلون إلى تصديق الفيديو المفبرك، بل والبحث والسؤال عنه.
لم ترتبط الأخبار المضلِّلة بالناشطات الحقوقيات أو الصحفيات فقط، بل كانت للنساء الفاعلات سياسيًا حصة من موجة التضليل هذه. ففي خبرٍ نقلَ تصريحًا عن النائبة في البرلمان العراقي ضحى القصير أنها قالت «سيتمّ تشريع قانون المُتعة بعد العطلة التشريعيّة». وزواج المتعة في العراق يتمثّل في عقدٍ يقعُ بين الرجل والمرأة لفترة زمنية محددة، حيث تُحدَّد المدة مسبقًا، ويُسمّى بـ«العقد المؤقت»، ويُعتبر هذا النوع من الزواج مرفوضًا رفضًا قطعيًا في الأوساط الحقوقية التي تنادي بحقوق المرأة، خصوصًا لما ينتجه هذا العقد من استغلال جنسيّ للنساء وعدم اعتراف بحقوقهنّ بعد انتهاء المدة المُتفق عليها، وإهانة الكرامة والمشاعر الإنسانيّة في كثير من الأحيان. لذلك، فإنّ نشر مثل هذا الخبر ومحاولة جعله على طاولة النقاش، ولكونه مقدَّمًا من نائبةٍ، فإنّ من شأنه أن يثير الكثير من السخط المجتمعيّ وخطاب الكراهية الذي يُوجَّه ضدّها، ليرتبط اسمها ارتباطًا وثيقًا بهذا الخبر والتقليل من عملها السياسي. وعلى أنّ هذا الخبر انتشرَ في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، إلا أنه انتشر للمرة الثانية خلال أقلّ من سنتين؛ حيث كان قد نُشر سابقًا في يونيو/ حزيران 2023 باتهام النائبة بمساعي تشريع قانون المتعة. وهذا التصريح غير صحيح ولم تُدلِ النائبة بأيّ تصريح مماثل؛ حيث نفى المكتب الإعلامي للنائبة هذا التصريح في منشور على منصة «فيسبوك» في 24 من يونيو/حزيران عام 2023 باختصار: «ننفي كل ما ورد بخصوص تصريح منسوب زورًا إلى السيدة النائبة ضحى القصير».
إنّ أَثر التضليل وحملات التسقيط التي تُشنّ على النساء اللواتي يحاولنَ المشاركة في السّلك السياسيّ وممارسة دور فعّال باتَ يؤثر على نسبة المشاركة السياسيّة للنساء في العراق. فكما تصف (م.و)، وهي إحدى المدرسات في كلية أهلية من قسم العلوم السياسية في العراق، بأنّ «حلم الترشّح للانتخابات وأن أصبح نائبًا صار خيالًا لا يمكن أن أقترب منه حتى، فلن ألقي بنفسي للباحثين عن تسقيط النساء ونشر الأخبار المضللة عنهن لإبعادهنّ عن المنافسة السياسيّة». وهو الأمر الذي شهدنا ارتفاع نسبته في انتخابات عام 2018؛ مثل نشر فيديو جنسيّ قيل إنّه يعود لمرشحة وناشطة في تحالف «تمدّن» حلا قاسم الياسري، بيد أنّ الياسري الحاصلة على شهادة القانون وصفت المقطع بالفبركة ومحاولة للتسقيط، وأكدت العزم على الاستمرار في الحملة الانتخابيّة وفقًا لتقرير نُشر سابقًا على منصة «درج».
«لازم يتم تسقيطهم بأيّ طريقة حتى لو بأخبار كاذبة»، هذا ما يصفه أحد المعلقين على خبر مضلل نُشر في فترة الترشح نفسها من عام 2018 نفسه، حيث نُشرَت صورة لنساء وكُتب عليها «مرشّحات تيار الحكمة خوش يختار ابن المرجعية الشخص المناسب في المكان المناسب»؛ في إشارةٍ إلى أنّ كل النساء في الصورة هنّ مرشحات هذا التيار السياسيّ. إلا أنّ الخبر مضلل، فلم تكن سوى امرأة واحدة منهنّ هي المرشحة آنذاك، وهي الإعلامية انسجام الغراوي، حيث تمّ التفاعل مع هذا الخبر بالتسقيط الشخصيّ ضدّهن واتهامهنّ بعلاقات غير شرعية، فقط للوصول إلى مجلس النواب والفوز بالانتخابات.
يتضح، إذن، أنّ التضليل الإعلامي تجاه النساء السياسيّات يرتكز في الغالب على معايير غير متعلقة بكفاءاتهن، مثل شكلهنّ أو ملابسهن أو حتى علاقاتهن الشخصيّة، عوضًا عن التركيز على أفعالهنّ السياسيّة وآرائهنّ. هذا التصرف يسهم في تعزيز الصور النمطيّة السلبيّة حول النساء في المجال السياسيّ، ويجعل من السهل استهدافهن وتشويه سمعتهن لتقليل فرصهن في التأثير أو الوصول إلى المناصب. وإضافةً إلى ذلك، يُعتبر هذا التضليل مجازًا مقبولًا لطبقة من الأوساط الاجتماعيّة في العراق، والتي تُبرر استخدامه كوسيلة للضغط السياسي؛ ممّا يؤدي إلى تعزيز القبول المجتمعيّ لهذا النوع من التسقيط الذي يُستخدَم ضدّ النساء اللواتي قد تكون لهن آراء سياسيّة أو طموحات تتعارض مع توجهات معينة. تستمر هذه الظاهرة في التأثير على النساء اللواتي يسعين لدخول المجال السياسيّ، أو اللواتي لديهن طموحات في التأثير على القرار السياسي، وتظل معايير التقييم الجماليّة والشكلية هي الطاغية على ما عداها؛ ممّا يساهم في تكريس ثقافة القمع والتمييز ضدهنّ في الساحة السياسيّة.
تنوّعت أشكال التضليل التي مورست ضد النساء في العراق، وكلما تطورت التكنولوجيا؛ كان شكل التضليل معقدًا، سيّما مع ظهور تقنيات التزييف العميق، والتي سهّلت من عملية تركيب الصور والأصوات وخلق خبر كامل لا أساس له. ومع ظهور الذكاء الاصطناعي وما رافقه من تقنيات، برزت «بوتات التليجرام» التي استُخدمت في العراق بكثرة؛ حيث تُستخدَم تقنيات مثل تعديل الصور أو إزالة الملابس من الصور الأصلية؛ مما يساهم في نشر محتويات مسيئة ومضللة تمس كرامة النساء. وتُنشَأ هذه الصور باستخدام تقنيات تعديل الصور أو الذكاء الاصطناعي لإنتاج صور غير حقيقية -مع أنها تبدو واقعية- جعلت الكثير من النساء في العراق يتعرضن لخطر حقيقيّ والتهديد بحياتهن. حيث تذكر الناشطة (م.م) أنها تفاجأت برؤية صورها العادية التي كانت قد نشرتها على صفحتها الشخصية وبملابس محتشمة مستخدمةً على حساب إباحيّ مجرّدة من الملابس، وجرى ابتزازها بدفع مبلغ من المال أو إرسال الصور إلى كلّ متابعيها ومجتمعها الذي تعمل معه في القضايا الحقوقيّة حينها؛ الأمر الذي أفزعها وقامت على إثره بإغلاق حساباتها والانسحاب من التفاعل مع القضايا المجتمعيّة خوفًا من تكرار التهديد ضدها.
على غرار ذلك، تعرّضت الإعلاميّة أزل السياب لحملة تضليل من خلال نشر مقطع فيديو يظهر رقص فتاة زعمت الصفحات التي نشرت الخبر أنها الإعلاميّة، حيث أُرفِقَ مع الفيديو نصّ «فضيحة جديدة للمذيعة أزل السياب التشرينية والتي تعمل في قناة سعد البزاز وهي تمارس العهر في أحد فنادق العاصمة عمان». إلا أن هذا الفيديو مفبرك ومنشور منذ سنوات على مواقع عربية وغير عربية -بعضها إباحية- تظهر به راقصة، حيث تمّت فبركة الفيديو باستبدال الوجه الحقيقي للفتاة بوجه الإعلامية أزل ليظهر بهذه الحالة المضللة.
عادةً ما تُستَغلّ أوقات الأزمات في بث الأخبار المضللة لإشباع تعطش الجمهور لأيّة مواد متعلقة بالحدث، وغالبا ما تكون النساء ضحيّة هذا التضليل. تكرار هذه الهجمات جعل الوصول إلى فضاء رقميّ آمن وحرّ في العراق أملًا صعب المنال، حيث غالبًا ما تُشنّ حملات التسقيط والتهديد المستمرة لإسكات الأصوات النّسويّة في العراق، آخرها كانت قضية الرفض المجتمعيّ الواسع للتعديلات المقترحة على قانون الأحوال الشخصية، وهي القضيّة التي أصبحت قضية رأي عام.
وفي هذه القضيّة، استُعملت وسائل التواصل الاجتماعيّ كأداةٍ لمقاومة ورفض هذه التعديلات المقترَحة. حيث رافقت مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق على الإنترنت المعمول به منذ عام 1959 مجموعة من الوقفات الاحتجاجية والبيانات والاجتماعات والنقاشات، فضلًا عن المعارضة البرلمانية التي تقودها عضوات في مجلس النواب. غير أنّ أحزابًا دينيّة تدعم إجراء التعديلات على المشروع، وتقود حملة إعلامية كبيرة في هذا الاتجاه، على الرغم من كونه يضم فقرات اعتُبرت أنّها حدٌّ أو حرمانٌ لحقوق الأمّ والزوجة، وأنها تحيّز للرجل.
إذ تعرّضت الجهات الرافضة لتمرير هذا التعديل إلى الكثير من الأخبار المزيفة التضليلية التي تهدف إلى التسقيط بشكل أساسيّ، سيّما ضد المحاميات اللواتي برزت أسماؤهنّ في الظهور الإعلاميّ للنقاش حول أسباب الرفض القاطع للتعديلات المقترحة، وكيف أنّها تنعكس على التقليل من شأن ومكانة المرأة العراقيّة. أبرز هذه الحملات كانت ضد المحاميتيْن، زينب جواد وقمر السامرائي، حيث ظهرتا في الكثير من القنوات الإخبارية للحديث عن حيثيّات هذا التعديل ومطالبة الجهات المختصة بضرورة عدم تمريره. إلّا أنهما كانتا ضحيتا هذه الحملات، حيث اجتُزئت كثير من مقاطع الفيديو التي ظهرتا بها، وأُخفيَ السياق الكامل للكلام لإباحة خطاب الكراهية الموجّه ضدّهما من جهة، ومن جهة أخرى نُشرَت لقطة شاشة تُظهر وجود صورة للمحاميتين منشورة على موقع إباحيّ، إلّا أن هذه الصورة لم تُنشَر بأيّ شكل لهذا الموقع بعد البحث فيه، بل تعود لمقابلة شخصية معهما على برنامج «البشير شو».
وتعرّضت المحامية زينب جواد أيضًا لاجتزاء فيديو سابق لها يظهر حديثها عن «المثليّة الجنسيّة» ورفضها بتسميته بالمرض، بل بالانحراف الأخلاقيّ. إلا أنّ الفيديو نُشر مع نصّ «المحامية الناشطة النسوية زينب جواد تدعم المثلية»، لتزيد نسبة خطاب الكراهية والتسقيط الشخصيّ ضدها.
لا يمكن وصف التضليل والتزييف الذي يوجَّه ضدّ الحقوقيّات والناشطات والصحفيّات والسياسيّات في العراق بالظاهرة الجديدة. فقد شهدت النساء في العراق، لسنواتٍ عديدةٍ، محاولات مستمرّة لتشويه صورتهنّ، وتقليص دورهنّ في المجتمع؛ سواء عبر حملات إعلاميّة مُغرِضَة أو من خلال تحريف الحقائق في القضايا التي يتناولنها. إنّ التضليل الذي يواجههنّ له آثارٌ مدمّرة على حياتهن المهنيّة والشخصيّة، حيث يؤدي إلى تهميش أصواتهنّ، وتقويض جهودهنّ في الدفاع عن حقوق النساء والمجتمع بشكل عامّ.
كما إنّ التأثير المباشر لهذا التضليل يظهر في إضعاف ثقة المجتمع في قضايا المرأة، وتعميق التفرقة المذهبيّة والسياسيّة التي تجعل من النساء أهدافًا سهلة لهجماتٍ سيبرانيّة وإعلاميّة. ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل يشكل هذا التضليل عقبة كبيرة أمام الإصلاحات القانونيّة والمجتمعيّة التي تهدف إلى تحسين وضع النساء في العراق. ففي ظلّ هذا المناخ من التشويه والتحريف، تزداد صعوبة اتخاذ قرارات حكوميّة حاسمة تدعم حقوق النساء؛ ممّا يعمِّق الفجوة بين التشريعات والواقع الفعليّ.
إن معالجة هذا التضليل لا تكمن في تصحيح المعلومات المغلوطة فحسب، بل تتطلب تغييرًا جذريّّا في الثقافة المجتمعيّة والإعلاميّة التي تسمح بانتشار مثل هذه الهجمات. فلا بدّ للجهات المسؤولة أن تضطلع بدورٍ قويّ وفعّال في الارتقاء بالوعي والتصدّي لهذه الحملات بشكل منهجيّ وفعّال، لإعادة تعزيز دور النساء في بناء العراق الحديث، وتحقيق المساواة الفعليّة في كافّة مجالات الحياة.
Asia Anweris a project coordinator and researcher in the field of digital rights with INSM for Digital Rights Foundation in Iraq.