مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
(تحقيق- الحقيقة فين- اعرف- سين وجيم- تقارير- علشان محدش يضحك عليك- مدونة- والمواد المتشابهة في المنصات الشريكة)
الكاتب
Matsda2sh
5 في الصحراء والبقية تأتي.. فاتورة مساجد العاصمة الإدارية تتعدى المليار
أثار افتتاح الرئيس عبد الفتاح السيسي، فجر أول أيام شهر رمضان، مركز مصر الإسلامي بالعاصمة الإدارية، تساؤلات حول تكلفة مساجد العاصمة الإدارية الجديدة، وعددها، وجدوى إنشائها في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر.
دحض الإدعاء
- تتضارب التصريحات الرسمية بشأن عدد المساجد التي جرى إنشاؤها داخل العاصمة الإدارية، ولا يوجد رقم رسمي موحد لعددها أو تكلفتها أو مساحتها.
ما عدد مساجد العاصمة الإدارية وتكلفتها؟
- لا يوجد تقدير رسمي لعدد المساجد التي نفذتها الدولة في العاصمة الإدارية، لكن حسب إحصاء #متصدقش، قد يصل الرقم إلى 5 مساجد حتى الآن (رقم غير نهائي) شيدتها جهات حكومية، بينها مسجدان من الأكبر في مصر، فيما يجري إنشاء بعض المساجد الأخرى في المشروعات الخاصة بالمطورين العقاريين.
1- مسجد الفتاح العليم:
بحسب موقع "رئاسة الجمهورية"، يقع المسجد على مساحة 250 ألف متر مربع، بينما يشير موقع شركة المقاولون العرب، استشاري المشروع، إلى أن المساحة تصل إلى (106 فدان - 445 ألف متر مربع).
يسع 17 ألف مُصلي، موزعين على صحن المسجد الرئيسي، وبدروم أسفله، والأماكن المخصصة للسيدات، والساحة الخارجية.
لتخيل حجم مساحة المسجد الذي يُعد من أكبر المساجد حول العالم، يمكن المقارنة بأحجام مسطحات مساجد مصر التاريخية؛ الجامع الأزهر مُقام على 12 ألف متر مربع فقط، وجامع عمرو بن العاص بعد تحديثه، لم تتجاوز مساحته الـ29 ألف متر.
تكلفة المسجد:
في يناير 2017، أثناء التخطيط لإنشائه، قدّرت مصادر حكومية لجريدة "البورصة"، أن تكلفته المبدئية 200 مليون جنيه، (نحو 12.5 مليون دولار آنذاك)، وهي التكلفة التي ذكرتها بعض مواقع الشركات العقارية المختلفة التي تعمل بالعاصمة الإدارية، فيما أشار موقع "ARCHITEXTUREZ SOUTH ASIA" العالمي المهتم بالهندسة المعمارية، أن تكلفته تجاوزت مئات الملايين من الجنيهات.
رقم الـ200 مليون جنيه، لم يؤكده مصدر رسمي، فيما امتنعت شركة المقاولون العرب، المنفذة للمسجد، عن ذكر رقم نهائي بشأن التكلفة.
رغم ذلك، قد يكون الرقم الحقيقي أكبر من 200 مليون جنيه، إذ تشير التفاصيل المختلفة بالمسجد إلى إن فاتورة النفقات أعلى من ذلك. على سبيل المثال، في مايو 2019، قال سامر أشرف، رئيس قطاع الاستراتيجية بشركة كريستال عصفور، الذي صنّعت شركته نجف المسجد، إن الشركة وردت نحو 96 نجفة مصنوعة من النحاس المطلي بماء الذهب عيار 24، بأقطار تراوحت بين مترين و15 مترًا بحد أقصى.
حسب الشركة، فإن النجفة الـ15 متر احتوت على 800 لمبة، ووصل وزنها إلى 9 أطنان، ومثبتة بـ76 نقطة تثبيت في أعلى القبة، ويبلغ قيمتها 9 ملايين جنيه، وتضمنت قطع الكريستال واحتوت على نسبة عالية من الذهب.
لم تذكر الشركة تكلفة بقية الـ96 نجفة، واكتفت بذكر تكلفة النجفة الأكبر فقط، بينما قال "أشرف" إن الشركة صممت مجسمات من الكريستال للمسجد لتقديمها هدايا للرؤساء.
بخلاف ذلك، قالت مصادر مطلعة لـ«البورصة»، في يناير 2019، إن تكلفة إضاءة المسجد تبلغ 20 مليون جنيه.
من يدفع الأموال؟
قَدّم المسؤولون المصريون معلومات متضاربة حول مصدر الإنفاق على المسجد.
في 2017 أَعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي فتح حساب بنكي لاستقبال تبرعات المصريين لإنشاء المسجد، وكاتدرائية "ميلاد المسيح".
خلال حفل افتتاح المسجد، في يناير 2019، كشف وزير النقل ورئيس الهيئة الهندسية آنذاك الفريق كامل الوزير، حصول الشركات المنفذة لأعمال المسجد على 25% من قيمة مستحقاتها فقط، حتى لحظة الافتتاح، قائلًا إنه سيتم استكمال التبرعات بعد الافتتاح، لاستكمال سداد مستحقات الشركات المصرية، دون أن يوضح تحديدًا المبلغ المُجمع من التبرعات، والمتبقي منه.
في يناير 2019، قال المتحدث السابق باسم "العاصمة الإدارية" إن بناء المسجد "لم يكلف الدولة جنيهًا واحدًا"، مُشيرًا إلى تغطية تكلفته من التبرعات. لكن ذلك منافٍ لما قاله الرئيس السيسي نفسه فيما بعد، إذ أقسم في ديسمبر 2022 (بعد نحو 4 سنوات من افتتاح المسجد): "والله العظيم ثلاثة ما جالي 10% تبرعات للاثنين (المسجد والكاتدرائية)".
في النهاية، لم تعلن أي جهة حجم التبرعات التي وصلت للحساب، وهل غطت تكاليف المسجد؟ أم تكلفته الموازنة العامة، التي ينفي المسؤولون المصريون تحملها أي من نفقات العاصمة الإدارية، وهي تصريحات منافية للحقيقة.
2- مسجد مصر (مركز مصر الثقافي الإسلامي):
بُني المسجد على أعلى تل بالعاصمة الإدارية حتى يمكن رؤيته من جميع أنحاء العاصمة، وتبلغ مساحته 19 ألف و100 متر مربع، ويحتوي على 3 مداخل رئيسية تعلوها قباب إسلامية بالإضافة إلى مدخل خدمي رابع.
يسع 107 آلاف مصلٍ، وصحن الصلاة بمساحة 9600 متر مربع، يعلوه قبة بقطر داخلي 29.5 متر، ويضم أعلى مئذنتين في مصر بارتفاع 140 مترا، ويحتوي على ساحة انتظار للسيارات وجراج متعدد الأدوار بسعة ٣٠٠٠ سيارة.
حصل على شهادات من موسوعة جينيس للأرقام القياسية: الأولى والثانية تخص النجفة الرئيسية للمسجد وهي الأكبر في العالم من حيث الأبعاد والوزن وتتدلى منها 107 فوانيس، والثانية للمنبر الداخلي الذي يبلغ ارتفاعه 16.45 مترًا.
تكلفة المسجد:
بلغت تكلفة المسجد بين 700 و 800 مليون جنيه (نحو 45 مليون دولار وقت بداية البناء في 2019)، بحسب تصريحات صحفية سابقة لـ محسن صالح، رئيس شركة المقاولون العرب، القائمة على التنفيذ.
من يدفع الأموال؟
لم تعلن الحكومة فتح باب التبرعات للمسجد، ولم تعلن أيضًا تحمل أي مستثمر خاص للنفقات، لذلك غير معروف مصدر الأموال التي جرى إنفاقها لإنشاء مسجد مصر.
من المرجح أن تكون شركة العاصمة الإدارية (هيئة المجتمعات العمرانية 49%، والقوات المسلحة 51%) تحملت التكلفة.
3- مساجد الشهداء:
هي 3 مساجد أعلنت القوات المسلحة الانتهاء منها في 2018، وهو العدد المؤكد المعلن على موقع القوات المسلحة الرسمي، وغير مُعلن تكلفتها.
تبلغ سعة كل مسجد منهما 3000 مُصلي، وموزعين على النهر الأخضر، ولا يوجد معلومات أخرى متوفرة.
سبق وصرّح في يونيو 2022، اللواء عادل الزميتي، رئيس قطاع الخدمات بشركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية، لموقع "القاهرة 24" أنه جاري إنشاء 7 مساجد أخرى مقرر افتتاحها قريبًا، مُشيرًا إلى إطلاق أسماء شهداء القوات المسلحة عليهم. لكن لم يتضمن موقع القوات المسلحة أي إشارة لتلك المساجد وكذلك لم يصرح بها أي مصدر حكومي آخر.
بالإضافة لتلك المساجد، يوجد عدد من المساجد الأخرى المختلفة جاري إنشائها من القطاع الخاص، في مشاريع المطورين العقاريين.
مساجد بالمليارات وفقراء بالملايين:
تواجه الحكومة انتقادات عدة، بسبب ارتفاع فاتورة تكلفة العاصمة الإدارية بشكل عام، والمساجد الموجودة بها بشكل خاص.
بينما تجاوزت تكلفة المساجد مليارات الجنيهات، تشير آخر الإحصائيات الرسمية المعلنة (قبل نحو 4 أعوام) معاناة أكثر من 30 مليون مصري من الفقر، بينما العدد مرجح للزيادة بعد قرارات متعددة اتخذتها الحكومة منذ مارس 2022، بتحرير سعر الصرف، ما أدى إلى ارتفاع مطرد في الأسعار وزيادة نسب التضخم.