صاحب انتشار وسائل التواصل الاجتماعي بين مليارات البشر تحولها إلى مصدر رئيسي لانتقال الأخبار والمعلومات، التي تحقق رواجاً واسعاً بسرعة كبيرة دون التحقق من صحتها أحياناً، ما قد يشكل خطراً على المجتمعات والأفراد.
لذلك، نرى في "مجتمع التحقق العربي" أن مقاومة تدفق الأخبار و/أو التصريحات و/أو المعلومات الكاذبة والمضلّلة، غاية مهمة نحو فضاء إلكتروني موثوق به وذي صدقيّة لدى الجمهور، من شأنه أن يُسهم في تحقيق الديمقراطية والحفاظ على الصحة والأمن في المجتمعات.
بين 1 و6 نيسان/ أبريل الجاري، انتشرت عدة شائعات مضلّلة على منصات التواصل الاجتماعي في المنطقة العربية. اخترنا لكم/ ن منها أربعاً مع أبرز الأدلة على عدم صدقيّتها وكيف جرى تحريفها.
جاءت أبرز القصص من مصر حيث أطلق رئيس نادي الزمالك المصري، مرتضى منصور، عدداً من التصريحات الكاذبة فور خروجه من السجن. علاوة على مزاعم بإسقاط الصين جزءاً من ديون مصر. وفي تونس انتشرت شائعات حول اكتشاف كبير للنفط والغاز في البلاد، وفي العراق انتشرت رسالة مزعومة من "ابنة حفيد حاكم الكويت" عن مسلسل دفعة لندن.
عقب خروجه من السجن بعد تمضية عقوبة الحبس شهراً في قضية سب وقذف رئيس النادي الأهلي محمود الخطيب، أدلى رئيس نادي الزمالك مرتضى منصور بتصريحات احتوت على عدد من المعلومات الخاطئة والمضللة عنه وعن الزمالك وعن الأهلي.
تصريحات منصور خلال مؤتمر صحافي كان مبرمجاً للإعلان عن اسم المدير الفني الجديد لفريق كرة القدم بالنادي:
ادّعى منصور أنه استطاع الفوز في انتخابات مجلس نواب المصري منذ عام 1990 رغم تزويرها، وزعم أن نتائج الفريق الأبيض تدهورت بسبب سجنه. كما زعم أن تقنية الفار (حكم الفيديو المساعد) غابت عن نهائي دوري أبطال إفريقيا عام 2020، التي خسرها الزمالك أمام غريمه التقليدي - الأهلي.
تصريحات منصور من منزله:
منصة متصدقش المصرية فنّدت هذه التصريحات، وخلصت إلى عدم صحتها. وأوضحت أن منصور ترشّح لانتخابات مجلس النواب ثماني مرات بين عامي 1990 و2020، ولم يفز سوى في مرتين (عامي 2000 و2015). وتبيّن أن رئيس الزمالك خسر السباق البرلماني أمام مرشحي الحزب الوطني وجماعة الإخوان المسلمين وحزب مستقبل وطن (أعوام 1990 و1995 و2005 و2010 و2012 و2020).
كما وجدت "متصدقش" أن تراجع مستوى فريق الزمالك في الموسم الحالي بدأ قبل حبس مرتضى منصور، إذ كان الفريق يحتل المركز الرابع في الدوري بأربع هزائم وخمسة تعادلات وتسعة انتصارات. كما خسر الفريق بطولة السوبر المصري أمام الأهلي، وكأس سوبر لوسيل أمام الهلال السعودي، وأُقصي من الدور قبل النهائي في بطولة كأس مصر من نادي بيراميدز، قبل سجن رئيسه.
وبعكس ادعاءات منصور، شهد نهائي دوري أبطال أفريقيا 2020 بين الأهلي والزمالك في استاد القاهرة الدولي تطبيق تقنية (VAR)، وتولى الحكم الزامبي ياني سيكازوي مهمات حكم (VAR) بدلاً من الحكم رضوان جيد الذي أصيب بفيروس كورونا قبل المباراة التي أدارها الحكم الجزائري مصطفى غربال كحكم ساحة.
وتحدث غربال لاحقاً عن تقنية (VAR) في نهائي القرن، وقال عن المباراة "لحسن حظي أنّها جرت بتقنية الفار الذي ساعدني كثيراً في المهمة، وقلّل من نسبة الضغط".
في العراق، تداولت العديد من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، رسالة منسوبة إلى "سعاد الصباح، ابنة حفيد حاكم الكويت السادس"، موجهة إلى هبة مشاري، مؤلفة مسلسل "دفعة لندن" الذي يعرض خلال موسم رمضان على منصة شاهد، ويتناول قصة مجموعة من الطلاب العرب الذين يدرسون في العاصمة البريطانية خلال ثمانينيات القرن الماضي.
تحققت منصة الفاحص من الرسالة المزعومة، وتبيّن أنها مزيفة، إذ لم تنشر الشاعرة سعاد هكذا رسالة على حساباتها الرسمية، بل نشر علي المسعودي، مدير دار سعاد الصباح للنشر، عبر حسابه في تويتر، تكذيباً للرسالة المتداولة، مشيراً إلى أن الأميرة الكويتية لم تتابع المسلسل.
في تونس، تداول مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي منشورات تدّعي أنّ هيئة المسح الجيولوجي الأمريكيّة أعلنت حديثاً اكتشاف حوضين كبيرين للنفط والغاز قبالة شواطئ تونس.
زعمت المنشورات كذلك أن الحوضين الكبيرين اللذين اكتشفتهما هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية يقعان على مساحات واسعة بين ليبيا وتونس، علاوة على تفاصيل تقنيّة إضافية حول موقع الحوضين والكميّات المكتشفة.
فنّد "ميزان فرانس برس" هذه المنشورات وأثبت عدم صحتها. كما أكّدت السلطات التونسية أنه ما من أعمال مسحٍ تجرى حالياً في هذه المنطقة المشار إليها وأن آخر اكتشافٍ فيها يعود لعام 1991.
في الوقت عينه، أرشد البحث عبر الخريطة المرفقة في المنشورات على محرّك غوغل إلى النسخة الكاملة من الدراسة ضمن منشورات هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية في موقعها الرسميّ. واتضح أنها تعود لسنة 2010 ولم تُنشر حديثاً مثلما ادّعت المنشورات المضلّلة.
انتشرت منشورات على موقع فيسبوك تزعم إسقاط الصين جزءاً من ديون مصر لديها والبالغة ثمانية مليار دولار ومبادلة جزء آخر.
منصة "صحيح مصر" دقّقت في هذه المنشورات وأثبتت أن الخبر "مُفبرك" استناداً إلى أن البنك المركزي المصري أو بنك الشعب الصيني، أو وزارة المالية المصرية لم يُعلن أي منها عن إسقاط الصين جزءاً من ديونها على مصر، وذلك بعد مراجعة للمواقع الإلكترونية لهذه المؤسسات الرسمية.
لم تُعلن الحكومة الصينية أو نظيرتها المصرية عن توقيع اتفاقٍ على إسقاط جزء من ديون الصين على مصر، وفقاً لبحث أجرته المنصة عبر المواقع الصحافية والإعلامية.
ووفق تقرير الوضع الخارجي الصادر عن البنك المركزي المصري، يبلغ حجم الديون الصينية على مصر 7.5 مليار دولار. وكانت الصين ومصر قد أبرمتا اتفاقاً في كانون الأول/ ديسمبر 2016، لمبادلة العملات بإجمالي 18 مليار يوان صيني مقابل ما يعادله بالجنيه المصري، وتم تجديد الاتفاقية حتى العام المالي الجاري 2023، بحسب بيان صادر عن البنك المركزي وتقرير الوضع الخارجي الصادر عن البنك المركزي.