في الثالث من حزيران/ يونيو 2023، أعلن الجيش الإسرائيلي عن مقتل ثلاثة من جنوده وإصابة آخر برصاص جنديّ مصري، عند معبر العوجة على الحدود مع مصر، مؤكداً بدء تحقيق حول الحادثة بـ"التعاون الكامل مع الجيش المصري".
على الجانب الآخر، أعلن المتحدث العسكري باسم الجيش المصري أن أحد عناصر الأمن المصري اخترق الحاجز الحدودي بين مصر وإسرائيل أثناء "مطاردة عناصر تهريب مخدرات جرى خلالها تبادل إطلاق رصاص"، ما أدى إلى وفاة عنصر الأمن المصري، وثلاثة عناصر من الجانب الإسرائيلي.
وفي ظل تضارب الروايات الرسمية حول الأحداث الأخيرة على الحدود المصرية، راج العديد من الادعاءات المضللة على مواقع التواصل الاجتماعي سيّما حول هوية وصورة الجندي المصري الذي قتل الجنود الإسرائيليين قبل تأكيد هويته عبر مصادر رسمية. هذا ما دفع مرصد "مسبار" لتقصي الحقائق إلى تدقيق عدد من هذه المنشورات وكشف مدى دقتها.
انتشرت عدة صور مزعومة للجندي المصري الذي دخل إسرائيل بما في ذلك صورة لشاب بملابس الجيش المصري ادّعى متداولوها أنها تعود إلى عنصر الأمن المصري الذي نفّذ عملية الحدود. تحقق "مسبار" من هذه الصورة ووجد أنها "قديمة" إذ تعود إلى جندي مصري قُتل شمالي سيناء خلال اشتباكات مع جماعات مسلحة، ولا علاقة لها بالأحداث الأخيرة على حدود معبر العوجة.
صورة أخرى تداولها رواد مواقع التواصل بالادّعاء نفسه، إذ قالوا إنها للجندي المصري الذي قتل الجنود الإسرائيليين على الحدود المصرية. لكن تدقيق مسبار توصّل إلى أنها "قديمة" وتعود إلى جندي مصري قُتل في سيناء عام 2016.
صورة أخرى جرى تداولها على نطاق واسع قال ناشروها إنّها لجثة الجندي المصري الذي قتل الجنود الإسرائيليين. لكن "مسبار" وجد أنّ الصورة منشورة في مواقع إخبارية في عام 2017 على أنّها لمسلحين قُتِلوا خلال اشتباكات مع الجيش المصري في منطقة الواحات آنذاك.
من المشاهد التي نُسبت للجندي المصري أيضاً، مقطع فيديو لعسكري مصري يحمل السلاح وهو يغني. وجد "مسبار" أن الفيديو الذي راج بقوة يعود إلى شاب يدعى أحمد حمادة تواصل معه مسبار ليؤكّد أنه التُقِط خلال تأديته خدمته العسكرية عام 2022، نافياً علاقته بالأحداث الأخيرة.
كذلك نشر مستخدمون لمواقع التواصل مقطع فيديو ادّعوا أنه لتشييع جثمان الجندي المصري الذي قُتِل عند معبر العوجة. لكن تحقق "مسبار" كشف أن المشهد "قديم" ويعود إلى أيار/ مايو عام 2022، وهو يوثّق تشييع ملازم أول في الجيش المصري قُتل في هجوم على محطة مياه في سيناء.
في سياق متصل، انتشرت صورتان أُرفقتا بادعاء مفاده أنهما تظهران إصابة جنود إسرائيليين خلال الحادثة الأخيرة على الحدود المصرية. تبيّن أنهما "قديمتان" وغير مرتبطتين بمقتل الجنود الإسرائيليين على الحدود المصرية أخيراً. كما راجت أرقام غير صحيحة لحصيلة القتلى من الجنود الإسرائيليين.
وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورةً ادّعوا أنها لاختراق السياج الحدودي عند معبر العوجة خلال الحادثة الأخيرة. تحقق "مسبار" منها ووجد أنها "قديمة" ومنشورة في وسائل الإعلام الإسرائيلية منذ تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2022 على أنها لاقتحام مجهولين الحدود الإسرائيلي والوصول إلى مستوطنة متاخمة.
وانتشرت صورة أخرى ادّعى مروجوها أنها من الاشتباكات الأخيرة على الحدود المصرية فيما اتضح أنها "قديمة" ومنشورة في عام 2012 على أنّها لقوات إسرائيلية تتفقد موقع هجوم شنه مسلحون بالقرب من قرية قادش برنيع، على الحدود مع سيناء.
يمتد السياج الفاصل بين الحدود الإسرائيلية والمصرية في صحراء النقب من إيلات حتى شرق رفح، وهو حاجز أمني يبلغ طوله 254 كيلومترًا، بدأت إسرائيل في بنائه عام 2010، وانتهت من بناء آخر جزء منه عام 2013.
وخلال الساعات الماضية، ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بصور لمجنّد مصري يُدعى محمد صلاح على أنه الجندي المصري الذي قتل الجنود الإسرائيليين على الحدود المصرية مطلع الشهر الجاري.
تداولت وسائل إعلام إسرائيلية هذه المعلومة أولاً ثم تداولتها وسائل إعلام محلية وإقليمية ودولية لاحقاً. وفيما لم تصدر أية أنباء رسمية من الجانب المصري عن هوية الجندي، نقلت "بي بي سي" عن مصدر مصري لم تسمه أن المعلومة صحيحة.
كما نشرت منصات اجتماعية مصرية معلومات حول محمد صلاح نقلاً عن شهادات لعدد من جيرانه ومعارفه تؤكّد أنه هو منفّذ عملية الحدود المصرية.
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية وعالمية بأن إسرائيل سلّمت السلطات المصرية جثمان محمد صلاح وأنه جرى دفنه في مسقط رأسه بمحافظة القليوبية بحضور شقيقه وعمّه فقط وليس في جنازة شعبية كما روّج البعض.