صاحب انتشار وسائل التواصل الاجتماعي بين مليارات البشر تحولها إلى مصدر رئيسي لانتقال الأخبار والمعلومات، التي تحقق رواجاً واسعاً بسرعة كبيرة دون التحقق من صحتها أحياناً، ما قد يشكل خطراً على المجتمعات والأفراد.
لذلك، نرى في "مجتمع التحقق العربي" أن مقاومة تدفق الأخبار و/أو التصريحات و/أو المعلومات الكاذبة والمضلّلة، غاية مهمة نحو فضاء إلكتروني موثوق به وذي صدقيّة لدى الجمهور، من شأنه أن يُسهم في تحقيق الديمقراطية والحفاظ على الصحة والأمن في المجتمعات.
بين 24 و30 آذار/ مارس 2023، انتشرت عدة شائعات مضلّلة على منصات التواصل الاجتماعي في المنطقة العربية. اخترنا لكم/ ن منها أربعاً مع أبرز الأدلة على عدم صدقيّتها وكيف جرى تحريفها.
أبرز القصص الرائجة هذا الأسبوع هي من العراق حيث زعم البعض عدم دستورية جلسة البرلمان العراقي التي شهدت تمرير قانون الانتخابات. وفي مصر، تضمّن مسلسل "رسالة الإمام" الذي يسرد قصة حياة الإمام الشافعي، أخطاءً تاريخيةً أثارت جدلاً بين الجمهور، في وقت انتشرت شائعات حول نفس المسلسل.
في السعودية أيضاً، راجت ادعاءات حول منع المملكة الأشخاص من التقاط الصور الشخصية داخل الحرم المكي، تزامناً مع توافد المعتمرين في شهر رمضان.
بالتزامن مع بدء شهر رمضان وزيادة أعداد المترددين إلى الحرم المكي لأداء العمرة، تداول مستخدمون لمواقع التواصل، شائعات تزعم منع السعودية الحجاج والمعتمرين من التقاط الصور الشخصية داخل الحرم المكي.
جاء نص الادعاء كالتالي: "السعودية تمنع التصوير داخل الحرم بسبب صناع المحتوى، كل يوم صور تسويقية للعمرة وفيديوهات في الحرم أمام الكعبة وإشهار وعبايات وجلاليب وخمارات حرير على دونتال وتجارة مزدهرة لشركات الأسفار المختصة في العمرة والحج ضاربين بعرض الحائط حرمة المكان والشعائر الدينية".
منصة "أنير" لتدقيق الحقائق تعاملت مع هذا الادعاء الذي حقق رواجاً واسعاً في غضون ساعات ووجدت أنه "مضلّل" إذ وظّف قراراً رسمياً في سياق غير سياقه الأصلي.
وتعود البداية إلى مطلع آذار/ مارس 2023 حين وجّهت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد السعودية، بالتقيد بضوابط تركيب الكاميرات في المساجد وعدم استخدامها لتصوير الإمام والمصلين أثناء أداء الصلوات، وعدم نقل الصلوات وبثها في وسائل الإعلام. برّرت الوزارة قرارها بـ"حماية المنابر من الاستغلال و للحيلولة دون وصول رسائل خاطئة قد تؤثر على المسلمين".
القرار الذي عمّمته الوزارة لم يُشر من قريب أو بعيد إلى التقاط الصور الشخصية من قبل المصلين أو المعتمرين والحجاج في الحرمين. وهذا ما أكدّه مسؤول من الوزارة لوكالة "فرانس برس"، متابعاً "يمكن رؤية آلاف من زوّار المسجد الحرام يلتقطون صوراً شخصية بالمسجد حتى الآن".
أثار المسلسل المصري "رسالة الإمام" الذي يتناول سيرة حياة الإمام الشافعي، أحد الأئمة الأربعة، ويُعرض حالياً ضمن الموسم الدرامي الرمضاني، جدلاً في أوساط الجمهور لتضمّنه عدة أخطاء وقع فيها صانعوه، أبرزها نسب أشعار حديثة للإمام بعد التصاقها باسمه زوراً عبر مواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت.
دقّقت منصة "متصدقش" في العديد من الأخطاء التي ظهرت في الحلقات الأولى. وتوصّلت إلى أنه وردت أبيات شعر في المسلسل على لسان الفنان خالد النبوي (الذي يجسد شخصية الإمام الشافعي) على أنها من تأليف "الإمام"، لكن الحقيقة أنها للشاعر السوري المعاصر حذيفة العرجي، كان قد كتبها قبل 10 سنوات.
استندت متصدقش في مراجعة هذه الأبيات إلى "ديوان الإمام الشافعي المسمى "الجوهر النفيس في شعر الإمام محمد بن إدريس" وكتاب "ديوان الإمام الشافعي مع مختارات من روائع حكمه"، وكتاب "ديوان الإمام الشافعي" لعبد الرحمن المصطاوي. ووجدت أن الأبيات المزعومة لم ترد في أي منها.
في سياق متصل، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورة للفنان خالد النبوي بملابس شخصية الشافعي في مسلسل "رسالة الإمام"، مرتديًا نظارة طبيّة، مع تعليق يزعم أنها من أحد مشاهد المسلسل.
بعد البحث، تبين لـ"متصدقش" أن الادعاء "غير صحيح ومضلّل" لأن الصورة هي من كواليس العمل وليست مشهداً فيه، وكانت قد نُشرت في عدد من المواقع الصحافية، في 21 شباط/ فبراير 2023، أي قبل بداية شهر رمضان وعرض المسلسل بأكثر من شهر، مع تعليق يوضح أنها من كواليس التصوير.
وفي العراق، استغل مثيرو الشائعات تصويت مجلس النواب على البنود النهائية للتعديل الثالث في قانون الانتخابات في جلسة شهدت تدخل قوات الأمن لإخراج عشرات النواب المعترضين، وروجوا لادعاء بأن "المحكمة الاتحادية تقضي بعدم دستورية جلسة البرلمان الخاصة بتمرير قانون الانتخابات".
وكان التعديل قد نصّ على عودة الآلية القديمة لاحتساب الأصوات وفق نظام "سانت ليغو"، الذي ألغاه البرلمان العراقي في 2021، واعتمد نظام الدوائر المتعددة واحتساب الأصوات وفق نظام الفائز الأول، ما ساهم في فوز أعداد كبيرة من المستقلين والمرشحين غير المتحزبين.
تحققت منصة "الفاحص" من مزاعم عدم دستورية الجلسة لتجد أنها كاذبة لأن المحكمة الاتحادية العليا في البلاد لم تصدر قراراً بعدم دستورية الجلسة التي شهدت التصويت على التعديل الثالث لقانون الانتخابات، كما لم تعلن وسائل إعلام أو مواقع إخبارية موثوق بها عن خبر كهذا.
اتضح أيضاً أن الوثيقة المتداولة مع الخبر المزعوم ليست لقرار المحكمة بعدم دستورية الجلسة، بل لوثيقة طعن قدّمها النائب عن محافظة بابل، أمير المعموري، إلى المحكمة الاتحادية بشأن عدم دستورية جلسة المجلس.
خلال لقاء له في برنامج "شارع رمضان" على إذاعة الشباب والرياضة، ادّعى خالد مرتجي، عضو مجلس إدارة النادي الأهلي وأمين صندوقه، أن المنافس التقليدي لناديه، نادي الزمالك، لم يحصل على بطولات أفريقية، إلا في المرات التي لم يشارك فيها "الأهلي" في البطولة.
تصريح خالد مرتجى (من الدقيقة 28 للدقيقة 29 و11 ثانية):
دققت منصة "صحيح مصر" في تصريح مرتجي، وتوصّلت إلى أنه "غير صحيح".
وأوضحت أن النادي الأهلي لم يشارك في البطولات الأفريقية من موسم 1995 حتى موسم 1998، مردفةً أن نادي الزمالك لم يحصد في تلك الفترة سوى بطولة أفريقية واحدة عام 1996، بينما حصل نادي أورلاندو بيراتس الجنوب أفريقي على بطولة 1995، وذهبت بطولة عام 1997 لنادي الرجاء المغربي، وبطولة عام 1998 لنادي أسيك ميموزا الكوت ديفواري.
كما ذكرت "صحيح مصر" أن الزمالك حصد بطولاته الأفريقية الخمس في أعوام 1984 و1986 و1993 و1996 و2002، مردفةً أن إحداها تحققت في وجود النادي الأهلي ومشاركته كمنافس محتمل على اللقب وهي بطولة عام 2002.