يأتي هذا المقال ضمن نشرة أسبوعية متّصلة بتدقيق المعلومات، ينشرها رصيف22، بالتعاون مع "مجتمع التحقّق العربي"، وهو مشروع بحثي متخصّص يعتمد على البرمجيات لدعم منصّات التحقّق الإخباري العربية، وذلك عبر بضع آليات، منها استحداث قاعدة بيانات تجمع محتوى منصّات التحقّق إلكترونياً بمعايير تقنية موحّدة، ما يتيح أدوات بحث وتحليل واسعة النطاق.
تتصدى نشراتنا المختلفة لاضطراب المعلومات، والتحديات التي يفرضها علينا في الوصول إلى الحقيقة، ما يضمن تقديم أخبار دقيقة وموثوق بها للجمهور.
في ظل سيطرة أخبار المجازر وانتهاكات حقوق الإنسان في مدينة الفاشر السودانية على اهتمام مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام العربية بعد سيطرة قوات الدعم السريع عليها، راجت العديد من المعلومات المضلّلة والشائعات، بما في ذلك صور ومقاطع فيديو مولّدة بالذكاء الاصطناعي، مستغلةً التعاطف الواسع مع الشعب السوداني للحصول على الإعجابات والتفاعل.
ولم يتوقف التضليل في السياقات العربية الأخرى بل استغل كل مناسبة يهتم بها الجمهور للانتشار بما في ذلك افتتاح مصر متحفها الكبير، وخبر الحكم بالإعدام على شاب سوري في العراق.
وواكبت هذا التضليل منصّات التحقّق من المعلومات العربية التي فنّدت هذه الادعاءات وكشفت زيفها وأوضحت السياقات والمعلومات الصحيحة المتصلة بها.

صورة أقمار صناعية تُظهر الأرض غارقة بالدماء في الفاشر؟
تداول مستخدمون على مواقع التواصل صورة قيل إنها تُظهر الأرض وقد غُمرت بدماء سكان الفاشر في السودان.
لكن التحقق الذي أجراه مرصد «تحقق» بيّن أن الصورة قديمة، إذ سبق نشرها عبر وكالة رويترز في 11 نيسان/إبريل 2025 من تصوير شركة ماكسار تكنولوجيز، وتُظهر حرائق في مخيم زمزم للنازحين شمال السودان، ولا علاقة لها بالأحداث الحالية في الفاشر.

فيديوهات لسودانيات يستغثن؟
تداولت صفحات على مواقع التواصل مقاطع فيديو لنساء يصرخن ويستغثن طلبًا لنُصرة السودان بسبب الجوع والقتل، وادّعت أن المقاطع حقيقية من داخل البلاد.
لكن منصتَي «تيقن » و «تحقق» أثبتتا أن هذه المقاطع مولّدة بالكامل بتقنيات الذكاء الاصطناعي. أظهر التحقق البصري وجود مؤشرات واضحة على التزييف، وأدوات التحليل الرقمي أكدت أيضاً وجود تشوّهات بصرية لا يمكن أن تصدر عن تسجيل حقيقي.
جاء تداول المقاطع بالتزامن مع اشتداد المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، خصوصاً في محيط مدينة الفاشر.
فيديو لحشد مسلح نحو الفاشر؟
انتشر على فيسبوك مقطع فيديو يُظهر حشودًا كبيرة، مع ادعاء بأنه يوثّق حشدًا مسلحًا في ولاية نهر النيل شمالي السودان يستعد للتحرك نحو مدينة الفاشر التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع.
لكن مرصد «بيم ريبورتس» تحقق من الفيديو، وتبيّن أنه قديم، نُشر أول مرة في ديسمبر 2023 تحت عنوان “جيش نهر النيل شندي”. كما لم تُسفر عمليات البحث بالكلمات المفتاحية عن أي مصدر موثوق يثبت صحة الادعاء أو يشير إلى حشود مسلحة مماثلة حديثًا.
وجاء انتشار المقطع في سياق التوتر عقب سيطرة الدعم السريع على الفاشر، وورود تقارير عن انتهاكات وعمليات قتل استهدفت المدنيين أثناء محاولتهم الفرار من المدينة.

اليهود بنوا أهرامات الجيزة؟
نشر الناشط الإسرائيلي إيدي كوهين على منصة «إكس» تدوينة زعم فيها أن اليهود هم من بنوا أهرامات الجيزة، مستخدماً صورة مولّدة بالذكاء الاصطناعي تُظهر الملك رمسيس الثاني أمام الأهرامات.
تحققت منصة «صحيح مصر» من الادعاء وبيّنت أنه مضلل، إذ لم يبن أي هرم في عهد رمسيس الثاني الذي حكم بعد تشييد الأهرامات بأكثر من ألف عام. وأكدت اكتشافات أثرية مصرية، بينها مقابر العمال بجوار الهرم الأكبر، أن بناة الأهرامات كانوا مصريين أحراراً وليسوا عبيداً. كما نفى الأثري زاهي حواس وعلماء دوليون أي علاقة لليهود ببناء الأهرامات، مؤكدين أن الفكرة لا أساس علمي لها.
منصة «متصدقش» تحققت من الادعاء وبيّنت أنه غير صحيح، إذ لم تحصل اليابان أو أي جهة أجنبية على حق الانتفاع بالمتحف. أوضحت المنصة أن دعم «جايكا» اقتصر على قرضين بقيمة 800 مليون دولار لإنشاء المتحف ومشروعات فنية مثل دعم مركز الترميم وتطوير الإدارة، دون أي ملكية أو امتياز.
وأضافت أن تشغيل المتحف أُسند لتحالف تقوده شركة «حسن علام القابضة» منذ عام 2021 لتقديم الخدمات فقط، وليس امتلاك أو انتفاع بالموقع الأثري.
غوغل تحذف حدود الصحراء الغربية من خرائطها؟
تداول موقع هسبريس خبراً يزعم أن شركة غوغل أزالت الخط الفاصل بين المغرب والصحراء الغربية من خرائطها.
تحققت منصة «ألجيريا تشيك» من الادعاء، وأثبتت أنه مضلل؛ إذ ما تزال الحدود ظاهرة على أغلب الأجهزة التي جرى التحقق منها، ويظهر اسم «الصحراء الغربية» بوضوح في خرائط غوغل.
تجدر الإشارة إلى أن قضية الصحراء الغربية ما تزال قيد المعالجة في الأمم المتحدة، حيث جرى تمديد مهمة بعثة المينورسو حتى تشرين الأول/ أكتوبر 2026، مع الدعوة لاستئناف المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو.
إنذار سوري للعراق على خلفية حكم بإعدام شاب سوري في بغداد؟
تداولت حسابات على مواقع التواصل وثيقة مزعومة تفيد بأن وزارة الخارجية السورية وجهت إنذاراً شديد اللهجة للحكومة العراقية بعد صدور حكم بالإعدام بحق الشاب السوري محمد سليمان أحمد حسن، ومنحتها 48 ساعة للرد.
تحققت كلا من منصتا «فارق» و«True Platform» من الادعاء، فتبين أنه غير صحيح.
الوثيقة مفبركة وتتضمن أخطاء في الاسم وتاريخ الاعتقال، ولا وجود لها في أي مصدر رسمي سوري أو عراقي.
المركز الإعلامي لمجلس القضاء الأعلى في العراق نفى أن تكون القضية مرتبطة بمحتوى سياسي أو مؤيد للنظام السوري، موضحاً أن الحكم صدر بعد اتهامات تتعلق بتمجيد تنظيم داعش، وأنه ما زال قيد المراجعة القضائية.
من جهتها، أكدت الخارجية السورية أنها تتابع القضية عبر قنوات دبلوماسية ولم تُصدر أي إنذار رسمي.
الشيخ حكمت الهجري يُهدّد بقصف العراق؟
تداولت حسابات على مواقع التواصل خبراً عاجلاً زعم أن الشيخ حكمت الهجري توعد بتنفيذ قصف مباشر على العراق إذا لم تُفرج السلطات العراقية عن أربعة شبان معتقلين في الديوانية خلال 48 ساعة.
تحقّقت منصة «ترو بلاتفورم » من الخبر، فتبين أنه ملفّق، وأن الصورة المتداولة والمنسوبة إلى قناة التلفزيون العربي مفبركة بالكامل. كما اتضح أن أصل الادعاء ساخر، نُشر بصيغة تهكمية ثم جرى تداوله على أنه حقيقي.
وزارة المالية العراقية تقترض 30 تريليون دينار من عمار الحكيم؟
تداولت صفحات على مواقع التواصل خبراً يزعم أن وزارة المالية العراقية اقترضت 30 تريليون دينار من زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم لتمويل الرواتب والمشاريع.
لكن منصة «الفاحص» أكدت أن الخبر زائف، ولم يُعلن عن أي قرار أو بيان رسمي بهذا الشأن. أظهر التدقيق أن الصورة المتداولة مفبركة، كما أكدت وزارة المالية في بيانها بتاريخ 29 أيار/مايو الماضي أنها تمول الرواتب شهرياً دون تأخير، ولم تلجأ إلى أي اقتراض من الإيرادات النفطية أو غير النفطية.
صور تُظهر حشود من الأفارقة على الحدود اليمنية السعودية؟
تداولت حسابات على مواقع التواصل صورة تُظهر جموعاً ضخمة من المهاجرين الأفارقة في واد جبلي، مع ادعاءات بأنهم يتدفّقون نحو الحدود اليمنية–السعودية ويشكّلون خطراً على المنطقة.
تحققت منصة «مسند» من الصورة، فتبين أنها مفبركة باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لتضخيم أعداد الأشخاص. النسخة الأصلية تعود إلى مشهد نُشر عام 2020 لمهاجرين أثيوبيين تقطعت بهم السبل أثناء جائحة كورونا.
كما أظهر التحليل الجغرافي ومقارنة اللقطات بصور الأقمار الصناعية أن الموقع هو وادي ضمد على الحدود اليمنية–السعودية، لكن المشهد الحقيقي لا يتضمن تلك “الحشود” المبالغ فيها التي أضافتها أدوات التلاعب الرقمي.
صورتان توثّقان مقتل الدكتورة وفاء المخلافي في صنعاء؟
تداول مستخدمون على مواقع التواصل صورتين قالوا إنهما توثقان حادثة مقتل الدكتورة وفاء المخلافي في صنعاء يوم 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2025.
ثلاث منصات يمنية هي «صدق» و«يوب يوب» و«حقيقة» تحققت من الصور، وخلصت جميعها إلى أنها قديمة ومضللة، إذ تعود إلى حادثتين منفصلتين في عام 2016: إحداهما لاغتيال العقيد محمد ردمان الضلعي في صنعاء، والأخرى لجريمة قتل فتاة في عدن. بينما أكدت المصادر الأمنية وقوع حادثة مقتل وفاء صدام الحاج الباشا فعلًا في صنعاء، وأن الجناة أُوقفوا وجار استكمال التحقيقات.
منشورات مضللة منسوبة لعلي حاتم السليمان حول الحشد الشعبي
تداولت صفحات على مواقع التواصل تصريحًا منسوباً إلى أمير قبائل دليم علي حاتم السليمان، زُعم فيه أنه قال: "سنُخرج قوات الحشد من الفلوجة والموصل وسنجعلها سُنية كما كانت في السابق".
لكن منصة «صحيح العراق» أكدت أن هذا الادعاء مضلل، إذ لم يصدر عن السليمان أي تصريح مماثل، لا عبر صفحاته الرسمية على فيسبوك أو إكس، ولا في أي ظهور إعلامي حديث.
بمراجعة نشاطه الإعلامي، تبيّن أن آخر لقاء له كان في 11 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وتحدث فيه عن أوضاع النازحين وانتقد أداء الحكومة، دون أي إشارة إلى الحشد الشعبي أو دعوات لإخراجه من المدن السنية.