يأتي هذا المقال ضمن نشرة أسبوعية متّصلة بتدقيق "المعلومات"، ينشرها رصيف22، بالتعاون مع "مجتمع التحقّق العربي"، وهو مشروع بحثي متخصّص يعتمد على البرمجيات لدعم منصّات التحقّق الإخباري العربية، وذلك عبر بضع آليات، منها استحداث قاعدة بيانات تجمع محتوى منصّات التحقّق إلكترونياً بمعايير تقنية موحّدة، ما يتيح أدوات بحث وتحليل واسعة النطاق.
تتصدى نشراتنا المختلفة لاضطراب المعلومات، والتحديات التي يفرضها علينا في الوصول إلى الحقيقة، ما يضمن تقديم أخبار دقيقة وموثوق بها للجمهور.
من ردٍّ منسوب إلى حماس على مقترح ترامب، إلى مزاعم حول «حكم بالإعدام» بحق أحمد الشرع في العراق، مرورًا بفيديو قديم أُعيد تداوله على أنه فيضان النيل في أم درمان بسبب سد النهضة، ووصولاً إلى ادعاءات تمس مصر وسوريا وغزة.. شهد هذا الأسبوع انتشار موجة متنوعة من الأخبار الكاذبة والمضللة على المنصات، تنوّعت بين قضايا سياسية وأمنية وبيئية، وأثارت تفاعلات واسعة داخل المنطقة وخارجها.
"كتائب القسّام ردّاً على مقترح ترامب: الحكم لله والبندقية بيننا"
نشرت حسابات على مواقع التواصل تصريحاً منسوباً إلى كتائب القسّام، الذراع العسكري لحركة حماس، تزعم فيه أنها ردّت على مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب على غزة بعبارة: «الحكم لله والبندقية بيننا».
منصة «تيقن» الفلسطينية المتخصصة في تدقيق المعلومات، أوضحت أن التصريح بلا مصدر، إذ لم يُنشر عبر أي من القنوات أو المواقع الرسمية التابعة للحركة أو الكتائب، كما لم تتناقله أي وسيلة إعلامية معروفة. وتزامن انتشار الادعاء مع كشف ترامب عن خطته لإنهاء الحرب، والتي ردّت حماس عليها ورحّب ترامب بردّها وانطلقت في القاهرة الآن مفاوضات لوضع الخطوط الأساسية لتنفيذها.
مسافر الياسري، مرشح الانتخابات العراقية، قال إن «الرئيس السوري أحمد الشرع كان محكوماً عليه بالإعدام في العراق».
"الحكم على أحمد الشرع بالإعدام في العراق"
في خضمّ الحراك السياسي المحموم استعداداً للانتخابات العراقية المقبلة، تتوالى الادعاءات المضلّلة التي تثير جدلاً واسعاً على منصّات التواصل الاجتماعي. تداول روّاد مواقع التواصل الاجتماعي تصريحاً منسوباً إلى المرشح مسافر الياسري، قال فيه إنّ "الرئيس السوري أحمد الشرع كان محكوماً بالإعدام في العراق".
منصّة "صحيح العراق"، تحقّقت من الادعاء وأثبتت أنه لا يستند إلى أي دليل رسمي أو مصدر قضائي موثوق، إذ لم يُعثر على أي حكم صادر من القضاء العراقي في حق رئيس الفترة الانتقالية في سوريا المعروف سابقاً بـ"أبو محمد الجولاني"، كما أنّ مجلس القضاء الأعلى سبق أن نفى صحة وثائق مزعومة بهذا الخصوص وأكد أنها مزوّرة. وكان "الشرع" قد تحدث في مقابلة سابقة عن فترة اعتقاله في سجون عراقية قبل أن يُطلق سراحه عام 2011، دون أي إشارة إلى صدور حُكم بالإعدام في حقه.
ولا يزال الملف الانتخابي في العراق يفتح الباب على مصراعيه أمام موجات من المعلومات المضلّلة، إذ انتشر ادعاء آخر نقلاً عن النائب السابق والقيادي في تحالف "عزم"، طلال الزوبعي، زعم أنّ "الكتل الشيعية المشاركة في الانتخابات يصل عددها إلى نحو 200 حزب".
"صحيح العراق" تحقّقت أيضاً من هذا الادعاء وأثبتت أنه غير دقيق، إذ تشير بيانات المفوضية العليا للانتخابات إلى أنّ عدد الأحزاب المشاركة يبلغ 39 حزباً، وعدد التحالفات 31 تحالفاً فقط، وتشمل هذه الأرقام مختلف القوى السياسية، ما يؤكد أنّ الرقم المتداول مبالغ فيه ولا يستند إلى أي مصدر موثوق.
"السيستاني يُفتي بتحريم انتخاب قوائم الإطار التنسيقي والسوداني"
وفي سياق الانتخابات العراقية أيضاً، تداولت صفحات على مواقع التواصل خبراً يزعم أنّ المرجع الديني علي السيستاني، أصدر فتوى تُحرّم انتخاب قائمة "الإعمار والتنمية" التابعة لرئيس الحكومة محمد شياع السوداني وقوائم "الإطار التنسيقي".
منصّة "الفاحص" العراقية، أوضحت أنّ الخبر زائف، إذ لم يصدر عن مكتب السيستاني أي بيان أو فتوى بهذا الشأن، كما لم تنقل وسائل الإعلام الموثوقة خبراً مماثلاً. وتبيّن أنّ الصورة المرافقة مفبركة، إذ استُخدم فيها قالب "قناة دجلة" الإخبارية، بينما تعود النسخة الأصلية إلى خبر قديم لا علاقة له بالانتخابات. كما أنّ آخر بيان صادر عن مكتب السيستاني، كان يوم 1 أكتوبر/ تشرين الأول 2025، وجه من خلاله الشكر إلى من قدموا التعازي في وفاة عقيلته.
"فيديو يوثّق فيضان النيل في حيّ النخيل في أمّ درمان"
وفي السياق السوداني، تداولت حسابات على فيسبوك مقطع فيديو يُظهر تدفّق المياه بكثافة في أحد شوارع الخرطوم، مدعيةً أنه يوثّق فيضان نهر النيل في حي النخيل في مدينة أم درمان، وجاء في نص الادعاء: "بيوت وسط الميه، فيضان سد النهضة يغيّر ملامح الحياة في حي النخيل امدرمان الآن".
مرصد "بيم ريبورتس" السوداني، تحقّق من الادعاء وأثبت أنه مضلّل إذ أظهر البحث العكسي أنّ الفيديو قديم نُشر في أيلول/ سبتمبر 2024، كما أنّ البحث بالكلمات المفتاحية لم يسفر عن أيّ تقارير موثوقة تدعم صحة الادعاء. وجاءت إعادة ترويج المقطع في سياق التحذيرات التي أصدرتها وحدة الإنذار المبكر التابعة لوزارة الزراعة والريّ السودانية من ارتفاع منسوب النيلين الأزرق والأبيض، وتأثير ذلك على مناطق في الخرطوم، ونهر النيل، والنيل الأبيض، وسنار، والنيل الأزرق، داعيةً إلى اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة.
صرّح الإعلامي نشأت الديهي في برنامجه «بالورقة والقلم» أنه: "مفيش في مصر معتقلين، في ناس في السجن بأحكام قضائية نهائية".
"نشأت الديهي: لا يوجد معتقلون في مصر"
صرّح الإعلامي المصري نشأت الديهي، من خلال برنامجه "بالورقة والقلم"، بأنه "مفيش في مصر معتقلين، في ناس في السجن بأحكام قضائية نهائية". لكن منصّة "متصدقش" أوضحت أنّ هذا الادعاء مضلّل، حيث إنه بعد إلغاء الاعتقال الإداري عام 2013 توسّعت السلطات في استخدام الحبس الاحتياطي و"التدوير" لسجن المعارضين السياسيين، وهي ممارسات انتقدتها الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية محلية ودولية مراراً وتكراراً. كما خضع بعض السجناء لمحاكمات أمام محاكم أمن الدولة طوارئ، وهي محاكم استثنائية لا تتيح الطعن على الأحكام، ما يطعن في نزاهة إجراءات التقاضي.
"الولايات المتحدة تتحكّم في طائرات الجيش المصري بكبسة زر"
كرّر المعارض السياسي عمرو عبد الهادي، عبر قناته في يوتيوب، مزاعم الإسرائيلي إيدي كوهين، عبر قناة i24NEWS، قبل أسبوعين، والتي ادّعى فيها أنّ الولايات المتحدة يمكنها تعطيل أو تفجير الطائرات المقاتلة ضمن أسطول الجيش المصري عن بُعد.
منصّة "صحيح مصر" أوضحت أنّ الادعاء مضلّل، إذ لا تعتمد مصر على مصدر واحد للتسليح؛ فبين عامي 2020 و2024 جاءت 32% من واردات السلاح من ألمانيا، و27% من إيطاليا، و19% من فرنسا، بينما شكلت الواردات الأمريكية 15% فقط في الفترة 2015-2019. وتمتلك القوات الجوية المصرية مزيجاً من الطائرات الأمريكية والفرنسية والروسية والصينية.
كما لا يوجد ما يُعرف بـ"زر التعطيل" في الطائرات الأمريكية، إذ أكدت وزارة الدفاع الأمريكية في آذار/ مارس 2025 عدم وجود خاصية تحكّم عن بُعد في مقاتلات F-35، ووصفت تقارير متخصصة فكرة التحكم الفوري بأنها "خرافة".
"سفن إسرائيلية تمنع أسطول الصمود من الوصول إلى غزة"
تداولت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي صورةً قيل إنها تُظهر "جداراً أزرق وأبيض" من السفن الإسرائيلية، نُظّم بمبادرة من الرهينة المحررة إيميلي داماري والمؤثرة ناتالي دادون، لمنع أسطول الصمود من الوصول إلى غزة. مرصد "تحقّق" الفلسطيني أوضح أنّ الصورة مزيّفة بالكامل ومولّدة بتقنيات الذكاء الاصطناعي.
و"أسطول الصمود" مبادرة دولية أطلقها ناشطون لنقل مساعدات إنسانية بحراً إلى قطاع غزة وكسر الحصار المفروض عليه، ضمّ عدداً من السفن الصغيرة التي ترفع أعلام دول مختلفة، ورافقه اهتمام إعلامي واسع قبل أن تعترضه السلطات الإسرائيلية وتعتقل الناشطين والناشطات الذين كانوا على متن سفنه ثم ترحيل غالبيتهم لاحقاً.
"الجيش الإسرائيلي اعتقل عناصر من الأمن العام السوري في درعا"
تداولت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، أنباء عن اعتقال الجيش الإسرائيلي عناصر من الأمن العام السوري جنوبي البلاد، وتجريدهم من ملابسهم وسلاحهم، مرفقةً بصور قيل إنها توثّق الحادثة. غير أنّ شبكة "ترو بلاتفورم" أوضحت أنّ الادعاء ملفّق، إذ أظهر البحث العكسي أنّ الصور مزيّفة ولا علاقة لها بسوريا ولا صحة للحادثة المزعومة.
"الحكومة السورية تسمح بمظاهرة مناوئة للسعودية في دمشق"
في السياق السوري أيضاً، تداولت حسابات عبر السوشال ميديا ووسائل إعلام محلية، مقطع فيديو يزعم خروج مظاهرة في دمشق، هتف المشاركون فيها ضد السعودية، مع الإشارة إلى أنّ الحكومة السورية منحت إذناً بتنظيمها. منصّة "رادار" السورية، أوضحت أنّ الادعاء مضلّل، فالمقطع قديم يعود إلى نحو سبعة أشهر، وقد أُعيد نشره خارج سياقه، وعلى أنه حديث. كما أكدت وزارة الداخلية السورية أنها ستتخذ الإجراءات القانونية بحق منظّمي المظاهرة آنذاك، وشدّدت على رفض أي إساءة للمملكة، وعلى حرصها على العلاقات الثنائية.
"نقابة الفنانين السوريين تمنع عرض أعمال سلاف فواخرجي"
تداولت وسائل إعلام عربية وحسابات على مواقع التواصل ادعاءً مفاده أنّ نقيب الفنانين السوريين، مازن الناطور، أصدر قراراً يمنع عرض أعمال الفنانة سلاف فواخرجي على الشاشات السورية. منصّة "فارق" السورية، أوضحت أنّ الادعاء غير صحيح، إذ لم يصدر أي تصريح أو قرار رسمي من النقابة أو من النقيب أو من الفنانة نفسها بهذا الشأن. كما نفى الناطور هذه الأنباء لوسائل إعلامية عدة مبرزاً أنّ القرار الوحيد الذي اتخذته النقابة ضد الفنانة السورية، هو شطب اسمها من سجلّاتها، في وقت سابق من العام الجاري، نظراً إلى خروجها عما وصفها بـ"أهداف النقابة".