يأتي هذا المقال ضمن نشرة أسبوعية متّصلة بتدقيق "المعلومات"، ينشرها رصيف22، بالتعاون مع "مجتمع التحقّق العربي"، وهو مشروع بحثي متخصّص يعتمد على البرمجيات لدعم منصّات التحقّق الإخباري العربية، وذلك عبر بضع آليات، منها استحداث قاعدة بيانات تجمع محتوى منصّات التحقّق إلكترونياً بمعايير تقنية موحّدة، ما يتيح أدوات بحث وتحليل واسعة النطاق.

تتصدى نشراتنا المختلفة لاضطراب المعلومات، والتحديات التي يفرضها علينا في الوصول إلى الحقيقة، ما يضمن تقديم أخبار دقيقة وموثوق بها للجمهور.

من دواء شائع في كل بيت اتُّهم زورًا بأنه يسبّب التوحّد، إلى فيديو مفبرك للرئيس السوري أحمد الشرع قُدِّم كفضيحة أخلاقية، مرورًا بادعاءات عن رفض دخول الرئيس المصري إلى واشنطن، وأخرى عن حوادث وهمية في العراق واليمن… الأسبوع الماضي كان مسرحًا واسعًا للأكاذيب. لكن بين الزيف والحقيقة، برزت منصات التحقق العربية لتضع النقاط على الحروف وتكشف خيوط التضليل المتشابكة.

هل يتسبّب "البنادول" في إصابة الأجنة بالتوحّد؟

انتشر على فيسبوك منشور للدكتور جمال شعبان يحذّر فيه من تناول الحوامل لدواء "البنادول"، زاعماً أن الجنين قد يُصاب بالتوحّد. المنشور لاقى تفاعلاً واسعاً وتبنّته مواقع إخبارية، بعد أن ردّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تصريحات مشابهة.

منصة صحيح مصر أوضحت أن الادعاء مضلل. فبحسب مراجعات وكالة الأدوية الأوروبية، منظمة الصحة العالمية، ووكالة تنظيم الأدوية في بريطانيا، "لا يوجد دليل علمي يثبت أن الباراسيتامول أثناء الحمل يسبب التوحّد". على العكس، يوصي الأطباء باستخدامه لعلاج الألم والحمى باعتباره الخيار الأكثر أماناً للحوامل.

تصريحات ترامب دفعت إلى إعادة تداول شائعات قديمة حول الدواء، رغم رفضها من المؤسسات الطبية الكبرى، التي شددت على أن تناول الباراسيتامول مسموح بشرط الالتزام بالجرعة المقررة وتحت إشراف طبي. والبنادول هو الاسم التجاري لدواء يحتوي على المادة الفعالة "باراسيتامول أو أسيتامينوفين"، إذ يعمل على تسكين الألم وخفض درجة الحرارة. ويوصي الأطباء بتناول الحوامل "البنادول" لتسكين الألم وخفض تأثيرات الحمى، والتي قد تتسبب في وفاة الأجنة.

هل رفضت أمريكا منح تأشيرة للرئيس السيسي؟

انتشرت على منصات التواصل أخبار تزعم أن السلطات الأمريكية رفضت منح تأشيرة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

منصة متصدقش أوضحت أن الادعاء غير صحيح. حيث لم تعلن أي جهة رسمية بمصر أو الولايات المتحدة الأمريكية، رفض الأخيرة حصول الرئيس السيسي على تأشيرة دخول لواشنطن، لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولم ينشر ذلك الخبر أي جهة صحفية، أو إعلامية موثوقة حول العالم.

انتشر الادعاء، بعد غياب الرئيس السيسي عن المشاركة في أعمال الدورة الحالية الـ80 لأعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، والذي أناب فيها رئيس الوزراء د. مصطفى مدبولي، للمشاركة نيابةً عنه.

هل طلب أحمد الشرع تجهيز إحدى السبايا له؟

انتشر على منصات فيسبوك وإكس مقطع فيديو للرئيس السوري أحمد الشرع وهو يقول: "جهزولنا وحدة أبو سليمان". وزعم ناشروه أن المقصود تجهيز إحدى السبايا له.

منصتا "رادار"و "ترو بلاتفورم" تحققتا من الفيديو، وتبين أنه صُوّر في منطقة غير سكنية قرب إحدى جبهات القتال. البحث العكسي أظهر أن المقطع قديم ويعود إلى أيلول/ سبتمبر 2024، قبل الإعلان عن معركة "ردع العدوان".

الشخص الذي صوّر الفيديو، المعروف بـ"أبو زيد الحمصي"، أوضح أن العبارة كانت مزحة بين الشرع وعناصره، وأنه كان يقصد تجهيز مدرعة تحمل اسم "أبو سليمان" وليس "سبية".

المعركة التي ذُكر المقطع في سياقها – "ردع العدوان" – انطلقت أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر 2024 شمالي حماة ضد قوات النظام السوري، وانتهت بسقوط بشار الأسد في كانون الأول/ ديسمبر من العام نفسه، وهو ما زاد من إعادة تداول الفيديو في الشهور التالية.

وفي الشأن السوري كذلك؛ انتشر مقطع فيديو على وسائل التواصل يزعم ناشروه أنه يوثّق لحظة مواجهة امرأة أمريكية للرئيس السوري أحمد الشرع بسبب اختطاف شقيقتها في سوريا.

لكن منصة ترو بلاتفورم دقّقت الفيديو وتبين أنه مقتطع من سياق آخر، ولا يمت بصلة للشرع أو للوضع في سوريا. النسخة الأصلية أُخذت من تسجيل أطول يتناول واقعة مختلفة تماماً، وقد أُعيد تداوله بشكل مجتزأ لإيهام المشاهدين بوجود علاقة بين الحادثة والشرع.

بهذا، يتضح أن المقطع المتداول مفبرك بالقص والاقتطاع، ويُستخدم في تضليل المتابعين عبر ربطه بموضوع لا علاقة له به.

هل تُظهر الصورة تدريبات الأمن الفلسطيني في مصر؟

نشرت حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي صورة مرفقة بتعليق: "تدريبات الأمن الفلسطيني في مصر. هؤلاء من النوع الذي يقف أمامك ليحميك لا خلفك ليحتمي بك"، ولاقت انتشاراً واسعاً.

منصة تيقن راجعت الصورة وتبيّن أنها قديمة، إذ نُشرت لأول مرة في 3 شباط/ فبراير 2020 على موقع "PICRYL"، بعنوان يشير إلى أنها توثق تدريباً مشتركاً بين جنود من القوات الخاصة الأميركية من المجموعة الخامسة المحمولة جواً، وجنود العمليات الخاصة المصرية من الوحدة 999، داخل مجمع تدريبي في قاعدة "فورت كامبل" بولاية كنتاكي الأميركية.

التمارين المشتركة كانت جزءاً من برنامج لتعزيز التعاون بين الوحدات الخاصة المصرية والأميركية، ولا علاقة لها بقوات الأمن الفلسطيني كما زُعم.

هل أعلن وزير الخارجية الكويتي دعمه لولاية ثانية للسوداني؟

تداولت صفحات على فيسبوك خبراً نصه: "وزير خارجية الكويت: ندعم دولة الرئيس محمد شياع السوداني للولاية الثانية لتعاونه معنا بحل أغلب المشاكل الكويتية العراقية وأبرزها ميناء خور عبد الله الكويتي".

لكن منصة الفاحص راجعت الادعاء وتبين أنه زائف، إذ لم يصدر عن وزير الخارجية الكويتي أي تصريح بهذا الشأن، كما لم تنشر وزارة الخارجية الكويتية أو أي وسيلة إعلامية رسمية أو مستقلة خبراً مشابهاً.

ويأتي انتشار هذه المزاعم في ظل الجدل المتصاعد حول اتفاقية خور عبد الله، التي أكد مستشار رئيس الوزراء العراقي فادي الشمّري أنها تنظيمية للملاحة فقط ولا علاقة لها بترسيم الحدود، واصفاً ما يُشاع بشأنها بأنه دعاية سياسية مرتبطة بالانتخابات المقبلة.

وفي العراق أيضًا؛ انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي خبر يفيد بأن سيارة رئيس مجلس النواب العراقي السابق محمد الحلبوسي انقلبت على طريق الأنبار–بغداد، وأنه نُقل بحالة حرجة إلى أحد مستشفيات أربيل.

منصة صحيح العراق دققت الخبر وخلصت إلى أنه مزيف، إذ لم تُسجل أي حادثة مماثلة في وسائل الإعلام الموثوقة، كما لم يصدر عن حزب تقدم أو الحسابات الرسمية التابعة للحلبوسي ما يشير إلى وقوع الحادث. آخر نشاطاته المعلنة كانت زيارات لعدد من شيوخ العشائر في بغداد، ونُشرت صورها عبر صفحاته الرسمية.

تزامن انتشار الخبر مع تصاعد التنافس الانتخابي قبيل الانتخابات المقررة في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، إذ شهدت الفترة الأخيرة تداول أخبار مضللة مشابهة تستهدف شخصيات سياسية بارزة، بينها شائعة سابقة عن وفاة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي.

هل أنزلت قوات أمريكية كوماندوز في صعدة اليمنية؟

تداولت حسابات على منصات "إكس" وفيسبوك مقطع فيديو زُعم أنه يوثّق عملية إنزال لقوات كوماندوز أمريكية في محافظة صعدة شمالي اليمن.

منصة  يوب يوب اليمنية تحققت من الفيديو وتبين أنه قديم ولا علاقة له باليمن. المقطع صُوّر في تركيا خلال تدريبات عسكرية، وأعيد تداوله على أنه حديث. البحث العكسي أوضح أن النسخة الأصلية نُشرت منذ سنوات، قبل أن تُستغل مؤخراً في سياق الأخبار الزائفة المرتبطة بالوضع الأمني في اليمن.