يأتي هذا المقال ضمن نشرة أسبوعية متّصلة بتدقيق "المعلومات"، ينشرها رصيف22، بالتعاون مع "مجتمع التحقّق العربي"، وهو مشروع بحثي متخصّص يعتمد على البرمجيات لدعم منصّات التحقّق الإخباري العربية، وذلك عبر بضع آليات، منها استحداث قاعدة بيانات تجمع محتوى منصّات التحقّق إلكترونياً بمعايير تقنية موحّدة، ما يتيح أدوات بحث وتحليل واسعة النطاق.

تتصدى نشراتنا المختلفة لاضطراب المعلومات، والتحديات التي يفرضها علينا في الوصول إلى الحقيقة، ما يضمن تقديم أخبار دقيقة وموثوق بها للجمهور.

بين أرقام اقتصادية متضاربة في مصر، وصور قديمة جرى تدويرها في سوريا، وصولاً إلى أخبار مجتزأة في العراق، تواصل المعلومات المضللة هذا الأسبوع فرض حضورها على النقاش العام في المنطقة. وقد بدا المشهد مزدحماً بادعاءات تتراوح بين مبالغات حول أعداد المصريين العاملين في السعودية، وتصريحات اقتصادية منزوعة الدقة، مروراً بخبر ملفّق عن افتتاح معبر بين سوريا وإسرائيل، وانتهاءً بمقاطع قديمة أُعيد تقديمها كأنها تكشف تفاصيل جديدة عن قضية الطبيبة بان زياد.

مع كل موجة جديدة من الشائعات، يتضح الدور الحيوي لمنصات التحقق العربية في كشف الحقيقة، وتبديد الضباب الذي تصنعه الشاشات والهواتف.

عدد المصريين العاملين في السعودية: 6 ملايين؟

أثار تصريح للكاتب إبراهيم عيسى جدلاً واسعاً بعدما قال إن عدد المصريين العاملين في السعودية يبلغ ستة ملايين. منصة «صحيح مصر» أوضحت أن الرقم مبالغ فيه، فبحسب معهد الإحصاء السعودي والجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء لا يتجاوز العدد 1.4 مليون حتى نهاية 2022، بينما بلغ وفق الإحصاءات المصرية 1.1 مليون فقط بنهاية 2023. 

في السياق نفسه، نسب الكاتب أسامة الدليل أرقاماً غير دقيقة إلى الاقتصاد المصري، حين قال إن "الدَّين العام يعادل 42% فقط من الناتج المحلي". لكن "صحيح مصر" بيّنت أن النسبة الحقيقية أعلى بكثير وتصل إلى 86.6% وفق صندوق النقد الدولي، بينما الرقم الذي ذكره يتعلق بالدَّين الخارجي فقط.

 "أسرة من 4 أفراد تحتاج 3219 جنيهاً شهرياً"

أثار نفي حديث للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء جدلاً على مواقع التواصل، بعدما نفت المؤسسة عبر قناة "إكسترا نيوز" أن تكون قد صرّحت سابقاً بأن الأسرة المكونة من أربعة أفراد تحتاج 3219 جنيهاً شهرياً. 

لكن منصة «متصدقش» اعتبرت أن النفي مضلّل، فالرقم ليس مختلقاً، بل صدر قبل خمس سنوات على لسان د. هبة الليثي، المشرفة السابقة على بحث الدخل والإنفاق، خلال مؤتمر رسمي بحضور رئيس الوزراء. إلا أن الجهاز لم يصدر منذ ذلك الحين تحديثاً جديداً لخط الفقر الوطني، ما جعل التصريح قديماً وليس ملفّقاً.

معبر سوري - إسرائيل؟

في الجنوب السوري، فنّدت منصة «رادار» خبراً ادّعى موافقة وزير الخارجية على افتتاح معبر مع إسرائيل، مؤكدة أن الحكومة نفت رسمياً وجود أي ممر من هذا النوع. 

كما تداولت حسابات صوراً لمختطفات قيل إنهن عادوا حديثاً إلى السويداء بغطاء "داعش"، لكن  «رادار» أثبتت أن الصور قديمة وتعود إلى اختطاف مدنيين عام 2018.

ضابط إسرائيلي في جنوب سوريا؟

وفي السياق نفسه، كشفت منصة «فارق» زيف خبر تعيين الضابط الإسرائيلي غسان عليان مسؤولاً عن الأمن القومي في جنوب سوريا، موضحة أنه لا مصدر رسمياً يدعمه. 

كما نفت «فارق» ادعاءً آخر نسب إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشأن "اتفاق للسويداء" يتضمن دخول ثلاثة آلاف جندي سوري بضمانات أمريكية وأردنية، مؤكدة أن ما جرى تداوله لا يتجاوز "تسريبات مجهولة".

 انفجارات في إسـرائيـل بسبب صاروخ حوثي

المزاعم طالت أيضاً إسرائيل مباشرة، إذ تداولت حسابات صورة قيل إنها لانفجارات سببها صاروخ حوثي. منصة «مسند» كشفت أن الصورة ليست حقيقية بل مشهد مولّد بالذكاء الاصطناعي خلال محاكاة نشرت أثناء الحرب بين إسرائيل وإيران في يونيو الماضي. 

صورة من حادثة خانيونس الأخيرة؟

أما منصة «تحقق» ففنّدت صوراً أخرى نسبت إلى حادثة خان يونس الأخيرة، مؤكدة أنها قديمة ومنشورة في ديسمبر 2023 على حساب إسرائيلي، ولا علاقة لها بالعملية الأخيرة.

الخارجية الأردنية تهدد بابتلاع إسرائيل؟

منصة «تيقّن» الفلسطينية نفت تصريحاً نُسب إلى وزارة الخارجية الأردنية يهدد بابتلاع إسرائيل إذا خرقت اتفاقية وادي عربة، مؤكدة أنه لا وجود له في أي وسيلة إعلام رسمية أو محلية.

ادعاءات تلاحق أحمد الشرع: تصريح مجتزأة وصورة قديمة 

وبالانتقال إلى دمشق، أوضحت منصة «ترو بلاتفورم» أن ما نسب للرئيس السوري أحمد الشرع حول استعداده لعقد سلام مع إسرائيل ليس دقيقاً، إذ اجتزئت تصريحاته من سياقها، فهو تحدث عن "اتفاق أمني مشروط" وليس اتفاق سلام. 

كما فنّدت «المنصة» صوراً زُعم أنها تُظهر "الشرع" وهو يشارك مقاتلي العشائر في معارك السويداء، ليتضح أنها معدلة عن صورة قديمة تعود لعام 2020 في إدلب.

قضية الطبيبة بان زياد الحدث الأبرز في العراق  

وفي العراق، انتشرت فيديوهات كثيرة حول قضية الطبيبة بان زياد، فادّعى ناشرون أن مقاطع احتجاجات لموظفين ضد مديرهم تتعلق بالقضية، بينما أظهرت منصة «الفاحص» أنها قديمة وتخص موظفي هيئة الأنواء الجوية. 

كما تحققت «المنصة نفسها» من فيديو نُشر باعتباره مطالبة من زعيم التيار الصدري "مقتدى الصدر" باستقالة مسؤولين بسبب قضية "بان"، موضحة أنه تسجيل قديم من عام 2018. 

وفي السياق ذاته، فنّدت منصة «صحيح العراق» مقطعاً يُظهر فتاة قيل إنها شقيقة الطبيبة بان زياد، مؤكدة إنها في الحقيقة شقيقة تربوية أخرى تُدعى سارة، قُتلت قبل سبعة أشهر في البصرة.