يأتي هذا المقال ضمن نشرة أسبوعية متصلة بتدقيق "المعلومات"، ينشرها "رصيف22" بالتعاون مع "مجتمع التحقق العربي"، وهو مشروع بحثي متخصص يعتمد على البرمجيات لدعم منصات التحقق الإخباري العربية، وذلك عبر بضع آليات، منها استحداث قاعدة بيانات تجمع محتوى منصات التحقق إلكترونياً بمعايير تقنية موحدة ما يتيح أدوات بحث وتحليل واسعة النطاق.
تتصدى نشراتنا المختلفة لاضطراب المعلومات، والتحديات التي يفرضها علينا في الوصول للحقيقة، ما يضمن تقديم أخبار دقيقة وموثوق بها للجمهور.
ما بين مقاطع فيديو متداولة لاغتيال اسماعيل هنية في إيران، وتصريحات منسوبة لهنية يهدد فيها باحتلال مصر في ساعات، وصولاً إلى حملة كراهية مقترنة بمعلومات مضللة ضد لاعبة الملاكمة الجزائرية إيمان خليف، تعدّدت المعلومات المضللة التي فنّدها مدققو معلومات عرب بين 30 تموز/ يوليو و5 آب/ أغسطس 2024.
1- بعد اغتياله… معلومات مضلّلة عن إسماعيل هنية وتصريحاته حول مصر
تداولت العديد من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو مصحوبة بزعم أنها تظهر موقع استهداف رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية. كما نُسبت له تصريحات تحمل تهديدات باحتلال مصر.
أجرت منصتا "الفاحص" العراقية و"صدق اليمنية" بحثاً عكسياً عن أصل أحد المقاطع المنتشرة، واتضح لهما أن الفيديو التقط في تموز/ يوليو 2024، عندما قصفت إسرائيل منزل الأسير الفلسطيني مريد محمود دحادحة، في بلدة عطارة، شمالي رام الله، بالضفة الغربية المحتلة.
كما تحقّقت منصة "صواب" اللبنانية المتخصصة في تدقيق المعلومات، من فيديو آخر يحمل الزعم ذاته، ووجدت أنه التقط لموقع القنصلية الإيرانية في دمشق، عقب استهدافها في مطلع نيسان/ أبريل 2024، ولا علاقة له باغتيال هنية.
وفي سياق المعلومات المضللة التي راجت عقب اغتيال هنية، تداول مغردون على منصة إكس تصريحاً منسوباً إليه، يرد فيه: "لدينا في غزة أكثر من 25 ألف جندياً و5 آلاف انتحاري قادرين على تدمير مصر واحتلالها وكسر الجيش المصري والشرطة المصرية في ساعات"، مصحوباً بتعليق: "الشعب المصري ذاكرته شبه ذاكرة السمكة، أوعوا تنسوا تصريح إسماعيل هنية".
بحثت منصة "صحيح مصر" عن مصدر التصريح المنسوب، فلم تتوصل إلى أية نتائج تدعم محتواه. على النقيض من ذلك، صرّح هنية في 2013 أن شهداء الجيش المصري الذين لاقوا حتفهم إثر هجوم في رفح، يعدوا شهداء لفلسطين، وعرض التعاون لكشف المتورطين في جريمة قتل الجنود المصريين في رفح. كما أكد في عام 2014، أن حركة حماس تولي أهمية كبيرة لأمن مصر واستقرارها.
2- الهوية الجندرية للملاكمة الجزائرية إيمان خليف
تأجّجت حملة كراهية مقترنة بمعلومات مُضللة على مواقع التواصل الاجتماعي، بشأن الهوية الجندرية للملاكمة الجزائرية المشاركة في أولمبياد باريس 2024، إيمان خليف إذ ادّعى ناشطون ومؤثرون أن خليف عابرة جنسياً.
بدأت الحملة بمنشور للكاتب البريطاني، ريتشارد داوكنس، عن استبعاد لاعبتين، من ضمنهما خليف، بسبب كروموسومات "XY"، ما يعني أنهما "رجلان متنكرين في أزياء نساء".
استند داوكنس إلى التصريحات غير المثبتة التي أطلقها رئيس الاتحاد الدولي للملاكمة عمر كريمليف. وردّد الملياردير الكندي الأمريكي، مدير منصة إكس، إيلون ماسك المزاعم نفسها، واصفاً المنافسة بأنها "غير منصفة".
فندت منصة "هى تتحقق" الادعاءات الرائجة، بالعودة إلى صور خليف في طفولتها التي تشير إلى أنها ولدت أنثى بيولوجية. كما أصدرت اللجنة الأولمبية الدولية بياناً تؤكد فيه صحة موقف خليف، وعدم دقة الأنباء المتداولة بشأن هويتها الجندرية.
3- تصدّي الأردن للمُسيرات التي تستهدف إسرائيل
تداولت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي خبراً مفاده أن العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، أعلن استعداد بلاده للتصدّي للطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية الموجهة نحو إسرائيل.
فندّت منصة "صدق اليمنية" هذا الزعم، بالإشارة إلى موقف الأردن الرسمي، المتمثل في عدم السماح باستخدام أجواء المملكة في الحرب من قبل أي طرف كان، وهو ما أعلنه العاهل الأردني ووزير خارجيته في نيسان/ أبريل 2024، عقب التوترات بين إيران وإسرائيل، على خلفية الهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق.
كما أكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، مؤخراً ثبات بلاده على موقفها، بقوله: "لن نسمح لأي شخص بأن يحول الأردن إلى ساحة معركة".
4- الشاعر المصري فاروق جويدة وعزاء ياسر عرفات
تداولت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي تصريحاً منسوباً للكاتب الصحافي والشاعر المصري فاروق جويدة مفاده أنه لم تقيم أية دولة عربية عزاءً للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.
فنّدت منصة "متصدقش" هذا الادعاء، ووجدت أن مصر أقامت جنازة عسكرية رسمية للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات عقب وفاته في تشرين الثاني/ نوفمبر 2004، بحضور الرئيس المصري آنذاك محمد حسني مبارك، ووزير دفاعه، وكبار رجال الدولة.
كما شارك في الجنازة عاهل الأردن الملك عبد الله الثاني، وولي العهد السعودي آنذاك الأمير عبد الله بن عبد العزيز، ورؤساء سوريا وجنوب أفريقيا ولبنان وتونس واليمن والسودان ولبنان والجزائر، وشقيق العاهل المغربي، ورئيسا حكومتي موريتانيا ولبنان، وعدد من المسؤولين الغربيين. بالإضافة إلى عدد من قادة الفصائل الفلسطينية، بينهم رئيس المكتب السياسي لحركة حماس آنذاك، خالد مشعل.
كما أرسلت مصر وفداً رسمياً، على رأسه وزير الخارجية أحمد أبو الغيط، ومدير المخابرات العامة في حينه اللواء عمر سليمان إلى رام الله بالضفة الغربية المحتلة، للمشاركة في مراسم تشييع جثمان عرفات.