مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

وهم الإستبدال الكبير .. من يقف وراء “هاشتاغ” التحريض ضد المهاجرين في المغرب؟

وهم الإستبدال الكبير .. من يقف وراء “هاشتاغ” التحريض ضد المهاجرين في المغرب؟
(تحقيق- الحقيقة فين- اعرف- سين وجيم- تقارير- علشان محدش يضحك عليك- مدونة- والمواد المتشابهة في المنصات الشريكة)
ghirbal

الكاتب

ghirbal
في الثاني والعشرين من شهر يوليوز المنصرم، أعلن معهد بروميثيوس للديمقراطية، إلى جانب منظمات حقوقية أخرى، في بيان، عن أن المغرب يشهد انتشار "محتوى يحرض على الكراهية والعنصرية ضد المهاجرين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء". وأوضح البيان أن هذه السرديات "تغذي تمثيلات لا إنسانية، وأحيانا تبنى حول مفاهيم مؤامراتية مثل الاستبدال الكبير"، مضيفا أن هذه الخطابات "تعكس أيضا شكلا من أشكال إعادة إنتاج التراتبيات العنصرية". تتبعت منصة غربال بيانات أبرز الوسوم النشطة على منصة إكس (تويتر سابقا)، مثل وسم "الإستبدال الكبير"، و"لا لتوطين الأفارقة جنوب الصحراء"، حيث كشف تحليل نشاطها كيف ظهرت، والحسابات التي تقف وراءها، وكيف روجت حسابات على هذه الوسوم مقاطع فيديو مضللة للتحريض ضد المهاجرين من دول جنوب الصحراء المقيمين في المغرب. الإستبدال الكبير.. هاشتاغ لنظرية مؤامرة مستوردة بالاعتماد على الأدوات الرقمية في تجميع وتحليل بيانات الوسوم (الهاشتاغات)، ومن خلال البحث المتقدم، أظهرت نتائج التحليل الزمني لنشاط وسم (#الإستبدال_الكبير)، أن أول ذكر له في منصة إكس في 2025، كان في شهر فبراير، وتحديدًا في الرابع والعشرين منه، حيث تم ذكره في محتوى مولد بالذكاء الإصطناعي، نشره حساب (AntiproneMaures@)، ويزعم بوجود مؤامرة عرقية تستهدف المغاربة والثقافة المغربية، وبلغ عدد الأشخاص الذين ظهر لهم الوسم خلال الفترة ما بين 24 فبراير و7 غشت 2025، أكثر من مليون ونصف مليون مستخدم. كما كشف تحليل بيانات وسم سردية الاستبدال الكبير على منصة إكس، تصنيف 72.1 في المائة من المحتوى في خانة مضمون سلبي، كما لم يتجاوز المحتوى الأصلي في هذا الوسم، نسبة 7.2 في المائة، فيما النسبة الأكبر كانت إعادة نشر، وبلغت 53 في المائة، والبقية عبارة عن اقتباس وردود. وتصدرت قائمة الحسابات الأكثر نشاطا في الوسوم المرتبطة بالحملة ضد المهاجرين الأفارقة في المغرب، أسماء المستخدمين (soufianeel14@)، و(Hamid43838943@)، و(AntiproneMaures@)، ورغم أن هذا الأخير أُنشئ سنة 2022، فإن نتائج البحث المتقدم في منصة إكس، تشير إلى أن أولى منشوراته ظهرت في السنة الموالية، وقد تمحور معظمها حول التحريض ضد المهاجرين، حيث يُظهر تحليل الوسم "#الإستبدال_الكبير" أن تغريدات هذا الحساب من أكثر المنشورات التي تشهد تفاعلا ملحوظا ويعاد نشرها. فكرة الاستبدال الكبير ليست جديدة، وإنما تعود إلى عدة قرون في أوروبا، وفي كل مرة يعاد إنتاجها بشكل مختلف، ومن أشهر المدافعين عنها حاليا، يوجد إسم الكاتب الفرنسي رونو كامو، الذي أصدر كتابا سنة 2010 تحت عنوان "الإستبدال الكبير" (Le grand remplacement)، ويدعي فيه وجود عملية استبدال للسكان الفرنسيين والأوروبيين في فرنسا بسكان غير أوروبيين، ينحدرون أساسا من إفريقيا جنوب الصحراء والمغرب الكبير، ومن أبرز المدافعين عن هذه النظرية مرشح اليمين الفرنسي المتطرف، إريك زمور. ادعاءات مضللة لتأجيج مشاعر الكراهية إلى جانب وسم الاستبدال الكبير، انتشرت وسوم أخرى بنفس المضمون، مثل "ترحيل الأفارقة مطلب شعبي"، و"لا لتوطين الأفارقة جنوب الصحراء"، ووسم "تطبيق القانون 02_03"، في إشارة إلى القانون المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمغرب، وبالهجرة غير الشرعية، حيث تقوم السردية في هذه الوسوم على تحميل المهاجرين الأفارقة مسؤولية انعدام الأمن في بعض المناطق، والتهديد الديمغرافي والثقافي للمغرب، إلى جانب تضخيم الكلفة الإقتصادية لتواجد هؤلاء المهاجرين. قمنا بتحليل بيانات 157 ألف منشورا تم تداولها على الوسمين "#لا_لتوطين_الأفارقة_جنوب_الصحراء" و"#تطبيق_القانون_02_03"، خلال الفترة الممتدة من فاتح يونيو إلى 7 غشت 2025. وقد وصلت هذه المنشورات إلى أكثر من 979 ألف مستخدم. وجاء المغرب في صدارة المواقع الجغرافية المرتبطة بالوسمين. وبين المنشورات المتداولة على الوسوم، رصدنا معلومات مضللة، من بينها مقاطع فيديو سبق لمنصة غربال أن تحققت منها، وتبين أنها تحمل ادعاءات غير صحيحة، وتهدف إلى تأجيج مشاعر الكراهية تجاه المهاجرين من دول جنوب الصحراء المقيمين بالمغرب. ففي السابع من يوليوز المنصرم، نشر حساب (Hamid43838943@)، على هاشتاغ "لا لتوطين الأفارقة"، مقطع فيديو يدعي أنه يظهر عشرات المهاجرين القادمين إلى المغرب، مضيفا أنهم سوف يتسببون في "مجازر وابادة جماعية عرقية". الادعاء سبق وتحققت منه منصة غربال في تقرير سابق، حيث تبين أن المقطع تم نشره خارج سياقه الحقيقي لتوظيفه بغرض التحريض، إذ يعود في الأصل إلى مظاهرة في كينيا، حيث كانت قد خلفت الاحتجاجات ضد الحكومة في العاصمة الكينية نيروبي، مقتل أزيد من 16 شخصا ومئات المصابين جراء تدخل قوات الأمن، التي استعملت القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي وفق وكالات الأنباء الدولية. وفي الرابع والعشرين من نفس الشهر، روج على منصة إكس حساب يحمل الاسم ماجدة (majda15743219870@)، مقطع فيديو يزعم أنه لأعمال عنف لمهاجرين من جنوب الصحراء، ضد قوات الأمن المغربية، كما انتشر نفس الادعاء على منصة فيسبوك، وحقق أزيد من 40 ألف مشاهدة في بعض المنشورات. وبعد التحقق من مقطع الفيديو المتداول، ظهر أن الادعاء مضلل وتم التعديل على المقطع الأصلي، حيث يعود في الأصل لشباب مغاربة، ووقعت أعمال العنف خلال ليلة عاشوراء بمدينة سلا، ولا علاقة للواقعة بالمهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء كما يزعم الادعاء. ومن المحتوى المضلل الذي تم تداوله في نفس الإطار، مقطع فيديو نشر على منصة إكس يوم 09 يوليوز الماضي، على وسم (#ترحيل_جميع_اللاجئين_مطلب_شعبي)، مع ادعاء أنه يوثق "هجوم آلاف الأفارقة على ضيعة فلاحية بأكادير"، ووصل المنشور إلى أكثر 8 آلاف مشاهدة، كما تداولت عدة حسابات وصفحات المقطع مع نفس الرسالة خلال الفترة ذاتها، في باقي المنصات، ومنها فيسبوك ويوتيوب. للتحقق من هذا الادعاء، اعتمدنا على البحث العكسي، للوصول إلى مصادر أخرى نشرت المقطع، حيث كشفت نتائج التدقيق أن سياقه ليس كما يزعم الادعاء، فقد سبق وتم تداول المقطع على منصة فيسبوك، بتاريخ 21 ماي الماضي، ونشرته عدة صفحات تونسية، على أنه يوثق موجهات عنيفة بين مهاجرين أفارقة في العامرة بصفاقس. وكانت قد شهدت بساتين الزيتون خلال الأشهر الماضية في مدينة صفاقس التونسية، عدة مواجهات عنيفة بين مجموعات من المهاجرين، وأخرى بين مهاجرين وأهالي المنطقة وقوات الأمن. وحذر معهد بروميثيوس للديمقراطية وحقوق الإنسان، في هذا الشأن من كون أن "هذه الرسائل تساهم في ترسيخ الصور النمطية العنصرية، وبناء تصور تخيلي للتهديد المرتبط بهؤلاء المهاجرين".