مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

خطر الوصفات الطبية المضللة في تيك توك المغرب .. هل الصمغ العربي علاج نهائي للفشل الكلوي؟

خطر الوصفات الطبية المضللة في تيك توك المغرب .. هل الصمغ العربي علاج نهائي للفشل الكلوي؟
(تحقيق- الحقيقة فين- اعرف- سين وجيم- تقارير- علشان محدش يضحك عليك- مدونة- والمواد المتشابهة في المنصات الشريكة)
ghirbal

الكاتب

ghirbal
الصمغ العربي علاج نهائي لمرض الفشل الكلوي حساب سليمة (withsalima@)، على منصة تيك توك يتابعه أزيد من 700 ألف شخص، يدعي في مقطع فيديو أن "تناول ملعقة من الصمغ العربي أو العلك الصحراوي، مع كوب من الماء الدافئ كل ليلة، قادر على علاج مرض الفشل الكلوي ولو في مرحلة غسيل الكلى"، المقطع حاز على أكثر من 126 ألف مشاهدة، وآلاف التفاعلات والمشاركات إلى حدود كتابة هذه الأسطر. مقطع آخر نشر على حساب يتابعه أكثر من 200 ألف شخص على نفس المنصة، يدعي أن "شرب كوب من الماء الساخن كل صباح، مع حوالي 25 غراما من الصمغ العربي، هو علاج نهائي للفشل الكلوي"، حيث يقدم صاحب الحساب نفسه على أنه "أخصائي في التداوي بالأعشاب الطبيعية في المغرب". حصد مقطع الفيديو أكثر من 22 ألف مشاهدة منذ نشره بتاريخ 10 يونيو الماضي. ولكن ما مدى دقة هذا الادعاء؟ وما مصدره، وكم حجم انتشاره على منصات التواصل الاجتماعي؟ وهل لديه سند علمي، وهل هو حقا بديل طبيعي عن العلاج الطبي؟ أم أنه مجرد معلومات خاطئة وادعاءات مضللة قد تثني المرضى عن تلقي الرعاية الطبية المناسبة لمرض يهدد الحياة. بعد مراجعة الدراسات العلمية المحكمة المنشورة في هذا المجال، تبين أن الادعاء مضلل ولا يستند إلى أي مصدر علمي محكم وموثوق أو مرجع صحي معتمد. تجارب علمية محدودة ونتائج غير حاسمة مرض الفشل الكلوي المزمن (Chronic Kidney Disease) يصنف علميا إلى 5 مراحل للمرض، تتدرج من الأقل خطورة إلى الأكثر ضررا، بحيث يكون المريض في المرحلة الرابعة والخامسة ملزم بغسيل الكلى أو الزراعة، وهو عبارة عن مرض مزمن يصيب الكلى، بحيث تصبح عاجزة بشكل تدريجي عن أداء وظائف التصفية، مما ينتج عنه مضاعفات تصل إلى الوفاة. ومن المعروف أن الصمغ العربي، المعروف أيضا باسم علك الأكاسيا (Acacia gum)، يستخرج من عصارة أشجار الطلح السنغالي (Acacia senegal) والطلح السيال (Acacia seyal). وقد استخدم منذ قرون في الطب التقليدي، كما انتشرت وصفات تزعم قدرته على علاج مرض الفشل الكلوي، وقد تم إجراء بعض الدراسات العلمية المحدودة للتحقق من هذا الادعاء. في سنة 2008 نشرت دراسة سريرية في السودان، أجريت على 36 مصابا بالفشل الكلوي المزمن في المرحلة الرابعة، ويقصد بها مرحلة غسيل الكلى، و10 أشخاص أصحاء، وبعد 3 أشهر متتالية من تلقي المرضى لجرعات من الصمغ العربي يوميا، سجلت الدراسة نتائج إيجابية، حيث تراجعت مستويات اليوريا في الدم، ومستويات الكرياتينين وحمض اليوريك والفوسفور. وخلص الباحثون بناء على نتائج العينة التي شملتها الدراسة، إلى أنه يمكن أن يخفف تلقي الصمغ العربي كمكمل غذائي، من الآثار السلبية للفشل الكلوي المزمن، ويبطئ من سرعة تدهور وظائف الكلى عند المرضى، ولكن لا يمكن أن يكون علاجا نهائيا يعوض غسيل أو زراعة الكلى والمتابعة الطبية، بعكس ما تروج الادعاءات المنتشرة على منصات التواصل. وفي سنة 2021 نشرت في مجلة الأغذية الوظيفية (Journal of Functional Foods)، دراسة علمية أخرى، أجريت بدعم من قبل مجلس الصمغ العربي في السودان، وشملت عينة تتكون من 69 مريضا، يعانون من مرض الكلى المزمن (CKD)، في المرحلتين الثانية والثالثة للمرض، أي قبل تدهور الحالة والدخول في مرحلة غسيل الكلى لتنقية الدم، وتم خلال الدراسة استخدام صمغ شجرة الطلح السنغالي (Acacia senegal)، حيث تم توزيع المرضى لتناول كميات يومية من الصمغ العربي، ثم دراسة تأثيرات هذه العملية. وكانت نتيجة الدراسة السريرية التي دامت 12 شهرا، وفاة 3 مرضى خلال الأشهر التسعة الأولى، وخضوع مريضين لزراعة الكلى، ودخول مريض واحد مرحلة الغسيل، وعند نهاية الدراسة ارتفع مجموع الوفيات إلى 4 مرضى بينما 7 آخرون دخلوا مرحلة غسيل الكلى. كما سبق وانتهت دراسة سريرية ثالثة في السودان، شملت عينة من 40 مريضا تتراوح أعمارهم ما بين، 18 و80 سنة، يخضعون لغسيل الكلى كإجراء منقذ للحياة، ولكنه يمثل حالة التهابية مزمنة نشطة يمكن أن تزيد من أمراض القلب والأوعية الدموية ومعدل الوفيات، حيث أظهر الصمغ العربي (Gum Arabic)، خصائص مضادة للأكسدة والالتهاب لدى مرضى الغسيل الكلوي، وليس علاجا نهائيا، كما لم يتم اعتماده في أي بروتوكول علاجي عالمي، ومعظم الدراسات كانت على عدد صغير من المرضى وفي بيئات محدودة. وبالتالي ما يتم الترويج له بخصوص اعتماد الصمغ العربي، كعلاج نهائي لمرض الفشل الكلوي المزمن، هو معلومات غير صحيحة وادعاء مضلل لا يستند إلى دراسات وتجارب علمية، وقد يؤدي استخدام هذه المادة إلى ضرر بليغ بالصحة أو الوفاة. تكاليف العلاج تزيد من الإقبال على المعلومات المضللة وفق منظمة الصحة العالمية، تأتي أمراض الكلى في المرتبة التاسعة للأسباب الرئيسية للوفاة، والتي شكلت نسبة 55% من مجموع الوفيات في العالم خلال عام 2021، وتضيف المنظمة أنه "انتقلت أمراض الكلى من السبب الرئيسي التاسع عشر للوفاة في العالم إلى السبب التاسع، وزادت الوفيات الناجمة عنه بنسبة 45٪ في الفترة الواقعة بين عامي 2020 و2021". ولقي 18 مليون شخص حتفهم في عام 2021، قبل بلوغهم من العمر 70 عاماً، بسبب أحد الأمراض غير السارية، بما فيها أمراض الكلى الناتجة عن السكري، وتقع 82% من هذه الوفيات المبكرة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وفق منظمة الصحة. ويضيف المصدر أن الفقر له ارتباط وثيق بالأمراض غير السارية (المزمنة). التي تعرف زيادة سريعة، حيث تتعرض الفئات السكانية الضعيفة والمحرومة اجتماعيا أكثر من غيرها للأمراض والوفاة في سن أدنى مقارنة بالفئات التي تتمتع بمركز اجتماعي واقتصادي أرقى، كما أن هذه الأمراض تكبد الأسر تكاليف إضافية مرتبطة بالرعاية الصحية. في ظل هذا الوضع تجد المعلومات المضللة، فرصة للانتشار على شكل وصفات علاج نهائي بديل، حيث يبحث المرضى عن أمل يخلصهم من المعاناة، وقد تكون وصفة العلاج هذه، مجرد معلومة خاطئة أو ادعاء مضلل.