مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

توثيقات وشهادات تنفي ادعاء جيش الاحتلال الإسرائيلي بعدم إطلاق النار على المدنيين في رفح

توثيقات وشهادات تنفي ادعاء جيش الاحتلال الإسرائيلي بعدم إطلاق النار على المدنيين في رفح
tahaqaqps

الكاتب

tahaqaqps
[:ar]
الادعاء
 لم ترد أنباء عن وقوع إصابات نتيجة إطلاق جيش الدفاع الإسرائيلي النار داخل مقر الفرقة الموضوع لا زال قيد التحقيق.
في أعقاب المجزرة التي وقعت صباح الأحد  1 يونيو/ حزيران  2025،  قرب مركز لتوزيع المساعدات الإنسانية يتبع لما يُسمى "مؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية"، غرب مدينة  رفح جنوبي قطاع غزة. صرّح جيش الاحتلال الإسرائيلي عبر حسابه في منصة إكس  بأنه "لا معلومات لديه عن وقوع إصابات برصاص قواته"، مضيفًا أن "الأمر قيد التحقيق". وفي ادعاء آخر، نشر الناطق باسم جيش الاحتلال أفيحاي أدرعي أن التحقيقات الأولية أظهرت بأن الجيش لم يستهدف المدنيين في  مركز التوزيع، أو بالقرب منه مؤكدًا على براءة القوات الإسرائيلية من استهداف المتجمعين. وجاء ذلك في سياق محاولات لنفي مسؤوليته عن استهداف المدنيين المتجمهرين للحصول على الغذاء والمواد الأساسية، رغم تداول شهادات ميدانية موثقة وتقارير حقوقية تؤكد إطلاق نار مباشر تجاه الجموع. في هذا التقرير، يسلط فريق "تحقق" الضوء  من خلال المصادر المفتوحة على الشهادات الميدانية، ومقاطع فيديو،  والتقارير الحقوقية التي تفنّد ادعاءات الجيش الإسرائيلي، كما يتناول التقرير نمطًا متكررًا في سلوك جيش الاحتلال يتمثل في التنصّل من المسؤولية وترويج روايات بديلة لتحميل أطراف أخرى المسؤولية عن المجازر، رغم وجود معطيات موثقة تدحض هذه المزاعم. مشاهد وشهادات تؤكد استهداف جيش الاحتلال للمدنين  غرب مدينة رفح نشرت وسائل إعلام مقطع فيديو يوثق اللحظات الأولى لبدء إطلاق النار من قبل قوات الاحتلال لاستهداف المدنيين قرب مركز المساعدات الأميركي غرب مدينة رفح. في المقابل، وثّق صحفيون عدة شهادات لناجين من مجزرة المساعدات في غرب رفح، تحديدًا بالقرب من دوار العلم، حيث نشر الصحفي رامي أبو طعيمة شهادة مواطنة فلسطينية تحدثت عن تفاصيل المجزرة التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي ، وروحت التفاصيل بالقول:"آلاف المواطنين من كل مكان في القطاع وصلوا للحصول على المساعدات، وعندما أُخبرنا بأن نسلك ممراً واحداً وأكدوا أنه آمن، سلكنا الأسفلت فقط دون الذهاب يمينًا أو يسارًا،  ثم خرج الجنود من كل الجهات وبدأوا إطلاق النار علينا." وأضافت: "أطلقوا الرصاص على الفتية والفتيات والأطفال، كما أن الدبابات أطلقت قذائف حرقت المنطقة." وأشارت إلى أنها سمعت الجنود يصرخون قائلين: "غزاوي جيعان"، مؤكدة أن ما حدث كان كمينًا محكمًا رتب له الجيش مسبقًا لاستهداف المدنيين المتجمعين. وفي شهادات أخرى وثقها صحفيون لناجين من المجزرة، قال أحد المتواجدين لاستلام المساعدات: "قصفوا الناس اللي رايحة تجيب أكل، الناس لا رايحة تقاتل ولا تعمل حاجة،ناس غلابة هدول". وفي شهادة أخرى عقب المجزرة، عبر مواطن عن خوفه قائلاً: "ما يقولوش هذه نقطة إنسان.. قاعدين يودونا عليهم عشان يقتلونا". في سياق متصل، نشر الصحفي محمد غازي غريب ، شهادته حول مجزرة رفح حيث كان متواجدًا في المكان منذ ساعات الفجر الأولى، موضحًا أنه شاهد عشرات الشهداء والجرحى الذين تجمعوا فقط من أجل لقمة عيش لأطفالهم، مؤكدًا أن الاحتلال تعمد إطلاق النار على الرأس والصدر بنية القتل، مشيرًا إلى أن نساء وأطفالًا كانوا يزحفون للحصول على المساعدات.  وأضاف أن آلاف المواطنين من غزة والشمال وصلوا إلى رفح في محاولة للحصول على المساعدات، إلا أن الآلاف غادروا دون الحصول على أي شيء. ووثّقت شبكة "قدس" الإخبارية، والصحفي هاني الشاعر، صورًا لعدد من الشهداء والمصابين نتيجة المجزرة التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في رفح. كما حصل فريق المرصد على  مقطع فيديو أرسله صحفيون من القطاع عبر مجموعة على تطبيق "واتساب" (يتحفظ المرصد على ذكر اسم المجموعة حفاظاً على سلامة الصحفيين المتواجدين فيها) ظهر عدد من الشهداء ملقين على الأرض إلى جانب مواطنين يحملون أكياس الطحين على أكتافهم بعد المجزرة. وأفاد مدير دائرة الإمداد في الدفاع المدني، محمد المغير، في مقابلة مع التلفزيون العربي، أن قوات الاحتلال منعت طواقم الدفاع المدني من الوصول إلى المصابين عقب ارتكاب المجزرة في رفح، مشيرًا إلى أن الاستهداف كان في مناطق محذور الوصول إليها من قبل فرق الدفاع المدني، مما اضطر الفرق إلى استخدام طرق بديلة لتنفيذ عمليات الإنقاذ.

وفي اليوم ذاته، استهدفت قوات الاحتلال آلاف المواطنين قرب مركز "الشركة الأمريكية" في محور "نتساريم" وسط قطاع غزة صباح الأحد،  يبدأ الفيديو بأصوات الرصاص وصراخ المواطنين، مما يعكس حجم الرعب والفوضى التي سادت المكان، وقد وثّق الصحفي عبد دواس لحظة إطلاق النار.

مكتب الإعلام الحكومي في غزة يؤكد استهداف المدنيين في نقاط توزيع تابعة لشركة أمريكية أصدر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة يوم الأحد بيانًا حول آخر تحديثات ضحايا مجازر مراكز توزيع ما يُسمى بـ"المساعدات" في منطقتي رفح وجسر وادي غزة، منذ بدء العمل بهذه المراكز بتاريخ 27 مايو الفائت. وجاء في البيان أن عدد الشهداء الذين سقطوا يوم الأحد وحده بلغ 31 شهيدًا في مجزرة مركز توزيع "المساعدات" في رفح، إضافة إلى شهيد واحد في مجزرة مركز توزيع "المساعدات" في جسر وادي غزة. أما الإصابات، فقد سجل يوم الأحد أكثر من 200 إصابة في مجزرة رفح، بالإضافة إلى 32 إصابة في مجزرة جسر وادي غزة. وبذلك، يصل إجمالي عدد الشهداء منذ بدء العمل في مراكز التوزيع في المنطقتين إلى 49 شهيدًا، مع أكثر من 305 مصابين بجروح متفاوتة. ويؤكد البيان أن هذه الأرقام تعكس حجم الجرائم التي تُرتكب بحق المدنيين الباحثين عن المساعدة في ظل الظروف الإنسانية القاسية التي يعيشها قطاع غزة. وفي مقطع فيديو نشرته وزارة الصحة في غزة، تحدثت الجراحة البريطانية في قسم الطوارئ بمجمع ناصر الطبي، فيكتوريا روز، عن مجزرة رفح. مؤكدة وصول عدد كبير من الجرحى إلى المستشفى، مشيرة إلى أنها شهدت تدفق المصابين بشكل مباشر، وأوضحت أن نحو 200 جريح أصيبوا برصاص حي، ووصفت المشهد بالقول: "الوضع كان كأنه مجزرة حقيقية، الإصابات كثيرة ومعظمها خطيرة." تقارير حقوقية تؤكد استهداف المدنيين  قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في بيان صحفي إن "إسرائيل تنفذ المجزرة الأكبر بحق الجوعى منذ فرض آليتها لتوزيع المساعدات في غزة، بقتل وإصابة أكثر من 230 منهم صباح أمس الأحد  في رفح". وطالب البيان المجتمع الدولي باتخاذ إجراء فوري وحازم لإلزام إسرائيل بوقف هذه الآلية غير الإنسانية. وأكد المرصد في بيانه أنه وثّق ميدانيًا إطلاق الجيش الإسرائيلي النار فجر اليوم على آلاف الجوعى في رفح، ما أسفر عن مقتل 30 على الأقل وإصابة أكثر من 200.  وأضاف أن الجيش الإسرائيلي وجّه المواطنين نحو طريق يُفترض أنه آمن، ثم استهدفهم برصاص مسيّرات "كوادكوبتر" وقذائف دبابات، فيما أطلق مسلحو الشركة الأمريكية قنابل الغاز على الجموع بالتزامن مع القصف. وفي السياق ذاته، أكد المفوض العام لوكالة الأونروا، فيليب لازاريني، أن مراكز توزيع المساعدات في غزة أصبحت "مصيدة للموت"، وشدد على ضرورة أن ترفع إسرائيل الحصار وتسمح بدخول المساعدات وتوزيعها بأمان ودون عوائق، تحت إشراف الأمم المتحدة. وأشار لازاريني إلى مقتل وإصابة عشرات المدنيين الجياع صباح يوم الأحد جراء إطلاق النار، مستندًا إلى تقارير من مسعفين دوليين متواجدين على الأرض، وبيّن أن نقطة التوزيع وُضعت، وفقًا للخطة الإسرائيلية الأمريكية، في أقصى جنوب رفح، مما أجبر آلاف المحتاجين على السير لمسافات طويلة عبر منطقة "شبه مدمرة" نتيجة القصف العنيف من قبل الجيش الإسرائيلي. وفي ظل تضارب الروايات وحملات التضليل، سلط المفوض العام الضوء على أهمية السماح لوسائل الإعلام الدولية بالدخول إلى غزة لنقل الحقيقة بشكل مستقل، خاصةً حول الفظائع الجارية، بما في ذلك الجريمة الشنيعة التي وقعت صباح الأحد. مزاعم إسرائيلية متكررة للتنصل من المسؤولية يتبع جيش الاحتلال الإسرائيلي نهجًا ممنهجًا في التنصّل من المسؤولية عن المجازر التي يرتكبها بحق المدنيين أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات الإنسانية في قطاع غزة.  على سبيل المثال، في مجزرة دوار النابلسي بتاريخ 29 فبراير 2024، التي أسفرت عن استشهاد 112 فلسطينيًا وإصابة 760 آخرين، زعم الاحتلال أن الحادث نجم عن تدافع المدنيين بعد إطلاق النار عليهم، متجاهلًا الأدلة والشهادات التي تثبت استهدافهم بشكل مباشر. وفي مجزرة دوار الكويت بتاريخ 23 مارس/آذار  2024، التي راح ضحيتها أكثر من 25 فلسطينيًا، أثناء انتظارهم المساعدات قرب الدوار، وادعى الاحتلال، جينها، أن مسلحين فلسطينيين هم من أطلقوا النار على المدنيين. وتتكرر هذه الادعاءات في مجازر أخرى، مثل مجزرة المستشفى الأهلي العربي (المعمداني) في أكتوبر 2023، حيث زعم الاحتلال أن الهجوم نجم عن صواريخ أُطلقت من قبل فصائل فلسطينية، رغم الأدلة التي تثبت تورطه المباشر في الهجوم.  تصعيد إسرائيلي وإغلاق للمعابر أقدمت سلطات الاحتلال في 18 مارس/آذار 2025 على إغلاق معبر رفح البري، إلى جانب معبري كرم أبو سالم وبيت حانون (إيرز)، ما أدى إلى توقف كامل في دخول المساعدات الإنسانية، في خطوة تصعيدية اعتُبرت أكبر خرق لاتفاق وقف إطلاق النار الساري منذ 19 يناير/كانون الثاني من العام نفسه، والذي شهد استشهاد أكثر من 4000 مواطن، وإصابة أكثر من 12,000 آخرين، بينهم حالات حرجة. ووفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية في غزة، فقد ارتفع عدد الشهداء منذ بدء الحرب  في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى 54,418 شهيدًا، وبلغ عدد الجرحى 124,190 جريحًا.
خلاصة التحقق
 في أعقاب المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي فجر الأحد 1 حزيران/يونيو 2025 قرب مركز توزيع المساعدات في رفح، يرصد التقرير حملة نفي إسرائيلية  رسمية متكررة تهدف إلى التنصل من المسؤولية، عبر تصريحات الجيش الإسرائيلي والناطق باسمه، رغم توافر شهادات ميدانية وتحليلات بصرية وتقارير حقوقية تؤكد وقوع استهداف مباشر للمدنيين. كما يوثق التقرير نمطًا متكرّرًا في تعامل الاحتلال مع جرائم سابقة في مواقع توزيع المساعدات، مثل مجزرتي النابلسي والكويتي، حيث تكررت المزاعم ذاتها بإنكار المسؤولية أو نسبتها لأطراف مجهولة.
[:]