مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
nan
بعد نحو يومين من الحكم على الناشط في محافظة ذي قار إحسان "أبو كوثر" بالسجن 15 عامًا، اعتقل شقيقه اللاجئ إلى محافظة السليمانية من قبل من "الأسايش" وفق بلاغ "كيدي"، يتهم قائد شرطة ذي قار بتلفيقه للإطاحة بالهلالي، الذي يعتبر أيضًا أحد الناشطين البارزين في الحراك الاحتجاجي ضمن مدينة الناصرية.
وداهمت قوة من دائرة الأمن في السليمانية وحدة سكنية وسط المدينة، واعتقلت الناشط أحمد الهلالي، بناءً على مذكرة اعتقال صادرة عن محكمة الناصرية، بحسب ما نقلته وسائل إعلام محلية، باعتباره "مطلوبًا بتهم عدة منها؛ مهاجمة القوات الأمنية والمسؤولين عبر مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، وكذلك إغلاق الدوائر الحكومية وقطع الطرق إبان تظاهرات تشرين".[1]
فيما توصل "صحيح العراق" إلى معلومات وتفاصيل جديدة عن عملية الاعتقال وتطوراتها من مصادر خاصة، ينشرها في سياق هذا التقرير الموجز:
إفادة ضابط في الأسايش
عملية الاعتقال وقعت بالتحديد في "الساعة العاشرة من صباح يوم الإثنين 14 نيسان أبريل 2025"، حين داهمت قوة من الأسايش مسكنًا تشرف عليه كنيسة "مريم العذراء" في منطقة "صابونكران" وسط مدينة السليمانية، كان يقيم فيه "أحمد عودة عليوي طابور الهلالي، من مواليد 199، من أهالي الناصرية"، وفق ما أكّده مسؤول في الأسايش لـ "صحيح العراق".
يقول المسؤول الذي تحدث شرط عدم كشف هويته، أنّ مديرية الأسايش "تلقت معلومات من وزارة الداخلية الاتحادية، تفيد بوجود متهم باسم (أحمد الهلالي) في المدينة"، وهو متهم بـ "إثارة الفوضى في مدينة الناصرية، ويشتبه بانتمائه إلى تنظيم داعش ويلقب بـ (الأمير)"، الأمر الذي دعا إلى "إجراء عمليات تحري قادت إلى تحديد موقعه، ثم اعتقاله في اليوم التالي مباشرة".
وكان من المقرر أنّ يسلم الهلالي إلى السلطات الاتحادية خلال الساعات الأولى من اعتقاله، لكن المسؤول يؤكّد أنّ الناشط ما يزال محتجزًا تحت إشراف "الأسايش" حتى ساعة إعداد هذا التقرير، إثر "ضغط من جهات وأطراف طالبت بعدم تسليمه إلى السلطات الاتحادية باعتباره لاجئًا سياسيًا معارضًا".
اللجوء إلى السليمانية
يقيم الهلالي في السليمانية منذ أشهر، إذ لجأ إلى المدنية إثر مداهمة منزل عائلته في الناصرية واعتقال شقيقه "أبو كوثر"، نقلاً عن أحد أصدقائه الذي تحدث لـ "صحيح العراق"، مؤكدًا أنّ الهلالي "تلقى خلال الفترة الماضية مساعدة من الوكالة الإيطالية لبناء السلام UPP".
والوكالة الإيطالية هي جمعية غير حكومية دولية، تعمل على "تعزيز مبادئ السلام وحقوق الإنسان والتضامن في الشرق الأوسط وإيطاليا"، وسبق لها أن قدمت مساعدات الكثير من الناشطين المهددين بالقتل خلال احتجاجات 2019، تمثلت في توفير سكن لهم في مبنى تابع لكنيسة مريم العذراء وسط السليمانية، حيث تستأجر الجمعية المكان من الكنيسة.[2]
"مكيدة" من قائد الشرطة
ويعتقد صديق الهلالي، وهو ناشط بارز أيضًا، أنّ عملية الاعتقال لم تنفذ وفق "إخبار رسمي من وزارة الداخلية"، بل بـ "مكيدة" نفذها قائد شرطة ذي قار ياسر العابدي شخصيًا.
ويؤكّد الناشط المطلع، أنّ عملية الاعتقال "نفذت بناءً على معلومات أدلى بها مخبرون سريون أرسلهم العابدي بطريقة غير رسمية، حيث أبلغوا أمن السليمانية بوجود إرهابي خطير يمثل أحد قيادات داعش في المكان"، مشيرًا إلى أنّ المعلومات التي تشير إلى وجود إبلاغ من وزارة الداخلية الاتحادية "غير دقيقة".
وتلاحق شرطة ذي قار الهلالي وفق المادة 197 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل، وهي من المواد التي لا يسمح القانون بإخراج المتهم استنادًا إليها بكفالة، والتي تنص على ما يلي:[3]
يعاقب بالاعدام أو السجن المؤبد كل من خرب أو هدم أو أتلف أو أضر إضرارًا بليغًا عمدًا مباني أو أملاكًا عامة أو مخصصة للدوائر والمصالح الحكومية أو المؤسسات أو المرافق العامة أو للجمعيات المعتبرة قانونًا ذات نفع عام أو منشآت النفط أو غيرها من منشآت الدولة الصناعية أو محطات القوة الكهربائية والمائية أو وسائل المواصلات أو الجسور أو السدود أو مجاري المياه العامة أو الأماكن المعدة للاجتماعات العامة أو لإرتياد الجسور أو أي مال عام له أهمية كبرى في الاقتصاد الوطني وذلك بقصد قلب نظام الحكم المقرر بالدستور.
وتكون العقوبة الإعدام إذا استعمل الجاني المفرقعات في ارتكاب الجريمة أو إذا نجم عن الجريمة موت شخص كان موجودًا في تلك الأماكن.
وتكون العقوبة السجن المؤبد أو المؤقت اذا وقعت الجريمة في زمن هياج أو فتنة أو بقصد إحداث الرعب بين الناس أو اثناء الفوضى دون أن يكون قصد الفاعل قلب نظام الحكم المقرر بالدستور.
وتكون العقوبة السجن المؤقت لكل من تسبب قصدًا في تعطيل شيء مما ذكر في الفقرة (1) أو عرقلة انتظام سيرها.
ويحكم على الجاني في جميع الأحوال بدفع قيمة الشيء الذي خربه أو هدمه أو أتلفه أو أضر به.
تهمة "مثيرة للسخرية"
وخضع الهلالي للتحقيق بتهمة "الانتماء إلى داعش" خلال الساعات الماضية، في إطار الإجراءات التي اتخذتها مديرية الأمن في السليمانية، إذ يعتقد أنّ المديرية تلقت معلومات مضللة عن الناشط بهدف الإيقاع به وتسليمه بسرعة إلى السلطات الاتحادية، بالنظر إلى استمراره في التصعيد ضد السلطات خاصة بعد إدانة شقيقه "أبو كوثر" وإصدار حكم بالسجن 15 سنة بحقه.
تهمة الانتماء لـ "داعش" مثيرة للسخرية، على حد تعبير أحد الناشطين البارزين في الناصرية، إذ أكّد لـ "صحيح العراق"، أنّ الهلالي "كان مقاتلاً في صفوف أحد فصائل الحشد الشعبي وتعرض لإصابات خطيرة، وسبق أن التحق مع أحد الفصائل للقتال في سوريا قبل عام 2014".
كما أكّد أنّ الهلالي انخرط في الاحتجاجات الشعبية في الناصرية بعد تشرين 2019، وأصبح من بين "أبرز وجوه التظاهرات، حيث كان يكتب الهتافات للمتظاهرين مستفيدًا من موهبته الشعرية"، مبينًا أنّ الهلالي "لم ينتم إلى أي جهة حزبية أو مسلحة منذ ذلك الحين، بل كان على صدام مع الأحزاب السياسية".
الأم تستنجد بالصدر
بدورها، وجهت والدة الناشطين إحسان وأحمد الهلالي، رسالة إلى زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر للتدخل من أجل إطلاق سراح ولديهما لا سيما أحمد الذي اعتقل في مدينة السليمانية، فيما اتهمت وزير الداخلية باستغلال سلطته من أجل "الانتقام من عائلتها بعد دورها في قيادة تظاهرات الناصرية"، وهددت بالتحشيد لاحتجاجات كبرى في "حال تعرض ولديها للأذى".[4]
آخر التطورات.. القاضي لم يقرر
وعلم "صحيح العراق" قبيل نشر هذا التقرير أنّ الهلالي مثل أمام قاضي التحقيق المسؤول في السليمانية قبل قليل، إذ كشف مصدر مسؤول أنّ القاضي "القاضي لم يوافق حتى الآن على تسليم الناشط إلى السلطات الاتحادية بالنظر لوجود معلومات تشير إلى أنّ حياته ستكون مهددة في حال تسليمه"، مشيرًا إلى أنّ القاضي "ينتظر أدلة للتثبت من هذه المعلومات قبل إصدار القرار النهائي".
وكانت عائلة الهلالي قد عرضت منزلها في الناصرية للبيع عقب إصدار حكم السجن بحق "أبو كوثر" لمدة 15 سنة، واستمرار إجراءات التضييق والمداهمات من قبل قوات الشرطة.
وصدر الحكم بحق "أبو كوثر" في قضية مقتل أحد الأشخاص المرتبطين بالتيار الصدري أثناء واقعة اقتحام ساحة الحبوبي في 2020، كما سبق أنّ كشف "صحيح العراق" في تقرير مفصل.[5]