مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
nan
في 23 شباط فبراير الجاري، قُتلت فتاة تبلغ من العمر 30 عامًا على يد شقيقها في محافظة ذي قار، بذريعة "غسل العار" وفقًا لوسائل إعلام،[1] ولم تكن هذه الجريمة الأولى من نوعها، إذ سبقتها حالات قتل مختلفة لنساء بمختلف الأعمار في كافة محافظات العراق.[2]
"صحيح العراق"، أعد مادة تسلط الضوء على حالات قتل النساء في عموم البلاد، تتضمن إحصائيات تتعلق بالجانب القانوني لتلك الجرائم.
إحصائيات قتل النساء
وفقًا للمتحدث السابق باسم المفوضية العليا لحقوق الإنسان، علي البياتي، في تشرين الثاني نوفمبر 2022، فإن "كل مناطق العراق تشهد انتشار واسع في زيادة في هذه الجرائم والأرقام الظاهرية تشير إلى أن هنالك ما لا يقل عن 150 فتاة أو امرأة تقتل سنويًا بسبب جرائم الشرف، لكن العدد الحقيقي أكثر من ذلك".[11]
أما بحسب إحصائية البنك الدولي عام 2013، فإن لكل 100 ألف أنثى هناك 3 حالات قتل عمد، بعد أن كانت تبلغ 6.3 عام 2009.[12]
وبحسب منظمة "هيومن رايتس ووتش"، فإن حوالي 4 آلاف امرأة وفتاة كانت ضحايا عمليات قتل في العراق منذ 1991 بسبب الشرف.[13]
وفقًا لوزارة حقوق الإنسان، فإن 249 امرأة قتلن عام 2010 لأسباب تتعلق بالشرف، و84 امرأة قُتلن في العراق بجرائم شرف في عام.[14]
إحصائيات حول قتل النساء في الإقليم:
ووفقًا لإحصائيات رسمية في إقليم كردستان، فقد تم قتل 490 امرأة، خلال الأعوام بين 2010 إلى 2020، وأقدمت 612 امرأة على الانتحار.[5]
وفي كانون الثاني يناير 2023، قالت تانيا كمال، المديرة التنفيذية لمنظمة راسان الكردية، التي تعنى بحقوق الإنسان ومقرها الإقليم، إن "إحصائيات قتل النساء في تزايد كل عام، تصل إلى 1000 امرأة قتلت خلال الـ10 سنوات السابقة".[6]
أكدت مديرية مكافحة العنف ضد المرأة في الإقليم مقتل 55 امرأة في عام 2015 مرتفعة بـ20 حالة قتل عن عام 2014، كما أقدمت 64 امرأة على الانتحار في 2015، بينما تعرضت 125 امرأة للحرق، منخفضة عن 73 حالة عن العام السابق، والتي سجل فيها 198 حالة لحرق نساء.[7]
أما في النصف الأول من عام 2019، فقد تم قتل وانتحار 55 امرأة، في حين، قتلت 25 حالة في عام 2018، فيما أقدمت 41 امرأة على الانتحار.[8]
وفي عام 2021، قتلت 40 امرأة من قبل أحد أفراد عائلتها بحجة الدفاع عن الشرف، وانتحرت 61 امرأة، بينما في عام 2022، أوضحت منظمة "ئێمە" المدافعة عن حقوق المرأة في الإقليم، أن النصف الأول من ذات العام شهد مقتل 22 امرأة وانتحار 31 امرأة، كما أحرقت 29 امرأة نفسها.[9]
وبحسب إحصائيات العنف ضد المرأة في الإقليم الصادرة من مجلس النواب العراقي، بين عام 2019 إلى 2022، فإنه تم تسجيل 132 حالة حرق وقتل وانتحار في عام 2019، أما عام 2020 فقد بلغت 130، وفي عام 2021، وصلت الحالات إلى 212 حالة، بينما عام 2022 بلغت الحالات 205 حالة.[10]
مقبرة المنبوذات في كردستان:
هناك مقبرة تقع في تلّة سيوان 1 بمدينة السليمانية شمال شرقي العراق تدفن فيها النساء المقتولات والمنتحرات والعجائز واللقيطات المنبوذات، ولا تضم فقط رفات نساء كرديات، بل من مكونات ومناطق ودول أخرى يقتلن لأسباب مجهولة، من دون كتابة تعريفية على الشواهد أو آيات قرآنية أو أدعية دينية، فقط عبارة من كلمتين باللغة الكردية (ئارامكاى ژیان) والتي تعني بالعربية (مقبرة الحياة)، وتمنع فيها الزيارات، حيث تجري أغلبها بسرية تامة.
وفي عام 2005 تم إنشاء الجزء الخاص بالمنبوذات تضم نحو 1000 قبر لنساء تتراوح أعمار غالبيتهن بين 15- 45 عامًا قتلن غسلًا للعار مع نسبة قليلة من المنتحرات اللواتي تبرأ ذووهن منهن، وتتولى السلطات الأمنية مهام الاحتفاظ برموز خاصة بالمقتولات مثل أرقام تعريفية للاستدلال على هوية صاحبة القبر، إضافةً إلى معلومات تتعلق بالجثة وكيفية وقوع حالة الوفاة ومكان وتاريخ العثور عليها وملامح الوجه أو أية علامات مميزة في الجسد من وشم أو ما شابه ذلك.[3]
تلال المخطئات والمنبوذات:
يدفن في تلال الـ"إيشان" اي التلال الأثرية والتي تقع في مملكة لكش شرقي مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار، نساء قتلن غسلًا للعار من قبل ذويهن، حيث يصعب الوصول إلى تلك التلال بسبب طبيعتها الجغرافية وبُعدها، حيث أنها مرتفعة ومحاطة بالمياه، ولكن لا يوجد مكان محدد لدفن جثث المقتولات، بل يتم الدفن في أي بقعة عن طريق وضع الجثة في قبر ما، ودفنها من دون شاهد أو دليل، كما لا توجد تواريخ محددة حول بداية تحوّل تلك التلال أو الأماكن القريبة منها إلى مدافن سرية للنساء.[4]
القانون العراقي (حصان طروادة للرجال فقط):
وفقًا لقانون العقوبات العراقي رقم 111 لعام 1969، فإن المادة 409 تنص على أن "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات من فاجأ زوجته أو أحد محارمه في حالة تلبسها بالزنا أو وجودها في فراش واحد مع شريكها فقتلهما في الحال أو قتل أحدهما أو اعتدى عليهما أو على أحدهما اعتداء أفضى إلى الموت أو إلى عاهة مستديمة، ولا يجوز استعمال حق الدفاع الشرعي ضد من يستفيد من هذا العذر والتطبق ضده أحكام الظروف المشددة".[15]
كما تشير المادة 41 من القانون على أن "لا جريمة إذا وقع الفعل استعمالًا لحق مقرر بمقتضى القانون ويعتبر استعمالًا للحق إذا قام الزوج بتأديب زوجته".[16]
ووفقًا للخبير القانوني، علي التميمي، فإن الكثير من جرائم القتل العمد أو غسل العار أو الثأر، يتم استبدال وصفها القانوني من المادة 406 القتل العمد إلى المادة 409 غسل العار أو 411 القتل الخطأ، لأن ذوي المجني عليه يطبقون المقولة: (الحي أولى من الميت)"، لافتًا إلى أن "كثيرًا من هذه الجرائم تموت حقائقها وتدفن مع ضحاياها، إما بعدم الإخبار عنها من قبل الأهل أو بفبركة الشهادات والأقوال قضائيا مع إخفاء الأدلة أو تزييفها بغية تضليل القضاء، سيما وأن الشهود الوحيدون هم الأهل أو الأقارب الذين سيتكتمون على الحقيقة، وأن هذا سيُشجّع على استشراء هذه الجرائم لغياب الردع الذي هو أهم هدف للعقوبة الجنائية، بالإضافة إلى أن الكثير من هذه الجرائم تقع تحت تأثير الكحول والمخدرات.[17]
يشار إلى أن السنوات الماضية شهدت الكثير من المطالبات من قبل منظمات حقوقية ودولية،[18] من أجل تعديل مادة 409 و41 في قانون العقوبات، لأنها تتنافى مع المعاهدات الدولية التي وقع وصادق عليها العراق، لاسيما معاهدة سيداو، التي تعمل للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة،[19] كما أنها تخالف مواد دستورية منها المادة 14 من الدستور العراقي التي تنص على أنه "العراقيون متساوون أمام القانون".[20]
رفعت الكثير من الناشطات والمدافعات عن حقوق المرأة أصواتهن عاليًا لتغيير القوانين المتسامحة مع تلك الجرائم، إذ تشير سارة جاسم، المدافعة عن حقوق المرأة والطفل إلى أن "الجرائم البشعة التي تدرج تحت مسمى قضايا الشرف، أصبحت وسيلة لتصفية حسابات داخل الأسرة، وأن معظم هذه الجرائم لا يتم الإبلاغ عليها بصفة جرائم قتل، إنما حالات انتحار".
من جهتها، تقول مديرة قسم التعديلات القانونية في منظمة حرية المرأة في العراق، إسراء سلمان، إن المادة (409) من قانون العقوبات العراقي تخالف المعاهدات الدولية التي وقع وصادق عليها العراق، وكذلك تخالف نصوص القرآن بكل وضوح والدستور العراقي، الأمر الذي جعلنا العمل على الطعن بتلك المادة والتوجه الى المحاكم الشرعية لحماية حق النساء في الحياة.[21]