مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
nan
أثار #ماراثونـالبصرة قبل أيام، جدلًا واسعًا، بعد حملة أطلقتها جهات دينية لمنع إقامته بسبب الاختلاط بين الرجال والنساء، ووصفته بأنه "انحلال وخروج عن العفة"، ما دعا الحكومة المحلية إلى منع مشاركة النساء، وحصره بين الرجال فقط، استجابة للضغوط، وبالتزامن مع هذا الحدث، أعلن مركز "ثقافي إسلامي" قاد حملة منع مشاركة النساء، عن عقد مهرجان "ديني" للاحتفال بتكليف 5 آلاف فتاة (البلوغ الشرعي بعمر 9 أعوام)، ردًا على الفعاليات الفنية "المدنية".
فماذا تعرف عن المركز، وما علاقته بإيران، وهل نحن أمام صراع على هوية البصرة المعروفة بتعدد الطوائف والثقافات فيها؟
"صحيح العراق" تتبع نشاط المركز المذكور، وتوصل إلى علاقاته الإدارية مع مكتب المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي.
البداية من الماراثون
في 6 شباط فبراير الجاري، وقبل 3 أيام من انطلاق ماراثون البصرة، الذي يقام بدعم محافظة البصرة، وبرعاية مجمع المجال للأعمال، وشركة هوم بيور لأجهزة تنقية المياه، عقد مجموعة من رجال الدين في المدينة، مؤتمرًا صحفيًا، باسم "تجمع رجال الدين والمواكب الحسينية"، وتحدث خلال المؤتمر الصحفي رجل دين يدعى سيد صالح الجيزاني، وهو إمام الجمعة التابع لمكتب المرجع الديني محمد اليعقوبي.[1]
وطالب الجيزاني، الذي كان يقف خلفه مجموعة من رجال الدين، "بإلغاء هكذا مشروع وبالسرعة الممكنة وإلا سيرون منا موقفًا آخر ولات حين مندم"، بعد أن وصف مشاركة النساء في الماراثون بـ"الطامة التي يراد إقامتها لجعل نساء البصرة تخرج من عفتها وشرفها إلى الابتلاء والسقوط في مكائد الفاسدين بحجج الرياضة والانفتاح المنحرف".[2]
من خلال المؤتمر الصحفي، يتضح أن الحملة التي أجبرت الحكومة المحلية في البصرة، على منع مشاركة النساء في الماراثون، قامت بها عدة جهات دينية، أبرزها مكاتب المرجع الديني محمد اليعقوبي، والمرشد الإيراني علي الخامنئي، وعصائب أهل الحق في البصرة، ومواكب وهيئات حسينية مختلفة، إلا أن المحرك الرئيس للحملة، هو "مركز الجنوب الثقافي الإسلامي"، فما هو هذا المركز؟[3]
مركز الجنوب الثقافي الإسلامي
تصدر المركز المذكور، حملة المناهضة لمشاركة النساء في الماراثون، وشارك بدعم المؤتمر الصحفي الذي عقد باسم "تجمع رجال الدين والمواكب الحسينية"، من خلال صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي محاولة للرد على خطوة الماراثون، وقبل يوم من انطلاقه، أعلن المركز عن عزمه على إقامة مهرجان يحمل اسم "هوية البصرة"، ويتضمن "تتويج 5 آلاف فتاة"، أي الاحتفال بالبلوغ الشرعي لتلك الفتيات،[4] ويأتي ذلك بالتزامن مع ذكرى الولادات الشعبانية، كمناسبة دينية.[5]
وفي بصمة صوتية، تداولتها مجموعات على "واتساب"، لأحد منظمي المهرجان، يقول فيها "أطلقنا عليه هوية البصرة، لأنها في الأونة الاخيرة أصبحت مستهدفة من قبل ضعاف النفوس إعلامياً، على أنها مدينة تمدن وانحلال ومنحطة أخلاقيًا، ولا تتقيد بتعاليم الإسلام والحوزة، ولا تكترث لأوامر المرجعية... وأن المهرجان جاء لإثبات عكس ما يشاع، ثم يدعو الجميع للحضور والمشاركة في الفعالية من أجل تنكيس راية الضلال التي يحاول أعداء الإسلام رفعها في هذه المدينة".[6]
غضب من "هوية البصرة"
بعد ذلك، أصدر كتاب ومثقفون في البصرة بيانًا، استنكروا فيه ذلك الخطاب، ووصفوه بأنه "خطاب فاقد لأبسط قواعد اللياقة والتهذيب"، ودعوا الحكومة المحلية لـ"تقديم تفسير لهذا التحشيد الهائل الذي يمارسه دعاة هذا المهرجان، وكيفية وصولهم إلى هذه المنشآت العامة (ملعب جذع النخلة) واستخدامهم لمئات المدارس (أكثر من 150 مدرسة ابتدائية ومتوسطة يشارك طلابها في المهرجان)، وإحضارهم 5000 طفلة فيما يسمى باحتفالية التكليف الشرعي!!! فمن خوّلهم ذلك؟ وكيف حصلوا على موافقة الدوائر المختصة؟ وهل تعطيل 150 مدرسة بالأمر الهين أو المتاح لكل أحد؟".[7]
الجهة المنظمة للمهرجان
بالعودة إلى المؤتمر الصحفي لرجال الدين الذين قاموا بتهديد منظمي الماراثون في حال مشاركة النساء، نجد الشيخ رعد الباهلي، يتوسطهم، فمن هو؟[8]
من خلال البحث عن الباهلي، الذي يدير مركز الجنوب الثقافي الإسلامي، يتضح أنه يتخذ من حسينية دار الإمام الحسين في منطقة الساعي وسط البصرة، مقراً له.[9]
وسبق للباهلي أن تعرض لمحاولة اغتيال في آب أغسطس 2014 عندما كان مديرًا لمكتب الحائري، إلا أنه نجا منها وقتل رجل دين آخر كان بجانبه.[10]
ألا أن الباهلي لم يعد مديراً لمكتب الحائري في البصرة، منذ عام 2017، وخلال متابعة نشاطات المكتب في المحافظة الجنوبية، يتضح أن من يدير مكتب الحائري في البصرة، شخص آخر يدعى الشيخ أسامة الترابي.[11]
من الحائري إلى خامنئي
يعلق الباهلي، في مكتبه صور مؤسس الجمهورية الإسلامية في إيران الإمام الخميني، وخليفته المرشد الأعلى علي خامنئي، إضافة لصورة المرجع الديني الأعلى علي السيستاني.[12]
ومنذ منتصف العام الماضي، وتحديدًا في 21 ذو القعدة 1444 هجري، المصادف للتاسع من تموز يوليو 2023 تم تكليف الشيخ رعد الباهلي، كمدير لمكتب ممثل علي خامنئي في البصرة، بحسب وثيقة حملت توقيع السيد مجتبى الحسيني، ممثل خامنئي في العراق، أشارت (الوثيقة) إلى مهامه التي من بينها "تنشيط المكتب بالتواصل مع الشرائح المختلفة من الحوزويين والجامعيين والعشائر والمسؤولين والشباب وأبناء الحشد الشعبي وفصائل المقاومة والمؤسسات الدينية والثقافية والاهتمام بشؤون الجميع وتلبية الحاجات والسعي في رفعها بالميسور وإصلاح ذات البين، وإحياء المناسبات الدينية وإقامة الاجتماعات التثقيفية والتوعوية".[13]
إضافة لعمله في إدارة مركز الجنوب ومكتب خامنئي، يقدم الباهلي دروسًا دينية في حوزة "الإمام الخميني" بمدينة البصرة، حيث يشغل منصب رئيس الهيئة التدريسية في الحوزة.[14]
نشاطات المركز
من خلال مراجعة نشاطات المركز، نرى بأنه يشيع الدور الإيراني في البصرة، ويواضب على إحياء المناسبات الدينية المرتبطة بإيران مثل انتصار ثورة الخميني ورحيله، بالتنسيق مع منظمات تابعة لمكتب خامنئي.[15]
وفي منشور على صفحة القنصلية الإيرانية في البصرة، ترد أنباء حول عقد الباهلي لقاءات مع الملحقية الثقافية للقنصلية، بصفته مديراً لمركز الجنوب الثقافي الإسلامي.[16]
يذكر أن الناشطة ومدربة اللياقة رهام يعقوب، اغتيلت بالبصرة في آب أغسطس العام 2020 (خلال احتجاجات تشرين) بعد نشر وسائل إعلام إيرانية صورًا للقائها مع القنصل الأمريكي السابق في المحافظة (تيمي دافيس)، رافقتها اتهامات بممارسة دور استخباراتي.[17]
مركز الجنوب يرد
وعلى خلفية بيان مثقفي البصرة، أصدر المركز المذكور بيانًا رد فيه على بيان الموقعين، بأن "المهرجان (كان) بإشراف مجموعة من المؤمنين من رجال البصرة الاصلاء ولم يتدخل اي حزب أو كيان أو جهة سياسية.. نحن أبناء البصرة ولنا الحق بأن نرسم حياة أبنائنا على نهج أهل البيت (عليهم السلام)".[18]
برأيك.. لماذا يعمل مدير مكتب ممثل المرشد الإيراني علي خامنئي في البصرة، تحت عنوان مدير مركز ثقافي، ولماذا يصر على "هوية البصرة الدينية"، وفي آخر لقاء على قناة العهد عرف نفسه، بأنه باحث اجتماعي.[19]