مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
كشفت منصة "أرجوس" المتخصصة في بيانات النفط والغاز، تأثر خطط مصر لاستيراد 20 شحنة من الغاز الطبيعي المسال خلال الأشهر الثلاث الأخيرة من العام الحالي "أكتوبر، نوفمبر، ديسمبر"، بسبب مشاكل وأعطال فنية في سفينة التغويز FSRU الموجودة في العين السخنة.
ومنذ عودة مصر لاستيراد الغاز المسال من الخارج، تستقبل الشحنات عبر سفينة تغويز مستقرة في ميناء العين السخنة من شركة "هوج" النرويجية، تتولى تحويل الغاز من الصورة السائلة إلى الغازية لضخه بالشبكة القومية للغازات الطبيعية.
ورغم نفي وزارة البترول وجود مشاكل فنية في السفينة، إلا أنها امتنعت عن استقبال 4 سفن شحن تحمل الغاز الطبيعي المسال وحولت تلك السفن وجهتها من ميناء العين السخنة إلى موانئ أوروبا، بحسب منصتي تداول الغاز "أرجوس" ومجلة "ميس المتخصصتين في أخبار النفط والغاز.
وبلغت حمولة الأربعة سفن نحو 659 ألف طن من الغاز الطبيعي، وهم: "British Listener - LNG Harmony- Axios II - Pacific Success"، وكان مقرر استلام شحناتهم على مدار 13 و14 و16 نوفمبر الجاري.
وبررت وزارة البترول عدم استلام شحنات الغاز المسال الأربعة، بدعوى تحديث نماذج الإنتاج والاستهلاك وفقًا للأرقام الفعلية، ولكن على المقابل أكدت منصة "أرجوس" ومصادر لصحيح مصر: أن "تعطل سفينة التغويز هو السبب الأبرز في عدم استلام البلاد شحنات الغاز الطبيعي المسال".
دحض الإدعاء
** كيف تعطلّت سفينة التغويز؟
تقول منصة أرجوس، أن أحد قطاري إعادة التغويز بالسفينة يعاني من صعوبات تشغيلية، مما أدى إلى خفض قدرة المحطة على تحويل الغاز الطبيعي من الصورة السائلة إلى الغازية إلى النصف.
وأكد مصدر في الهيئة الهيئة العامة للبترول، لصحيح مصر خبر أعطال السفينة، ولكن هون من ذلك قائلا: "العطل مش أزمة أو مشكلة كبيرة، وخاصة إننا في فصل الشتاء، وضغط الاستهلاك المحلي الغاز الطبيعي منخفض"، مؤكدًا أن أعطال السفينة لن تؤثر على عمل شبكة الكهرباء أو أي التزامات حكومية محلية.
وأوضح المصدر أن تعطل أحد قطاري التغييز هو ما يسمى بـ" power failure"، نتيجة انقطاع مصادر الكهرباء الواصلة للسفينة، وهو عطل قد يستمر بضعة أيام، مشيرا إلى أن السفينة ليست ملكًا للحكومة المصرية، لكنها مستأجرة من شركة خاصة.
قدرات السفينة
استأجرت الحكومة المصرية، في مارس الماضي، سفينة تغويز من شركة "هوج" النرويجية وشركة الصناعة الأسترالية AIE ، لفترة تتراوح بين بين 19 إلى 20 شهرًا، بحسب بيانات الشركة النرويجية، وذلك بتكلفة إيجار يومي تبلغ نحو 250 ألف دولار، بإجمالي شهري يصل إلى نحو 7.5 مليون دولار.
ومن المتوقع أن تصل تكلفة فترة إيجارها نحو 135 مليون دولار، وفقًا ما نشرته موقع قناة العربية عن مسؤول حكومي لم تفصح عنه.
وتتمتع بمعدل إعادة يبلغ 750 مليون قدم مكعب يوميًا بمعدل 7.7 مليار متر مكعب سنويًا، أي ما يعادل حوالي 16 ألفا و500 طنا من الغاز المسال يوميًا، مما يعني أنها يمكن أن تعيد تغويز حمولة بحجم قياسي تبلغ 72 ألف طن في مدة لا تتجاوز 4 أو 5 أيام عند عودتها للتشغيل بكامل طاقتها.
تجهز السفينة الغاز بدرجة ضغط ملائم للضغط الخاص بالشبكة القومية، ما بين 1 بار إلى 70 بار، إذ تجري تحويل الغاز السائل إلى غاز عن طريق تسخين مياه البحر، قبل ضغطه باستخدام الكومبرسور الضاغط حتى 200 بار، وذلك لتخزينه في قناني الغاز الطبيعي المضغوط التي تبلغ سعتها 15 متر مكعب.
تعاقدات لسد العجز
وتعاقدت الحكومة المصرية، في سبتمبر الماضي على استيراد 20 شحنة من الغاز الطبيعي المسال على أن تصل خلال أشهر أكتوبر ونوفمبر وديسمبر من العام الحالي، وذلك لسد العجز في معدلات استهلاك الغاز الطبيعي والناتجة عن انخفاض إنتاج البلاد المستمر من الغاز، على الرغم من ارتفاع وارداتها من الغاز الطبيعي الإسرائيلي، لكنها فشلت في سد فجوة العجز.
ومن الشحنات الـ20 التي تعاقدت عليهم البلاد، استلمت مصر خلال شهر أكتوبر ونوفمبر حتى الآن نحو 8 شحنات فقط، منها 5 شحنات في أكتوبر الماضي بإجمالي 36 ألف طن، و3 شحنات في نوفمبر بإجمالي 20 ألف طن.
** زيادة الواردات وانخفاض الإنتاج
ارتفعت واردات البلاد من الغاز الطبيعي المسال إلى نحو 841 مليون متر مكعب خلال شهر سبتمبر الماضي، مقارنة بـ110 ألف مليون متر مكعب خلال شهر أبريل الماضي، وهو أول شهر تعود فيه البلاد لاستيراد الغاز الطبيعي المسال منذ عام 2017.
وارتفع حجم استيراد البلاد من الغاز الطبيعي المسال بنسبة تزيد عن 600% بين أبريل وسبتمبر نتيجة للفجوة بين الإنتاج والاستهلاك بسبب انخفاض إنتاج البلاد من الغاز الطبيعي بنسبة 14.85% خلال النصف الأول من العام الحالي 2024 مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي 2023.
إذ تراجع إنتاج مصر من الغاز الطبيعي خلال النصف الأول من العام الحالي إلى 25.79 مليار متر مكعب من الغاز، مقارنة بنحو 30.29 مليار متر مكعب خلال النصف الأول من العام الماضي 2023، بتراجع بلغ نحو 4.5 مليار متر مكعب، وفقًا لبيانات منظمة جودي المختصة بتتبع بيانات النفط والغاز.
وتراجع إنتاج حقل ظهر بسبب اختراق المياه بعض آبار حقل ظهر نتيجة ضغط الحكومة على شركة إيني لتسريع عملية إنتاج الغاز من الحقل، إضافة لبعض المشكلات الفنية الأخرى، إذ تراجع إنتاج الحقل من 2.96 مليار قدم مكعب يومي عام 2021 إلى 2.1 مليار قدم مكعب يوميا عام 2023.
في حين تراجع إنتاج حقل ريفين ثاني أكبر حقل للغاز بعد ظهر بنسبة تقترب من 50% بسبب زيادة معدلات الحقن في الآبار، وتحدث عمليات الحقن لزيادة معدلات إنتاج حقول الغاز، وفقًا لتقرير سابق لصحيح مصر.
ويقول قيادي السابق بالهيئة العامة للبترول لصحيح مصر، تحتاج مصر يوميًا من الغاز الطبيعي في فصل الشتاء حوالي 6 مليار قدم مكعب، مقارنة بـ7 مليار متر مكعب في فصل الصيف، دون احتساب شحنات المازوت التي استوردتها الحكومة الصيف الماضي لتغطية فجوة احتياجات البلاد من الغاز.
وبسبب تراجع إنتاج البلاد اليومي إلى ما يتراوح بين 5 إلى 4.5 مليار قدم مكعب يومي، بدأت مصر تعتمد بشكل أساسي على الغاز المسال المستورد سواء من سفينة التغويز بالعين السخنة، أو من محطة التغويز الموجودة في ميناء العقبة الأردني.
علاوة على واردات البلاد من الغاز الإسرائيلي والتي ترتفع يومياً، وفقًا للقيادي السابق بالهيئة العامة للبترول، مشيرًا إلى أن مصر مُلزمة يوميا عبر محطة "سيجاز" الموجودة في دمياط بتصدير ما يقرب من 300 مليون قدم مكعب غاز في اليوم لصالح شركة إيني الإيطالية.
** زيادة في فاتورة واردات الغاز
أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفاع في فاتورة استيراد الغاز الطبيعي خلال شهر أغسطس الماضي إلى 587.7 مليون دولار مقارنة بنحو 175.5 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي 2023، وبنسبة زيادة بلغت 235%.
وخلال الفترة بين أغسطس وأبريل زادت قيمة واردات الغاز الطبيعي بنسبة 102.2%، وفقًا للبيانات الصادرة عن النشرة الشهرية للتجارة الخارجية من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وكان شهر يوليو هو الأكبر من حيث فاتورة واردات الغاز والتي تجاوزت 600 مليون دولار مقارنة بـ195 مليون دولار خلال نفس الشهر من العام الماضي 2023، ما يعكس العجز الضخم الذي تسبب فيها انخفاض إنتاج الغاز الطبيعي في البلاد.