مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

هل تمنح الحكومة الجنسية المصرية للاجئين في قانون اللجوء الجديد؟ معلومة مضللة شائعة والقانون الجديد لا يتضمن أي مواد متعلقة بتغيير قواعد منح الجنسية للأجانب

هل تمنح الحكومة الجنسية المصرية للاجئين في قانون اللجوء الجديد؟
معلومة مضللة شائعة والقانون الجديد لا يتضمن أي مواد متعلقة بتغيير قواعد منح الجنسية للأجانب
Saheeh Masr

الكاتب

Saheeh Masr
nan

الإدعاء

وافق مجلس النواب خلال جلسته العامة، الثلاثاء الماضي نهائيًا على مشروع قانون تنظيم شؤون اللاجئين والذي قدمته الحكومة خلال الأشهر الماضية بهدف تقنين أوضاع اللاجئين، والذي يهدف إلى وضع تنظيم قانوني لأوضاع اللاجئين وحقوقهم والتزاماتهم المختلفة في إطار الحقوق والالتزامات التي قررتها الاتفاقيات الدولية. وعقب ذلك انتشر الكثير من الجدل حول بنود القانون الجديد الذي يتكون من 39 مادة، خاصة بعض الادعاءات المضللة بشأن إتاحة القانون تجنيس اللاجئين الأجانب بالجنسية المصرية، والذين يبلغ قرابة الـ10 مليون أجنبي ما بين مهاجر ولاجئ. في هذا التقرير يستعرض صحيح مصر أبرز المواد المعدّلة في قانون تنظيم شؤون اللاجئين، والاعتراضات التي طرحتها منظمات حقوقية بشأن تلك التعديلات.

دحض الإدعاء

** اعتراضات حقوقية على القانون في البداية، على الرغم من كفالة القانون الجديد مجموعة من الحقوق للأجنبي الذي حصل على صفة "لاجئ" في مصر أبرزها الحصول على وثيقة سفر، وحظر تسليمه إلى الدولة التي يحمل جنسيتها أو دولة إقامته المعتادة، والحق في التقاضي والعمل والتعليم والاعتراف بالشهادات الدراسية الممنوحة في الخارج للاجئين وفقا للقواعد المقررة قانونا للأجانب. لكن القانون واجه اعتراضات من مؤسسات حقوقية معنية بأحوال اللاجئين في مصر، على رأسها منصة اللاجئين في مصر، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، الذين انتقدوا في دراسة صادرة عنهم أوائل شهر نوفمبر الجاري، عدم اعتناء نصوص القانون الجديد بالأوضاع الإنسانية الصعبة التي تدفع ملتمسي اللجوء إلى الفرار من بلدانهم الأصلية إلى مصر. وتقول المؤسستين، أن هذا ترتب عليه جنوح عدد من مواد القانون نحو تجريم اللجوء في الحالات التي يصل فيها ملتمسي اللجوء إلى مصر بطريقة غير منظمة، كما تضمن القانون العديد من النصوص العقابية التي تمس اللاجئين وملتمسي اللجوء، بل وتجرِّم المواطنين على مساعدة اللاجئين والقيام بأفعال إنسانية مثل إيواء لاجئ دون إخطار السلطات، بدون أي سند قانوني أو دستوري لمثل هذا التجريم. كما تغافل القانون الجديد عن تحديد الآليات والإجراءات التي ستُدار من خلالها عمليات الفحص والبت في طلبات اللجوء خلال المرحلة الانتقالية، التي قد تطول بين إنهاء تدخل المفوضية في البت في طلبات اللجوء وتولي اللجنة الدائمة المزمع تشكيلها القيام بتلك المهام، خاصة مع عمومية مواد القانون وتركها عديد من التفاصيل الأساسية المُحددة لعمل اللجنة. ** المادة 27 وحق الأجنبي في التجنيس مع نشر بعض مواد القانون الجديد، أثارت المادة 27 الكثير من الجدل، وهي التي تنص على أحقية اللاجئ في التقدم للحصول على الجنسية المصرية، على النحو الذي تُنظمه القوانين ذات الصلة. لكن تلك المادة ولا بنود القانون الـ38 الباقية تتضمن نصًا صريحًا يقضي بمنح اللاجئين الجنسية المصرية، كما لا يقدم امتيازات خاصة لهم لتسهيل حصولهم على الجنسية، وهو ما يعني معاملتهم كأي أجنبي يحق له التقدم بطلب للحصول على الجنسية وفق القوانين المعمول بها. في مقابل شائعات تجنيس الأجانب، انتقدت دراسة منصة اللاجئين والمبادرة المصرية، النص الخاص في المادة 27 بحق اللاجئين في الحصول على الجنسية المصرية بصيغته الحالية لما يسببه من إشكالات وغموض، في ظل غياب الشروط والمعايير حول من يحق له فعليا الاستفادة من هذا الحق. علاوة على أن هذه الضمانات بحق اللاجئ في التجنس بالجنسية المصرية تكتسب ضرورة إضافية بالنظر إلى صعوبة اكتساب الجنسية للأجانب المقيمين في مصر لفترات طويلة بغض النظر عن مركزهم القانوني، وأن القوانين المنظمة للتجنيس في مصر تحتوي على مواد تُخضِّع قرار الموافقة على التجنس لتقدير السلطة الحاكمة، في حال تم استيفاء كافة الشروط المطلوبة للحصول على الجنسية. ** هل القانون يمنح الجنسية لـ10 مليون أجنبي؟ القانون لايتضمن أي مواد تسمح بذلك، لكن بدايةً يحب أن يتم التفرقة بين اللاجئ والمهاجر، إذ ليس كل الأجانب الموجودين في مصر لاجئين كما تنتشر الكثير من الادعاءات المضللة. إذ تعرف منظمة الأمم المتحدة "المهاجر" بأنه أي شخص يتحرك أو ينتقل عبر حدود دولية أو داخل دولة بعيدًا عن مكان إقامته المعتاد، بغض النظر عن الوضع القانوني للشخص؛ وما إذا كانت الحركة طوعية أو غير طوعية؛ وأسباب الحركة أو مدة الإقامة. أما اللاجئ، فهو كل شخص يوجد خارج دولة جنسيته بسبب تخوف مبرر من التعرض للاضطهاد لأسباب ترجع إلى عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه لعضوية فئة اجتماعية معينة أو آرائه السياسية، وأصبح بسبب ذلك التخوف يفتقر إلى القدرة على أن يستظل بحماية دولته أو لم تعد لديه الرغبة في ذلك، وفقًا لاتفاقية 1951 بشأن اللاجئين. ووفقًا لتلك التعريفات القانونية، فإنه من بين الأجانب الموجودين في مصر والذي يقترب عددهم من 10 ملايين، هناك نحو 834 ألف و413 لاجئ وطالب لجوء مسجلين من 59 جنسية مختلفة، بحسب آخر التقارير الصادرة عن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أمس، فيما المهاجرون يُشكلون النسبة الأكبر والتي يتجاوز عددهم 9 مليون مهاجر. إذ تتضمن أعداد المهاجرين الإجمالية أعداد اللاجئين، حيث يصنف كل لاجئ بأنه مهاجر، ولكن العكس غير صحيح، فلا يصنف المهاجرون كلاجئين، وقد طرأ على تقديرات الدولية للهجرة أحداث قد ترفع أعداد المهاجرين الدوليين مع ارتفاع أعداد اللاجئين السودانيين بعد الحرب الأخيرة. ** كيف يُنظم القانون حصول الأجانب على الجنسية المصرية؟ تُنظم القوانين المصرية آلية حصول الأجانب على الجنسية المصرية، وأبرزها إتاحة الجنسية لأبناء الأم المصرية والأب غير المصري التقدم بطلب للحصول على الجنسية المصرية، كما يحق للزوجة الأجنبية المتزوجة من مصري التقدم بطلب لاكتساب الجنسية المصرية. وهناك أبواب أخرى بعيدا عن علاقات الزواج والبنوة تتيح للأجانب من أصحاب الموارد الدولارية الحصول على الجنسية المصرية، ففي 18 ديسمبر من العام 2019، أصدر مصطفى مدبولي رئيس الوزراء قرار رقم 3099 لعام 2019، بتنظيم حالات منح الجنسية للأجانب، وإنشاء وحدة تختص بفحص طلبات التجنس وفق هذا القانون. إذ بحسب المادة الأولى للقرار يجوز لرئيس الوزراء منح الجنسية للأجانب، في تلك الحالات منها " شراء عقار مملوك للدولة أو لغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة بما لا يقل عن 500 ألف دولار أمريكي". إنشاء أو المشاركة في مشروع استثماري بمبلغ لا يقل عن 400 ألف دولار أمريكي، أو إيداع 750 ألف دولار أمريكي كوديعة يتم استردادها بعد خمس سنوات بالجنيه المصري ودون فوائد وبما لا يتجاوز السعر في تاريخ الايداع. أيضًا إيداع مليون دولار أمريكي كوديعة يتم استردادها بعد ثلاث سنوات، بذات الشروط السابقة، وإيداع 250 ألف دولار أمريكي، كإيرادات مباشرة تؤول للخزانة العامة للدولة ولا ترد. ونشرت الجريدة الرسمية في مارس من العام 2020، قرار رئيس الوزراء، رقم 647 لسنة 2020، بشأن تنظيم تشكيل وحدة طلبات التجنس وتحديد اختصاصاتها ونظام عملها وإجراءات وقواعد تقديم طلبات التجنس، والتي حددت رسوم تقديم طلب التجنس بعشرة آلاف دولار أو ما يعادلها بالجنيه المصري. وفي 18 سبتمبر من العام الماضي، أصدر مصطفى مدبولي رئيس الوزراء قرار رقم 3562، لعام 2023، بتعديلات بشأن تنظيم حالات منح الجنسية للأجانب وتشكيل وحدة فحص طلبات التجنس وتحديد اختصاصاتها، وإجراءات وقواعد تقديم طلب التجنس. وشملت التعديلات الأخيرة تخفيفا للشروط المالية لحصول الأجانب على الجنسية المصرية، حيث تضمنت تخفيض قيمة العقار الذي حدده رئيس الوزراء، في قراره الأول بـ 500 ألف دولار، إلى 300 ألف دولار كأحد سبل حصول الأجانب على الجنسية. كما قصرت التعديلات، الحصول على رسوم طلب التجنس بعشرة آلاف دولار أمريكي، مع استبعاد النص على "ما يعادله بالجنيه المصري". واستحدثت مادة جديدة تشترط إيداع قيمة العقار المطلوب للتجنس بأحد البنوك المرخص لها من البنك المركزي، وعدم التصرف بالعقار قبل خمس سنوات. ** من تستهدف الحكومة المصرية تجنيسهم من الأجانب؟ تظهر المعايير والاشتراطات التي تضمنتها الحكومة في قراراتها الخاصة بتجنيس الأجانب، أن المُستهدفين هم المستثمرون ورجال الأعمال ومن يستطيعون توفير الدولار. وكشف مسح لقرارات منح الجنسية المصرية للأجانب، والمنشورة عبر منصة منشورات قانونية، المعنية بنشر نصوص القوانين والقرارات الرسمية، عدم منح الجنسية لأي أجنبي منذ مطلع العام 2024 وحتى الآن، وكذلك خلال الأعوام 2019، و 2020. بينما شهد العام 2023، منح الجنسية المصرية لـ 77 أجنبيا، وهم 70 سوريا، و 3 عراقيين، و2 لبنانيين، وفلسطيني، وليبي. أما العام 2022، فشهد منح 108 من الأجانب الجنسية المصرية، وهم 78 سوري، 14 فلسطيني، 5 لبنانيين، 3 يمنيين، 3 سريلانكيين، 2 ليبي، 2 أردني، وبريطاني. فيما حصل 13 أجنبيا على الجنسية المصرية عام 2021، كانوا 11 سوريا، ويمني، وليبي. بذلك وصل إجمالي عدد الأجانب الحاصلين على الجنسية المصرية خلال فترة المسح الممتدة لست سنوات منذ 2019 وحتى 2024، هو 198 أجنبيا.