مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

عودة العلامات إلى مقابر القاهرة التاريخية (أكبر) الحكومة تتجاهل توصيات لجنة الخبراء وتستعد للإزالة صحيح مصر تنشر كواليس استقالات أعضاء اللجنة بعد تجاهل مقترحاتهم

عودة العلامات إلى مقابر القاهرة التاريخية (أكبر)
الحكومة تتجاهل توصيات لجنة الخبراء وتستعد للإزالة 
صحيح مصر تنشر كواليس استقالات أعضاء اللجنة بعد تجاهل مقترحاتهم
Saheeh Masr

الكاتب

Saheeh Masr
nan

الإدعاء

في سبتمبر الماضي 2023، كلفت الحكومة إدارة الجبانات بمحافظة القاهرة بمحو علامات الإزالة التي وضعوها على جدران المقابر التاريخية، كما أوقفت عمل لجان حصر المقابر التي مقرر إزالتها، فيما اعتبره البعض تراجعًا عن هدم المقابر التاريخية، ضمن مشروع تطوير شرق القاهرة. ولكن عادت الحكومة ووجهت إدارة الجبانات من جديد لإعادة العلامات إلى مكانها على جدران المقابر، بل وتحديد مقابر جديد، وذلك تمهيدًا لعودة عمليات الإزالة، بحسب مصدر في إدارة الجبانات تحدث إلى صحيح مصر، تمهيدًا لتنفيذ عدة محاور مرورية جديدة. ومنذ عامين، بدأت الحكومة مشروعات لتطوير منطقة شرق القاهرة، والتي تضمنت إزالة جزء من مقابر القاهرة التاريخية، لإفساح المجال لتوسعة الطرق وبناء الكباري، والتي فضلًا عن احتوائها على مقابر لرموز وطنية وثقافية، ولكنها في حد ذاتها تمثل قيمة تراثية كبيرة. عودة الإزالة من جديد تأتي وسط تجاهل الحكومة لتوصيات ومقترحات اللجنة الفنية التي شكلها الرئيس عبد الفتاح السيسي، في يونيو الماضي 2023، لتقييم الموقف، والذي رفضت هدم المقابر، ووضعت حلولًا هندسية لاستكمال مشروعات تطوير شرق القاهرة دون المساس بتلك المقابر.

دحض الإدعاء

** تشكيل اللجنة الفنية واجتماعاتها = لاحتواء الأصوات الرافضة لإزالات المقابر الأثرية والتاريخية، وجه عبد الفتاح السيسي في يونيو 2023، عبر بيان رئاسي بتشكيل لجنة برئاسة مصطفى مدبولي رئيس الوزراء لتقييم موقف نقل مقابر منطقة السيدة نفيسة والإمام الشافعي، على أن تنتهى اللجنة من عملها قبل الأول من يوليو، وبعد مرور ما يقارب ـ8 أشهر، تحولت اقتراحات اللجنة التي تقضي بوقف قرار الإزالات للمقابر إلى "حبر على ورق" بحسب مصدرين، أحدهما عضو باللجنة والآخر عضو بإدارة الجبانات بمحافظة القاهرة تحدثا لـ"صحيح مصر". بحسب العضو، فكان عدد أعضاء اللجنة 8 من الأساتذة والهندسيين ومتخصصين المعمار، و2 من ممثلي الدولة، أحدهم ممثل عن الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وآخر وهو مساعد مستشار رئيس الجمهورية للتخطيط العمراني، ويباشر عمل اللجنة وزير التعليم العالي، أيمن عاشور، والذي يرفع بدوره تقارير العمل إلى رئيس مجلس الوزراء. يقول عضو باللجنة -والذي رفض الكشف عن هويته- إن عمل اللجنة نستطيع أن نُسميه مجمدًا منذ أكتوبر الماضي، فلا قرار رسمي بإنهاء عملها، ولا تجتمع لاستمرار مناقشاتها ووضع تصورات جديدة. وأوضح أنه "منذ الاجتماع الأول وكان هناك ما أستطيع أن أسميه استشعارًا للحرج من قبل الحكومة أن تعُلن صراحة رفضها للإزالات، في ظل وجود رغبة شديدة من ممثل الهيئة الهندسية -الذي كان يشاركنا حضور الاجتماعات- تنفيذ إزالات المقابر لاستكمال مشروعات محاور القاهرة ومنطقة صلاح سالم، على تنقل رُفات ما يقرب من 2450 مقبرة من هذه المنطقة إلى مقابر حكومية بمدينة العاشر من رمضان ومدينة 15 مايو". ولكن أعضاء اللجنة من الخبراء والمتخصصين الجامعيين كان لهم رأيًا آخر، إذ رفضوا الهدم ونقل الرفات، لما للمقابر قيمة تراثية عالية طبقا لتعريفات منظمة اليونسكو ومسجلة منطقة حماية. وفي سبتمبر 2023، توصل أعضاء من الأساتذة الجامعيين لحلول هندسية وتقنية تقضي بوقف إزالات مقابر الشافعي والسيدة نفيسة، وفي نفس الوقت استكمال مشروعات تطوير شرق القاهرة، ورفعت اللجنة مذكرة رسمية إلى وزير التعليم العالي، لتُرفع لرئيس الوزراء، وينقلها بدوره إلى رئيس الجمهورية. ما هي حلول اللجنة؟ تأتي عمليات إزالة المقابر لإفساح الطريق لإقامة عدة محاور منها محور يربط بين محور الحضارات ومنطقة سور مجرى العيون من جهة ومنطقة المقطم وشارع صلاح سالم المؤدي إلى مدينة نصر ومنطقة شرق القاهرة من جهة أخرى. بجانب محور آخر أطلق عليه محور صلاح سالم البديل، والذي مقرر إقامته بديلا لطريق صلاح سالم والمقرر إغلاقه لرفع كفائته ضمن مشروعات إقامة المحاور جديدة. وفي سبيل ذلك، وضع أعضاء اللجنة تصورًا يقضي بإقامة كوبري بديل موقع كوبري السيدة عائشة الحديدي القائم حاليًا، على أن يصمم بمخارج متعددة، ليصبح رابطًا بين شارع صلاح سالم ومنطقة المقطم، ومحور الحضارات ومنطقة سور مجرى العيون والمناطق المحيطة، دون الحاجة لإزالة المقابر. كما وضعت اللجنة تصورًا آخر للتعامل مع أزمة المياه الجوفية التي تضرب بعض المقابر، عبر إقامة مساحات خضراء وزراعة شجيرات موقع المقابر التي أُزيلت بالفعل، إذ تمتص الأشجار المياه الجوفية الزائدة تحت الأرض، وتوقف تدفقها بين المقابر. هل استجابة الحكومة لمقترحات وخطط الخبراء؟ في سبتمبر 2023، وبينما تنتظر اللجنة ردًا من مجلس الوزراء على اقتراحتها، بدأت الحكومة في عمليات إزالة جديدة لبعض المقابر في منطقة الإمام الشافعي، وهو ما دفع 4 أعضاء من الأكاديميين إلى التقدم باستقالاتهم النهائية، اعتراضا على عدم الانتظار لحين نهاية عمل اللجنة، وتنفيذ عمليات الإزالة كأمر واقع لا مفر منه. وطلب عدد من الأعضاء المتبقين في اللجنة إتاحة الوقت لمزيد من الدراسات حول قرار توسيع مخارج ومطالع محور الحضارات، على حساب إزالة جزء من المقابر، ويقول العضو: "في الأسبوع الأول من أكتوبر الماضي أُبلغنا بأن قرارًا سياديًا أتُخذ بإيقاف أعمال الإزالات مؤقتًا لحين الوصول لقرار نهائي". وكان هذا آخر اجتماع للجنة، ويقول: "حتى هذه اللحظة لم نُبلغ بفض عملها رسميًا، ومطالبين بأن نظل مًستعدين لاجتماعات حال الاستدعاء، ولم يستشرنا أحد فيما يحدث حاليا بإعادة العلامات والاستعداد لتنفيذ إزالات جديدة"، ويقول: "شخصيا كأثري أرفض الإزالات وأجد أنه لا مبرر لها، بعد ما قدمته اللجنة للحكومة من حلول قابلة للتنفيذ". عودة الإزالات يقول موظف بارز في إدارة الجبانات بمحافظة القاهرة لصحيح مصر -وهي الإدارة المختصة بحصر المقابر الأثرية والتاريخية المقرر إزالتها تنفيذًا للمخطط الحكومي- إنه تلقى في الأسبوع الأخير من شهر رمضان توجيهات من المنطقة الجنوبية للمحافظة، بإعادة وضع علامات "إكس" على المقابر المقرر إزالتها منذ سبتمبر الماضي، بعد محوها من على الجدران في أكتوبر الماضي. وقال: "محدش قالي فيه هدم ولا لا، كل اللى اتقالي اللجان تنزل تكمل تحديد وحصر المقابر الموجودة في طريق المحور الجديد، لكن قرار وميعاد الهدم مجاليش عنه أي خبر"، موضحًا أن قائمة الإزالات تضم بجانب مقابر في الشافعي والسيدة نفيسة، وبعضًا من مقابر باب الوزير، وباب النصر، والمجاورين. ووزعت محافظة القاهرة، منشورًا بمنع الدفن في بمنطقة الإمام الشافعي والسيدة نفيسة، وذلك استكمالًا لأعمال الإزالة في المقابر.