مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
** مر نحو 4 أيام على حريق ستديو الأهرام، لم تُعلن النيابة العامة الأسباب التي أدت لاندلاع الحريق الضخم الذي حول الاستديو الشهير لـ"كومة رماد"، وامتداد إلى 10 عقارات مجاورة، وأسفرت عن إصابة 14 شخصًا.
= وبعد حريق استديو الأهرام، شهدت القاهرة عدة حرائق أخرى، أيضًا "مجهولة السبب"، ولم تكن تلك السلسلة من الحرائق الأولى، التي تقيد ضد مجهول في السجلات الرسمية، بل أصبح "السبب المجهول" هو المسؤول الأول عن الحرائق في مصر على مدار العامين الماضيين، وذلك من واقع الإحصائيات والبيانات الرسمية.
ولكن الزيادة المطردة في الحرائق ذات الأسباب المجهولة، لم تظهر في إحصائيات جهاز التعبئة والإحصاء سوى في آخر عامين فقط، وقبل ذلك، كانت الأسباب موزعة بين "الإهمال" صاحب النصيب الأكبر، والأسباب العارضة.
صحيح مصر عبر قراءة رقمية لنشرة الإحصاء الخاصة بالحرائق وأسبابها يكشف كيف حلت "الأسباب المجهولة" موقع "الإهمال" المسبب الأكبر للحرائق خلال الخمس سنوات الماضية.
دحض الإدعاء
** "السبب المجهول" يتحمل النسبة الأكبر من الحرائق
** خلال العام الماضي 2023 وقع نحو 45.4 ألف حريق، منهم 15 ألف حريق جرى الكشف عن أسباب اندلاعها بنسبة 33.5% من إجمالي الحرائق؛ بينما لم تتوصل النيابة العامة أو وزارة الداخلية أو الإدارة العامة للحماية المدنية لأسباب اندلاع نحو 30 ألف حريق بنسبة 66%، وفقًا للبيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.
= في حين تحملت "الأسباب العارضة" مسؤولية 10 آلاف حريق، كان "الإهمال" سببًا لنحو 4.9 ألف حريق آخر، أما الحرائق التي نشبت عن عمد لم تكن سوى 45 حريق فقط.
** السبب المجهول.. ظهور مفاجئ
لم يكن جهاز التعبئة والإحصاء يدرج في نشرته السنوية لأسباب الحرائق أن السبب مجهولًا حتى العام 2021، ولكن ظهر بند "بدون سبب" في صفحة "مسببات الحرائق" لأول مرة في نشرة العام 2022.
وحتى العام 2021، كان بند "الإهمال" هو السبب صاحب النصيب الأكبر من الحرائق، إذ تسبب الإهمال في 26 ألفًا و400 حريق في العام 2021، بنسبة 51% من إجمالي الحرائق، ويأتي بعدها "الأسباب العارضة" بنحو 25 ألفًا و37 حريقًا بنسبة 48% من مجمل الحرائق.
وفي العام 2020، كان أيضًا الإهمال السبب الأكبر في الحرائق، إذ كان سببًا لنحو 26 ألفًا و182 حريقًا، بنسبة 50.9%، والأسباب العارضة كانت السبب في 24 ألفًا و246 حريقًا بنسبة 47% من مجمل الحرائق.
وفي العام 2019، تحمل "الإهمال" مسؤولية 25 ألف حريق، بنسبة 50% فيما تحملت "الأسباب العارضة" نحو 23 ألف حريق، بنسبة 46% والحريق لأسباب "متعمدة" لم تكن سوى 2500 حريق فقط بنسبة 5% من إجمالي الحرائق.
ومع ظهور خانة "بدون سبب" أو السبب المجهول في نشرة العام 2022، أحيل له أسباب نحو 32 ألف حريق، بنسبة 64 % من مجمل الحرائق، ولم يظهر في بند "الإهمال" سوى 5500 حريق فقط، بنسبة 11% فقط، رغم أن العدد الإجمالي للحرائق على مدار السنوات الخمسة الماضية ظل ثابتًا نسبيًا ولم يشهد أي زيادة كبيرة.
كيف انسحب "الإهمال" من مشهد الحرائق؟
= يقول قيادي أمني سابق بالإدارة العامة للحماية المدنية لصحيح مصر، وهي الجهة التي يعتمد عليه جهاز التعبئة والإحصاء في جمع إحصائيات الحرائق وأسبابها، إن "هناك جهات متعددة مختصة بالعمل للوصول إلى أسباب الحريق، وكل جهة منها تضع سببًا وفقًا لنتائج عملها الفني".
= ويشير إلى أن تلك الجهات هي: "الإدارة العامة للحماية المدنية، وإدارة الرقابة على الإطفاء والإدارة العامة لتحقيق الأدلة الجنائية، وكلها أجهزة تابعة لوزارة الداخلية، مع الاستعانة أيضًا بخبراء مصلحة الطب الشرعي التابع لوزارة العدل".
= هذا بالإضافة إلى تحريات وتحقيقات المباحث الجنائية والنيابة العامة، وكل تلك الأجهزة -بحسب المصدر الأمني- ترسل تقاريرها المتضمنة السبب والجهة والأداة المُرجح استخدامها في الحريق إلى إدارة الحماية المدنية، والتي تتولى توصيف الحادث سواء كان عمدًا أو عارضًا أو إهمالاً، وترسلها تلك البيانات المجمعة للجهات المعنية ومنها جهاز الإحصاء.
= ولكن في العام 2021، طلبت النيابة العامة من إدارة الحماية المدنية، عدم توصيف أسباب أي حريق، لم تفصل فيه النيابة بنفسها، وخاصة الحرائق التي لم تنته من عملها في الوصول إلى أسبابه، وأن تكون هي (النيابة العامة) الجهة الوحيدة المحددة لأسباب الحريق، وأي حريق لم تفصل فيه النيابة أو القضاء، يُضع تحت بند "بدون سبب".
وقال اللواء الذي خرج قبل نحو عامين من الخدمة، إن "أغلب حوادث الحرائق التي اشتعلت في مصر خلال عام 2023 لم يتم التوصل إلى سببها حتى الآن"، ويُضيف: "فيه حوادث حرائق بتاخد وقت كبير جدًا"، لذا تلجأ الإدارات المختصة بوزارة الداخلية مثل الأدلة الجنائية، والحماية المدنية والإطفاء إلى تقييدها في خانة مجهول السبب لحين توصل النيابة العامة إلى الأسباب الحقيقية.
التصنيف وفقًا للأداة المسببة للحريق
= وبحسب القيادي الأمني السابق بالحماية المدنية، أن تصنيفات مُسببات الحرائق، تختلف من حالة إلى أخرى. على سبيل المثال الحرائق المتعمدة يعني إشعال "فاعل" للنار بقصد إحداث إيذاء للأرواح أو الأموال أو بهما معا.
= أما الحريق العرضي، هو بسبب حادث عارض غير متعمد وغير ناتج عن إهمال، مثل إلقاء أعقاب السجائر من النوافذ والشرفات أو زيادة الأحمال على الأسلاك الكهربائية، أما الإهمال يتضمن التدخين في محطات الوقود، التداول العشوائي للسوائل والغازات البترولية، أو استخدام وصلات كهربائية عشوائية، وأيضًا ازدحام المنشآت الصناعية بالمخلفات القابلة للاشتعال.
= ويصنف تقارير الإحصاء الحرائق بحسب الأداة المسببة للحوادث، وجاءت النيران الصناعية الأداة الأولى المسببة للحرائق، ويُقصد بالنيران الصناعية بحسب التقرير أعقاب السجائر وأعواد الكبريت والمواد القابلة للاشتعال والشماريخ، إذ كانت الأداة لنحو 14 ألفًا و100 حريق، بنسبة 31.3 %، وجاءت الأداة الثانية في الترتيب "الماس الكهربائي" بنسبة تزيد على 18 % من الحرائق.
** الجيزة ثاني أكثر المحافظات عددًا للحرائق
= يقع ستوديو الأهرام الذي تأسس في العام 1944، في محافظة الجيزة، والتي يصُنفها تقرير الإحصاء بكونها ثاني أكبر المحافظات اشتعلا في العام 2023، بعد القاهرة.
وشهدت الجيزة حوالي 3 آلاف و925 حريق، في حين تصدرت القائمة القاهرة المرتبة الأولى بعدد حوادث وصل 5 آلاف و993 حريق، مع احتلال المباني السكنية في عام 2023 صدارة مواقع الحرائق، على عكس السنوات الـ4 التي سبقتها من عام 2019 لـ2022 كانت الأرض الفضاء هى الأماكن الأكثر حدوثًا للحرائق.