مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

مصر ومشروعات الهيدروجين الأخضر.. طموحات كبيرة تعترضها طاقة محدودة وفقر مائي

مصر ومشروعات الهيدروجين الأخضر.. طموحات كبيرة تعترضها طاقة محدودة وفقر مائي
(تحقيق- الحقيقة فين- اعرف- سين وجيم- تقارير- علشان محدش يضحك عليك- مدونة- والمواد المتشابهة في المنصات الشريكة)
Matsda2sh

الكاتب

Matsda2sh

دحض الإدعاء

📌 في أغسطس 2024، أعلن مجلس الوزراء، عن"الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين الأخضر"، والتي تهدف إلى تحويل مصر إلى مركز إقليمي وعالمي لإنتاج الهيدروجين. 

◼️ الاستراتيجية، التي أعدها "البنك الأوروبي لإعادة الإعمار" التابع للاتحاد الأوروبي، جاءت بعد توقيع نحو 32 مذكرة تفاهم تحول منها 17 إلى اتفاقيات ملزمة، بحسب مؤسس منصة هيدروجين إينتليجنس أسامة فوزي. 

◼️ وتأمل مصر أن تتلقى استثمارات أجنبية لمشروعات الهيدروجين الأخضر، بقيمة نحو 81.6 مليارات دولار بحلول عام 2035. 

في التقرير التالي، يعرض فريق #متصدقش، خطط مصر الطموحة في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر، و يناقش عوائق تحقيق هذه الخطط في ظل أزمة الطاقة الحالية. 

❓ما الهيدروجين الأخضر؟

◼️ هو نوع من الوقود النظيف، يُنتج باستخدام تقنيات صديقة للبيئة، عبر فصل الهيدروجين عن الماء باستخدام الكهرباء المولدة من مصادر طاقة متجددة مثل الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح.

◼️ يُمكن الاعتماد عليه في توليد الكهرباء للمباني، وتشغيل الصناعات الثقيلة ووسائل النقل، كما يجري إنتاج الأمونيا الخضراء، التي تستخدم كسماد زراعي صديق للبيئة، ووقود نظيف للشاحنات وسفن الشحن لمسافات طويلة.

◼️ ويري محمد يونس، الباحث في ملف الطاقة، أن الميزة الأهم للهيدروجين هي إمكانية تخزينه بكميات كبيرة، ما يجعله مورد طاقة دائم، مشيرًا إلى أنه يُمكن نقله بكميات كبيرة ولمسافات طويلة، بعد ضغطه أو تحويله إلى سائل.

❓ لماذا مصر في مجال الهيدروجين؟

◼️ في 2020، أطلق الاتحاد الأوروبي، استراتيجية للتحول نحو الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2050، عبر بناء شبكات إمداد من القارة الإفريقية. 

◼️ منذ ذلك الحين، عقدت الشركات الأوروبية العديد من الاتفاقيات مع دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، من بينها مصر والمغرب وبعض دول الخليج، لإقامة مشروعات ضخمة لإنتاج الهيدروجين الأخضر وتصديره إلى أوروبا لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة النظيفة.

◼️ ويُشير الخبراء الذين تحدث إليهم #متصدقش، أن مصر تمتلك المقومات التي تجعلها جاذبة لتلك المشروعات، ووفرة في موارد الطاقة النظيفة (شمس ورياح). بالإضافة إلى مساحات شاسعة من الأراضي.

◼️ وخصصت الحكومة 42.6 ألف كيلومتر مربع لإقامة مشروعات الطاقة المتجددة، بما في ذلك الهيدروجين الأخضر، بهدف تحفيز المستثمرين، بحسب بيان مجلس الوزراء في أغسطس 2024.

◼️ أسامة فوزي الخبير في مجال الهيدروجين الأخضر، ومؤسس منصة "هيدروجين إينتليجنس"، قال لـ#متصدقش، إن التركيز على ضخ استثمارات في تطوير الموانئ الموجودة في البحرين الأحمر والمتوسط، وتجهيز قناة السويس لتزويد السفن العملاقة بالوقود الأخضر،  ساهم في جذب المطورين العالميين والتحالفات لإنشاء خطوط إنتاج في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس على الدخول في هذا القطاع. 

⭕ طموحات وتسهيلات

◼️ تسعى مصر لتحقيق دور عالمي في إنتاج الهيدروجين الأخضر عبر سيناريوهين، الأول أقل تكلفة، يتطلب إنتاج 1.5 مليون طن سنويًا من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030، تزيد إلى 5.8 مليون طن سنويًا، بحلول 2040.

◼️ لتنفيذ السيناريو، تحتاج لإضافة محطات إنتاج طاقة متجددة بقدرة 19 جيجاوات، وبتكلفة تقديرية تصل إلى 10 مليارات دولار حتى 2030، وتزيد إلى 72 جيجاوات بتكلفة تقديرية تصل إلى 24 مليار دولار بحلول 2040.

◼️ السيناريو الثاني، الأكثر تكلفة وهو السيناريو الأخضر، يتطلب  إنتاج 3.2 مليون طن سنويًا بحلول عام 2030، تزيد إلى 9.2 مليون طن سنويًا في عام 2040. 

◼️ يتطلب تحقيق هذا السيناريو، إضافة قدرات هائلة من محطات إنتاج طاقة متجددة تصل إلى 114 جيجاوات، بتكلفة تقديرية تصل إلى 34 مليار دولار.

◼️ لجذب الاستثمار، قدمت الحكومة مجموعة من الحوافز والتسهيلات نص عليه مشروع قانون وافق عليه مجلس النواب في يناير 2024، يستهدف تحفيز حوافز مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر

➖ تمثلت أهم الحوافز في:

  • خصومات ضريبية تتراوح ما بين 33%-55% من إجمالي الضريبة المستحقة علـى أرباح مشروعات الهيدروجين.
  • إعفاءات تشمل الواردات، ضريبة القيمة المضافة على الصادرات، ضرائب العقارات، ورسوم التوثيق على عقود تأسيس الشركات والمنشآت وعقود تسجيل الأراضي.
  • تخفيضات إضافية بنسبة 25% على حق الانتفاع بالأراضي المخصصة لإقامة مصنع إنتاج الهيدروجين.
  • السماح للشركات بالاعتماد على العمالة الأجنبية بنسبة تصل إلى 30% خلال الـ 10 سنوات الأولى من توقيع الاتفاقيات.

⭕ استثمار غير نهائي

◼️ من بين عشرات الاتفاقات الموقعة لإنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر، لم يبدأ في الإنتاج بشكل فعلي سوى مشروع مصنع الهيدروجين الأخضر بالعين السخنة، الذي أعلن عنه للمرة الأولى في أكتوبر 2021، بقيادة  تحالف مكون من صندوق مصر السيادي وشركة "سكاتك" السويدية وشركة "فيرتيجلوب" التابعة لحكومة الإمارات وأوراسكوم للإنشاءات.

◼️ في نوفمبر 2023، سلمت فيرتيجلوب الإماراتية أول شحنة من الأمونيا المنتجة من خلال مصادر الطاقة المتجددة في العالم من منشآت الشركة في مصر، كما أنتجت في مایو 2024، أول شحنة تجاریة معتمدة في العالم من الأمونیا منخفضة الكربون، وقامت شركة "أدنوك" بتسلیم الشحنة إلى شركة "میتسوي" في الیابان، بحسب بلومبرج.

◼️ رغم ذلك، فإن الاستثمار ليس نهائيًا، والعقد الذي فازت به الشركة في مصر غير ملزم، بحسب مسؤول في شركة فيرتيجلوب الإماراتية لبلومبرج، إذ يتوقف إنجاز الصفقة على إتمام الاتفاق الاستثماري بين الشركاء في مشروع مصر للهيدروجين الأخضر.

◼️ "تترقب الشركة رد جميع شركاء المشروع لإتمام اتفاق مصنع الهيدروجين في مصر، حيث يتم حالياً الانتهاء من الدراسات الفنية ودراسات الجدوى"، وفقًا للمسؤول.

◼️ وفي حال موافقة جميع الشركاء على الاستثمار النهائي، سيبدأ تصدير الأمونيا الخضراء من مصر إلى أوروبا مطلع عام 2027.

❓ ما عوائق تنفيذ الخطة؟

⭕ طاقة محدودة

◼️ يتطلب تحقيق مصر لاستراتيجيتها،  توفير قدرات هائلة من الكهرباء المولدة من طاقة الرياح والشمس، وذلك لتشغيل وحدات التحليل الكهربائي الضرورية لإنتاج الهيدروجين الأخضر، بحسب ورقة بحثية صادرة عن معهد أكسفورد لدراسات الطاقة للباحث علي حبيب. 

◼️ وفقاً لأحدث بيانات هيئة الطاقة المتجددة، يبلغ إجمالي قدرات الإنتاج المصرية من الطاقة المتجددة نحو 6.7 جيجا وات فقط، وتُشكل طاقة الرياح والشمس الموجودة حالياً حوالي 3.1 جيجا وات فقط. وهو ما يُمثل 11.3% من القدرات الإجمالية لتوليد الكهرباء لمصر والتي تقدر بنحو 59 جيجا وات.

◼️ أنفقت الحكومة منذ عام 2014 أكثر من 116 مليار جنيه مصري على تحديث شبكة الكهرباء، بحسب وزير الكهرباء السابق محمد شاكر، ومع ذلك لا تزال الحكومة بحاجة إلى توسيع شبكتها إلى مواقع المشاريع المحتملة لجعلها قابلة للتطبيق.

◼️ وسيكلف تطوير الشبكة مليارات الدولارات على المدى الطويل إذا تم تضمين التوسع الكبير واحتياجات الهيدروجين الأخضر، وبحسب أشخاص مطلعون على قطاع الطاقة المتجددة في مصر لرويترز،  فإن بناء هذه الوصلات أو خطوط النقل غير واضح، ويرجع ذلك جزئيا إلى فرض سقف على الاستثمارات العامة هذا العام (2024) لاحتواء عبء الديون.

◼️ وخلال العامين الماضيين، واجهت مصر أزمة في توليد الطاقة الكهربائية، نتيجة عدم توفر الغاز و المازوت اللازم لتشغيل محطات الطاقة، في ظل محدودية قدراتها من الطاقة المتجددة. 

⭕ استنزاف المياه

◼️  تتطلب عملية التحليل الكهربائي كميات كبيرة من المياه، حيث يحتاج إنتاج طن واحد من الهيدروجين الأخضر إلى حوالي 9 آلاف لتر من المياه المحلاة.

◼️ إضافة إلى ذلك، فإن أنظمة التبريد المستخدمة في هذه العمليات، وكذلك محطات الطاقة الشمسية، تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه للتبريد وتنظيف الألواح الشمسية. 

◼️ ووفقاً لبحث معهد أكسفورد للطاقة، فإن استخدام مشاريع الهيدروجين للمياه يُمثل تحدياً كبيراً لمصر، في ظل الفقر المائي التي تُعاني منها، وذلك نتيجة للعديد من التحديات، وعلى رأسهم مشكلة سد النهضة، والنمو السكاني وتأثيرات التغير المناخي.

◼️ وفقًا لأحدث البيانات، بلغ إجمالي إنتاج مصر من المياه المحلاة حوالي 200 مليون متر مكعب خلال عام 2022/2023.

◼️ ولتحقيق طموحاتها، في إنتاج ما يصل إلى 3.2 مليون طن من الهيدروجين سنويًا بحلول عام 2030، ستحتاج الحكومة إلى توفير نحو 28.8 مليون متر مكعب من المياه المحلاة سنويًا لمشروعات الهيدروجين، وهو ما يعادل حوالي 14.4% من إجمالي الإنتاج الحالي.

◼️ ولإنتاج ما يصل إلى 9.2 مليون طن من الهيدروجين بحلول عام 2040، ستكون الحكومة مطالبة بتوفير نحو 82.8 مليون متر مكعب من المياه المحلاة سنويًا، ما يعادل 41.% من إجمالي إنتاج مصر الحالي.

◼️ وفي حديثه مع "متصدقش"، أوضح خبير الهيدروجين، أسامة فوزي أن العقود التي أبرمتها الدولة، تلزمها بتزويد المستثمرين بالطاقة الكهربائية الخضراء، والمياه المحلاه ، موضحًا أن سد الاحتياجات المطلوبة للمطوريين، قد يكون له تأثير عكسى على إحتياجات المواطن المصري من الكهرباء، وقد يؤدي إلى زيادة الفجوة وتفاقم أزمة الطاقة الكهربائية الداخلية.

◼️ ويرى الباحث في ملف الطاقة، محمد يونس، أن الهدف الرئيسي من هذه المشروعات هي خدمة أوروبا، وتوفير الطاقة النظيفة التي تحتاجها بأسعار رخيصة، مما يعني انها لن تُساهم في حل أزمة الطاقة داخل مصر، كما لا يُنتظر منها إيرادات مالية كبيرة.