مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

بعد مقتل 3 بالمكسيك | متصدقش يتتبع مسار هجرة غير نظامية لمصر.. من بنها إلى "الولايات المتحدة" عبر 9 دول

بعد مقتل 3 بالمكسيك | متصدقش يتتبع مسار هجرة غير نظامية لمصر..  من بنها إلى "الولايات المتحدة" عبر 9 دول
(تحقيق- الحقيقة فين- اعرف- سين وجيم- تقارير- علشان محدش يضحك عليك- مدونة- والمواد المتشابهة في المنصات الشريكة)
Matsda2sh

الكاتب

Matsda2sh

دحض الإدعاء

📌 في 3 أكتوبر 2024، قتل أفراد من الجيش المكسيكي، بديع مكرم (17) عامًا، من محافظة المنيا، و2 مصريين وأُصيب 4 آخرين، أثناء محاولاتهم دخول المكسكيك بشكل غير قانوني، عبر الحدود المشتركة مع غواتيمالا.  

◾ تنتشر رحلات الهجرة غير النظامية إلى الولايات المتحدة، في محافظة المنيا بحسب والدة بديع مكرم، والتي قالت لـ#متصدقش "ناس كتير سافرت (عمرهم)  14 و 15 سنة، حتى أخوه الكبير سافر ودخل أمريكا وعايش هناك من سنة ونص".

◾وتزايد أعداد المصريين المهاجرين غير النظاميين الذين قبضت عليهم السلطات المكسيكية خلال العامين الماضين. بحسب بيانات وزارة الداخلية المكسيكية، وصل عددهم خلال عام 2023،  نحو 1262، وفي النصف الأول من 2024 كان 1543، أي أن عدد المقبوض عليهم في أول 6 أشهر من العام الجاري، يزيد عن إجمالي العام الماضي كاملًا.

◾ لم يشارك "بديع" مسار رحلته مع والدته: "كان يتواصل مع شقيقه الذي وفّر له تكاليف السفر"، لكن قبلها بنحو عامين، كان فوزي محمد، حظه أفضل، بعد أن قرر في صيف 2022، الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، عبر طريق يعلم أنه شاق ومُكلف ماديًا. 

◾ لم يجد الشاب صاحب الـ 36 عامًا بديًلا بحثًا عن مستقبل أفضل نتيجة ظروفه الاقتصادية وانخفاض دخله من محل الملابس الذي كان يعمل به في مدينة بنها، بمحافظة القليوبية، مقر إقامته، يقول لـ#متصدقش.

◾ لم يخش "فوزي" الرحلة الطويلة التي كانت تننظره، سبقه الكثيرون من أبناء بلدته، ونجحوا في دخول ولاية تكساس عبر عبور السور الحديدي الذي يربط بين الحدود الأمريكية والمكسيك.

➖ عبر 9 دول بدأت بالسنغال وانتهت بالمكسيك، نجح "فوزي" في دخول "الولايات المتحدة"، بعد 28 يومًا، في رحلة كلفته 20 ألف دولار، دفعها إلى سمسار معروف بتنظيم رحلات الهجرة غير نظامية. "استلفت 22 ألف دولار، 20 أخدهم السمسار وألفين مصروفي لحد ما أوصل وألاقي شغل"، يقول "فوزي" لـ#متصدقش، وهو يشاركنا تفاصيل رحلته "الملحمية" في التقرير التالي: ⬇️⬇️ 

البداية: إلى السنغال

◾ تختلف بلد الانطلاق التي يسلكها المسافرون أحيانًا تبعًا لنظام كل سمسار، ومنسق السفر، والبلد التي يوجد فرصة أكبر للمسافر في دخولها، خاصةً إذا كان يسافر للمرة الأولى.

◾ بدأت رحلة "فوزي"، بالسفر إلى السنغال، والتي تُعطي تأشيرة عند الوصول إلى المصريين.

◾ عند وصوله مطار "داكار"، تواصل مع سائق تاكسي، كان ينتظره بالاتفاق مع السمسار الذي رتب له كامل الرحلة. 

◾ من العاصمة السنغالية "داكار"، وصل "فوزي"، بعد عدة ساعات،  لنقطة حددوية يفصلها عن دولة موريتانيا "نهر السنغال"، الذي يعبر من خلاله مواطني الدولتين يوميًا لأنشطة مختلفة من أهمها التجارة.

◾ وصل "فوزي"، لمعبر حدودي بين الدولتين، واتصل بشخص يدعى"الحاج رشيد"، والذي أخذ رقمه من السمسار بمصر، وتولى تنسيق دخوله إلى موريتانيا وحصوله على التأشيرة عند الوصول.

◾ فَضّل "السمسار" اختيار السنغال لفوزي الذي لا يمتلك تاريخ سفر كبير، ولضمان عدم الاشتباه به في مطار القاهرة قبل السفر لموريتانيا، خاصةً أنها تشتهر برحلات الهجرة غير المنظمة للولايات المتحدة الأمريكية.

⭕ 3 رحلات ترانزيت 

◾ في أحد فنادق العاصمة الموريتانية، نواكشوط، أقام "فوزي" 3 أيام حتى التقى موظف بالمطار، سلمه "بوردينغ" لرحلة وجهتها النهائية نيكاراغوا، وتمر بعدة محطات كترانزيت، تبدأ بالمغرب وتمر بإسبانيا، وبعدها السلفادور، وصولًا إلى نيكاراغوا، والتي تُعطي فيزا للمصريين عند الوصول.

◾ يُجنب ذلك المسار المرور من الولايات المتحدة الأمريكية كبلد ترانزيت، وهو ما يحتاج إلى "تأشيرة ترانزيت". كما أنه أرخص في التكلفة، فتكلفة الرحلة المباشرة من العاصمة الإسبانية مدريد على سبيل المثال لمدينة مانغوا في نيكاراغوا تصل إلى 2000 دولار.

◾وتفرض الولايات المتحدة تأشيرة عبور "Transit Visa"، على الذين يسافرون لدولة أخري وستطلب رحلتهم التوقف في أحد المطارات الأمريكية  كبلد "ترانزيت"،  ويُعفى مواطني 41 دولة من تلك التأشيرة ليس من بينهم مصر، بحسب وزارة الخارجية الأمريكية.

وفي مواجهة الطلب الكبير على تذاكر السفر إلى نيكاراغوا، للبدء في الرحلة المحفوفة بالمخاطر إلى المكسيك، تنسق مكاتب السفر في موريتانيا لهذه الرحلات بتعاون مع مهربين من أميركا اللاتينية، يتكفلون بتسيير الرحلات وتأمينها حتى الوصول إلى جدار المكسيك.

نيكاراغوا نقطة تجمع 

◾ من نيكاراغوا تبدأ المرحلة الثانية للرحلة، إذ يدفع بعض المسافرين تكلفة منفصلة للوصول إليها فقط (نحو 9 آلاف دولار)، ثم تكلفة تتراوح بين 3 و6 آلاف دولار حتى الوصول إلى أمريكا، بحسب أحد سماسرة الهجرة، تواصل معه #متصدقش. 

◾ عبر حسابه على موقع فيسبوك، الذي يبدو باسم وهمي، أوضح أن تكلفة السفر من مصر إلى نيكاراغوا (عبر موريتانيا) تشمل تذاكر الطيران وحجوزات الفنادق والغرامات، مضيفًا "وأنا ببعتلك شخص بستقبلك في نيكارغوا وبيكمل معاك".

◾ تجري عملية الدفع مسبقًا، في أحد مكاتب الصرافة بالقاهرة التي يحددها السمسار، وعند الوصول إلى نيكاراغوا، يدفع المسافر باقي المبلغ كشرط استكمال الرحلة نحو المكسيك ثم الولايات المتحدة الأمريكية. 

◾ في نيكاراغوا، فوجئ "فوزي"  بوجود 52  شخصًا من أهل مدينته "بنها"، ينتظرون في منطقة تبدو كنقطة "تجمع".

◾ لم يُفضل "فوزي" خيار السفر على مرحلتين، لأن خطورته كبيرة، وتتفاوت مستوى الخدمات والتأمين، في الرحلات المنظمة الأقل سعرًا.

◾ تحرك "فوزي" ضمن مجموعة مكونة من 52 شخصًا،  في حافلتين (أتوبيسين) تُأمنهم سيارتين دفع رباعي، نحو الحدود المشتركة بين نيكاراغوا و هندوراس. 

◾ عند الوصول لنقطة حدودية عبرت المجموعة إلى هندوراس سيرًا على الأقدام من الغابات لمدة نصف ساعة عبر الغابات، والمدقات الجبلية.

◾ من هندوراس، عبرت المجموعة إلى جواتيمالا، ثم إلى المكسيك من خلال نقطة حدودية بحرية مشتركة تربط بين دولتي غواتيمالا والمكسيك، بعد عبور نهر سوشياتي بمراكب كانت تنتظرهم.

◾ المسافة بين نيكاراغوا إلى حدود المكسيك مع الولايات المتحدة 3000 كيلو متر، قطعتها مجموعة المهاجرين غير النظامين، ومن بينهم فوزي، في أسبوعين، تخللها بعض أوقات الراحة في المزارع، استخدموا خلالها الأتوبيسات حتى أقرب نقاط حدودية، والسير على الأقدام، والقوارب.

◾ يوضح "فوزي"، أنه كان هناك منسقين مع سمسار الرحلة في الدول المختلفة لتسهيل العبور لهم من نقاط يعرفونها وسيارات لتأمينهم، مُشيرًا إلى أن السمسار يكون حريصًا على حياتهم لسمعته.

⭕ 500 مترًا قبل "الحلم"

◾ في المكسيك، كان ينتظر "فوزي" ومجموعة الـ52 الذين التقى بهم في نيكاراغوا، مجموعة من المكسيكيين، وسيارات ملاكي تقودها فتيات.

◾ صَور أحد الأفراد كل عضو في المجموعة، واستقل كل 3 مسافرين سيارة ملاكي تقودها فتاة، اتجهت إلى ولاية كواويلا شمال شرق المكسيك، والقريبة من ولاية تكساس الأمريكية.

◾ وصل فوزي إلى نقطة تبعد نحو 500 مترًا عن ولاية تكساس، انتظر مع المجموعة، حتى وصل أحد الأشخاص (نسق سمسار الرحلة معه)، وتبعوه نحو نقطة محددة "معَلم عليها" في الجدار الحدودي، مستخدمًا آلة حديدية، وسع ما بين القضبان الحديدية ، ليمر المهاجرون منها.

◾ عند عبور الحدود المكسيكية الأمريكية، وجد فوزي مهاجرون من مختلف الجنسيات، وسَلّم نفسه إلى قوات حرس الحدود، التي تحفظت عليه لنحو يومين قبل تَبصيمه وإجراء تحليل "دي إن إيه" وإعطاء رقم لقضيته لمحاكمته. ثم أفرجت القوات عن المحتجزين ووجهتهم لطرق المواصلات وأقرب مطار بالولاية.

يقضي فوزي ساعات فراغه القليلة عندما تتوفر في تدخين الشيشة، تؤانسه في الغربة، لم تكن الصورة وردية كما توقع، استقر في ولاية كارولينا  الشمالية، ويعمل في ورديات عمل متواصلة بما فيها يومي الجمعة والسبت، من أجل سداد ديونه، لكنه غير نادم على رحلته " كان لازم أسافر، مكنش عندي أي خيار تاني خصوصًا بعد وفاة والدي ووالدتي".